مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 24

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 24/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

كتاب النكاح

اشارة

كتاب النكاح

______________________________

الحمد للّه الذي خلقنا مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً (1)، و الصلاة و السلام على خاتم النبيين الذي بعث للعالمين بشيراً و نذيرا و على آله الذين جعلهم للبرية هاديا و نصيرا.

النكاح من إحدى الغرائز التي جعلها اللّه تعالى لإبقاء النوع بل من أهمها، و ليس من الحقيقة الشرعية بل من الفطريات لدى الحيوانات كالأكل و الشرب و نحوهما و هو الوطي من المشترك المعنوي إذا الجامع القريب بينهما الانضمام و الاختلاط و المخامرة الشهوية، و يطلق النكاح على العقد الموجب لحلية هذا الانضمام و الاختلاط بهذا الجامع أيضا، فلانضمام مراتب: الشأني و الخارجي فلا وجه للمشترك اللفظي و لا الحقيقة و المجاز و لا غير ذلك مما ذكروه في أمثال المقام.

ص: 5


1- سورة النساء: 1.

النكاح مستحب في حد نفسه بالإجماع و الكتاب و السنة المستفيضة بل المتواترة (1) قال اللّه تعالى وَ أَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَ الصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ، و في النبوي المروي بين الفريقين (النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)، و عن الصادق عليه السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «تزوجوا فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «من أحب أن يتبع سنتي فإن من سنتي التزويج».

و في النبوي صلّى اللّه عليه و آله: «ما بني بناء أحب إلى اللّه تعالى من التزويج»، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «مَن تزوج أحرز نصف دينه فليتق اللّه في النصف الآخر» بل يستفاد من جملة من الأخبار استحباب حب النساء (2)، ففي الخبر عن الصادق عليه السّلام: «من أخلاق الأنبياء حب النساء».

______________________________

(1) بل لا اختصاص لرجحانه بخصوص المسلمين لأن لكل قوم و ملة نكاح و سفاح و الأول ممدوح لديهم بخلاف الثاني فإنه مذموم.

و مع التزاحم بسائر المستحبات يقدم الأهم و مع عدم محتمل الأهمية يتخير.

(2) حب النساء تارة: بنحو الموضوعية المحضة.

و أخرى: بنحو الطريقية إلى الاستمتاع أو تكثير النسل أو لجهات أخرى و المتفاهم العرفي هو الثاني فيرجع هذا القسم من الأخبار إلى القسم الأول في الواقع.

ثمَّ إنه لو لم يكن إلا قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «حبّب إليّ من دنياكم ثلاث:

الطيب، و النساء، و قرة عيني الصلاة» (1)، لكفي في الفضل و الفضيلة، مع أن النساء للنُطَفِ البشرية كالأرض للبذور النباتية، و لكل منهما دخل عظيم و فضل

ص: 6


1- الوسائل باب: 89 من أبواب آداب الحمام الحديث: 12.

و في آخر عنه عليه السّلام: «ما أظن رجلا يزداد في هذا الأمر خيرا إلا ازداد حبا للنساء»، و المستفاد من الآية و بعض الأخبار أنّه موجب لسعة الرزق ففي خبر إسحاق بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الحديث الذي يرويه الناس حق إن رجلا أتى النبي صلّى اللّه عليه و آله فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام نعم، هو حق ثمَّ قال: الرزق مع النساء و العيال».

مسائل في النكاح

مسألة 1: يستفاد من بعض الأخبار كراهة العزوبة

(مسألة 1): يستفاد من بعض الأخبار كراهة العزوبة فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«رذّال موتاكم العزاب» (3) و لا فرق على الأقوى في استحباب النكاح بين من اشتاقت نفسه و من لم تشتق لإطلاق الأخبار (4)، و لأن فائدته لا تنحصر في كسر الشهوة بل له فوائد منها زيادة النسل و كثرة قائل «لا إله إلا اللّه» فعن الباقر عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعلّ اللّه أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا اللّه».

مسألة 2: الاستحباب لا يزول بالواحدة

(مسألة 2): الاستحباب لا يزول بالواحدة بل التعدد مستحب أيضا،

______________________________

كبير في حدوث الإنسان و بقائه الذي سخّر له الليل و النهار و الشمس و القمر و البر و البحر.

(3) و أما مدح يحيى بن زكريا عليه السّلام في القرآن (1)، بأنه كان سَيِّداً وَ حَصُوراً كان ذلك مدحا بحسب تلك الشريعة، مع أن المراد بالحصور المبالغة في حبس النفس عن الشهوات المرجوحة عملا و همة و قصدا لا خصوص من لا يتزوج فإنه ليس من الشهوات المرجوحة.

(4) و قد يتأكد الاستحباب بل قد يجب بالنسبة إلى من اشتاق.

ص: 7


1- سورة آل عمران: 39.

قال تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ (5)، و الظاهر عدم اختصاص الاستحباب بالنكاح الدائم أو المنقطع بل المستحب أعم منهما و من التسري بالإماء (6).

مسألة 3: المستحب هو الطبيعة

(مسألة 3): المستحب هو الطبيعة أعم من أن يقصد به القربة أولا (7).

نعم، عباديته و ترتب الثواب عليه موقوفة على قصد القربة (8).

مسألة 4: استحباب النكاح إنما هو بالنظر إلى نفسه و طبيعته

(مسألة 4): استحباب النكاح إنما هو بالنظر إلى نفسه و طبيعته، و أما بالنظر إلى الطوارئ فينقسم بانقسام الأحكام الخمسة، فقد يجب بالنذر أو العهد أو الحلف (9)، و فيما إذا كان مقدمة لواجب مطلق، أو كان في تركه مظنة الضرر أو الوقوع في الزنا أو محرم آخر، و قد يحرم كما إذا أفضى إلى الإخلال بواجب من تحصيل علم واجب أو ترك حق من الحقوق الواجبة

______________________________

(5) و قال الصادق عليه السّلام: «في كل شي ء إسراف إلا في النساء» (1)، المحمول على التمتع.

(6) للإطلاق الشامل للجميع و يأتي في المنقطع أخبار خاصة فيه أيضا.

(7) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(8) بناء على اختصاص الثواب بخصوص مورد قصد القربة كما هو المشهور و لا دليل لهم من عقل أو نقل على هذا الاختصاص، بل مقتضى جملة من الإطلاقات أن الثواب مترتب على مطلق فعل المحبوب للّه تعالى ما لم يقصد الرياء فنقول إن الزواج مطلوب و محبوب للّه تعالى و إتيان كل محبوب و مطلوب له يؤجر عليه فهذا يؤجر عليه.

(9) أو أمر الوالدين إلزاما.

ص: 8


1- الوسائل باب: 140 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 12.

و كالزيادة على الأربع (10)، و قد يكره كما إذا كان فعله موجبا للوقوع في مكروه.

و قد يكون مباحا كما إذا كان في تركه مصلحة معارضة لمصلحة فعله مساوية لها، و بالنسبة إلى المنكوحة أيضا ينقسم إلى الخمسة، فالواجب كمن يقع في الضرر لو لم يتزوجها، أو يبتلى بالزنا معها لو لا تزويجها، و المحرّم نكاح المحرّمات عينا أو جمعا، و المستحب المستجمع للصفات المحمودة في النساء، و المكروه النكاح المستجمع للأوصاف المذمومة في النساء و نكاح القابلة و المربية و نحوهما و المباح ما عدا ذلك.

مسألة 5: يستحب عند إرادة التزويج أمور

(مسألة 5): يستحب عند إرادة التزويج أمور:

منها: الخطبة (11) و منها صلاة ركعتين عند إرادة التزويج قبل تعيين المرأة و خطبتها (12)، و الدعاء بعدها بالمأثور و هو: «اللهم إني أريد أن أتزوج فقدّر لي من النساء أعفهن فرجا و أحفظهن لي في نفسها و مالي و أوسعهن رزقا و أعظمهن بركة و قدّر لي ولدا طيّبا تجعله خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي» و يستحب أيضا أن يقول: «أقررت الذي أخذ اللّه إمساك

______________________________

(10) الحرمة هنا وضعية لا تكليفية فلا يقع النكاح أصلا.

و كذا في المحرّم من المرأة المنكوحة.

(11) بكسر الخاء و يستحب فيها الخطبة بضم الخاء و يجزي فيها الحمد و الثناء و الصلاة على محمد و آله كل ذلك للتأسي و الخطب المنقولة عنهم (1)، و لا فرق فيه بين المباشرة و التوكيل.

(12) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «إذا هم بالتزويج فليصلّ

ص: 9


1- الوسائل باب: 42 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه و في الوافي باب: 65 من أبواب وجوه النكاح و آدابها صفحة: 60 ج 12.

بمعروف أو تسريح بإحسان» (13).

و منها: الوليمة (14) يوما أو يومين لا أزيد فإنه مكروه (15)، و دعاء المؤمنين (16)، و الأولى كونهم فقراء و لا بأس بالأغنياء (17)، خصوصا عشيرته و جيرانه و أهل حرفته (18)، و يستحب إجابتهم و أكلهم (19)،

______________________________

ركعتين و يحمد اللّه و يقول: اللهم أريد إلى آخر الدعاء». (1).

(13) كما في رواية عبد الرحمن بن أعين عن الصادق عليه السّلام (2).

(14) إجماعا و نصا (3)، يأتي في المتن التعرض له.

(15) لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «الوليمة في أول يوم حق و الثاني معروف و اليوم الثالث رياء و سمعة» (4)، و مثله ما عن أبي جعفر عليه السّلام (5).

(16) لأنهم أقرب إلى إجابة الدعاء و نزول البركات من السماء، و إن السيرة و المجاملة الحسنة تقتضي ذلك أيضا.

(17) لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «شر الطعام الوليمة يدعي الغنى و يترك المساكين» (6)، و منه يظهر ترجيح الفقراء و عدم كراهية الجمع بينهم و بين الأغنياء.

(18) لجريان السيرة عليه قديما و حديثا.

(19) أما استحباب الإجابة فلقول الصادق عليه السّلام: «من حق المؤمن على أخيه أربع خصال إذا دعا أن يجيبه» (7)، و أما قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من دعى

ص: 10


1- الوسائل باب: 53 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 5.
4- سنن البيهقي باب: أيام الوليمة ج: 7 صفحة: 260.
5- الوسائل باب: 40 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
6- كنز العمال ج: 21 الإكمال من الوليمة الحديث: 959.
7- الوسائل باب: 122 من أبواب أحكام العشرة: 15.

و وقتها بعد العقد أو عند الزفاف ليلا أو نهارا (20)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لا وليمة إلا في خمس: في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز».

و العرس التزويج و الخرس النفاس و العذار الختان و الوكار شراء الدار و الركاز العود من مكة.

______________________________

إلى وليمة و لم يجب فقد عصى اللّه و رسوله» (1)، فيمكن حمله على ما إذا أوجب ترك الإجابة الشقاق و النفاق و سائر مساوى الأخلاق، و كذا قوله المبارك صلّى اللّه عليه و آله:

«من دعي إلى وليمة فليجب» (2)، الظاهر في الوجوب و لكن حملناه على الندب فيوافق ما هو المشهور بين المسلمين.

و أما استحباب الأكل فلأنه شعار الأخوة و المحبة بين الناس خصوصا في الأزمنة القديمة و لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «تكلّف لك أخوك و صنع ثمَّ تقول: إني صائم؟!! كل و صم يوما مكانه» (3)، و قريب منه قول الصادق عليه السّلام (4).

أقول: و يستحب ترك السرعة في الذهاب إلى الولائم و السرعة في الذهاب إلى المآتم لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إذا دعيتم إلى العرسات فإبطوا فإنها تذكر الدنيا، و إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا فإنها تذكر الآخرة» (5).

(20) أما بعد العقد فلقول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر الوشاء: «إن من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج» (6)، و أما عند الزفاف فلقول الصادق عليه السّلام في خبر السكوني: «زفّوا عرائسكم ليلا و أطعموا ضحى» (7)، و أما صحة كونها ليلا أو نهارا فلأنها خير محض يحسن كل ما أتى بها فيحمل

ص: 11


1- سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 261 باب إتيان دعوة الوليمة.
2- سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 261 باب إتيان دعوة الوليمة.
3- كنز العمال ج: 9 الحديث: 1262 باب آداب الضيف.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب آداب الصائم.
5- الوسائل باب: 34 من أبواب الاحتضار الحديث: 2.
6- الوسائل باب: 40 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
7- الوسائل باب: 37 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.

و منها: الخطبة أمام العقد (21) بما يشتمل على الحمد و الشهادتين و الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام و الوصية بالتقوى و الدعاء للزوجين، و الظاهر كفاية اشتمالها على الحمد و الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و لا يبعد استحبابها أمام الخطبة أيضا (22).

و منها: الاشهاد في الدائم و الإعلان به (23)، و لا يشترط في صحة

______________________________

قوله عليه السّلام: «أطعموا ضحى» على الأفضلية.

(21) لما يقدم و ما ذكره رحمة اللّه من كيفية الخطبة هو المعروف بين الفقهاء و ذكرها في المسالك.

(22) بكسر الخاء لأنها حمد و ثناء و صلاة و كل ذلك حسن على كل حال خصوصا في مثل هذه الأحوال.

(23) أما الأول فلقول أبي الحسن عليه السّلام: «التزويج الدائم لا يكون إلا بولي و شاهدين» (1)، و قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر محمد بن مسلم: «إنما جعلت البينة في النكاح من أجل المواريث» (2).

و أما الإعلان فلقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أعلنوا هذا النكاح» (3)، و كان صلّى اللّه عليه و آله:

«يكره نكاح السر حتى يضرب بالدف» (4)، و يقال:

أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم (5)

و الكل محمول على الندب إجماعا فلا وجه لاستفادة الوجوب منه كما

ص: 12


1- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 11.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 6.
3- كنز العمال ج: 21 آداب النكاح الحديث: 910.
4- سنن البيهقي ج: 7 باب ما يستحب من إظهار النكاح صفحة: 290 و 291 و في كنز العمال ج: 7 صفحة: 78 الحديث: 648.
5- سنن البيهقي ج: 7 باب ما يستحب من إظهار النكاح صفحة: 290 و 291 و في كنز العمال ج: 7 صفحة: 78 الحديث: 648.

العقد عندنا.

و منها: إيقاع العقد ليلا (24).

مسألة 6: يكره عند التزويج أمور

(مسألة 6): يكره عند التزويج أمور:

منها: إيقاع العقد و القمر في العقرب (25) أي في برجها لا المنازل المنسوبة إليها (26)، و هي: القلب، و الإكليل، و الزبانا، و الشولة و منها إيقاعه يوم الأربعاء (27)، و منها إيقاعه في أحد الأيام المنحوسة في الشهر، و هي الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادي و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون (28).

______________________________

عن بعض منا و جمع من العامة.

(24) لما أرسله صاحب الجواهر رحمه اللّه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أمسوا بالأملاك فإنه أعظم للبركة»، و الأملاك التزويج و عقد النكاح و قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«من السنة التزويج بالليل إن اللّه تعالى جعل الليل سكنا و النساء إنما هن سكن» (1).

(25) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «من تزوج و القمر في العقرب لم ير الحسنى» (2).

(26) كما صرح به جمع منهم صاحب الجواهر.

(27) لما ورد من نحوستها (3)، خصوصا أربعاء آخر الشهر (4).

(28) و هذه الأيام من الكوامل المعروفة بالنحوسة و قد ذكرها المجلسي رحمه اللّه في البحار (5).

ص: 13


1- الوسائل باب: 37 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1 و 3.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب آداب السفر الحديث: 2 ج 8.
5- راجع البحار ج: 59 صفحة: 54- 91: طبعة طهران.

و منها: إيقاعه في محاق الشهر و هما الليلتان أو الثلاث من آخر الشهر (29).

مسألة 7: يستحب اختيار امرأة تجمع صفات

(مسألة 7): يستحب اختيار امرأة تجمع صفات بان تكون بكرا (30) ولودا ودودا عفيفة (31) كريمة الأصل (32)،

______________________________

(29) لقوله عليه السّلام: «يكره التزويج في محاق الشهر» (1)، و هو ليال في آخر الشهر لا يكاد يرى فيها القمر لخفائه و عنهم عليهم السّلام: «من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد» (2).

(30) نصا و إجماعا و اعتبارا فعن النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في رواية عبد الأعلى ابن أعين: «تزوجوا الأبكار فإنهن أطيب شي ء أفواها و أنشفه أرحاما و أدر شي ء أخلافا و أفتح شي ء أرحاما، أما علمتم أني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط يظل محبنطئا على باب الجنة فيقول اللّه عز و جل: ادخل فيقول لا ادخل حتى يدخل أبواي قبلي فيقول اللّه تبارك و تعالى لملك من الملائكة ائتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنة فيقول: هذا بفضل رحمتي لك» (3)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله لجابر و قد تزوج ثيبا: «فهلا بكرا تلاعبها و تلاعبك و تضاحكها و تضاحكك» (4).

(31) نصوصا يأتي بعضها في المتن و إجماعا و اعتبارا.

(32) لقول سيد البشر صلّى اللّه عليه و آله: «إياكم و خضراء الدمن، قيل يا رسول اللّه و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء» (5)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله: في رواية السكوني «اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين» (6)، و قول الصادق عليه السّلام:

ص: 14


1- الوسائل باب: 54 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 3.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه.
4- سنن البيهقي ج: 7 باب استحباب التزويج بالأبكار، و في كنز العمال ج: 21 صفحة: 210 الحديث: 880.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7.
6- الوسائل باب: 13 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 1

بأن لا تكون من زنا أو حيض أو شبهة أو ممن تنال الألسن آبائها أو أمهاتها أو مسّهم رق أو كفر أو فسق معروف و أن تكون سمراء عيناء عجزاء مربوعة طيبة الريح و رمة الكعب جميلة ذات شعر (33)، صالحة تعين زوجها على الدنيا و الآخرة عزيزة في أهلها ذليلة مع بعلها متبرجة مع زوجها حصانا مع غيره، فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله و تطيع أمره و إذا خلا بها بذلت له ما يريد منها و لم تتبذل كتبذل الرجل.

______________________________

«إنما المرأة قلادة فانظر إلى ما تقلّده» (1)، و إطلاقها يشمل جميع ما ذكر في المتن.

(33) كل ذلك لجملة من الأخبار منها قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح:

«تزوجوا بكرا ولودا» (2)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها إلى آخر ما في المتن» (3)، و قال صلّى اللّه عليه و آله: «أنكحوا الأكفاء و انكحوا فيهم، و اختاروا لنطفكم» (4)، و عن علي عليه السّلام: «تزوجوا سمراء، عيناء، عجزاء، مربوعة» (5)، و كان النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إذا أراد تزويج امرأة بعث من ينظر إليها و قال للمبعوثة: شمّي ليتها فإن طاب ليتها طاب عرفها، و انظري إلى كعبها فإن درم كعبها (كثر لحم كعبها) عظم

ص: 15


1- الوسائل باب: 13 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

ثمَّ قال ألا أخبركم بشرار نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي تتورع من قبيح المتبرجة إذا غاب عنها بعلها الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله و لا تطيع أمره و إذا خلا بها بعلها تمنّت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها لا تقبل منه عذرا و لا تغفر له ذنبا»، و يكره اختيار العقيم و من تضمنته الخبر المذكور من ذات الصفات المذكورة التي يجمعها عدم كونها نجيبة و يكره الاقتصار على الجمال و الثروة (34).

______________________________

كعثبها» (1).

و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «اطلبوا الخير عند حسان الوجوه» (2)، و عن الصادق عليه السّلام:

«المرأة الجميلة تقطع البلغم» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإن الشعر أحد الجمالين» (4)، و قال الصادق عليه السّلام: «ثلاثة للمؤمن فيها راحة: دار واسعة تواري عورته و سوء حاله من الناس و امرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا و الآخرة و ابنة يخرجها إما بموت أو بتزويج» (5)

(34) لجملة من النصوص منها قول النبي صلّى اللّه عليه و آله في الصحيح: «من تزوج امرأة لمالها وكله اللّه إليه، و من تزوجها لجمالها رأى فيها ما يكره، و من تزوجها لدينها جمع اللّه له ذلك» (6)، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح هشام بن الحكم: «إذا تزوج الرجل المرأة لجمالها أو لمالها وكّل إلى ذلك، و إذا تزوجها لدينها رزقه اللّه المال و الجمال» (7).

ص: 16


1- الوسائل باب: 19 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 1 و 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 1 و 3.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 1 و 3.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 13.
6- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7.
7- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و يكره تزويج جملة أُخرى: منها: القابلة و ابنتها للمولود (35)، و منها:

تزويج ضرة كانت لأمه مع غير أبيه (36).

و منها: أن يتزوج أخت أخيه (37).

و منها: المتولدة من الزنا (38).

______________________________

(35) لخبر جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السّلام: «في القابلة أ يحل للمولود ان ينكحها؟ فقال عليه السّلام: لا و لا ابنتها هي بعض أُمهاته» (1)، و في خبر أحمد بن محمد ابن أبي نصر البزنطي قال: «قلت للرضا عليه السّلام يتزوج الرجل المرأة التي قبّلته؟

فقال سبحان اللّه ما حرم اللّه عليه من ذلك» (2).

(36) لخبر زرارة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول ما أحب للرجل المسلم أن يتزوج ضرة كانت لامه مع غير أبيه» (3).

(37) لخبر ابن عمار قال: «سألته عن الرجل يتزوج أخت أخيه؟ قال: ما أحب له ذلك» (4)، و لا بد و أن يحمل على ما في المتن بقرينة غيره مثل خبر يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة أرضعتني و أرضعت صبيا معي و لذلك الصبي أخ من أبيه و امه فيحل لي أن أتزوج ابنته؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (5)، و قريب منه غيره.

(38) لشمول قوله صلّى اللّه عليه و آله: «المرأة الحسناء في المنبت السوء» (6) لها، و في صحيح زرارة قال: «سمعت أبا جعفر يقول: لا خير في ولد الزنا و لا في بشره و لا في شعره و لا في لحمه و لا في دمه و لا في شي ء منه عجزت عنه السفينة و قد

ص: 17


1- الوسائل باب: 39 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 6.
2- الوسائل باب: 39 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 6.
3- الوسائل باب: 42 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
4- الوسائل باب: 5 ما يحرم بالنسب الحديث: 4 و 3 و 1.
5- الوسائل باب: 5 ما يحرم بالنسب الحديث: 4 و 3 و 1.
6- تقدم في صفحة: 15.

و منها: الزانية (39).

و منها: المجنونة، و منها: المرأة الحمقاء أو العجوزة (40)،

______________________________

حمل فيها الكلب و الخنزير» (1)، المحمولان على الكراهة بقرينة ما عن الصادق عليه السّلام في خبر عبد اللّه بن هلال: «في الرجل يتزوج ولد الزنا، قال عليه السّلام: لا بأس إنما يكره ذلك مخافة العار و إنما الولد للصلب و إنما المرأة وعاء» (2).

(39) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا و لا يتزوج الرجل المعلن بالزنا إلا بعد أن تعرف منهما التوبة» (3)، و في صحيح زرارة (4): «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ؟ قال عليه السّلام: هن نساء مشهورات بالزنا و رجال مشهورون بالزنا قد شهروا بالزنا و عرفوا به و الناس اليوم بذلك المنزل فمن أقيم عليه حد الزنا أو شهر منهم بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة».

(40) لقولهم عليهم السّلام: «خير الجواري ما كان لك فيها هوى و كان لها عقل و أدب» (5)، الدال على اعتبار ذلك في الحرائر بالفحوى، و إطلاق قوله عليه السّلام:

«المرأة قلادة فانظر ما تقلّده» (6)، و كثرة ما ورد منهم في الترغيب إلى التزويج بالولود (7)، و في الحديث عن الصادق عليه السّلام: «ثلاثة يهر منّ البدن و ربما قتلن: أكل

ص: 18


1- الوسائل باب: 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات النكاح.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 16.
7- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات النكاح.

و بالنسبة إلى الرجال يكره تزويج سيئ الخلق (41)، و المخنث، و الزنج (42)، و الأكراد، و الخزر، و الأعرابي (43)

______________________________

القديد الغاب، و دخول الحمام على البطنة، و نكاح العجائز» (1)، و من دعاء سيد الأنبياء صلّى اللّه عليه و آله: «اللهم إني أعوذ بك من زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي و من بوار الأيّم» (2)، و نسب الجزء الأول من دعائه صلّى اللّه عليه و آله الى زبور داود عليه السّلام، و المراد من الجزء الثاني من دعائه صلّى اللّه عليه و آله ما إذا وصلت البنت أوان زواجها و لم تتزوج، و عن علي عليه السّلام: «إياكم و تزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء و ولدها ضياع» (3)، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «زوجوا الأحمق و لا تزوجوا الحمقاء فإن الأحمق قد ينجب و الحمقاء لا تنجب» (4).

(41) لخبر بشار الواسطي قال: «كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام: إن لي قرابة قد خطب إليّ و في خلقه سوء قال عليه السّلام: «لا تزوجه إن كان سيئ الخلق» (5).

(42) أما الأول فلخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: سألته أن زوج ابنتي غلام فيه لين و أبوه لا بأس به؟ قال: إذا لم يكن فاحشة فزوجه يعني الخنث» (6).

و أما الثاني فلقوله عليه السّلام: «إياكم و نكاح الزنج فإنه خلق مشوه» (7)، و غير ذلك من الأخبار.

(43) قال الصادق عليه السّلام في خبر الحداد: «لا تناكحوا الزنج و الخزر فإن لهم

ص: 19


1- الوسائل باب: 23 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات النكاح و في كنز العمال ج: 2 الحديث: 183، صفحة: 406.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
6- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
7- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و الفاسق، و شارب الخمر (44).

______________________________

أرحاما تدل على غير الوفاء» (1)، و في خبر أبي الربيع الشامي عن الصادق عليه السّلام:

«و لا تنكحوا من الأكراد أحدا- الحديث-» (2)، المحمول على البعض منهم، و عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية الخزاز: «لا يتزوج الأعرابي بالمهاجرة فيخرجها من دار الهجرة إلى الأعراب» (3).

(44) لما في صحيح ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: شارب الخمر لا يزوج إذا خطب» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا: «من زوج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها» (5)، و غيرهما من الأخبار، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«مَن زوج كريمته من فاسق نزل عليه كل يوم ألف لعنة» (6).

تنبيه: مقتضى العمومات من الكتاب و السنة- كما مر- صحة التزويج مع تحقق الكفوية الدينية خصوصا مثل قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إذا جاءكم مَن ترضون خلقه و دينه فزوجوه إِلّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ» (7).

و ما ورد عن الأئمة الهداة عليهم السّلام في كراهة التزويج مع أقوام خاصة و بيان بعض الحكم لها لعل ذلك كان في بدء الإسلام قبل شيوع معارفه و مكارم أخلاقه في الناس، و أما بعد التخلي عن تلك الرذائل النفسانية ببركة الإسلام

ص: 20


1- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوافي باب: 18 من أبواب بدو النكاح و الحث عليه ج: 12 صفحة: 24.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2 و 1.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2 و 1.
6- مستدرك الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 6.
7- الوسائل باب: 28 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 8: مستحبات الدخول على الزوجة أمور

(مسألة 8): مستحبات الدخول على الزوجة أمور: منها الوليمة قبله أو بعده.

و منها: أن يكون ليلا لأنه أوفق بالستر و الحياء و لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «زفوا عرائسكم ليلا و أطعموا ضحى»، بل لا يبعد استحباب الستر المكاني أيضا (45).

و منها: أن يكون على وضوء.

و منها: أن يصلي ركعتين و الدعاء- بعد الصلاة بعد الحمد و الصلاة على محمد و آله- بالألفة و حسن الاجتماع بينهما، و الأولى المأثور و هو:

«اللهم ارزقني إلفها و ودّها و رضاها بي و أرضني بها و اجمع بيننا بأحسن اجتماع و أنفس ايتلاف فإنك تحب الحلال و تكره الحرام».

______________________________

و انتشاره و التحلي بأضدادها و نقائضها فلا موضوع حينئذ بعد إحراز الدين و الخلق، و ليس الامام عليه السّلام في مقام تنقيص قوم و تحقير طائفة و إنما هو في مقام بيان بعض مذام الأخلاق الذين كانوا عليها قبل تمكن الإسلام في قلوبهم و استيلاء معاني أخلاقه عليهم، كما هو ظاهر مما تقدم من الروايات و مع تحقق تلك الصفات الذميمة لا اختصاص بما مر من الأقوام بل يعم.

(45) للسيرة المستمرة بين المتشرعة و لبناء الشرع على الستر في هذا الأمر مطلقا إلا ما خرج بالدليل، و في الحديث: «كان علي بن الحسين عليهما السّلام إذا أراد أن يغشى أهله أغلق الباب و أرخى الستور و أخرج الخدم» (1)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «تعلّموا من الغراب خصالا ثلاث: استتاره بالسفاد و بكوره في طلب الرزق و حذره» (2)

ص: 21


1- الوسائل باب: 67 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 6.
2- الوسائل باب: 67 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 6.

و منها: أمرها بالوضوء و الصلاة أو أمر من يأمرها بهما.

و منها: أمر من كان معها بالتأمين على دعائه و دعائها (46).

و منها: أن يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة و يقول: «اللهم بأمانتك أخذتها و بكلماتك استحللتها فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا تقيا من شيعة آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و لا تجعل للشيطان فيه شركا و لا نصيبا» (47) أو يقول: «اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان» (48)، و يكره الدخول ليلة الأربعاء (49).

______________________________

(46) يمكن استفادة ذلك كله من صحيح أبي بصير قال: «سمعت رجلا يقول لأبي جعفر عليه السّلام إني رجل قد أسننت و قد تزوجت امرأة بكرا صغيرة و لم ادخل بها، و أنا أخاف إذا دخلت عليّ فرأتني أن تكرهني لخضابي و كبري، فقال أبو جعفر عليه السّلام: إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة ثمَّ أنت لا تصل إليها حتى توضأ و صل ركعتين ثمَّ مجد اللّه و صلي على محمد و آل محمد- إلى آخر ما في المتن» (1).

(47) كما في رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام (2).

(48) لما ورد في رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (3)، فراجع و تأمل.

(49) لنحوستها خصوصا أربعاء آخر الشهر كما مر، فعن الصادق عن آبائه عليهم السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أتاني جبرائيل فأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد و قال إن يوم الأربعاء يوم نحس مستمر» (4).

ص: 22


1- الوسائل باب: 55 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 53 من أبواب مقدمات النكاح.
4- سنن البيهقي ج: 10 باب القضاء باليمين مع الشاهد.

مسألة 9: يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع الإذن

(مسألة 9): يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع الإذن و لو بشاهد الحال (50) إن كان عاما فللعموم و إن كان خاصا فللمخصوصين (51)، و كذا يجوز تملكه مع الإذن فيه، أو بالإعراض عنه فيملك (52) و ليس لمالكه الرجوع فيه و إن كان عينه موجودا (53)، و لكن الأحوط لهما مراعاة الاحتياط (54).

مسألة 10: يستحب عند الجماع الوضوء

(مسألة 10): يستحب عند الجماع الوضوء (55)، و الاستعاذة و التسمية، و طلب الولد الصالح السويّ، و الدعاء بالمأثور و هو أن يقول:

«بسم اللّه و باللّه اللهم جنّبني الشيطان و جنّب الشيطان ما رزقتني»، أو يقول:

______________________________

(50) لإجماع فقهائنا الأخيار و السيرة في الأعصار و الأمصار مع إحراز الرضاء و لو بشاهد الحال.

(51) لأن جواز التصرف يدور مدار إحراز الرضاء عاما كان. أو خاصا ففي الأول يجوز للجميع و في الثاني يختص بخصوص المأذونين و لا يجوز لغيرهم للأصل.

(52) لصيرورته حينئذ من حيازة المباحات بعد إعراض المالك الأول عنه، مع أنه يمكن أن يكون نفس النثر تمليكا معاطاتيا و الأخذ بقصد التمليك قبولا لهذا التمليك، و يغتفر فيها قصد التمليك بالخصوص للسيرة فيكفي قصد النوع فيه.

(53) لخروجه عن ملكه بالإعراض.

(54) لاحتمال أن الاعراض لا يوجب الخروج عن الملكية و إنما يوجب إباحة التصرف فقط للغير، و يأتي تتميم الكلام في محله.

(55) لما تقدم في كتاب الطهارة فلا وجه للإعادة ثانيا (1).

ص: 23


1- يراجع ج: 2 صفحة: 281.

«اللهم بأمانتك أخذتها- إلى آخر الدعاء السابق-» (56) أو يقول «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الذي لا إله إلا هو بديع السموات و الأرض اللهم إن قضيت مني في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا و لا نصيبا و لا حظا و اجعله مؤمنا مخلصا مصفي من الشيطان و رجزه جلّ ثناؤك» (57)، و أن يكون في مكان مستور (58).

مسألة 11: يكره الجماع

(مسألة 11): يكره الجماع ليلة خسوف القمر، و يوم كسوف الشمس، و في الليلة و اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء، و الصفراء، و الحمراء، و اليوم الذي فيه الزلزلة، بل في كل يوم أو ليلة حدث فيه آية مخوفة، و كذا يكره عند الزوال، و عند غروب الشمس حتى يذهب الشفق (59)، و في المحاق، و بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، و في أول ليلة من كل شهر، إلا في الليلة الأولى من شهر رمضان فإنه يستحب فيها، و في النصف من كل شهر، و في السفر إذا لم يكن عنده الماء للاغتسال، و بين الأذان و الإقامة، و في ليلة الأضحى، و يكره في السفينة،

______________________________

(56) كما في رواية أبي بصير و غيره (1).

(57) ورد جميع ذلك في خبر القداح (2)، و خبر عبد الرحمن بن كثير (3).

(58) كما تقدم ذلك في (مسألة 8).

(59) ورد جميع ذلك عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية عبد الرحمن ابن سالم»(4).

ص: 24


1- الوسائل باب: 68 و في المستدرك باب: 51 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 68 من أبواب مقدمات النكاح.
4- الوسائل باب: 62 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه.

و مستقبل القبلة، و مستدبرها و على ظهر الطريق، و الجماع و هو عريان، و عقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء و الجماع و هو مختضب، أو هي مختضبة، و على الامتلاء، و الجماع قائما، و تحت الشجرة المثمرة، و على سقوف البنيان، و في وجه الشمس إلا مع الستر، و يكره أن يجامع و عنده من ينظر إليه و لو الصبيّ غير المميّز، و أن ينظر إلى فرج الامرأة حال الجماع، و الكلام عند الجماع إلا بذكر اللّه تعالى، و أن يكون معه خاتم فيه ذكر اللّه، أو شي ء من القرآن.

و يستحب الجماع ليلة الاثنين، و الثلاثاء، و الخميس، و الجمعة، و يوم الخميس عند الزوال، و يوم الجمعة بعد العصر، و يستحب عند ميل الزوجة إليه (60).

مسألة 12: يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا

(مسألة 12): يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح (61).

______________________________

(60) ورد جميع ذلك في وصية نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام و ذكرها صاحب الوافي في كتابه بطولها (1)، و أوردها صاحب الوسائل متقطعا في أبواب مختلفة، و سيأتي (2) إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق بها.

(61) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «يكره للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح» (3)، و المنساق منه و من غيره صورة عدم الإعلام بالدخول و لو بالوسائل الحديثة.

(62) إجماعا و نصوصا منها قول علي عليه السّلام: «أفضل الشفاعات أن تشفع

ص: 25


1- الوافي باب: 107 من أبواب مقدمات النكاح ج: 12 صفحة: 107
2- راجع الوسائل أبواب: 147- 150 من أبواب مقدمات النكاح.
3- الوسائل باب: 65 من أبواب مقدمات النكاح.

مسألة 13: يستحب السعي في التزويج

(مسألة 13): يستحب السعي في التزويج و الشفاعة فيه بإرضاء الطرفين (62).

مسألة 14: يستحب تعجيل تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها

(مسألة 14): يستحب تعجيل تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها، فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام «من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته» (63).

مسألة 15: يستحب حبس المرأة في البيت فلا تخرج إلا لضرورة

(مسألة 15): يستحب حبس المرأة في البيت فلا تخرج إلا لضرورة،

______________________________

بين اثنين في نكاح حتى يجمع اللّه بينهما» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في رواية ابن مهران: «أربعة ينظر اللّه إليهم يوم القيامة: من أقال نادما أو أغاث لهفان أو أعتق نسمة أو زوج أعزبا» (2).

(63) و الروايات في ذلك كثيرة من الفريقين منها قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«أيها الناس إن جبرائيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر إذا أدرك ثمارها فلم تجتن أفسدته الشمس و نثرته الرياح، و كذلك الأبكار إذا أدركن ما يدرك النساء فليس لهن دواء إلا البعولة و إلا لم يؤمن عليهن الفساد لأنهن بشر» (3).

(64) لقول علي عليه السّلام في رسالته إلى الحسن عليه السّلام: «فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك من الرجال فافعل»(4)، و عن الصديقة الطاهرة (سلام اللّه عليها):

«خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهن الرجال» (5)، و عن علي عليه السّلام: «النساء عي و عورات فداووا عيّهن بالسكوت و عوراتهن بالبيوت» (6)، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

ص: 26


1- الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 4.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب مقدمات النكاح.
4- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 7 و 6.
5- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 7 و 6.
6- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 7 و 6.

و لا يدخل عليها أحد من الرجال (64).

مسألة 16: يكره تزويج الصغار قبل البلوغ

(مسألة 16): يكره تزويج الصغار قبل البلوغ (65).

مسألة 17: يستحب تخفيف مئونة التزويج و تقليل المهر

(مسألة 17): يستحب تخفيف مئونة التزويج و تقليل المهر (66).

______________________________

(65) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا زوجوا و هم صغار لم يكادوا أن يأتلفوا» (1).

(66) إجماعا من المسلمين و اقتداء بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة الهداة المعصومين و سائر أولياء اللّه المتقين و لنصوص كثيرة منها قول النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها و أقلهن مهرا» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابة، و المرأة، و الدار، فأما المرأة فشؤمها غلاء مهرها و عسر ولدها، و أما الدابة فشؤمها كثرة عللها و سوء خلقها، و أما الدار فشؤمها ضيقها و خبث جيرانها» (3) و عن علي عليه السّلام: «لا تغالوا في مهور النساء فتكون عدواة» (4)، و يأتي في المهور بعض الكلام إن شاء اللّه تعالى.

(67) لإجماع الفقهاء بل جميع أهل الذوق من العقلاء و العرفاء و لنصوص كثيرة منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس شي ء تحضره الملائكة إلا الرهان و ملاعبة الرجل أهله» (5)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث: في تأديبه الفرس، و رميه عن القوس، و ملاعبة امرأته فإنهن حق» (6)، و عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «من الجفاء مواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة» (7)، فيستحب فعلها و يكره تركها.

ص: 27


1- الوسائل باب: 46 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 52 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب المهور الحديث: 12.
5- الوسائل باب: 57 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2 و 3.
6- الوسائل باب: 57 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2 و 3.
7- الوسائل باب: 57 من أبواب المهور الحديث: 1 و 2 و 3.

مسألة 18: يستحب ملاعبة الزوجة قبل المواقعة

(مسألة 18): يستحب ملاعبة الزوجة قبل المواقعة (67).

مسألة 19: يجوز للرجل تقبيل أيّ جزء من جسد زوجته، و مسّ أيّ جزء من بدنه ببدنها

(مسألة 19): يجوز للرجل تقبيل أيّ جزء من جسد زوجته، و مسّ أيّ جزء من بدنه ببدنها (68).

مسألة 20: يستحب اللبث و ترك التعجيل عند الجماع

(مسألة 20): يستحب اللبث و ترك التعجيل عند الجماع (69).

مسألة 21: يكره المجامعة تحت السماء

(مسألة 21): يكره المجامعة تحت السماء (70).

مسألة 22: يستحب إكثار الصوم و توفير الشعر لمن لا يقدر على التزويج

(مسألة 22): يستحب إكثار الصوم و توفير الشعر لمن لا يقدر على التزويج مع ميله و عدم طوله (71).

______________________________

(68) للأصل، و الإجماع، و السيرة، و النص قال الصادق عليه السّلام: «لا بأس أن يستعين بكل شي ء من جسده عليها و لكن لا يستعين بغير جسده عليها» (1)

(69) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «إذا جامع أحدكم أهله فلا يأتيهن كما يأتي الطير ليمكث و ليلبث» (2)، و عن علي عليه السّلام: «إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجّلها فان للنساء حوائج» (3)

(70) لما ورد في خبر حسين بن زيد عن الصادق عليه السّلام عن آبائه قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إن اللّه كره لكم أيّتها الأمّة أربعا و عشرين خصلة و نهاكم عنها- إلى أن قال- و كره المجامعة تحت السماء»(4)

(71) لما عن النبي صلّى اللّه عليه و آله لمن جاء و قال: «يا رسول اللّه ليس عندي طول فانكح النساء فإليك أشكو العزوبة، فقال صلّى اللّه عليه و آله: و فرّ شعر جسدك و أدم الصيام ففعل فذهب ما به من الشبق» (5)، و عن علي عليه السّلام: «ما كثر شعر رجل قط

ص: 28


1- الوسائل باب: 51 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه.
3- الوسائل باب: 56 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه.
4- الوسائل باب: 149 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2.
5- الوسائل باب: 139 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 23: يستحب خلع خف العروس إذا دخلت البيت و غسل رجليها

(مسألة 23): يستحب خلع خف العروس إذا دخلت البيت و غسل رجليها، و صب الماء من باب الدار إلى آخرها (72).

مسألة 24: يستحب منع العروس في أسبوع العرس من الألبان

(مسألة 24): يستحب منع العروس في أسبوع العرس من الألبان، و الخلّ، و الكزبرة، و التفاح الحامض (73).

مسألة 25: يكره اتحاد خرقة الزوج و الزوجة عند الفراغ من الجماع

(مسألة 25): يكره اتحاد خرقة الزوج و الزوجة عند الفراغ من الجماع (74).

______________________________

إلا قلت شهوته» (1)

(72) ورد في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام (2).

(73) كما في وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام (3).

(74) ورد أيضا في وصيته صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام (4).

تنبيه ما تقدم من الآداب و ما ورد من الأحاديث الواردة فيها إنما ذكرناها تأسيا بالفقهاء الأعلام و المحدثين العظام «رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين»، لكن في إسناد بعضها قصور بل عن جمع منهم الشهيد الثاني رحمه اللّه: «أن من متن وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله لعلي عليه السّلام في المقام يفوح رائحة الجعل و الوضع»، مضافا إلى قصور سنده فلا بد و أن يعمل بهذه الآداب بعنوان الرجاء تخلصا عن شبهة التشريع إذا نسب إلى الشرع ما لم يثبت منه بدليل معتبر.

ثمَّ انه قد جرت عادة فقهاء المسلمين و محدثيهم على ذكر خصائص

ص: 29


1- الوسائل باب: 139 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 147 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 148 من أبواب مقدمات النكاح.
4- الوسائل باب: 150 من أبواب مقدمات النكاح.

.....

______________________________

النبي صلّى اللّه عليه و آله بعضهم هنا و بعضهم في مقامات اخرى و لنتبرك بذكر جملة منها إجمالا في المقام توسلا بسيد الأنبياء العظام.

الأول: أنه صلّى اللّه عليه و آله إذا رغب في نكاح امرأة وجب عليها القبول إن كانت خليّة و يحرم على غيره خطبتها، و إن كانت ذات زوج وجب على الزوج طلاقها لما ورد في قضية زيد (1).

الثاني: تجاوز الأربع بالعقد كما ورد ذلك في روايات متعددة (2).

الثالث: وقوع عقد النكاح بلفظ الهبة بلا فرق بين القبول منه صلّى اللّه عليه و آله بها أو الإيجاب منها كذلك فليس لها مهر المثل لفرض الهبة و هي صحيحة، و قال أبو جعفر عليه السّلام فيما رواه محمد بن قيس: «جائت امرأة من الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فدخلت عليه و هو في منزل حفصة و المرأة متلبسة ممشطة فدخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت يا رسول اللّه إن المرأة لا تخطب الزوج و أنا امرأة ايم لا زوج لي منذ دهر و لا لي ولد فهل لك من حاجة؟ فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: خيرا و دعا لها، ثمَّ قال: يا أخت الأنصار جزاكم اللّه عن رسول اللّه خيرا فقد نصرني رجالكم و رغبت فيّ نسائكم، فقالت لها حفصة: ما أقل حياءك و اجرأك و انهمك للرجال؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كفّي عنها يا حفصة فإنها خير منك رغبت في رسول اللّه فملتيها و عبتيها، ثمَّ قال للمرأة: انصر في رحمك اللّه فقد أوجب اللّه لك الجنة لرغبتك فيّ و تعريضك بمحبتي و سروري و سيأتيك أمري إن شاء اللّه، فأنزل اللّه عز و جل: و امرأة مؤمنة إلى آخر الآية (3)، فأحل اللّه عز و جل هبة المرأة نفسها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا يحل ذلك لغيره» (4).

ص: 30


1- سورة الأحزاب: 37.
2- الكافي ج: 5 صفحة: 387.
3- سورة الأحزاب: 50.
4- الكافي ج: 5 صفحة: 568.

.....

______________________________

الرابع: تحقق الطلاق منه صلّى اللّه عليه و آله بتخييرهن بين اختيارهن للبقاء أو اختيارهن المفارقة لقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (1)، و السنة المستفيضة (2).

الخامس: تحريم زوجاته بعد رحلته صلّى اللّه عليه و آله لنص الآية الشريفة وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيماً (3)، بلا فرق بين المدخول بها و غيرها و المطلقة و غيرها لظاهر إطلاق الآية المباركة.

السادس: وجوب التهجد في الليل للآية المباركة مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ (4)، فيشمل الوتر أيضا.

السابع: تحريم الصدقة الواجبة عليه صلّى اللّه عليه و آله لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة» (5)، كما تقدم في كتاب الزكاة.

الثامن: خائنة الأعين و هي الإيماء إلى فعل خلاف ما يظهر و يشعر به الحال لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين» (6)

التاسع: الوصال في الصوم لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي فيطعمني و يسقيني» (7).

ص: 31


1- سورة الأحزاب: 28.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب مقدمات الطلاق.
3- سورة الأحزاب: 53.
4- سورة الإسراء: 79.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب المستحقين للزكاة: 6.
6- سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 40.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب الصوم المحرم المكروه: 4 و في سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 61 باب الوصال له مباح ليس لغيره.

مسألة 26: يجوز لمن يريد تزويج امرأة أن ينظر إلى وجهها

(مسألة 26): يجوز لمن يريد تزويج امرأة أن ينظر إلى وجهها و كفيها و شعرها و محاسنها (75)،

______________________________

العاشر: تنام عينه و لا ينام قلبه صلّى اللّه عليه و آله لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «تنام عيناي و لا ينام قلبي» (1).

و هناك خصائص أخرى ذكرها أرباب الحديث و السير مثل إباحة دخوله صلّى اللّه عليه و آله لمكة بغير إحرام خلافا لأمّته، و وجوب السواك و الأضحية عليه، و أن صلاته قاعدا كصلاته قائما و إن لم تكن به علة، و استباح قتل من سبه أو هجاه، و إذا لبس لامة الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى عدوه، و إعطائه جوامع الكلم و تفضيل زوجاته على غيرهن بأن جعل ثوابهن و عقابهن على الضعف إلى غير ذلك مما لا يحصى، و كيف تحصى خصائص من هو غاية الخليقة و مفخر البرية و سيد ولد آدم و أول ما خلق من العالم و قد أفرد العامة و الخاصة كتبا لها و من شاء فليراجع إليها.

(75) إجماعا في الجملة و نصوصا منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «الرجل يريد أن يتزوج المرأة أ ينظر إليها؟ قال عليه السّلام: نعم إنما يشتريها بأغلى الثمن» (2)، و إطلاق الجواب و إطلاق التعليل يشمل جميع ما ذكره في المتن و في صحيح ابن السري قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها و ينظر إلى خلفها و إلى وجهها، و قال عليه السّلام: نعم لا بأس أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر إلى خلفها و إلى وجهها» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس بأن ينظر إلى وجهها و معاصمها إذا أراد أن يتزوجها» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن سنان: «الرجل يريد أن يتزوج

ص: 32


1- سنن البيهقي ج: 7 صفحة: 62.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 3.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 3.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.

بل لا يبعد جواز النظر إلى سائر جسدها (76).

______________________________

المرأة أ ينظر إلى شعرها؟ فقال عليه السّلام: نعم إنما يريد أن يشتريها بأغلى الثمن» (1)، و عن علي عليه السّلام: «في رجل ينظر إلى محاسن امرأة يريد أن يتزوجها قال عليه السّلام: لا بأس إنما هو مستام فإن يقض أمر يكون» (2)، إلى غير ذلك من النصوص و الظاهر أن الحكم من الأمور العقلائية حين الزواج إن كان بلا تلذذ و كما يأتي لا أن يكون تعبدا شرعيا، و يشهد له التعليل في قوله عليه السّلام: «إنما يشتريها بأغلى الثمن» فإنه تعليل بالمرتكزات العقلائية، بل يمكن أن يكون في مقام التعيير للسائل يعني: أن هذا من الواضحات لا ينبغي أن يسئل عنه كما في مورد الاشتراء.

(76) لما مر من الإطلاق و التعليل في النصوص، و في الموثق عن الصادق عليه السّلام: «الرجل يريد أن يتزوج المرأة يجوز له أن ينظر إليها، قال عليه السّلام:

نعم و ترقّق له الثياب من سائر البدن لأنه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن» (3).

و قال في الجواهر و نعم ما قال: «فلا محيص للفقيه الذي كشف اللّه تعالى عن بصيرته عن القول بجواز النظر إلى جميع جسدها بعد تعاضد تلك النصوص و كثرتها و فيها الصحيح و الموثق و غيرهما الدالة بأنواع الدلالات على ذلك».

أقول: ينبغي تنقيح الكلام بنحو الكلية، و هي أن النظر إلى جميع بدن المرأة غير عورتيها بلا تلذذ و ريبة إذا كان فيه غرض غير منهي عنه شرعا- كالعلاج مثلا، أو تشخيص الموضوع لدى الحاكم الشرعي بالنسبة إلى الدية، أو التمييز لأجل المحرمية أو المقام و غير ذلك- هل يجوز أو لا؟ دليل الأول انصراف الأدلة المانعة.

ص: 33


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7 و 8.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7 و 8.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 11.

ما عدا عورتها (77)، و إن كان الأحوط خلافه (78)، و لا يشترط أن يكون ذلك بإذنها و رضاها (79).

نعم، يشترط أن لا يكون بقصد التلذذ و إن علم أنه يحصل بنظرها قهرا (80)، و يجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الغرض و هو الاطلاع على حالها بالنظر الأول (81)، و يشترط أيضا أن لا يكون مسبوقا بحالها و أن يحتمل اختيارها و إلا فلا يجوز (82)، و لا فرق بين أن يكون قاصدا لتزويجها بالخصوص أو كان قاصدا لمطلق التزويج و كان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار (83) و إن كان الأحوط الاقتصار على الأول (84)، و أيضا لا فرق بين أن يمكن المعرفة بحالها بوجه آخر من توكيل امرأة تنظر إليها و تخبره أولا و إن كان الأحوط الاقتصار على الثاني (85).

______________________________

و دليل الثاني الجمود على ظواهر أدلة المنع.

(77) إجماعا من الفقهاء بل ضرورة من الفقه.

(78) خروجا عن مخالفة من خالف و إن كان لا دليل له على مخالفته بل يكون ممن كشف اللّه بصيرته كما مر عن صاحب الجواهر.

(79) للإطلاق و الاتفاق.

(80) للإجماع و انصراف الأدلة المجوزة عن الصورتين قطعا مع كثرة اهتمام الشارع بنفي التلذذ المحرّم.

(81) للإطلاق و التعليل و الأصل و الإجماع.

(82) للعمومات المانعة بعد الشك في شمول الأدلة المجوزة لها بل الظاهر عدم الشمول كما هو المعلوم من مذاق الشرع.

(83) لظهور الإطلاق الشامل للصورتين بلا محذور و مانع في البين.

(84) لاحتمال انصراف الأدلة إليه و لكنه ضعيف.

(85) أما عدم الفرق فلظهور الإطلاق الوارد في مقام البيان و التسهيل

ص: 34

و لا يبعد جواز نظر المرأة أيضا إلى الرجل الذي يريد تزويجها و لكن لا يترك الاحتياط بالترك (86)، و كذا يجوز إلى جارية يريد شرائها و إن كان بغير إذن سيدها (87)، و الظاهر اختصاص ذلك بالمشتري لنفسه فلا يشمل الوكيل و الولي و الفضولي (88). و أما في الزوجة فالمقطوع هو الاختصاص (89).

______________________________

و الامتنان مع إطلاق التعليل الذي يقتضي ذلك أيضا.

و أما الاحتياط فلاحتمال انصراف الأدلة إلى الثاني و لكنه ضعيف.

(86) اما عدم استبعاد الجواز فلدلالة التعليل الوارد في النصوص عليه بالملازمة فهو و إن ورد في رؤية المرأة فيدل على الجواز بالمطابقة، لكنه يدل على العكس بالالتزام كما هو شأن كل شراء أو مستام كما مر في الأخبار، و يشهد له قوله صلّى اللّه عليه و آله لرجل من أصحابه و قد خطب امرأة: «لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» (1)، فيستفاد انه من صالح الطرفين.

و أما الاحتياط فلأن الحكم خلاف الأصل و المشهور، و الدليل قياس و الخبر ضعيف فالاحتياط واجب.

(87) أما الجواز فللإجماع و ما مر من إطلاق التعليل و ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «الرجل يعترض الأمة ليشتريها، قال: لا بأس أن ينظر إلى محاسنها و يمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه» (2).

و أما التعميم بصورة غير إذن السيد أيضا فلإطلاق الشامل لها أيضا.

(88) للأصل و ظهور الأدلة في المشتري بعد عدم ما يصلح للتعميم.

(89) للأصل و ظهور الإجماع و كون التعميم خلاف مرتكزات المتشرعين

ص: 35


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1.

مسألة 27: يجوز النظر إلى نساء أهل الذمة

(مسألة 27): يجوز النظر إلى نساء أهل الذمة (90)، بل مطلق الكفار (91)،

______________________________

و المتشرعات بل ربما يعد من خلاف الغيرة أيضا.

(90) نسب ذلك إلى المشهور و استدل عليه تارة بما دل على انها بمنزلة الإماء و اخرى بأن الكفار في ء للمسلمين.

و ثالثة بما ورد انها مماليك للإمام عليه السّلام (1).

و الكل مخدوش أما الأولان فإن المنساق من الفي ء و الأمة انما هو التنزيل في الرتبة و الشرف لا الاسترقاق المعهود إذ المباحات الأوّلية لا تملك إلا بالاستيلاء و اليد.

و أما الأخير فلا بد من حمله على صورة بسط اليد و الأخذ و الاستيلاء.

نعم قال علي عليه السّلام: «لا بأس بالنظر إلى رؤوس النساء من أهل الذمة» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن و أيديهن» (3).

و عن جمع منهم ابن إدريس المنع للعمومات و الإطلاقات و هو مردود لما أثبتناه في الأصول من انها تخصص و تقيد بالخبر الواحد المعتبر فراجع.

(91) استدل عليه بالإجماع و الفحوى و إطلاق بعض الأدلة كما سيأتي.

ثمَّ ان التلذذ هو الحرمة الفعلية و الريبة خوف الوقوع فيها بعد ذلك و هو.

تارة: بالعلم.

و اخرى: بالاطمينان.

و ثالثة: بمطلق الظن و ظاهر إطلاقهم الشمول للجميع.

و التلذذ إما فعلي غير اختياري، أو قصدي فعلي اختياري، أو ما يحصل

ص: 36


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العاقلة أو باب: 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد: 2.
2- الوسائل باب: 112 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 112 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مع عدم التلذذ و الريبة- أي خوف الوقوع في الحرام (92)- و الأحوط الاقتصار على المقدار الذي جرت عادتهن على عدم ستره (93)، و قد يلحق بهم نساء أهل البوادي و القرى من الأعراب و غيرهم، و هو مشكل (94).

نعم، الظاهر عدم حرمة التردد في الأسواق و نحوها مع العلم بوقوع النظر عليهن و لا يجب غضّ البصر إذا لم يكن هناك خوف افتتان (95).

مسألة 28: يجوز لكل من الرجل و المرأة النظر إلى ما عدا العورة

(مسألة 28): يجوز لكل من الرجل و المرأة النظر إلى ما عدا العورة من مماثلة شيخا أو شابا حسن الصورة أو قبيحها (96) ما لم يكن بتلذذ أو ريبة (97).

______________________________

بعد ذلك و مقتضى الإطلاق حرمة الجميع.

(92) للإجماع و لأنه المنساق من إذن سادات الأنام بل المرتكز في أذهان المتشرعة من العوام.

(93) لإمكان دعوى الانصراف عن غيره و لكن لو عمل بإطلاق التعليل في الخبر الآتي لعم الجواز غيره أيضا.

(94) الأصل في الحكم قول الصادق عليه السّلام: «لا بأس بالنظر إلى رؤوس نساء أهل تهامة و الاعراب و أهل السواد و العلوج لأنهن إذا نهوا لا ينتهين»(1)و العمل به مع إعراض المشهور عنه مشكل كما ان الأخذ بتعليله أشكل.

(95) للإجماع و السيرة و العسر و الحرج.

(96) كل ذلك للأصل و إجماع المسلمين بل ضرورة من الدين من أول بعثة سيد المرسلين بل قبلها و يصح التمسك بالسيرة العقلائية أيضا.

(97) لمعلومية عدم الجواز حينئذ بلا شك و ريبة.

ص: 37


1- الوسائل باب: 13 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

نعم، يكره كشف المسلمة بين يدي اليهودية و النصرانية بل مطلق الكافرة، فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن (98)، و القول بالحرمة للآية حيث قال تعالى (أو نسائهن) فخص بالمسلمات، ضعيف (99) لاحتمال كون المراد من نسائهن الجواري و الخدم لهن من الحرائر.

مسألة 29: يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر إلى جسد الآخر

(مسألة 29): يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر إلى جسد الآخر حتى العورة مع التلذذ و بدونه بل يجوز لكل منهما مس الآخر بكل عضو منه كل عضو من الآخر مع التلذذ و بدونه (100).

مسألة 30: الخنثى مع الأنثى كالذكر، و مع الذكر كالأنثى

(مسألة 30): الخنثى مع الأنثى كالذكر، و مع الذكر كالأنثى (101).

______________________________

(98) و القول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية و النصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن» (1)، و مقتضى التعليل التعدي إلى مطلق الكفار بل يمكن التعدي إلى المسلمة غير المبالية بتوصيف ذلك كما أنه يمكن التعدي عن الزوج إلى كل أجنبي.

(99) القائل جمع- منهم الشيخ و اختاره في الحدائق- و لا دليل لهم من عقل أو نقل بعد قول الصادق عليه السّلام «لا ينبغي» مع التعليل، الظاهر كل منهما الكراهة.

(100) كل ذلك بضرورة من الدين بل جميع العقلاء الذين لهم زوجية و زواج و قد تقدم بعض النصوص (2)، أيضا فراجع.

(101) للإجماع و لأنها تعلم إجمالا أنها إما ذكرا و أنثى فيجب عليها الاجتناب من كل منهما كما يجب على الذكر و الأنثى الاجتناب عنها لذلك.

ص: 38


1- الوسائل باب: 98 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 59 من أبواب مقدمات النكاح.

مسألة 31: لا يجوز النظر إلى الأجنبية

(مسألة 31): لا يجوز النظر إلى الأجنبية، و لا للمرأة النظر إلى الأجنبي من غير ضرورة (102)،

______________________________

نعم، لو ثبت أنها طبيعة ثالثة لا يجب عليهما ذلك كما لا يجب عليها ذلك أيضا.

(102) للإجماع و قوله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَ لا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَ تُوبُوا إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (1)، فإن المنساق منها عرفا ترك نظر كل منهما إلى الآخر مطلقا لا خصوص النظر إلى الفروج خصوصا بعد قول النبي صلّى اللّه عليه و آله لبعض أزواجه حين دخل ابن أم مكتوم: «أدخلا البيت فقالتا: إنه أعمى، فقال: إن لم يركما فإنكما تريانه» (2)، و المستفاد من جميع ما وصل إلينا من النصوص بعد رد بعضها إلى بعض و ظهور الإطلاق و الإجماع أصالة المساواة بينهما إلا ما خرج بالدليل، و هذا هو الذي تقتضيه مرتكزات المتشرعين و المتشرعات قديما و حديثا و أما استثناء الضرورة فلأدلة نفي العسر و الحرج و خصوص بعض الأخبار الذي يأتي ذكره.

ص: 39


1- سورة النور: 30- 31.
2- الوسائل باب: 129 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و استثنى جماعة الوجه و الكفين فقالوا بالجواز فيهما (103) مع عدم الريبة و التلذذ،

______________________________

(103) هذه المسألة مورد الخلاف بينهم حتى أنه قد يتفق الخلاف من فقيه واحد يختار في أحكام الستر في الصلاة الجواز و في المقام المنع أو بالعكس، و هذا شأن الفروع الاجتهادية التي تختلف الأنظار فيها بل اجتهاد شخص واحد بحسب مراتب استكمالاته في الفقه أو مراتب توجهاته إلى منبع الإفاضة و العلوم غير المتناهية و البحث في المسألة من جهات:

الأُولى: في مقتضى الأصل الظاهر أن مقتضاه عدم الجواز مطلقا بعد التأمل في الأخبار ورد بعضها إلى بعض من المحرمات و المكروهات فراجع و تأمل نجد صدق ما قلناه، و كذا مقتضى مرتكزات المتشرعة من الرجال و النساء.

و ببالي أن بعض الفقهاء رحمه اللّه قال لبعض العوام من المتشرعة: إن الوجه مستثنى من حرمة النظر، قال ذلك الشخص: إن كمال المرأة و جمالها في وجهها إن قُبِل قُبِل ما سواه و إن رد رد ما سواه، فمقتضى الأصل- المستفاد من الإخبار و الارتكاز- عدم الجواز إلا مع الدليل على الجواز.

الثانية: إطلاق آيات الجلباب و الخمر و الغض (1)، و الكل ظاهر ظهورا عرفيا في غض البصر و عدم وقوعه على المرأة مطلقا فهي بجميع جسدها- حتى الوجه و الكفين- توجب إثارة الشهوة فلا بد للشرع من التحفظ بكل ما أمكنه من النهي و المنع.

و توهم عدم الإطلاق فيها باطل في الأحكام العامة الابتدائية في كل زمان و مكان، كما توهم اختصاص حرمة النظر بالفرج أبطل لندرة وقوعه غالبا من الأجانب بالنسبة إلى سائر الجسد فلا وجه لحمل تلك الإطلاقات من الكتاب

ص: 40


1- سورة النور: 30- 31.

.....

______________________________

و السنة على خصوص الفرد النادر.

الثالثة: دعوى الإجماع على عدم جواز النظر إليهما عن جمع منهم صاحب كنز العرفان، و إنما نسب الجواز إلى الشيخ في التبيان و النهاية و هما غير موضوعات للاستدلال كما هو معلوم لكل من راجعهما.

الرابعة: المستفيضة من الأخبار المستفاد منها ذلك بالسنة شتى جمعنا جملة منها في كتاب الصلاة في الستر و الساتر (1)، فلا وجه للإعادة بالتكرار هنا.

الخامسة: ما ورد من الكتاب (2)، و السنة (3)، في بيان موارد الاستثناء فقط فيعلم منها أصالة الحرمة في النظر مطلقا إلا ما خرج بالدليل الصحيح و النص الصريح.

و يمكن تأييد ما ذكرناه بأمور:

منها: ملازمة النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة الهداة عليهم السّلام و التابعين لهم بالاجتناب عن ذلك نحو اجتنابهم عن سائر المحرمات.

و منها: أن أرباب سائر الأديان السماوية بل و غيرهم يعرفون المسلمين و المسلمات بهذه الخصيصة في الأعصار السابقة و يجعلون ذلك من شعار الإسلام.

و منها: الملازمة العرفية بين جواز النظر إلى الوجه و الكفين و ما يقع من الفتن و الفساد كما نرى ذلك بحيث لا يخفى ذلك على الناس فضلا عن رب العباد.

و منها: صحة التوبة بالنسبة إلى الناظرين و الناظرات إلى الوجه و الكفين فيعلم ذلك ان عده من المعصية كان مرتكزا في الأذهان.

و منها: قصور ما استدل به على الجواز عن الدلالة عليه كما يأتي و إن

ص: 41


1- راجع ج: 5 صفحة: 229.
2- سورة النور: 60.
3- الوسائل باب: 36 و 125 و 129 من أبواب مقدمات النكاح.

.....

______________________________

ناقش العلماء في ذلك فإن شأنهم المناقشات في المسلّمات فضلا عن الأُمور الاجتهادية من الأحكام، و تقدم في كتاب الصلاة في الستر و الساتر ما يتعلق بالمقام فليراجع إليه.

و استدل للجواز تارة بالمرسل عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه و الكفان و القدمان» (1).

و في رواية مسعدة بن زياد قال: «سمعت جعفرا عليه السّلام و قد سئل عما تظهر المرأة من زينتها، قال: الوجه و الكفين». (2).

و عن زرارة عن الصادق عليه السّلام أيضا: «في قول اللّه عز و جل: إلا ما ظهر منها قال: الزينة الظاهرة الكحل و الخاتم» (3)، بدعوى أنه بالملازمة يدل على الوجه و الكفين، و في رواية أبي بصير: «الخاتم و المسكة و هي القلب» ( (4)، إلى غير ذلك مما سيق هذا المساق.

و فيه مضافا إلى قصور اسناد جملة منها صحة أن يكون المراد من مثل هذه الأخبار عدم وجوب التحفظ عليهن لكونه موجبا للضيق و الحرج، و حكم الظهور الاتفاقي لا الإظهار العمدي الاختياري فإنه بعيد عن مذاق الشرع المجد على تحفظهن و الستر عليهن مهما امكنه ذلك بل ذلك بعيد عن مذاق المتشرعين و المتشرعات.

ثمَّ ان إظهار الوجه و الكفين.

تارة: يكون لأجل أن ينظر الأجانب إليهما.

و أُخرى: يكون اتفاقيا.

و ثالثة: يكون لبعض الأعراض الصحيحة غير الملازمة للحرمة، و لا يرضى أحد بأن يقول بالجواز في الأول، و كذا النظر تارة التفاتي و أُخرى اختياري عمدي إجمالي، و ثالثة تفصيلي تعمقي ليميز بين الخصوصيات

ص: 42


1- الوسائل باب: 109 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 5 و 3 و 4.
2- الوسائل باب: 109 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 5 و 3 و 4.
3- الوسائل باب: 109 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 5 و 3 و 4.
4- الوسائل باب: 109 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 5 و 3 و 4.

و قيل بالجواز فيهما مرة و لا يجوز تكرار النظر (104)، و الأحوط المنع مطلقا (105).

مسألة 32: يجوز النظر إلى المحارم

(مسألة 32): يجوز النظر إلى المحارم التي يحرم عليه نكاحهن نسبا أو رضاعا أو مصاهرة (106)

______________________________

و مقتضى المرتكزات استقباح الأخير و استنكاره و في شمول الأدلة على فرض صحة الدلالة منه و كذا الثاني أيضا. فيبقي الأول.

(104) لأن المنساق من أدلة الجواز على فرض تمامية الدلالة انما هو المرة الأولى دون غيرها و يشهد له استنكار المتشرعة للأولى فضلا عن الثانية، و عن الصادق عليه السّلام: «أول نظرة لك و الثانية عليك و لا لك و الثالثة فيها الهلاك» (1)، و مثله ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا تتبع النظرة فليس لك يا علي إلا أول نظرة» (2).

و احتمال أن الثانية تتحقق فيها الريبة مناف لإطلاق الحديث مع انه يتحقق فيها الهلاك حينئذ فلا وجه لجعل الهلاك في الثالثة.

و بالجملة حتى الفساق يستنكرون ذلك من أهل الإيمان و الدين فضلا عن المتشرعات و المتشرعين.

و يمكن أن يجعل التلذذ و الريبة من الحكمة للحرمة الفعلية لا العلة فيحرم النظر مطلقا حينئذ لأجل هذه الحكمة فاحتمال الجواز مشكل و أشكل منه التسرع الى الفتوى بالجواز.

(105) ظهر وجهه مما مر. ثمَّ انه لا يجوز للمرأة الأجنبية النظر إلى بدن الأجنبي حتى وجهه و كفيه، لإطلاق آية الغض (3)، من غير ما يصلح للاستثناء إلا دعوى العسر و الحرج و عهدة إثباته على مدعيه.

(106) كل ذلك إجماعا بل ضرورة من الفقه إن لم يكن من الدين و يدل

ص: 43


1- الوسائل باب: 104 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 8 و 11.
2- الوسائل باب: 104 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 8 و 11.
3- سورة النور: 30.

ما عدا العورة مع عدم تلذذ و ريبة (107)، و كذا نظرهن إليه (108).

مسألة 33: المملوكة كالزوجة بالنسبة إلى السيد

(مسألة 33): المملوكة كالزوجة بالنسبة إلى السيد (109) إذا لم تكن مشركة أو وثنيّة أو مزوّجة أو مكاتبة أو مرتدة (110).

______________________________

عليه ما ورد من النصوص في أبواب غسل الميت (1).

(107) لإجماع المسلمين إن لم تكن ضرورة من دينهم.

(108) للإجماع بل الضرورة و أصالة المساواة بينهما في هذه الجهة إلا ما خرج بالدليل و هو مفقود.

(109) يعني يجوز لكل منهما النظر إلى بدن الآخر بل و مسه بكل عضو منه لكل عضو منها و بالعكس، و يدل عليه إجماع المسلمين فتوى و عملا و نصوصهم المتفرقة في أبواب مختلفة (2).

(110) فيحرم في هذه الموارد كلها نكاح المالك المملوكة لما يأتي في محله، و لكن يجوز له النظر إليها للقاعدة التي ذكرها الفقهاء من أن كل أمة جاز للمالك وطئها ذاتا جاز له النظر إليها سواء حرم عليه نكاحها لعارض أو لا، و في جميع هذه الموارد يجوز النكاح ذاتا و إن لم يجز عرضا فيجوز له النظر إليها.

و أما ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن: «الرجل يزوج مملوكته عبده أ تقوم عليه كما كانت تقوم فتراه منكشفا أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك و قال: قد منعني أن أزوّج بعض خدمي غلامي لذلك» (3)، و قريب منه غيره فلا يستفاد منها عدم جواز النظر.

نعم، لا بأس بالكراهة مسامحة.

ص: 44


1- الوسائل باب: 20 من أبواب غسل الميت.
2- راجع الوسائل باب: 20 من أبواب بيع الحيوان.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب نكاح العبيد الحديث: 1.

مسألة 34: يجوز النظر إلى الزوجة المعتدة بوطء الشبهة و إن حرم وطؤها

(مسألة 34): يجوز النظر إلى الزوجة المعتدة بوطء الشبهة و إن حرم وطؤها، و كذا الأمة كذلك (111) و كذا إلى المطلقة الرجعية ما دامت في العدة (112) و لو لم يقصد الرجوع (113).

مسألة 35: يستثنى من عدم جواز النظر من الأجنبي و الأجنبية مواضع

(مسألة 35): يستثنى من عدم جواز النظر من الأجنبي و الأجنبية مواضع:

منها: مقام المعالجة (114)، و ما يتوقف عليه من معرفة نبض العروق و الكسر و الجرح و الفصد و الحجامة و نحو ذلك إذا لم يمكن بالمماثل (115)، بل يجوز المس و اللمس حينئذ (116).

______________________________

(111) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

و أما حرمة الوطي فللإجماع و إلا فلا معنى لوجوب العدة و أما سائر الاستمتاعات فمقتضى الأصل و الإطلاق الجواز و لا دليل يصلح للمنع.

(112) لما استفادوه من النصوص من أن المطلقة الرجعية زوجة كما سيأتي و المعلوم من إطلاقه جواز النظر.

(113) لظهور الإطلاق مع أنه لو كان بقصد الرجوع لانقلب الموضوع.

(114) للإجماع و قاعدتي نفي الحرج و الضرر، و صحيح الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام: «المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إما كسر و إما جرح في مكان لا يصلح النظر إليه يكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء، أ يصلح له النظر إليها؟ قال عليه السّلام: إذا اضطرت فليعالجها إن شاءت» (1).

(115) لعدم الاضطرار إلى الرجل حينئذ لفرض وجود المماثل و المراد بالإمكان العرفي العادي منه لا الدقي العقلي لعدم ابتناء الشرع عليها.

(116) مع فرض تحقق الاضطرار إليه فيشمله الدليل بلا إشكال.

ص: 45


1- الوسائل باب: 130 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و منها: مقام الضرورة (117) كما إذا توقف الاستنقاذ من الغرق أو الحرق أو نحوهما عليه أو على المس.

و منها: معارضة كل ما هو أهم (118)، في نظر الشارع مراعاته من مراعاة حرمة النظر أو اللمس.

و منها: مقام الشهادة تحملا أو أداء مع دعاء الضرورة (119)، و ليس منها ما عن العلامة من جواز النظر إلى الزانيين لتحمل الشهادة، فالأقوى عدم الجواز (120) و كذا ليس منها النظر إلى الفرج للشهادة على الولادة، أو الثدي للشهادة على الرضاع (121)، و إن لم يمكن إثباتها بالنساء، و إن استجوده الشهيد الثاني.

______________________________

(117) لعين ما مر في سابقة بلا فرق.

(118) للقاعدة المرتكزة في الأذهان من قديم الازمان المبتنية عليها جملة كثيرة من الفروع من تقديم الأهم على المهم عند الدوران و لا بد في تشخيص الأهم و المهم من الرجوع إلى فقهائنا الأنام إن لم يكن من الوضوح بحيث لا يخفى على العوام.

(119) لصيرورته حينئذ من موارد الضرورة فيشمل أدلة نفي الحرج و الضرر و ظهور الإجماع.

(120) للأصل و الإطلاق و عدم إحراز كون الموضوع مما لا بد و أن يعلن بأي وجه أمكن مع بناء الشرع فيه على الإخفاء مع ان العلامة رحمه اللّه رجع عنه في بعض كتبه، و ما ذكره في المسالك في وجه الجواز أشبه بالخطابة من الاستدلال فراجع حتى يتبين لك الحال.

(121) لما مر من الأصل و الإطلاق من غير ما يصلح للجواز فيرجع الحاكم في الخصومة لو كانت في البين إلى القواعد و الأصول أو بنحو آخر مما يصلح شرعا لرفعها.

ص: 46

و منها: القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا (122) بالنسبة إلى ما هو المعتاد له من كشف بعض الشعر و الذراع و نحو ذلك (123) لا مثل الثدي و البطن و نحوهما مما يعتاد سترهن له (124).

و منها: غير المميّز من الصبي و الصبية فإنه يجوز النظر إليهما بل اللمس و لا يجب التستر منهما، بل الظاهر جواز النظر إليهما قبل البلوغ إذا لم يبلغا مبلغا يترتب على النظر منهما أو إليهما ثوران الشهوة (125).

______________________________

(122) للآية المباركة وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)، و النص و الإجماع و السيرة، ففي صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «أنه قرأ يضعن من ثيابهن قال عليه السّلام: الجلباب و الخمار إذا كانت المرأة مسنة»(2)، و مثله غيره.

(123) لأنها المنساق من دليل الجواز و المتيقن من سيرة المتشرعة و إجماع الأصحاب، و ما ورد في الأخبار من الجلباب كصحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: الجلباب» (3)، و قريب منه غيره محمول على الاستحباب.

(124) للأصل و إطلاق أدلة المنع من غير ما يصلح للخلاف.

(125) أما الأول فللإجماع بل الضرورة الفقهية و السيرة القطعية و إطلاق قوله تعالى أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ (4).

و أما اللمس فيمكن أن يستفاد من حكم التغسيل.

ص: 47


1- سورة النور: 60.
2- الوسائل باب: 110 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 1.
3- الوسائل باب: 110 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4 و 1.
4- سورة النور: 31.

مسألة 36: لا بأس بتقبيل الرجل الصبية التي ليست له بمحرم

(مسألة 36): لا بأس بتقبيل الرجل الصبية التي ليست له بمحرم و وضعها في حجره قبل أن يأتي عليها ست سنين (126)، إذا لم يكن عن شهوة (127).

مسألة 37: لا يجوز للمملوك النظر إلى مالكته

(مسألة 37): لا يجوز للمملوك النظر إلى مالكته (128) و لا للخصي

______________________________

و أما عدم وجوب التستر منهما فللأصل و السيرة بعد عدم دليل على الخلاف و كذا ما قبل البلوغ.

و أما استثناء صورة ثوران الشهوة فلعدم جواز ثورانه بغير المأذون شرعا و هذا غير مأذون شرعا و تقتضيه مرتكزات المتشرعة مضافا إلى دعوى الإجماع.

و مقتضى حديث الرفع (1)، و الأصل عدم حرمة النظر عليهما و عدم وجوب الستر عليها و آية الاستيدان لا يدل على ذلك و مفادها ما هو المغروس في الأذهان من أن عند اختلاء الزوجين بأي معنى الخلوة لا بد و أن لا يكون ثالث في البين، و في الصحيح عن الكاظم عليه السّلام: «الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها و بينه محرم؟ قال عليه السّلام: لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة» (2).

(126) للأصل و السيرة و النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام: «إذا بلغت الجارية ست سنين فلا ينبغي لك أن تقبلها» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا: «إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبّلها الغلام. و الغلام لا يقبّل المرأة إذا جاز سبع سنين» (4)، و يستفاد منها أنه يكره بعد ست سنين ما لم تبلغ.

(127) و إلا فلا يجوز لإجماع فقهاء الأعلام و سيرة المتدينين من العوام.

(128) لإطلاق أدلة المنع الشامل لها أيضا.

ص: 48


1- بالوسائل باب: 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 11.
2- الوسائل باب: 126 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 227 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 227 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 4.

النظر إلى مالكته أو غيرها (129) كما لا يجوز للعنّين و المجبوب بلا إشكال (130)،

______________________________

نعم، هناك جملة من الروايات دالة على الجواز كصحيح إسحاق بن عمار:

«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أ ينظر المملوك إلى شعر مولاته؟ قال عليه السّلام: نعم و إلى ساقها» (1)، و في صحيح معاوية بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المملوك يرى شعر مولاته و ساقها، قال: لا بأس» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس أن يرى المملوك الشعر و الساق»(3)، إلى غير ذلك من الأخبار فأسقطها عن الاعتبار لإعراض الأصحاب و عدم مناسبتها لمذاق الأئمة عليهم السّلام بل بمذاق الفقاهة فلا بد من حملها على ما أمكن من المحامل أو ردّها إلى أهلها.

(129) للإطلاق الشامل له أيضا، و أخبار خاصة (4)، و أما قوله تعالى أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ (5)، فقد فسره الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «الأحمق الذي لا يأتي النساء» (6)، و هو غير الخصي لغة و عرفا.

و أما صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن قناع الحرائر من الخصيان؟ فقال: كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن عليه السّلام و لا يتقنعن. قلت فكانوا أحرارا؟ قال عليه السّلام: لا، قلت: فالأحرار يتقنع منهم؟ قال عليه السّلام: لا» (7)، فلابا من حمله أو رده إلى أهله.

(130) للإطلاق و ظهور الاتفاق.

ص: 49


1- الوسائل باب: 124 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 124 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 124 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 125 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
5- سورة النور: 31.
6- الوسائل باب: 111 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
7- الوسائل باب: 125 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.

بل و لا لكبير السن الذي هو شبه القواعد من النساء على الأحوط (131).

مسألة 38: الأعمى كالبصير في حرمة نظر المرأة إليه

(مسألة 38): الأعمى كالبصير في حرمة نظر المرأة إليه (132).

مسألة 39: لا بأس بسماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ و لا ريبة

(مسألة 39): لا بأس بسماع صوت الأجنبية (133) ما لم يكن تلذذ و لا ريبة (134)، من غير فرق بين الأعمى و البصير (135)

______________________________

(131) مقتضى الإطلاق الجزم بالحرمة و وجه الترديد أنه داخل في أولى الإربة حتى يكون مستثنى أولا و لم يقم دليل معتبر على الاستثناء فالأصل بقاء الحكم ما لم يعلم الخلاف مضافا إلى الإطلاق.

(132) للإطلاق و الاتفاق و النص فقد روى الفريقان عن النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله:

«استأذن ابن أم مكتوم على النبي صلّى اللّه عليه و آله و عنده عائشة و حفصة فقال لهما: قوما فادخلا البيت، فقالتا: إنه أعمى، فقال صلّى اللّه عليه و آله: إن لم ير كما فإنكما تريانه» (1).

(133) للسيرة القطعية في الأعصار و الأمصار من الفقهاء الأبرار و المتدينين الأخيار و سؤالهن عن الأئمة الأطهار مع عدم الضرورة و الاضطرار.

و لكن نسب إلى المشهور أن صوتهن عورة لما روى عن النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«النساء عيّ و عورة فاستروا عيّهن بالسكوت و استروا عورتهن بالبيوت» (2)، و قول علي عليه السّلام: «و لا تبدأوا النساء بالسلام» (3).

و النسبة إلى المشهور غير متحققة و على فرضه فلا حجية فيه ما لم يكن إجماعا معتبرا، و النبوي أعم من عورويّة الصوت و العلوي مجمل لا ظهور له في المقام، فمقتضى الأصل و السيرة القطعية متحكم لا محالة.

(134) للإجماع على عدم الجواز حينئذ و المقطوع به من مذاق المتشرعة.

(135) لإطلاق الدليل، و ذكر في الشرائع الأعمى و هو ليس للتقييد و انما هو لبيان أظهر المصاديق.

ص: 50


1- الوسائل باب: 129 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 131 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 131 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و إن كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة (136)، و يحرم عليها إسماع الصوت الذي فيه تهييج للسامع بتحسينه و ترقيقه، قال تعالى فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ

مسألة 40: لا يجوز مصافحة الأجنبية

(مسألة 40): لا يجوز مصافحة الأجنبية (137).

نعم، لا بأس بها من وراء الثوب، كما لا بأس بلمس المحرم (138).

______________________________

(136) خروجا عن مخالفة ما نسب إلى المشهور.

ثمَّ أنه يجوز لها سماع صوت الأجنبي للسيرة من زمان النبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام إلى زماننا فلا إشكال فيه إلا ما نسب إلى اللمعة، و قد استغربه جمع منهم النراقي (رحمة اللّه عليهم أجمعين).

(137) إجماعا و نصوصا منها خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم؟ فقال: لا إلا من وراه الثوب» (1)، و منها موثق سماعة: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مصافحة الرجل المرأة؟ قال: لا يحل للرجل ان يصافح المرأة إلا امرأة يحرم عليه أن يتزوجها: أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو بنت أخت أو نحوها. و أما المرأة التي يحل له أن يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب و لا يغمز كفها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(138) للإجماع و السيرة القطعية، و الأولى أن تكون من وراء الثوب لقول أختا محمد بن أبي عمير سعيدة و منّه، قالتا: «دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقلنا تعود المرأة أخاها؟ قال: نعم، قلنا: تصافحه؟ قال عليه السّلام: من وراء الثوب» (3)، المحمول على مطلق الرجحان إجماعا.

ص: 51


1- الوسائل باب: 115 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 115 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 116 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 41: يكره للرجل ابتداء النساء بالسلام

(مسألة 41): يكره للرجل ابتداء النساء بالسلام، و دعاؤهن إلى الطعام (139) و تتأكد الكراهة في الشابة (140).

مسألة 42: يكره الجلوس في مجلس المرأة إذا قامت عنه إلا بعد برده

(مسألة 42): يكره الجلوس في مجلس المرأة إذا قامت عنه إلا بعد برده (141).

مسألة 43: لا يدخل الولد على أبيه إذا كانت عنده زوجته إلا بعد الاستئذان

(مسألة 43): لا يدخل الولد على أبيه إذا كانت عنده زوجته إلا بعد الاستئذان، و لا بأس بدخول الوالد على ابنه بغير إذنه (142).

______________________________

(139) لقول علي عليه السّلام: «لا تبدأوا النساء بالسلام و لا تدعوهن إلى الطعام» (1)، المحمول على الكراهة جمعا و إجماعا.

(140) لصحيح ربعي عن الصادق عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسلّم على النساء و يرددن عليه و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يسلّم على النساء و كان يكره أن يسلّم على الشابة منهن و يقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها فيدخل عليّ أكثر مما طلبت من الأجر» (2)، المحمول ذيله على تأكد الكراهة فيها.

(141) لما عن الصادق عليه السّلام في خبر السكوني: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إذا جلست المرأة مجلسا فقامت عنه فلا يجلس في مجلسها رجل حتى يبرد» (3)، المحمول على الكراهة إجماعا.

(142) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح أبي أيوب الخزاز: «يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه و لا يستأذن الأب على الابن» (4)، و هو مطلق لا تقييد له بما ذكره في المتن و حيث إن الحكم من الآداب العرفية يكون مراعاته حسنا على

ص: 52


1- الوسائل باب: 131 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 131 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 145 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 119 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 44: يفرق بين الأطفال في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين

(مسألة 44): يفرق بين الأطفال في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين (143)، و في رواية: «إذا بلغوا ست سنين».

مسألة 45: لا يجوز النظر إلى العضو المبان من الأجنبي

(مسألة 45): لا يجوز النظر إلى العضو المبان من الأجنبي مثل اليد و الأنف و اللسان و نحوها (144) لا مثل السن و الظفر و الشعر و نحوها (145).

مسألة 46: يجوز وصل شعر الغير بشعرها

(مسألة 46): يجوز وصل شعر الغير بشعرها، و يجوز لزوجها النظر إليه على كراهة (146)،

______________________________

كل حال، مع أن إطلاق دخول الأب على ابنه بغير الإذن حتى في الأوقات غير المناسبة خلاف الأدب أيضا.

(143) لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في صحيح عبد اللّه بن ميمون: «الصبي و الصبي، و الصبي و الصبية، و الصبية و الصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين» (1)، و روى في الفقيه (2): «يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين» المحمول على الندب في كل منهما إجماعا.

(144) للأصل بعد وحدة الموضوع عرفا، مضافا إلى إطلاق الدليل الشامل لحالتي الاتصال و الانفصال كذلك.

(145) لعدم كونها من الأجزاء الحقيقية لجسم الإنسان لعدم حلول الروح الحيواني فيها و الشك في ذلك يجزي في عدم جريان الأصل و عدم صحة التمسك بالإطلاق من هذه الجهة و لكن الأولى الترك.

(146) أما أصل جواز وصل الشعر فللأصل و السيرة، و ما عن الصادق عليه السّلام في خبر ثابت بن سعيد: «النساء تجعل في رؤوسهن القرامل؟

ص: 53


1- الوسائل باب: 128 من أبواب مقدمات النكاح.
2- الوسائل باب: 128 من أبواب مقدمات النكاح.

بل الأحوط الترك (147).

مسألة 47: لا تلازم بين جواز النظر و جواز المس

(مسألة 47): لا تلازم بين جواز النظر و جواز المس (148) فلو قلنا بجواز النظر إلى الوجه و الكفين من الأجنبية لا يجوز مسها إلا من وراء الثوب.

مسألة 48: إذا توقّف العلاج على النظر دون اللمس

(مسألة 48): إذا توقّف العلاج على النظر دون اللمس أو اللمس دون النظر يجب الاقتصار على ما اضطر إليه (149)، فلا يجوز الآخر بجوازه.

______________________________

قال عليه السّلام: يصلح الصوف و ما كان من شعر امرأة لنفسها، و كره للمرأة أن تجعل القرامل من شعر غيرها فإن وصلت شعرها بصوف أو شعر نفسها فلا يضرها» (1)، و مثله غيره.

و أما كراهة النظر لزوجها فلإمكان استفادتها من قوله عليه السّلام: «و كره للمرأة ..

إلخ» بدعوى شمولها لنفسها و لنظر زوجها أيضا و لا بأس به بناء على المسامحة.

(147) لاحتمال أن يكون من النظر إلى شعر الأجنبية و لكن الاحتمال ضعيف لأن المتفاهم العرفي من شعر الأجنبية ما كان نابتا على جسمها لا ما إذا كان خارجا عنه و كان كقلنسوة موضوعة على الرأس، و الشك فيه يكفي في عدم صحة التمسك بالاستصحاب و الإطلاق و تقدم في أجزاء ما لا يؤكل لحمه بعض الكلام.

(148) للأصل و ظهور الإجماع.

(149) لما ارتكز في الأذهان من أن الضرورات تتقدر بقدرها و أصالة الحرمة في غير مورد الضرورة فقط.

ص: 54


1- الوسائل باب: 101 من أبواب مقدمات النكاح.

مسألة 49: يكره اختلاط النساء بالرجال إلا للعجائز

(مسألة 49): يكره اختلاط النساء بالرجال إلا للعجائز، و لهن حضور الجمعة و الجماعات (150).

مسألة 50: إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بين مَن لا يجوز بالشبهة المحصورة وجب الاجتناب عن الجميع

(مسألة 50): إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بين مَن لا يجوز بالشبهة المحصورة وجب الاجتناب عن الجميع، و كذا بالنسبة إلى مَن يجب التستر عنه و مَن لا يجب (151)، و إن كانت الشبهة غير محصورة أو بدوية فإن شك في كونه مماثلا أو لا، أو شك في كونه من المحارم النسبية أو لا فالظاهر وجوب الاجتناب، لأن الظاهر من آية وجوب الغض، أن جواز النظر مشروط بأمر وجودي و هو كونه مماثلا (152)،

______________________________

(150) أما كراهة اختلاط النساء مطلقا مع الرجال فيدل عليها الوجدان و الإجماع و النصوص منها قول علي عليه السّلام في رواية غياث بن إبراهيم: «يا أهل العراق نبّئت أن نساءكم يدافعن الرجال في الطريق أما تستحيون؟،» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «أما تستحيون و لا تغارون على نساءكم يخرجن إلى الأسواق و يزاحمن العلوج؟!» (2).

و أما الخروج إلى الجمعة و الجماعات فلجملة من الأخبار منها رواية يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خروج النساء في العيدين و الجمعة، فقال عليه السّلام: لا إلا امرأة مسنة» (3)، و قريب منه غيره.

(151) لما أثبتناه في الأصول من وجوب الاحتياط عقلا في أطراف الشبهة المحصورة الواجدة لشرائط تنجز العلم فتشمل تلك القاعدة كلا من الفرعين في المقام كشمولها لجميع موارد العلم الإجمالي المنجز.

(152) خلاصة ما ينبغي أن يستدل به في نظائر المقام مما اهتم به الشرع من

ص: 55


1- الوسائل باب: 132 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 132 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 136 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

أو من المحارم، فمع الشك يعمل بمقتضى العموم (153) لا من باب التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية (154) بل لاستفادة شرطية الجواز بالمماثلة (155) أو المحرمية أو نحو ذلك، فليس التخصيص في المقام من قبيل التنويع (156) حتى يكون من موارد أصل البراءة، بل من قبيل

______________________________

الأنفس، و الأعراض و أموال الناس كالمقام انه لا وجه لجريان أصالة الإباحة و الحلية فيها، بل المرجع فيها مطلقا أصالة الحرمة إلا بوجود دليل على الترخيص و لو كان هو الأصل الموضوعي، ففي جميع موارد الشبهات البدوية أو غير المحصورة فمع وجود الاطمئنان المتعارف على الترخيص من أي سبب حصل أو الأصل الموضوعي عليه جاز الارتكاب، و في غيرهما لا يجوز رعاية لكثرة اهتمام الشرع بها.

و بعبارة أُخرى الأعراض و الأموال و النفوس كاللحوم التي أسّسوا فيها أصالة عدم التذكية إلا ما خرج بالدليل، و ما ذكرناه من المداليل السياقية و ليست من المداليل اللفظية حتى يمكن المناقشة فيها.

(153) إن أراد بذلك ما قلناه سلم عن الخدشة، و إن كانت العبارة قاصرة.

(154) بل لأجل إحراز مراد الشارع من كثرة اهتمامه بالموضوع على ما قلناه مع أنه يظهر منه رحمه اللّه صحة التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية من بعض كلماته كما لا يخفى.

(155) هذا تبعيد للمسافة بل من باب كثرة أهمية الموضوع التي لا يرضى الشارع بالاقتحام فيه إلا بوجه معتبر.

(156) لا تخصيص و لا تنويع بل أصل الموضوع نحو موضوع محدود بعدم الاقتحام فيه إلا بدليل واضح و نجم لائح.

ص: 56

المقتضي و المانع (157).

و إذا شك في كونها زوجة أو لا فيجري- مضافا إلى ما ذكر من رجوعه إلى الشك في الشرط- أصالة عدم حدوث الزوجية، و كذا لو شك في المحرمية من باب الرضاع (158).

نعم، لو شك في كون المنظور إليه أو الناظر حيوانا أو إنسانا فالظاهر عدم وجوب الاحتياط لانصراف عموم وجوب الغض إلى خصوص الإنسان (159)، و إن كان الشك في كونه بالغا أو صبيا أو طفلا مميّزا أو غير مميّز ففي وجوب الاحتياط وجهان من العموم على الوجه الذي ذكرنا و من إمكان دعوى الانصراف (160)،

______________________________

(157) إن كان مراده بما ذكرناه و إلا فليس إلا من تطويل العبارة مع أن إطلاق اعتبار قاعدة المقتضي و المانع تخلّ النظام عند محققي الاعلام.

(158) كل مورد تجري فيه الأصول الموضوعية المعتبرة تترتب عليها آثارها لا محالة لفرض اعتبارها عند الكل، و قد أطال بعض رحمهم اللّه بما يكون قابلا للخدشة و لباب القول أن من الموضوعات لدى الشارع و في مذاق الشرع بل المتشرعة ما له أهمية كثيرة في حد ذاته، و من لوازمه التثبت التام في موارد شبهاته مطلقا و لا يحصل التثبت التام إلا بترك المشتبه و اختيار لا شبهة فيه، و يمكن أن يكون وجه الاحتياط في الشبهات غير المحصورة و الشبهات البدوية فيها التمسك بالعام في الشبهات الموضوعية، لأنه و إن لم يجز كما حرر في الأصول لكنه إذا أحرز أهمية الموضوع يكون هذا كقرينة محفوفة بالكلام توجب صحة التمسك بالعام.

(159) بل الظهور العرفي في ذلك كما لا يخفي على الناظر في الأدلة ورد بعضها إلى بعض، و لكن مع ذلك لا يوجب سقوط الاحتياط لبقاء التردد و بقاء

ص: 57

و الأظهر الأول.

مسألة 51: يجب على النساء التستر

(مسألة 51): يجب على النساء التستر (161)، كما يحرم على الرجال النظر، و لا يجب على الرجال التستر (162) و إن كان يحرم على النساء النظر (163).

نعم، حال الرجال بالنسبة إلى العورة حال النساء (164)، و يجب عليهم التستر مع العلم بتعمد النساء (165) في النظر من باب حرمة الإعانة على الإثم.

مسألة 52: هل المحرّم من النظر ما يكون على وجه يتمكن من التمييز بين الرجل و المرأة

(مسألة 52): هل المحرّم من النظر ما يكون على وجه يتمكن من التمييز بين الرجل و المرأة و أنه العضو الفلاني أو غيره أو مطلقه؟ فلو رأى

______________________________

كثرة اهتمام الشارع بحاله كما في الشبهة البدوية.

(160) لا اثر لدعوى الانصراف غاية الأمر تصير الشبهة بدوية و فيها أيضا لا بد من الاحتياط على ما قلناه.

(161) لما مر من قوله تعالى وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ .. (1)،

و من السنة و الإجماع كما تقدم.

(162) أما الأول فللأدلة الثلاثة فمن الكتاب قوله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ (2)، و من السنة و الإجماع كما مر أيضا، و أما الثاني فللأصل و السيرة و عدم دليل عليه.

(163) كما تقدم فلا وجه للتكرار بالإعادة.

(164) للضرورة الدينية و تقدم بعض ما يتعلق بذلك في كتاب الصلاة (فصل الستر و الساتر) و في كتاب الطهارة (أحكام الخلوة).

(165) يكفي المعرضية العرفية لذلك و إن لم يكن معلوما فعلا له.

ص: 58


1- سورة النور: 30- 31.
2- سورة النور: 30- 31.

الأجنبية من بعيد بحيث لا يمكنه تمييزها و تمييز أعضائها، أو لا يمكنه تمييز كونها رجلا أو امرأة، بل أو لا يمكنه تمييز كونها إنسانا أو حيوانا أو جمادا هل هو حرام أو لا؟ وجهان الأحوط الحرمة (166).

______________________________

(166) وجه الحرمة الإطلاق و الأصل الذي ذكرناه، و وجه الجواز دعوى الانصراف و الثاني بعيد فالأول متعين، و تقدم في مبحث التخلي من الماتن ما ينافي المقام فراجع.

ص: 59

فصل فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة و فيه مسائل

اشارة

فصل فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة و فيه مسائل:

مسألة 1: الأقوى- وفاقا للمشهور- جواز وطء الزوجة و المملوكة دبرا على كراهة

(مسألة 1): الأقوى- وفاقا للمشهور- جواز وطء الزوجة و المملوكة دبرا على كراهة (1)

______________________________

(1) أما أصل الجواز فالبحث فيه.

تارة: بحسب الأصل الأولي أي البراءة العقلية و النقلية في الشبهات التحريمية الكلية.

و أُخرى: بحسب العمومات الأولية.

و ثالثة: بحسب أخبار المقام.

و رابعة: بحسب كلمات فقهائنا العظام.

أما الأول: فقد أثبتوا في الأصول بما لا مزيد عليه أن مقتضى الأصل- العقلي و النقلي في الشبهات الكلية التحريمية- الحلية، فلو شك في أن الاستمتاع بدبر الزوجة و المملوكة محرم أو لا؟ فالمرجع البراءة.

و أما الثاني: فمقتضى العمومات الأولية من الكتاب (1)، و السنة كما سيأتي الدالة على جواز الاستمتاع بالزوجة و المملوكة ذلك أيضا.

و أما الثالث: فنصوص كثيرة منها ما عن الصادق عليه السّلام في رواية عبد اللّه ابن أبي يعفور قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟

ص: 60


1- سورة البقرة: 223.

.....

______________________________

قال عليه السّلام: لا بأس إذا رضيت. قلت: فأين قول اللّه عز و جل فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ قال عليه السّلام: هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم اللّه إن اللّه عز و جل يقول نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ» (1).

و منها رواية علي بن الحكم قال: «سمعت صفوان يقول: قلت للرضا عليه السّلام إن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة فهابك و أستحيي منك أن يسألك عنها، قال عليه السّلام: ما هي؟ قال: الرجل يأتي امرأته في دبرها، قال:

نعم ذلك له، قلت: و أنت تفعل ذلك. قال عليه السّلام: إنا لا نفعل ذلك» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما الأخير: فعن جمع منهم الشيخ و الحلي في السرائر الإجماع على الجواز هذا في أصل الجواز، و يشكل الاعتماد عليه لذهاب جمع من الفقهاء إلى الحرمة، مع احتمال أن يكون مدرك الإجماع الأخبار الموجودة لدينا.

و أما الكراهة فلأنها مقتضى الجمع بين ما مر من الأدلة و بين قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في رواية سدير: «محاش النساء على أمتي حرام» (3)، و قول الرضا عليه السّلام لابن خلاد: «أي شي ء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن؟ قلت:

إنه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأسا، فقال: إن اليهود كانت تقول إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول، فأنزل اللّه عز و جل نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ. من خلف أو قدّام خلافا لليهود و لم يعن في أدبارهن» (4)، فإن الجمع الشائع في الفقه من أوله إلى آخره، في مثل هذه الأخبار هو الحمل على الكراهة كما هو المتعارف بين الفقهاء.

و أما الاستدلال بقوله تعالى نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ (5)، فذكر الحرث و تكراره في الآية الشريفة قرينة على أن المراد مورد الحرث و هو القبل فلا يستفاد منها حكم الدبر.

ص: 61


1- الوسائل باب: 73 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 73 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 72 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 72 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
5- سورة البقرة: 223.

شديدة (2)، بل الأحوط تركه خصوصا مع عدم رضاها بذلك (3).

مسألة 2: قد مر في باب الحيض الإشكال في وطء الحائض دبرا

(مسألة 2): قد مر في باب الحيض (4) الإشكال في وطء الحائض دبرا و إن قلنا بجوازه في غير حال الحيض.

مسألة 3: ذكر بعض الفقهاء ممن قال بالجواز: أنه يتحقق النشوز بعدم تمكين الزوجة من وطيها دبرا

(مسألة 3): ذكر بعض الفقهاء ممن قال بالجواز: أنه يتحقق النشوز بعدم تمكين الزوجة من وطيها دبرا و هو مشكل، لعدم الدليل على وجوب تمكينها في كل ما هو جائز من أنواع الاستمتاعات حتى يكون تركه نشوزا (5).

______________________________

و أما شدة الكراهة فلظاهر قوله عليه السّلام فيما مر: «إنا لا نفعل ذلك» فان الظاهر منه أنهم عليهم السّلام يتنزهون عنه و يستنكرونه، و في نفس المتدينين و المتدينات من ارتكابه شي ء أيضا فيرون فيه نحو منقصة و حزازة.

(2) ظهر مما مر وجه الكراهة كما ظهر وجه شدتها فراجع و تأمل.

(3) أما الاحتياط في الترك فللخروج عن مخالفة جمع من الفقهاء الذين ذهبوا إلى الحرمة و لمواظبة أئمة الهداة على الترك.

و أما شدة الاحتياط في صورة عدم رضاها فلمفهوم ما مر من قول الصادق عليه السّلام في رواية عبد اللّه بن أبي يعفور المتقدمة.

و عن صاحب الجواهر «استأهلت لفظ الكراهة الحرمة».

(4) تقدم ما يتعلق بالمسألة فلا وجه للإعادة.

(5) الاستمتاعات المستفادة منها على أقسام:

الأول: ما إذا كان الاستمتاع برغبتها فيه من دون ترتب إيذاء شرعي عليه من إدماء عضو أو تغير لون البشرة أو نحو ذلك و لا ريب في صحته و جوازه و رجحانه بل قد يكون واجبا.

الثاني: ما إذا كان بإدماء جائز كالوطي الموجب لإزالة البكارة و هو كالأول للإطلاقات و العمومات و سيرة فقهاء المسلمين- بل جميع المسلمين-

ص: 62

مسألة 4: الوطء في دبر المرأة كالوطء في قبلها

(مسألة 4): الوطء في دبر المرأة كالوطء في قبلها (6) في وجوب

______________________________

فتوى و عملا.

الثالث: ما يوجب الأرش كبعض أقسام العضة مثلا.

الرابع: ما يكون عيبا و عارا عند أهلها كالوطي في الدبر عند بعض، و في شمول أدلة وجوب إطاعتها للزوج في القسمين الأخيرين تأمل لصيرورتهما خلاف المتعارف و الأدلة منزلة عليه فلا يتحقق النشوز بترك الإطاعة، و لكن الأحوط المراضاة مهما أمكن، و بالجملة إطلاق قوله تعالى وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (1)، و عموم أدلة الآداب و المجاملات يشملها، و في كيفية معاشرة نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و أوصيائه الهداة و أتباعهم المقتدون بهم تعليم لغيرهم و في قولهم عليهم السّلام: «المرأة ريحانة» (2)، أو «لعبة» (3)، إشارة إلى العناية بها و الرفق معها.

هذا مع جواز أصل الاستمتاع.

و أما مع حرمته شرعا زمانا أو مكانا أو حالة في المرأة فلا نشوز مع الامتناع.

ثمَّ إنه مع الشك في تحقق النشوز فمقتضى الأصل عدم تحققه إن كانت مسبوقة بالتمكين.

(6) للأصل الذي أسّسوه في موارد كثيرة من الفقه من أصالة المساواة بينهما في الحكم إلا ما خرج بالدليل، و لعل أظهر الأدلة في هذا الأصل قول أبي عبد اللّه عليه السّلام إن الدبر: «أحد المأتيين» (4)، حيث أردف عليه السّلام الفرجين في رديف واحد، و يأتي في محالها موارد الاستثناء إن شاء اللّه تعالى فلا وجه لذكرها هنا.

ص: 63


1- سورة النساء: 19.
2- الوسائل باب: 87 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 86 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب الجنابة: 1.

الغسل، و العدة، و استقرار المهر، و بطلان الصوم، و ثبوت حد الزنا إذا كانت أجنبية، و ثبوت مهر المثل إذا وطأها شبهة، و كون المناط فيه دخول الحشفة أو مقدارها، و في حرمة البنت و الأم (7) و غير ذلك من أحكام المصاهرة المعلّقة على الدخول.

نعم، في كفايته في حصول تحليل المطلقة ثلاثا إشكال (8) كما أن في كفاية الوطء في القبل فيه بدون الإنزال أيضا كذلك، لما ورد في الأخبار من اعتبار ذوق عسيلته و عسيلتها فيه، و كذا في كفايته في الوطء الواجب في أربعة أشهر، و كذا في كفاية في حصول الفئة و الرجوع في الإيلاء أيضا.

مسألة 5: إذا حلف على ترك وطء امرأته في زمان أو مكان يتحقق الحنث بوطئها دبرا

(مسألة 5): إذا حلف على ترك وطء امرأته في زمان أو مكان يتحقق الحنث بوطئها دبرا (9) إلا أن يكون هناك انصراف إلى الوطء في القبل من حيث كون غرضه عدم انعقاد النطفة.

مسألة 6: يجوز العزل

(مسألة 6): يجوز العزل بمعنى: إخراج الآلة عند الإنزال و إفراغ المني خارج الفرج- في الأمة و إن كانت منكوحة بعقد الدوام (10)،

______________________________

(7) ذكر الام من سهو القلم لأن حرمة بنت الزوجة مشروطة بالدخول بأمها دون العكس.

(8) سيأتي الكلام في كتاب الطلاق و لا وجه للتكرار هنا.

(9) لما تقدم من أصالة المساواة بين الفرجين إلا ما خرج بالدليل.

(10) لإطلاق الإجماع و النصوص منها صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «انه سئل عن العزل، فقال: أما الأمة فلا بأس» (1)، و لا ريب في الشمول للمنكوحة و غيرها.

ص: 64


1- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و الحرة المتمتّع بها (11) مع إذنها و إن كانت دائمة (12)، و مع اشتراط ذلك عليها في العقد. و في الدبر (13) و في حال الاضطرار (14) من ضرر أو نحوه (15) و في جوازه في الحرة المنكوحة بعقد الدوام في غير ما ذكر قولان، الأقوى ما هو المشهور من الجواز مع الكراهة (16)، بل يمكن أن

______________________________

(11) للإجماع، و يمكن أن يستدل بفحوى ما دل على عدم النفقة و القسم و الميراث لها مع أن الغالب فيها التمتّع دون طلب الولد.

(12) للإجماع، و لأن الحق لهما مضافا إلى قول أحدهما في صحيح ابن مسلم المتقدم: «فأما الحرة فإني أكره ذلك إلا أن يشترط عليها حين تزويجها» (1)، و في صحيحة الآخر عن أبي جعفر عليه السّلام: «إلا أن ترضى أو يشترط ذلك عليها» (2)، و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «إنه نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(13) لأن حكم العزل إنما هو في محل طلب الولد و الدبر بمعزل عنه مضافا إلى الإجماع.

(14) لأنه «ما من شي ء حرّمه اللّه تعالى إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه» (4)، و قد ارتكز في النفوس أن الضرورات تبيح المخطورات مضافا إلى الإجماع.

(15) لأنه لو تحقق ضرر بالعزل يحرم حينئذ سواء كان بالنسبة إلى الزوج أو الزوجة، و يمكن انقسام أحكام العزل بالأحكام الخمسة التكليفية.

(16) جمعا بين الأدلة فيدل على الجواز نصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «سألته عن العزل؟ فقال: ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء» (5)، و عنه عليه السّلام في الصحيح: «كان علي بن الحسين عليهما السّلام لا يرى

ص: 65


1- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
3- مستدرك الوسائل باب: 56 من أبواب مقدمات النكاح.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب القيام: 6 و 7.
5- الوسائل باب: 75 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

يقال: بعدمها أو أخفيتها في العجوزة، و العقيمة و السليطة، و البذية، و التي لا ترضع ولدها (17)،

______________________________

بالعزل بأسا.

يقرأ هذه الآية وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فكل شي ء أخذ اللّه منه الميثاق فهو خارج و إن كان على صخرة صماء» (1)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «لا بأس بالعزل عن المرأة الحرة إن أحب صاحبها و إن كرهت، و ليس لها من الأمر شي ء» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار الناصة في الجواز.

و استدل على الحرمة. تارة: بالإجماع.

و أخرى: بالنبويين: «نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها» (3)، و انه «الوأد الخفي» (4)، و بقول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «أما الحرة فإني أكره ذلك» (5)، و بمفهوم بعض الروايات (6).

و ثالثة: بأنه تضييع للنسل.

و الكل مخدوش: اما الإجماع فلا وجه لادعائه مع هذا الخلاف، و أما النبويان فمحمولان على الكراهة على فرض اعتبار سندهما جمعا بينهما و بين ما مر من الأخبار.

و أما الصحيح فظهوره في الكراهة مما لا يخفى، و المفهوم محمول على الكراهة جمعا، و الثالث يصلح للعزل الكلي لا ما يقع في الجملة و لو لأجل غرض صحيح غير منهي عنه شرعا.

(17) لقول أبي الحسن عليه السّلام في خبر الجعفي: «لا بأس بالعزل في ستة وجوه: المرأة التي تيقّنت أنها لا تلد، و المسنة، و المرأة السليطة، و البذية، و المرأة

ص: 66


1- الوسائل باب: 75 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3 و 4.
2- الوسائل باب: 75 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3 و 4.
3- مستدرك الوسائل باب: 56 من أبواب مقدمات النكاح.
4- سنن البيهقي ج: 7 باب من كره العزل صفحة: 231.
5- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 4.
6- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 4.

و الأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه و إن قلنا بالحرمة (18) و قيل بوجوبها عليه للزوجة (19)- و هي عشرة دنانير- للخبر الوارد (20) فيمن أفزع رجلا عن عرسه فعزل عنها الماء من وجوب نصف خمس المائة- عشرة دنانير- عليه، لكنه في غير ما نحن فيه، و لا وجه للقياس عليه، مع أنه مع الفارق.

و أما عزل المرأة بمعنى: منعها من الإنزال في فرجها فالظاهر حرمته بدون رضا الزوج، فإنه مناف للتمكين الواجب عليها، بل يمكن وجوب دية النطفة عليها (21) هذا و لا فرق في جواز العزل بين الجماع الواجب

______________________________

التي لا ترضع ولدها و الأمة» (1)، و يحمل على عدم الكراهة أو نفيها، لبناء الكراهة على المسامحة، و يمكن القول بعدمها أو نفيها في كل مورد فيه غرض صحيح عقلائي شرعي لعدم استفادة الموضوعية من هذه الموارد بعد بناء الكراهة على التسامح.

(18) لما مر من النصوص الظاهرة في عدم الوجوب و يقتضيه الأصل بعد عدم الدليل و عليه جمع منهم المحقق و الشهيد الثانيين.

(19) نسب إلى جمع منهم العلامة في القواعد.

(20) نقله في الكافي عن كتاب طريف و يأتي التفصيل في محله إن شاء اللّه تعالى.

أما القياس فمعلوم، و أما كونه مع الفارق فلأن الحديث ورد في الأجنبي و المفروض في المقام أن العزل من صاحب النطفة و والدها فكيف يقاس أحدهما بالآخر.

(21) إن كان مدرك وجوب الدية ما مر من الحديث فهو قياس و مع الفارق و طريق الاحتياط التراضي.

ص: 67


1- الوسائل باب: 76 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1 و 4.

و غيره حتى فيما يجب في كل أربعة أشهر (22).

مسألة 7: لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر

(مسألة 7): لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر (23) من غير فرق بين الدائمة و المتمتع بها، و لا الشابة و الشائبة على الأظهر (24) و الأمة و الحرة، لإطلاق الخبر، كما أن مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر و المسافر (25) في غير سفر الواجب (26).

______________________________

(22) لظهور الإطلاق الشامل للكل.

(23) إجماعا و نصا ففي خبر صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام:

«أنه سأله عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها الأشهر و السنة لا يقربها ليس يريد الإضرار بها يكون لهم مصيبة، يكون في ذلك آثما؟ قال عليه السّلام:

إذا تركها أربعة أشهر كان آثما بعد ذلك» (1).

(24) لإطلاق النص و الفتوى في جميع ذلك.

و ذكر الشابة في النص إنما هو في مورد السؤال و هو لا يكون مقيدا لإطلاق قول الإمام عليه السّلام و ربّ شائبة أقل صبرا من الشابة و لا يعرف الطبائع إلا اللّه تعالى.

و لا إشكال في التمسك بالإطلاق إلا دعوى الانصراف إلى الحرة و الدائمة و جوابه معلوم و هو أن الانصراف بدوي.

(25) لشمول الإطلاق لهما.

و توهم أن ظاهر قوله: «عند المرأة» هو الحضور ممنوع.

أولا: بأنه في كل كلام السائل.

و ثانيا: يمكن أن يكون المراد كونه ذات زوجة كما يقال عنده مال و دار مقام و لا يستلزم هذا الإطلاق الحضور.

(26) فإنه معذور فيه و إن طال إلى أزيد من أربعة أشهر و عليه ينبغي أن

ص: 68


1- الوسائل باب: 71 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

و في كفاية الوطء في الدبر إشكال (27) كما مر و كذا في الإدخال بدون الإنزال لانصراف الخبر إلى الوطء المتعارف (28) و هو مع الإنزال، و الظاهر عدم توقف الوجوب على مطالبتها ذلك (29) و يجوز تركه مع رضاها، أو اشتراط ذلك حين العقد عليها (30) و مع عدم التمكن منه لعدم انتشار العضو، و مع خوف الضرر عليه، أو عليها، و مع غيبتها باختيارها، و مع

______________________________

يستثنى كل عذر كحبس و نحوه.

(27) لأصالة عدم أداء الحق بعد عدم صحة التمسك بالإطلاق لعدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة، بل المنساق منه انما هو أداء حقها و حقها لا يحصل إلا بالوطئ في القبل.

(28) لو لم يكن الانصراف بدويا و لكنه ليس كذلك بل يصح دعوى الظهور لا الانصراف لأن المتفاهم العرفي انما هو أداء الحق و الوظيفة المتعارفة قال اللّه تعالى وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ(1).

(29) لإطلاق الأدلة و استقباح المطالبة عند أهل العفة و الأصل في الحقوق مطلقا الفورية و المبادرة إلى الأداء ما لم يدل دليل معتبر على جواز التأخير.

و توهم أن أداء الحق يتوقف على مطالبة من له الحق لم يدل عليه دليل من عقل أو نقل.

(30) أما جواز الترك برضاها فالعمدة فيه ظهور إجماعهم و استدل عليه أيضا بأنه حقها، فلها تركها رأسا أو تأخيرها إلى وقت آخر فيجوز لها الرضاء بالترك أو التأخير.

و أما الاشتراط في ضمن العقد فإن كان من الحق القابل للإسقاط و النقل و الانتقال بالعوض و لم يكن منافيا لمقتضى العقد فيصح بلا إشكال، و إلا ففيه

ص: 69


1- سورة البقرة: 228.

نشوزها (31) و لا يجب أزيد من الإدخال و الإنزال، فلا بأس بترك سائر المقدمات من الاستمتاعات (32) و لا يجري الحكم في المملوكة غير المزوجة فيجوز ترك وطئها مطلقا (33).

مسألة 8: إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها و شبقها لا تقدر على الصبر

(مسألة 8): إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها و شبقها لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر بحيث تقع في المعصية إذا لم يواقعها فالأحوط المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة الأشهر، أو طلاقها و تخلية سبيلها (34).

______________________________

إشكال لو لم يكن إجماع و ظاهرهم كونه كالرضاء من هذه الجهة.

(31) أما الأول: فلاشتراط كل تكليف بالتمكن و المفروض عدم التمكن منه.

و أما الثاني: فلقاعدة نفي الضرر و الحرج.

و أما الثالث: فلفرض أنها اعدمت موضوعه باختيارها السفر فرضيت بتركه.

و أما الأخير: فلتسالمهم على أن نشوزها يوجب سقوط جميع حقوقها كما يأتي إن شاء اللّه المتعال.

(32) للأصل، و ظاهر ما تقدم من النص و ظهور الاتفاق.

(33) للأصل و ظهور الاتفاق بعد الشك في دخولها فيما تقدم من النص.

(34) من أصالة عدم الوجوب و من أنها عرض الزوج و مقتضى الغيرة التحفظ على العرض مهما أمكن ذلك لكونه بعد النفس، و عن الصادق عليه السّلام:

«من جمع من النساء ما لا ينكح فزنى منهن شي ء فالإثم عليه» (1).

ص: 70


1- الوسائل باب: 71 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.

مسألة 9: إذا ترك مواقعتها عند تمام الأربعة الأشهر

(مسألة 9): إذا ترك مواقعتها عند تمام الأربعة الأشهر لمانع من حيض أو نحوه أو عصيانا لا يجب عليه القضاء (35).

نعم، الأحوط إرضاؤها بوجه من الوجوه لأن الظاهر أن ذلك حق لها عليه (36) و قد فوّته عليها.

ثمَّ اللازم عدم التأخير من وطء إلى وطء أزيد من الأربعة فمبدأ اعتبار الأربعة اللاحقة إنما هو الوطء المتقدم (37) لا حين انقضاء الأربعة المتقدمة.

______________________________

(35) لعدم الموضوع للقضاء في المقام رأسا لأن موضوعه الموقّت و لا توقيت هنا في البين أصلا و انما يحرم ترك الوطي في هذه المدة و مع الترك ينتفي الموضوع رأسا.

نعم، يمكن أن يقال إن وجوب وطئها و حرمة تركه ناش عن ثبوت حق لها عليه و هو باق لا يسقط الا برضاها، و هذا هو المدار في جميع الحقوق على مراتبها شرعية كانت أو مجاملية و هو موافق لمرتكزات المتشرعة، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «ان أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة و يقضى له عليه»(1).

(36) أرسلوا ذلك إرسال المسلمات و تشهد له المرتكزات.

(37) لأنه المنساق من الأدلة و كلمات الأجلة.

ص: 71


1- الوسائل باب: 122 من أبواب أحكام العشرة: 24.

فصل

اشارة

فصل

مسألة 1: لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين

(مسألة 1): لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين (1) حرة كانت أو أمة، دواما كان النكاح أو متعة (2) بل لا يجوز وطء المملوكة و المحلّلة كذلك (3) و أما الاستمتاع بما عدا الوطء من النظر، و اللمس

______________________________

(1) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «إذا تزوج الرجل الجارية و هي صغيرة، فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين» (1)، و قريب منه غيره، و ما ذكر فيه عشر سنين كقول على عليه السّلام في خبر غياث ابن إبراهيم: «لا توطأ جارية لأقل من عشر سنين، فإن فعل فعيبت فقد ضمن» (2)، محمول أو مطروح.

(2) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(3) لإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر زرارة: «لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين» (3)، و ذيل الحديث محمول على الندب جمعا و إجماعا، و ما في صحيح ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام: «في الجارية التي لم تطمث و لم تبلغ الحبل إذا اشتراها الرجل؟ قال عليه السّلام: ليس عليها عدة يقع عليها» (4)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل ابتاع جارية و لم تطمث، قال عليه السّلام: إن كانت صغيرة لا يتخوف عليها الحبل فليس عليها عدة، و ليطأها إن شاء، و إن كانت قد بلغت و لم تطمث فإن عليها العدة» (5)، فمطروح أو مؤول للإجماع على الخلاف كما عرفت.

ص: 72


1- الوسائل باب: 45 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

بشهوة و الضم، و التفخيذ، فجائز في الجميع و لو في الرضيعة (4).

مسألة 2: إذا تزوج صغيرة دواما أو متعة و دخل بها قبل إكمال تسع سنين فأفضاها

(مسألة 2): إذا تزوج صغيرة دواما أو متعة و دخل بها قبل إكمال تسع سنين فأفضاها حرمت عليه أبدا، على المشهور (5)،

______________________________

(4) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

ثمَّ أن الوطي المحرّم هل يختص بخصوص الوطي في القبل فقط أو يعم الدبر أيضا ظاهر إطلاقهم هو الأول و لكنه مشكل و لم أر عاجلا تفصيلا في كلماتهم.

(5) و يظهر عن جمع الإجماع عليه و هذا من إحدى موارد التحريم و قد انهوها إلى إحدى و عشرين: النسب، و الرضاع، و المصاهرة، و النظر، و اللمس، و الزنا بها، و الزنا بغيرها، و الإيقاب، و الإفضاء، و الكفر، و الرق، و عدم الكفاية، و تبعيض السبب، و استيفاء العدد، و الإحصان، و اللعان، و قذف الصماء و الخرساء، و الطلاق، و الاعتداد، و الإحرام، و التعظيم كازواج النبي صلّى اللّه عليه و آله.

و الإحصان يعني ذات بعل، و الزنا بذات البعل و المعتدة، و الزنا بغيرها كما في الزنا بامرأة حيث تحرم عليه أمها و بنتها على الزاني، و الرق كما إذا اشترت المرأة زوجها.

و استدل على الحرمة في المقام بقول الصادق عليه السّلام في خبر ابن يزيد: «إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما و لم تحل له أبدا» (1).

و نوقش فيه .. أولا: بقصور السند.

و ثانيا: بدلالته على التفريق و لو مع عدم الإفضاء.

و ثالثا: بدلالته على الحرمة الأبدية مع صراحة النصوص بعدمها منها قول

ص: 73


1- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

و هو الأحوط (6) و إن لم تخرج عن زوجيته (7) و قيل بخروجها عن الزوجية أيضا (8) بل الأحوط حرمتها عليه بمجرد الدخول و إن لم يفضها (9)، و لكن الأقوى بقاؤها على الزوجية و إن كانت مفضاة و عدم حرمتها عليه أيضا (10) خصوصا إذا كان جاهلا بالموضوع، أو الحكم، أو

______________________________

أبي جعفر عليه السّلام: في خبر بريد: «و إن أمسكها و لم يطلقها فلا شي ء عليه»(1)، و مثله قول الصادق عليه السّلام في صحيح حمران: «و إن أمسكها و لم يطلقها حتى تموت فلا شي ء عليه» (2).

و الأول: مردود بالانجبار و عمل من لا يعمل إلا بالقطعيات به.

و الثاني: بأنه مقيد بالإفضاء بقرينة الإجماع، و الأخير مبنى على ترجيحه على غيره للشهرة و نحوها و لكن يأتي ما فيه.

و الظاهر عدم الفرق في حرمة وطيه بين القبل و الدبر، و في حرمة باقي الاستمتاعات وجهان؟ من تبعيتها للزوجة فتزول و من أنها أعم فلا كما هو مقتضى الأصل.

(6) جمودا على خبر ابن يزيد- المتقدم- المشهور بين الأصحاب فتوى و عملا بل المدعى عليه الإجماع.

(7) للأصل و ما تقدم من خبري بريد بن معاوية و حمران.

(8) لخبر ابن يزيد الدال على التحريم المؤبد و هو ينافي بقائها، و في هذا التعليل ما لا يخفي لأنه أعم من زوال آثار الزوجية.

(9) نسب ذلك إلى جمع منهم الشيخين، لإطلاق خبر ابن يزيد و لكن قصوره من هذه الجهة غير منجبر فلا جابر حينئذ لضعف هذا الخبر في هذا الحكم المخالف لأصالتي العموم و البراءة.

(10) للأصل و الإطلاق و العموم، و ما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر

ص: 74


1- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

صغيرا، أو مجنونا، أو كان بعد اندمال جرحها، أو طلّقها ثمَّ عقد عليها جديدا (11).

نعم، يجب عليه دية الإفضاء (12) و هي دية النفس، ففي الحرة نصف دية الرجل، و في الأمة أقل الأمرين من قيمتها و دية الحرة، و ظاهر المشهور ثبوت الدية مطلقا و إن أمسكها و لم يطلّقها (13) إلا أن مقتضى حسنة حمران و خبر بريد المثبتين لها عدم وجوبها عليه إذا لم يطلّقها (14)،

______________________________

بريد بن معاوية و بذلك يضعف الاعتماد على خبر ابن يزيد.

(11) كل ذلك اقتصارا في الحكم المخالف للأصل و العموم و الإطلاق على خصوص المتيقن من مورد الدليل على فرض اعتباره.

(12) يأتي التفصيل في كتاب الديات إن شاء اللّه تعالى فراجع.

(13) و هو مقتضى قاعدة السببية أيضا ما لم تسقط بعقد أو صلح أو نحوهما.

(14) لاقتضاء الإطلاق في قوله عليه السّلام: «لا شي ء عليه» الوارد فيهما بلا إشكال، ففي خبر بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل افتضّ جارية- يعني امرأته- فأفضاها، قال عليه السّلام: عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين قال: و إن أمسكها و لم يطلّقها فلا شي ء عليه.

و إن كان دخل بها و لها تسع سنين فلا شي ء عليه إن شاء أمسك و إن شاء طلّق» (1).

و في صحيح حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك فلما دخل بها افتضّها فأفضاها؟ فقال: إن كان دخل بها حين دخل بها و لها تسع سنين فلا شي ء عليه، و إن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها

ص: 75


1- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

و الأحوط ما ذكره المشهور (15) و يجب عليه أيضا نفقتها ما دامت حية (16) و إن طلقها (17) بل و إن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط (18).

مسألة 3: لا فرق في الدخول الموجب للإفضاء بين أن يكون في القبل أو الدبر

(مسألة 3): لا فرق في الدخول الموجب للإفضاء بين أن يكون في القبل أو الدبر (19) و الإفضاء أعم من أن يكون باتحاد مسلكي البول

______________________________

أقل من ذلك بقليل حين افتضّها فإنه قد أفسدها و عطّلها على الأزواج فعلى الإمام أن يغرّمه ديتها و إن أمسكها و لم يطلّقها حتى تموت فلا شي ء عليه» (1)، و حمل الإطلاق الوارد فيهما على العفو و الصلح و نحوهما خلاف الظاهر.

نعم، وهنهما بالإعراض ثابت.

(15) للأصل و قاعدة السببية بعد إعراضهما عن الخبرين إلا أن يكون عفو أو صلح في البين.

(16) إجماعا و نصا فعن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «رجل تزوج جارية فوقع عليها فأفضاها، قال عليه السّلام: عليه الإجراء ما دامت حية» (2).

(17) نسب ذلك إلى المشهور تمسكا بالإطلاق و إن منشأ الإجراء هو الإفضاء.

(18) لما مر من الإطلاق لكن قوله عليه السّلام: «و عطلها على الأزواج»، لا موضوع له بعد الزواج و لعل وجه الاحتياط ذلك.

كما لا موضوع لأصل هذه الفروع في هذه الأعصار التي يخاط الموضع بحيث تصير المرأة كحالتها الطبيعية في مدة يسيرة و قد صار ذلك عادة مستمرة في الولادة على ما هو المعروف.

(19) لأصالة المساواة بين الطرفين و إطلاق النص و الفتوى في البين كما مر.

ص: 76


1- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.

و الحيض، أو مسلكي الحيض و الغائط، أو اتحاد الجميع، و إن كان ظاهر المشهور الاختصاص بالأول (20).

مسألة 4: لا يلحق بالزوجة- في الحرمة الأبدية على القول بها و وجوب النفقة- المملوكة

(مسألة 4): لا يلحق بالزوجة- في الحرمة الأبدية على القول بها و وجوب النفقة- المملوكة، و المحلّلة، و الموطوءة بشبهة، أو زنا، و لا الزوجة الكبيرة (21).

نعم تثبت الدية في الجميع (22) عدا الزوجة الكبيرة إذا أفضاها

______________________________

(20) فيشمل الأخير لا محالة و الإفضاء ليس من الموضوعات التعبدية حتى يختلف فيه الفقهاء بل من الموضوعات الخارجية يعرفه الأخصائيون بالعوارض الجارية في الأعضاء التناسلية، فمع حكم ثقاتهم بتحققه يترتب عليه الحكم قهرا و مع حكمهم بالعدم لا يترتب الأحكام الخاصة للإفضاء و إن ترتب حكم الجناية إن تحققت و مع الشك فيه فمقتضى الأصل عدم ترتب الأحكام الخاصة للإفضاء، و كل موضوع تردد بين الأقل و الأكثر يؤخذ بالمتيقن ما لم تكن قرينة على الخلاف و قول المشهور هو المتيقن.

(21) كل ذلك للأصل بعد كون موضوع أحكام الإفضاء الزوجة الصغيرة.

(22) لقاعدة التسبيب في الجنايات التي يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى إلا في المملوكة إذا أفضاها مالكها بوطيها لأن المستحق لدية جنايتها إنما هو مالكها و المفروض أنه هو الجاني فيلزم أن يستحق من نفسه على نفسه لنفسه.

و يدل على ما قلنا صحيح سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع بجارية فأفضاها و كانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد؟

فقال عليه السّلام الدية كاملة» (1)، و قضى علي عليه السّلام: «في امرأة أفضيت بالدية» (2)

ص: 77


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ديات المنافع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب ديات الأعضاء الحديث: 1.

بالدخول بها حتى في الزنا و إن كانت عالمة مطاوعة و كانت كبيرة (23) و كذا لا يلحق بالدخول الإفضاء بالإصبع (24) و نحوه فلا تحرم عليه مؤبدا، نعم تثبت فيه الدية (25).

مسألة 5: إذا دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه

(مسألة 5): إذا دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه، و لا تثبت الدية- كما مر-، و لكن الأحوط الإنفاق عليها ما دامت حية (26).

مسألة 6: إذا كان المفضي صغيرا أو مجنونا ففي كون الدية عليهما أو على عاقلتهما إشكال

(مسألة 6): إذا كان المفضي صغيرا أو مجنونا ففي كون الدية عليهما أو على عاقلتهما إشكال، و إن كان الوجه الثاني لا يخلو عن قوة (27).

مسألة 7: إذا حصل بالدخول قبل التسع عيب آخر

(مسألة 7): إذا حصل بالدخول قبل التسع عيب آخر غير الإفضاء ضمن أرشه، و كذا إذا حصل مع الإفضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية ضمنه مع دية الإفضاء (28).

مسألة 8: إذا شك في إكمالها تسع سنين لا يجوز له وطؤها

(مسألة 8): إذا شك في إكمالها تسع سنين لا يجوز له وطؤها لاستصحاب الحرمة السابقة (29)، فإن وطأها مع ذلك فأفضاها و لم يعلم

______________________________

(23) كل ذلك لأن موضوع دية الإفضاء في المقام الصغيرة كما مر فلا يشمل الكبيرة مع أنه في صورة المطاوعة أن الجناية حصلت بمشاركتها فلا دية من هذه الجهة أيضا.

(24) للأصل بعد اختصاص الأدلة بخصوص الإفضاء بالوطئ.

(25) لعموم أدلتها الشامل لهذه الصورة أيضا كما يأتي في الديات إن شاء اللّه تعالى.

(26) لإطلاق دليل الإجراء على المفضاة و لكن المشهور بل المجمع عليه اختصاصه بالصغيرة.

(27) يأتي التفصيل في الديات إن شاء اللّه تعالى فلا وجه للذكر هنا.

(28) كل ذلك لعموم أدلة سببية الجنايات للغرامة و أصالة عدم تداخل الأسباب.

(29) و استصحاب عدم البلوغ.

ص: 78

بعد ذلك أيضا كونها حال الوطء بالغة أو لا لم تحرم أبدا و لو على القول بها، لعدم إحراز كونه قبل التسع و الأصل لا يثبت ذلك (30).

نعم، يجب عليه الدية و النفقة عليها ما دامت حية (31).

مسألة 9: يجري عليها بعد الإفضاء جميع أحكام الزوجة

(مسألة 9): يجري عليها بعد الإفضاء جميع أحكام الزوجة من حرمة الخامسة و حرمة الأخت و اعتبار الإذن في نكاح بنت الأخ و الأخت و سائر الأحكام (32)، و لو على القول بالحرمة الأبدية (33) بل يلحق به الولد (34) و إن قلنا بالحرمة لأنه على القول بها يكون كالحرمة حال الحيض.

______________________________

(30) لا نحتاج إلى إثبات القبلية حتى يصير من الأصل المثبت لأن المراد بقوله عليه السّلام: «قبل أن تبلغ تسع سنين» (1).

عبارة أخرى عن قول ما لم تبلغ تسع سنين عرفا و لغة و شرعا، فموضوع الأصل نفس المفاد المطابقي للدليل لا أن يكون من لوازمه العقلية حتى يدخل في مسألة الأصل المثبت.

(31) للعموم بعد الشك في أصل التخصيص و عدم كونه من التمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية للصدق العرفي.

(32) كل ذلك لصدق الموضوع شرعا فيترتب عليه جميع الأحكام قهرا.

(33) لأن حرمة الوطي لا تنافي بقاء الزوجية و ترتب أحكامها شرعا.

(34) لتحقق الفراش شرعا فيلحق به الولد شرعا و الحرمة التكليفية في الوطي لا تزيل الفراش كالوطء في حال الاعتكاف و الإحرام أو صيام شهر رمضان.

ص: 79


1- نقدم في صفحة: 73.

مسألة 10: في سقوط وجوب الإنفاق عليها ما دامت حيّة بالنشوز إشكال

(مسألة 10): في سقوط وجوب الإنفاق عليها ما دامت حيّة بالنشوز إشكال (35) لاحتمال كون هذه النفقة لا من باب إنفاق الزوجة، و لذا تثبت بعد الطلاق بل بعد التزويج بالغير، و كذا في تقدمها على نفقة الأقارب (36) و ظاهر المشهور أنها كما تسقط بموت الزوجة تسقط بموت الزوج أيضا (37) لكن يحتمل بعيدا عدم سقوطها بموته (38)، و الظاهر عدم سقوطها بعدم تمكنه فتصير دينا عليه، و يحتمل بعيدا سقوطها و كذا تصير دينا إذا امتنع من دفعها مع تمكنه إذ كونها حكما تكليفيا صرفا بعيد (39)، هذا بالنسبة إلى ما بعد الطلاق و إلا فما دامت في حباله الظاهر أن حكمها حكم الزوجة.

______________________________

(35) مقتضى إطلاق النص ثبوته و لو بناء على عدم بقاء الزوجية.

(36) يعني فيه إشكال أيضا و هو هنا آكد لأن عمدة الدليل على التقديم الإجماع و يمكن أن يقال: إن المتيقن منه غيرها و لكنه بعد إطلاق دليل المقام يترتب جميع الأحكام إلا ما خرج بدليل معتبر.

(37) كما في الزوجة الحقيقية فيكون هنا كذلك أيضا و هو المنساق من لفظ «الإجراء» (1)، في المقام لظهوره كونه فعله و إلا لقال «على نفقته» مثلا.

(38) لا وجه لهذا الاحتمال لما قلناه.

(39) لأن المنساق من الأدلة- و هو مقتضى الأصل أيضا- تحقق عنوان الزوجية فتترتب عليها الحقيّة أيضا.

ص: 80


1- تقدم في صفحة: 74.

فصل

اشارة

فصل لا يجوز في العقد الدائم الزيادة على الأربع (1) حرا كان أو عبدا و الزوجة حرة أو أمة (2) و أما في الملك و التحليل فيجوز و لو إلى ألف (3).

و كذا في العقد الانقطاعي (4) و لا يجوز للحرّ أن يجمع بين أزيد من

______________________________

(1) لإجماع المسلمين بل ضرورة الدين و نصوص مستفيضة في أبواب متفرقة منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «إذا جمع الرجل أربعا و طلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق، و قال عليه السّلام: لا يجمع ماءه في خمس» (1)، و المراد بذيله مطلق عقد النكاح بقرينة صدره و يصح التمسك بالآية المباركة فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ (2)، لأن سياقها يدل على أن الأمر فيها للإباحة و اباحة الأربع تدل على حرمة الزائد على الأربع فلا يرد عليها إشكال أنه من مفهوم العدد و لا اعتبار به بل من دلالة ظهور السياق.

(2) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(3) نصا و إجماعا من المسلمين قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «يتزوج منهن كم شاء» (3).

(4) إجماعا من الإمامية و نصوصا منهم منها قول الصادق عليه السّلام في الموثق:

ص: 81


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1.
2- سورة النساء: 3.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 8.

أمتين (5) و لا للعبد أن يجمع بين أزيد من حرّتين (6).

و على هذا فيجوز للحرّ (7) أن يجمع بين أربع حرائر، أو ثلاث و أمة، أو حرّتين و أمتين، و للعبد أن يجمع (8) بين أربع إماء، أو حرّة و أمتين أو

______________________________

«تزوج منهم ألفا فإنهن مستأجرات» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «ما يحل من المتعة؟

قال عليه السّلام: كم شئت»(2)، و ما يظهر منه الخلاف كموثق عمار عن الصادق عليه السّلام:

«عن المتعة؟ فقال: هي أحد الأربع» (3)، محمول أو مطروح و يأتي التفصيل في محله.

(5) إجماعا و نصا قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «لا يصلح له أن يتزوج ثلاث إماء» (4)، المحمول على الحرمة بقرينة الإجماع.

(6) للنص و ظهور الاتفاق ففي صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:

«عن العبد يتزوج أربع حرائر؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يتزوج حرّتين و إن شاء أربع إماء» (5)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في الموثق (6): «لا يجمع العبد المملوك من النساء أكثر من حرّتين» إلى غير ذلك من الروايات.

(7) الأقسام في الحر ثلاثة:

الأول: أن يجمع بين أربع حرائر.

الثاني: أن يجمع بين ثلاث حرائر و أمة.

الثالث: أن يجمع بين حرّتين و أمتين و الوجه في الجميع واضح لتحقق استكمال العدد فلا يجوز الزائد عليه حينئذ.

(8) أقسام الجواز بالنسبة إلى العبد ثلاثة أيضا:

الأول: أن يجمع بين أربع إماء يجوز لما تقدم من النص.

الثاني: حرّة و أمتين، لأن الحرّة بالنسبة إلى العبد كالأمتين.

ص: 82


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2 و 3 و 10.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2 و 3 و 10.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2 و 3 و 10.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1 و 4.
6- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1 و 4.

حرّتين، و لا يجوز له أن يجمع بين أمتين و حرّتين (9) أو ثلاث حرائر، أو أربع حرائر، أو ثلاث إماء و حرّة (10) كما لا يجوز للحر أيضا أن يجمع بين ثلاث إماء و حرة.

مسألة 1: إذا كان العبد مبعّضا أو الأمة مبعّضة ففي لحوقهما بالحرّ أو القنّ إشكال

(مسألة 1): إذا كان العبد مبعّضا أو الأمة مبعّضة ففي لحوقهما بالحرّ أو القنّ إشكال (11) و مقتضى الاحتياط (12) أن يكون العبد المبعّض كالحر بالنسبة إلى الإماء فلا يجوز له الزيادة على أمتين، و كالعبد القن بالنسبة إلى الحرائر فلا يجوز له الزيادة على حرّتين، و أن تكون الأمة المبعضة كالحرة بالنسبة إلى العبد و كالأمة بالنسبة إلى الحر، بل يمكن أن يقال إنه بمقتضى القاعدة بدعوى أن المبعض حر و عبد فمن حيث حرّيته لا يجوز له أزيد من أمتين و من حيث عبديّته لا يجوز له أزيد من حرّتين،

______________________________

الثالث: حرّتين لأنهما كأربع إماء لتحقق استكمال العدد و لما مر في صحيح ابن مسلم.

(9) لما مر من صحيح ابن مسلم و أن الحرّتين بمنزلة أربع إماء فتصير زوجاته زائدة على العدد.

(10) كل ذلك للزوم الزيادة على العدد بعد فرض كون الحرة بمنزلة الأمتين.

(11) منشأه تغليب جهة الحرية فيخرج الموضوع بذلك عن المملوكية المحضة مطلقا و يكون العبد المبعّض كالحر و الأمة المبعّضة كالحرة أو تغليب جانب الحرمة فيبقيان على الرقيّة المحضة، و كل منهما لا دليل على اعتباره مطلقا.

نعم، هما معتبران في الجملة في موارد خاصة دل دليل خارجي على التغليب فيها.

(12) ذهب جمع إلى هذا الاحتياط و لا مناص إلا عنه فيما لا يمكن استظهار شي ء فيه من الدليل مع العلم الإجمالي في البين.

ص: 83

و كذا بالنسبة إلى الأمة المبعّضة، إلا أن يقال إن الاخبار الدالة على أن الحر لا يزيد على أمتين و العبد لا يزيد على حرّتين منصرفة إلى الحر و العبد الخالصين (13)، و كذا في الأمة، فالمبعّض قسم ثالث خارج عن الأخبار فالمرجع عمومات الأدلة (14) على جواز التزويج، غاية الأمر عدم جواز الزيادة على الأربع فيجوز له نكاح أربع حرائر أو أربع إماء لكنه بعيد من حيث لزوم كونه أولى من الحر الخالص، و حينئذ فلا يبعد أن يقال إن المرجع الاستصحاب (15) و مقتضاه إجراء حكم العبد و الأمة عليهما و دعوى تغير الموضوع كما ترى (16)، فتحصّل أن الأولى الاحتياط الذي ذكرناه أو لا، و الأقوى (17) العمل بالاستصحاب و إجراء حكم العبيد و الإماء عليهما.

مسألة 2: لو كان عبد عنده ثلاث أو أربع إماء فأعتق و صار حرا لم يجز إبقاء الجميع

(مسألة 2): لو كان عبد عنده ثلاث أو أربع إماء فأعتق و صار حرا لم يجز إبقاء الجميع، لأن الاستدامة كالابتداء (18) فلا بد من طلاق الواحدة أو الاثنتين، و الظاهر كونه مخيرا بينهما كما في إسلام الكافر عن أزيد من أربع (19).

______________________________

(13) لو لم يكن هذا الانصراف من الانصرافات البدوية التي لا اعتبار بها في المحاورات.

(14) لو لم يكن من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

(15) لكنه مبني على اعتبار الاستصحاب التعليقي.

(16) لبقاء الموضوع عرفا و إن تغيّر دقة و المدار على الأول دون الأخير كما هو واضح على الخبير.

(17) ظهر مما مر أن كونه أقوى أول الدعوى.

(18) للإطلاق مضافا إلى الاتفاق.

(19) أرسلوا ذلك فيه إرسال المسلمات و أسندوه إلى الروايات منها ما

ص: 84

و يحتمل القرعة (20)،

______________________________

عن الصادق عليه السّلام في خبر عقبة بن خالد: «في مجوسي أسلم و له سبع نسوة و أسلمت معه كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يمسك أربعا و يطلّق ثلاثا» (1)، و ما ورد في تزويج خمسا بعقد واحد أو تزويج أختين كذلك مثل صحيح جميل عن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة، قال عليه السّلام: يمسك أيّتهما شاء و يخلّى سبيل الآخر.

و قال في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة قال عليه السّلام: يخلّى سبيل أيّتهن شاء» (2)، و يشهد له أصالة بقاء التخيير قبل النكاح و المقام من صغريات الحكم المعلوم لا من القياس على ما هو المنصوص.

(20) لأنها شرّعت لإزالة التردد و الحيرة و المقام منها.

و أشكل عليه بوجوه:

الأول: أنه لا عموم في دليلها حتى يشمل المقام.

و فيه: أنها عند التردد و الحيرة من المرتكزات حتى في الأمم السابقة كما حكاها اللّه تعالى في قصة مريم وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (3)، و قصة يونس فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (4)، و قصة عبد اللّه والد نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله (5)، فنأخذ بها ما لم يردع عنها الشرع المبين فكيف بما إذا قرّرها بأخبار كثيرة مثل قوله عليه السّلام: «كل مجهول ففيه القرعة»(6)، و في الصحيح عن الصادق عليه السّلام: «في

ص: 85


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
3- سورة آل عمران: 44.
4- سورة الصافات: 141.
5- سفينة البحار ج: 1 صفحة: 676.
6- الوسائل باب: 13 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 11.

و الأحوط أن يختار هو القرعة بينهن (21) و لو أعتقت أمة أو أمتان فإن

______________________________

رجل قال أول مملوك أملكه فهو حر، فورث سبعا جميعا، قال عليه السّلام: يقرع بينهم، و يعتق الذي خرج اسمه» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم؟ قال عليه السّلام: كان علي عليه السّلام يسهم بينهم» (2)، و غير ذلك من الأخبار مما هو كثير في الأبواب المتفرقة و يأتي بعضها في باب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

الثاني: أن العام من الأخبار ضعيف السند و الخاص منها مختص بمورده.

و فيه: أنه لا أثر لضعف السند فيما يكون به الاستدلال و عليه المعتمد مع أن ما ورد في الموارد الخاصة ظاهر في أنه من باب تطبيق الكبرى المعلومة على الموارد لا من باب الخصوصية.

الثالث: أنها في مورد التعيين الواقعي و الجهل الظاهري لا الجهل المطلق حتى في الواقع.

و فيه: أنها في مقام رفع التردد و الحيرة عن الأمة و التسهيل عليهم و مقتضاه التعميم إلا أن يدل دليل على التخصيص و هو مفقود، و كون بعض مواردها في ظرف التعيين الواقعي لا يوجب التخصيص إذ المورد لا يخصص الحكم كما هو المعروف، و لكن باب الإشكال حتى في الواضحات مفتوح لأن الفكر مطلق و غير محدود.

نعم، لا بد في العمل بها في مورد أجمع الأصحاب على العمل بها فيه فهي كأنها جزء الدليل لإتمامه.

(21) لأنها حينئذ من مقدمات اختيار الطلاق و هو بيد من أخذ بالساق كما يأتي في كتاب الطلاق.

و فيه: أن نفس الطلاق بيده لا مقدمات اختياره و لعله لذلك احتاط رحمه اللّه.

ص: 86


1- الوسائل باب: 13 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 15.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 16.

اختارت الفسخ حيث إن العتق موجب لخيارها بين الفسخ و البقاء فهو (22) و إن اختارت البقاء يكون الزوج مخيرا (23) و الأحوط اختياره القرعة كما في الصورة الأولى.

مسألة 3: إذا كان عنده أربع و شك في أن الجميع بالعقد الدائم أو البعض المعين

(مسألة 3): إذا كان عنده أربع و شك في أن الجميع بالعقد الدائم أو البعض المعين أو غير المعيّن منهن بعقد الانقطاع ففي جواز نكاح الخامسة دواما إشكال (24).

______________________________

(22) لزوال الموضوع حينئذ و تبقى البقية على الزوجية و لكن الأحوط للزوج اختيار البقية للإبقاء لاحتمال بقاء تخييره في هذه الصورة.

(23) لوجود المقتضي و فقد المانع للتخيير فيثبت لا محالة و قد تقدم حكم بقية المسألة.

(24) لا مجال لإطالة شرح هذه المسألة فإنها لا تستحق الإطالة لأن النكاح الدائم و المنقطع حقيقة واحدة لغة و شرعا و عرفا و الاختلاف إنما هو في بعض الآثار الشرعية كما يأتي في محله، كما أن الطلاق الرجعي و البائن حقيقة واحدة و الاختلاف إنما هو في بعض الآثار، و البيع اللازم و الخياري كذلك أيضا، و إطلاق «إنما هن مستأجرات» (1)، في النكاح المنقطع لا يوجب خروجه عن حقيقة النكاح و دخوله في عنوان المعاوضة الحقيقية، و كذا بعض الآثار الأخرى لورود: «إنما يشتريها بأغلى الثمن» (2)، في الدائم و سقوط النفقة بعدم التمكن فيه أيضا كما سيأتي، و التمسك بالأدلة اللفظية في المقام تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية فتصل النوبة إلى الأصول العملية، و مقتضى أصالة عدم ذكر الأجل كون تمام الأربع دائميا كما يأتي التفصيل في النكاح المنقطع، و مقتضى كون الأربع مانعا عن صحة الخامسة

ص: 87


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 2 و 4.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

مسألة 4: إذا كان عنده أربع فطلّق واحدة منهن و أراد نكاح الخامسة فإن كان الطلاق رجعيا لا يجوز له ذلك

(مسألة 4): إذا كان عنده أربع فطلّق واحدة منهن و أراد نكاح الخامسة فإن كان الطلاق رجعيا لا يجوز له ذلك إلا بعد خروجها عن العدة (25) و إن كان بائنا ففي الجواز قبل الخروج عن العدة قولان، المشهور على الجواز لانقطاع العصمة بينه و بينها (26)، و ربما قيل (27)

______________________________

و تحقق الشك فيه فتجري أصالة عدم المانع عنها فيتعارض الأصلان و يسقطان بالمعارضة، فيرجع إلى أصالة الإباحة في الخامسة و لكن الأحوط خلافه.

(25) إجماعا و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة:

«إذا جمع الرجل أربعا فطلّق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلقت و قال: لا يجمع مائه في خمس» (1)، و في خبر علي بن أبي حمزة قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الرجل يكون له أربع نسوة فيطلّق إحداهن أ يتزوج مكانها أخرى؟ قال عليه السّلام: لا حتى تنقضي عدّتها» (2)، إلى غير ذلك من الاخبار التي يأتي في كتاب الطلاق.

(26) هذا التعليل مذكور في كلمات الأصحاب و بعض أخبار الباب و تقتضيه الإطلاقات و العمومات أيضا، و عن الصادق عليه السّلام في الموثق: «في رجل طلّق امرأته، أو اختلعت منه، أو بانت إله أن يتزوج أختها؟ فقال عليه السّلام: إذا برئت عصمتها فلم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب أختها»(3)، و مثله غيره فالأقسام ثلاثة: الزوجية الفعلية المستقرة، و الزوجية المتزلزلة و البرزخية بين الزوجية الفعلية و الطلاق من جهة و انقطاع العصمة مطلقا، فلا زوجية في البين لا فعلية و لا برزخية و يعبر عنه بانقطاع العصمة، و هذه الأقسام الثلاثة معلومة عند كل أحد.

(27) نسب هذا القول إلى كشف اللثام.

ص: 88


1- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب العدد الحديث: 2.

بوجوب الصبر إلى انقضاء عدتها عملا بإطلاق جملة من الأخبار (28)، و الأقوى المشهور و الأخبار محمولة على الكراهة (29) هذا و لو كانت الخامسة أخت المطلقة فلا إشكال في جواز نكاحها قبل الخروج عن العدة البائنة، لورود النص فيه معللا بانقطاع العصمة (30) كما أنه لا ينبغي الإشكال إذا كانت العدة لغير الطلاق كالفسخ بعيب أو نحوه (31) و كذا إذا ماتت الرابعة (32) فلا يجب الصبر إلى أربعة أشهر و عشر، و النص الوارد

______________________________

(28) منها ما تقدم في صحيح زرارة و الموثق عن الكاظم عليه السّلام، و في خبر محمد بن قيس قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: في رجل كانت تحته أربع نسوة فطلق واحدة ثمَّ نكح أخرى قبل أن تستكمل المطلقة العدة، قال: فليلحقها بأهلها حتى تستكمل المطلقة أجلها» (1).

(29) أو على الطلاق الرجعي جمعا بين الأخبار.

(30) إذا كان النص معللا بعلة فالمناط على عموم العلة في كل مورد جرت العلة فيه لا على خصوص مورد النص لأنه مناف لعموم التعليل إلا إذا قيل بأنه لا علية في البين أصلا و هو خلف الفرض فيجري الحكم في غير الأخت أيضا.

(31) للعمومات الدالة على الحلية و الإباحة من غير مخصص في البين إذ المخصص إنما ورد في خصوص الطلاق و المفروض انتفاؤه.

(32) لانتفاء الحكم بانتفاء الموضوع إذ لإطلاق حتى يلحظ عدتها.

نعم، لو علق الحكم على ذات العدة من حيث هي كما في التزويج في العدة نعم الحكم جميع العدد، و لكنه ليس كذلك بل هو مختص بالطلاق.

ص: 89


1- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1.

بوجوب الصبر (33) معارض بغيره (34) و محمول على الكراهة، و أما إذا كان الطلاق أو الفراق بالفسخ قبل الدخول فلا عدة حتى يجب الصبر أو لا يجب (35).

______________________________

(33) ففي موثق عمار قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون له أربع نسوة فتموت إحداهن، فهل يحل له أن يتزوج أخرى مكانها؟ قال عليه السّلام: لا حتى تأتي عليها أربعة أشهر و عشر، سئل فإن طلق واحدة هل يحل له أن يتزوج؟

قال عليه السّلام: لا حتى تأتي عليها عدة المطلقة» (1).

(34) ففي خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل كانت له أربع نسوة فماتت إحداهن هل يصلح له أن يتزوج في عدتها أخرى قبل أن تنقضي عدة المتوفاة؟ قال عليه السّلام: إذا ماتت فليتزوج متى أحب» (2)، فيحمل الخبر الأول على ملاحظة الآداب العرفية.

(35) فينتفي الحكم بانتفاء الموضوع لا محالة، و في خبر ابن طريف عن الصادق عليه السّلام: «سئل عن رجل كن له ثلاث نسوة ثمَّ تزوج امرأة أخرى فلم يدخل بها، ثمَّ أراد ان يعتق أمة و يتزوجها؟ فقال: إن هو طلق التي لم يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أخرى من يومه ذلك» (3).

ص: 90


1- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 5 و 7.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 5 و 7.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 6.

فصل

اشارة

فصل لا يجوز التزويج في عدة الغير (1) دواما أو متعة سواء كانت عدة الطلاق بائنة، أو رجعية، أو عدة الوفاة، أو عدة وطء الشبهة، حرة كانت المعتدة، أو أمة (2) و لو تزوجها حرمت عليه أبدا (3) إذا كانت عالمين

______________________________

(1) للكتاب و السنة و الإجماع أما الأول فقال تعالى وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ (1)، و المراد ببلوغ الكتاب انقضاء العدة.

و المراد بالنهي عن عزم عقدة النكاح من باب ذكر اللازم و إرادة الملزوم أي عدم النكاح فتكون الآية الكريمة من الكناية التي هي أبلغ من التصريح كما هو من شؤون الفصاحة و البلاغة، فتكون الآية المباركة قانونا كليا إلهيا جاريا في جميع العدد لما هو المتسالم بين الناس و المأنوس في جميع القوانين المجعولة أن المورد لا يكون مخصّصا للحكم و القانون المجعول إلا بدليل خاص يدل عليه و هو مفقود.

و أما الثانية: فهي مستفيضة بالسنة مختلفة كما سيأتي.

و أما الأخير فهو بين الإمامية بل بين المسلمين في الجملة بل لا بأس بأن يعد من ضروريات فقه الإمامية.

(2) كل ذلك لإطلاق الأدلة و إجماع الأجلة.

(3) للجمع بين الأخبار المقتضي لذلك بما يأتي من الشرط و هي على

ص: 91


1- سورة البقرة: 235.

.....

______________________________

أقسام خمسة:

الأول: ما هو مطلق في الحرمة الأبدية مطلقا كما عن الصادق عليه السّلام في خبر محمد بن مسلم: «الرجل يتزوج المرأة في عدتها، قال عليه السّلام: يفرق بينهما و لا تحل له أبدا» (1).

الثاني: ما هو مطلق في نفي الحرمة الأبدية مطلقا كخبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها؟ قال عليه السّلام: يفرق بينها و بينه، و يكون خاطبا من الخطاب» (2).

الثالث: ما علّقت الحرمة الأبدية على الدخول و مع عدمه لا تحرم كذلك كقول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إن كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له أبدا، و أعتدت ما بقي عليها من الأول، و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أعتدت بما بقي عليها من الأول و هو خاطب من الخطّاب» (3)، و نحوه غيره.

الرابع: ما فصّل بين صورتي العلم و الجهل فتحرم أبدا في الأول دون الثاني كصحيح ابن الحجاج (4)، عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة، أ هي ممن لا تحل له أبدا؟ فقال عليه السّلام: لا، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها، و قد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك، قلت بأي الجهالتين يعذر، بجهالة إن لم يعلم أن ذلك محرم عليه، أم بجهالة أنها في عدة؟ فقال عليه السّلام: إحدى الجهالتين أهون من الأخرى، الجهالة بأن اللّه تعالى حرّم ذلك عليه، و ذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها، فقلت: فهو في الأخرى معذور؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها، فقلت: فإن كان أحدهما متعمدا و الآخر يجهل؟ فقال عليه السّلام: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا».

الخامس: ما هو كالشرح لهذه الأخبار في الجملة كقول الصادق عليه السّلام في

ص: 92


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 22 و 19 و 6 و 4.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 22 و 19 و 6 و 4.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 22 و 19 و 6 و 4.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 22 و 19 و 6 و 4.

بالحكم و الموضوع (4).

أو كان أحدهما عالما بهما (5) مطلقا سواء دخل بها أولا (6)، و كذا مع جهلهما بهما لكن بشرط الدخول بها (7)، و لا فرق في التزويج بين الدوام و المتعة (8) كما لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر (9)، و لا يلحق

______________________________

صحيح الحلبي قال: «إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها و دخل بها لم تحل له أبدا عالما كان أو جاهلا، و إن لم يدخل بها حلّت للجاهل و لم تحل للآخر» (1).

و مقتضى الصناعة المحاورية في الجمع بين المتعارضات أنه مع وجود المقيّد لا يؤخذ بالمطلقات و يسقط عن الاعتبار فلا وجه للأخذ بإطلاق القسمين الأولين و ينحصر التعارض بين الأقسام الثلاثة الباقية و القسم الأخير شارح و مبين لها فلا يبقى موضوع للمعارضة بعد ذلك.

(4) لأنه المنساق من النص و الفتوى و تنجز الأحكام بالعلم بالحكم و الموضوع خصوصا في مثل الحرمة الأبدية.

ثمَّ إن الأقسام كثيرة، علمهما بالحكم و الموضوع، علم أحدهما بهما دون الآخر، علم أحدهما بالحكم دون الموضوع، أو العكس، علمهما بالحكم دون الموضوع، أو العكس إلى غير ذلك من الأقسام و حكم الكل يظهر بعد التأمل.

(5) للإطلاق الشامل لذلك أيضا.

(6) لإطلاق ما دل على التحريم في صورة العلم الشامل لصورتي الدخول و عدمه.

(7) لما مر من التصريح به في النص.

(8) لإطلاق النص و الفتوى الشامل لهما.

(9) لأصالة المساواة بينهما إلا ما خرج بالدليل و لا دليل عليه في المقام.

ص: 93


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

بالعدة أيام استبراء الأمة (10) فلا يوجب التزويج فيها حرمة أبدية و لو مع العلم و الدخول، بل لا يبعد جواز تزويجها فيها و إن حرم الوطء قبل انقضائها، فإن المحرّم فيها هو الوطء دون سائر الاستمتاعات، و كذا لا يلحق بالتزويج الوطء بالملك أو التحليل فلو كانت مزوجة فمات زوجها أو طلّقها و إن كان لا يجوز لمالكها وطؤها و لا الاستمتاع بها في أيام عدتها و لا تحليلها للغير لكن لو وطأها أو حلّلها للغير فوطئها لم تحرم أبدا عليه أو على ذلك الغير و لو مع العلم بالحكم و الموضوع (11).

مسألة 1: لا يلحق بالتزويج في العدة وطء المعتدة شبهة

(مسألة 1): لا يلحق بالتزويج في العدة وطء المعتدة شبهة من غير عقد، بل و لا زناء (12) إلا إذا كانت العدة رجعية كما سيأتي (13) و كذا إذا كان بعقد فاسد لعدم تمامية أركانه (14)، و أما إذا كان بعقد تام الأركان و كان فساده لتعبد شرعي كما إذا تزوج أخت زوجته في عدتها أو أمها أو بنتها (15) أو نحو ذلك مما يصدق عليه التزويج و إن كان فاسدا شرعا، ففي كونه كالتزويج الصحيح إلا من جهة كونه في العدة، و عدمه لأن المتبادر من

______________________________

(10) للأصل الموضوعي و الحكمي بعد عدم دليل عليه من نص أو إجماع مع حرمة القياس.

(11) كل ذلك للأصل بعد فقد الدليل و حرمة القياس مضافا إلى النص في بعضها.

(12) كل منهما لعمومات الحل و الإباحة و أصلها بعد عدم الدليل على الخلاف من نص أو إجماع و بطلان القياس.

(13) يأتي في المسألة العشرين ما يتعلق بالزنا بذات العدة الرجعية فراجع.

(14) لعدم كونه حينئذ عقدا فلا موضوع حتى يترتب عليه حكمه شرعا.

(15) لا وجه لذكر الزوجة لكونها محرّمة أبدية و كذا بنتها مع الدخول بالأم

ص: 94

الأخبار التزويج الصحيح مع قطع النظر عن كونه في العدة إشكال (16) و الأحوط الإلحاق في التحريم الأبدي فيوجب الحرمة مع العلم مطلقا و مع الدخول في صورة الجهل.

مسألة 2: إذا زوّجه الولي في عدة الغير

(مسألة 2): إذا زوّجه الولي في عدة الغير مع علمه بالحكم و الموضوع أو زوّجه الوكيل في التزويج بدون تعيين الزوجة كذلك لا يوجب الحرمة الأبدية، لأن المناط علم الزوج لا وليه أو وكيله (17).

نعم، لو كان وكيلا في تزويج امرأة معينة و هي في العدة فالظاهر كونه كمباشرته بنفسه (18) لكن المدار علم الموكّل لا الوكيل.

مسألة 3: لا إشكال في جواز تزويج مَن في العدة لنفسه

(مسألة 3): لا إشكال في جواز تزويج مَن في العدة لنفسه سواء كانت عدة الطلاق، أو الوطء شبهة، أو عدة المتعة، أو الفسخ بأحد الموجبات أو المجوزات له (19)

______________________________

فلا أثر للحرمة الأبدية فيها.

(16) من صحة استعمال النكاح في الأعم من الصحيح و الفاسد كما في غيره من ألفاظ العقود و الإيقاعات بل العبادات و من أن المنساق من أدلة أمثال المقام بحسب أذهان متعارف الأنام هو الصحيح كما في الشهادة و الإقرار و النذر و نحوها، و الانسباق العرفي مقدم على أصل الاستعمال.

(17) لأنه المنساق من الحكم المخالف للأصل.

(18) لصدق أنه زوجته عرفا و المفروض أنه يعلم أنها في العدة و ليس كذلك لو كانت المرأة غير معلومة و الشك في الصدق يكفي في عدم صحة التمسك بالأدلة.

(19) الوجه في ذلك كله أن حكمة تشريع العدة في الشريعة إنما هو لعدم اختلاط المياه و حفظ الأنساب و احترام ماء المحترم للغير، و الكل منتف في المقام فلا موضوع لعدم الجواز حينئذ.

ص: 95

و العقد صحيح (20) إلا في العدة الرجعية فإن التزويج فيها باطل لكونها بمنزلة الزوجة (21)، و إلا في الطلاق الثالث الذي يحتاج إلى المحلّل فإنه أيضا باطل بل حرام (22)، و لكن مع ذلك لا يوجب الحرمة الأبدية (23) و إلا في عدة الطلاق التاسع في الصورة التي تحرم أبدا (24)، و إلا في العدة لوطئه زوجة الغير شبهة لكن لا من حيث كونها في العدة بل لكونها ذات بعل (25)، و كذا في العدة لوطئه في العدة شبهة إذا حملت منه بناء على عدم تداخل العدتين (26)، فإن عدة وطء الشبهة حينئذ

______________________________

و الموجبات للفسخ كالرضاع و الكفر و غيرهما مما يوجب الانفساخ و المجوّزات له كالعيوب التي يأتي التعرض لها.

(20) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها.

(21) لما هو المتسالم عليه من أن المطلقة الرجعية زوجة و يحتمل أن يكون هذا العقد رجوعا فترجع إلى الزوجية و يزول الطلاق رأسا.

(22) أما البطلان فبالضرورة الفقهية للكتاب المبين (1)، و سنّة سيد المرسلين (2)، و إجماع المسلمين.

و أما الحرمة فإن كان بقصد ترتب الأثر فلا ريب في أنه تشريع و محرّم من هذه الجهة، و إن كان بدونه فهو لغو لا موضوع للحرمة حينئذ.

(23) لأن ما لا أثر له أصلا كيف يوجب الحرمة الأبدية.

(24) لأنه لا أثر للعقد فيما هو محرّم أبدا.

(25) و العقد على ذات البعل باطل بالضرورة كالعقد على الأم و الأخت.

(26) فإن العقدة حينئذ عدة الواطئ لفرض حملها منه فيكون العقد باطلا و لكن لا توجب الحرمة الأبدية و أما بناء على تقديم عدة الغير أو تداخل

ص: 96


1- سورة البقرة: 230.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الطلاق.

مقدمة على العدة السابقة (27) التي هي عدة الطلاق أو نحوه لمكان الحمل و بعد وضعه تأتي بتتمة العدة السابقة، فلا يجوز له تزويجها في هذه العدة- أعني عدة وطء الشبهة- و إن كانت لنفسه فلو تزوجها فيها عالما أو جاهلا بطل (28)، و لكن في إيجابه التحريم الأبدي إشكال (29).

مسألة 4: هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط في الحرمة الأبدية في صورة الجهل أن يكون في العدة

(مسألة 4): هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط في الحرمة الأبدية في صورة الجهل أن يكون في العدة أو يكفي كون التزويج في العدة مع الدخول بعد انقضائها؟ قولان، الأحوط الثاني، بل لا يخلو عن قوة (30) لإطلاق الأخبار (31) بعد منع الانصراف إلى الدخول في العدة.

مسألة 5: لو شك أنها في العدة أم لا مع عدم العلم سابقا جاز التزويج

(مسألة 5): لو شك أنها في العدة أم لا مع عدم العلم سابقا جاز التزويج (32).

______________________________

العدتين يصير العقد في عدة الغير فتوجب الحرمة الأبدية بشرائطها.

(27) يأتي التفصيل في كتاب الطلاق إن شاء اللّه تعالى.

(28) لصدق التزويج في العدة في الجملة لتحقق سببها و هو الطلاق و إن لم تدخل فيها بعد.

(29) لاحتمال انصراف الدليل عنه في هذا الحكم المخالف للأصل لكنه تفكيك بين المتلازمين في الدليل الواحد و يأتي منه تقوية الحرمة الأبدية.

(30) مقتضى العمومات و أصالة الإباحة الحلية مطلقا إلا فيما هو المتيقن من الحرمة في الحكم المخالف للأصل و العمومات و المتيقن كونهما معا في العدة مع أنه لا نحتاج إلى الأخذ بالمتيقن، بل لنا أن نقول إن مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض ظاهر في ذلك، فراجع الأخبار و تأمل فلا قوّة فيما جعل رحمه اللّه فيه القوّة

(31) كيف يتحقق إطلاق مع ملاحظة القيدين كقيد واحد بالنسبة إلى المطلق و منه يظهر أنه ليس من باب الانصراف بل التقييد.

(32) للأصل الموضوعي و الحكمي.

ص: 97

خصوصا إذا أخبرت بالعدم (33)، و كذا إذا علم كونها في العدة سابقا و شك في بقائها إذا أخبرت بالانقضاء (34)، و أما مع عدم إخبارها بالانقضاء فمقتضى استصحاب بقائها عدم جواز تزويجها، و هل تحرم أبدا إذا تزوجها مع ذلك؟ الظاهر ذلك (35)، و إذا تزوجها باعتقاد خروجها عن العدة أو من غير التفات إليها ثمَّ أخبرت بأنها كانت في العدة فالظاهر قبول قولها و إجراء حكم التزويج في العدة فمع الدخول بها تحرم أبدا (36).

مسألة 6: إذا علم أن التزويج كان في العدة مع الجهل بها حكما أو موضوعا

(مسألة 6): إذا علم أن التزويج كان في العدة مع الجهل بها حكما أو موضوعا و لكن شك في أنه دخل بها حتى تحرم أبدا أو لا يبنى على عدم الدخول، و كذا إذا علم بعدم الدخول بها و شك في أنها كانت عالمة أو جاهلة فإنه يبنى على عدم علمها فلا يحكم بالحرمة الأبدية (37).

مسألة 7: إذا علم إجمالا بكون إحدى الامرأتين المعينتين في العدة

(مسألة 7): إذا علم إجمالا بكون إحدى الامرأتين المعينتين في العدة

______________________________

(33) لقول أبي جعفر في الصحيح: «العدة و الحيض للنساء إذا ادّعت صدّقت» (1)، الشامل بإطلاقه للحدوث و البقاء و الانقطاع، مع شمول قاعدة «من استولى على شي ء فقوله معتبر فيما استولى عليه» لها أيضا.

(34) لشمول إطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام لهذه الصورة أيضا.

(35) لأن الاستصحاب مع جريانه و تحقق أركانه حجة معتبرة يترتب عليه جميع الآثار و الأحكام إلا مع دليل على الخلاف و هو مفقود.

(36) أما قبول قولها فلما مر من إطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام و أما الحرمة الأبدية فلتحقق الموضوع شرعا فيشمله إطلاق الحكم قهرا.

(37) أما في الأول فلأصالة عدم الدخول. و أما في الثاني فلأصالة عدم العلم.

ص: 98


1- الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض الحديث: 1.

و لم يعلمها بعينها وجب عليه ترك تزويجهما و لو تزوج إحداهما بطل (38)، و لكن لا يوجب الحرمة الأبدية لعدم إحراز كون هذا التزويج في العدة (39).

نعم، لو تزوجهما معا حرمتا عليه في الظاهر عملا بالعلم الإجمالي.

مسألة 8: إذا علم أن هذه الامرأة المعينة في العدة لكن لا يدري أنها في عدة نفسه أو في عدة لغيره جاز له تزويجها

(مسألة 8): إذا علم أن هذه الامرأة المعينة في العدة لكن لا يدري أنها في عدة نفسه أو في عدة لغيره جاز له تزويجها، لأصالة عدم كونها في عدة الغير (40) فحاله حال الشك البدوي.

مسألة 9: يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية تزويج ذات البعل

(مسألة 9): يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية تزويج ذات البعل، فلو تزوجها مع العلم بأنها ذات بعل حرمت عليه أبدا مطلقا (41) سواء دخل بها أم لا، و لو تزوجها مع الجهل لم تحرم إلا مع

______________________________

(38) أما ترك تزويجهما فللعلم الإجمالي.

و أما البطلان لو تزوج أحدهما فلأصالة عدم ترتب الأثر بعد الشك في الموضوع.

(39) و نظير ذلك في العلم الإجمالي كثير فإذا توضأ بأحد الإنائين المشتبهين فالحدث باق كبقاء طهارة البدن، و إذا شك بعد الفراغ من صلاة الظهر أنه توضأ لها أو لا فصلاة الظهر صحيحة و يجب عليه الوضوء لصلاة العصر، و عادة الشرع على التفكيك بين اللوازم و الملزومات كما ذكروه فيما يتعلق بمنزوحات البئر في كتاب الطهارة.

هذا إذا لوحظ نفس هذا العلم الإجمالي و أما إذا لوحظ علم إجمالي آخر متولد من الأول فله حكم آخر.

(40) و لا تجري أصالة عدم كونها في عدة نفسه لعدم الأثر الشرعي لها.

(41) كما صرح به جماعة منهم المحقق الثاني قال في الجواهر: «بل لعله ظاهر الجميع و إن لم يتعرضوا له بالخصوص اتكالا على معلومية حكمها لحكم

ص: 99

.....

______________________________

ذات العدة الرجعية و منه يعلم ما في نسبة عدم الإلحاق إلى المشهور باعتبار قصر الحكم على ذات العدة» أقول: هو كلام حسن جدا.

و استدلوا عليه بالقطع بأولويته من النكاح في العدة الرجعية، و بقول الصادق عليه السّلام في الموثق: «التي تتزوج و لها زوج يفرّق بينهما، ثمَّ لا يتعاودان أبدا» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «إذا نعي الرجل إلى أهله أو أخبروها أنه قد طلّقها، فاعتدت و تزوجت فجاء زوجها الأول، فإن الأول أحق بها من هذا الأخير، دخل بها الأول أو لم يدخل بها. و ليس للآخر أن يتزوجها أبدا و لها المهر بما استحل من فرجها» (2)، و لا بد من تقييدها بصورة العلم لخبر أحمد بن محمد: «إن الرجل إذا تزوج امرأة و علم أن لها زوجا فرّق بينهما و لم تحل له أبدا» (3).

و أما صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم، فطلّقها الأول أو مات عنها ثمَّ علم الأخير أ يراجعها؟

قال عليه السّلام: لا حتى تنقضي عدتها» (4)، فلا يستفاد منه دخول الزوج الثاني فالمراد من العدة عدة الزوج الأول من الطلاق أو الموت، فلا يدل على الحرمة الأبدية مع أن في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «رجل تزوج امرأة ثمَّ استبان له بعد ما دخل بها أن لها زوجا غائبا فتركها ثمَّ إن الزوج قدم فطلّقها أو مات عنها، أ يتزوجها بعد هذا الذي كان تزوجها و لم يعلم أن لها زوجا؟ قال عليه السّلام: ما أحب له أن يتزوجها حتى تنكح زوجا غيره»(5)، و حمل في الوسائل الدخول فيه على مجرد الخلوة فالأقسام أربعة:

الأول: الدخول مع الجهل يوجب الحرمة.

الثاني: عدمه مع الجهل لا يوجبها إجماعا.

ص: 100


1- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 10 و 3 و 4.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 10 و 3 و 4.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 10 و 3 و 4.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 10 و 3 و 4.

الدخول بها (42) من غير فرق بين كونها حرّة أو أمة مزوّجة و بين الدوام و المتعة في العقد السابق و اللاحق (43)، و أما تزويج أمة الغير بدون إذنه مع عدم كونها مزوّجة فلا يوجب الحرمة الأبدية و إن كان مع الدخول و العلم (44).

مسألة 10: إذا تزوج امرأة عليها عدة

(مسألة 10): إذا تزوج امرأة عليها عدة و لم تشرع فيها- كما إذا مات زوجها و لم يبلغها الخبر فإن عدتها من حين بلوغ الخبر- فهل يوجب الحرمة الأبدية أم لا؟ قولان، أحوطهما الأول، بل لا يخلو عن قوة (45).

مسألة 11: إذا تزوج امرأة في عدتها

(مسألة 11): إذا تزوج امرأة في عدتها و دخل بها مع الجهل فحملت مع كونها مدخولة للزوج الأول فجاءت بولد، فإن مضى من وطء الثاني أقل من ستة أشهر و لم يمض من وطء الزوج الأول أقصى مدة الحمل لحق الولد بالأول (46)، و إما مضى من وطء الأول أقصى المدة و من وطء الثاني

______________________________

الثالث: الدخول مع العلم يوجب الحرمة الأبدية لأنه زناء بذات البعل.

الرابع: العقد فقط بلا دخول مع العلم بالحرمة مبنية على أولويّته من العقد على ذات العدة الرجعية، و حكم الكل يستفاد من مجموع ما تقدم من النصوص بعد رد بعضها إلى بعض.

(42) ظهر حكم الصورتين مما تقدم من الاخبار.

(43) كل ذلك للإطلاق و الاتفاق من كل من ذهب إلى الحرمة.

(44) للأصل و الإطلاق بعد حرمة القياس.

(45) لكون المرأة محكومة في ظاهر الشرع بأنها مزوجة و تقتضيه مرتكزات المتشرعة فلا مجال لأصالة الحلية و الإباحة.

(46) للفراش و الإجماع و النص قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في مفروض المسألة:

«و ان جائت بولد من ستة أشهر فهو للأول» (1).

ص: 101


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 14.

ستة أشهر أو أزيد إلى ما قبل الأقصى فهو ملحق بالثاني (47)، و إن مضى من الأول أقصى المدة و من الثاني أقل من ستة أشهر فليس ملحقا بواحد منهما (48)، و إن مضى من الأول ستة فما فوق و كذا من الثاني فهل يلحق بالأول أو الثاني أو يقرع؟ وجوه أو أقوال، و الأقوى لحوقه بالثاني (49) لجملة من الأخبار (50) و كذا إذا تزوجها الثاني بعد تمام العدة للأول و اشتبه حال الولد (51).

مسألة 12: إذا اجتمعت عدة وطى الشبهة مع التزويج أو لا معه

(مسألة 12): إذا اجتمعت عدة وطى الشبهة مع التزويج أو لا معه (52).

______________________________

(47) لوجود المقتضي للإلحاق به و فقد المانع عنه بخلاف الأول لفرض انقضاء أقصى مدة الحمل منه فلا وجه للإلحاق به حينئذ.

(48) لفقد شرط الإلحاق بكل منهما كما هو معلوم لأنه يعتبر في الإلحاق أن لا تكون المدة أقل من أقل الحمل و لا أكثر من أكثره كما يأتي في أحكام الأولاد إن شاء اللّه تعالى.

(49) اختاره جمع منهم المحقق و العلامة و الشهيد الثاني و نسبه إلى الأكثر.

(50) منها قول الصادقين عليهما السّلام في الصحيح: «و إن ولدت لستة أشهر فهو للأخير» (1)، و مثله غيره و يقتضيه ترجيح فعلية الفراش على الفراش السابق و لا وجه للرجوع إلى القرعة مع الدليل المعمول به.

(51) لجريان الكبرى في الكل و إن تعددت الصغريات.

(52) الوطي بالشبهة. تارة: بلا تزويج ظاهري كما إذا وطئت امرأة أجنبية شبهة ثمَّ انجلت الشبهة.

و أخرى: مع تزويج ظاهري و لكنه باطل في الواقع كما إذا ثبت أنها غير مزوجة فعقد عليها ثمَّ بان الخلاف.

ص: 102


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 12.

و عدة الطلاق أو الوفاة أو نحوهما (53) فهل تتداخل العدتان أو يجب التعدد؟ قولان، المشهور على الثاني (54) و هو الأحوط (55)، و إن كان الأول لا يخلو عن قوة حملا للأخبار الدالة على التعدد (56) على التقية

______________________________

و ثالثة: لا شبهة في البين بل زناء محض و الأخير لا عدة عليها لعدم الحرمة لماء الزاني و الأولتان لهما العدة، و عدة وطئ الشبهة تجمع مع عدة الطلاق بأقسامها و عدة الوفاة و نحوهما.

(53) كعدة الفسخ بالعيوب و ما يتعلق بالمتعة من الانقضاء و هبة المدة.

(54) و عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع عليه.

(55) يأتي أنه المتعين.

(56) مجموع الأخبار ثلاثة أقسام:

الأول: ما يدل على التعدد و عدم التداخل و هي أخبار كثيرة منها صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «المرأة الحبلى يتوفى عنها زوجها، فتضع و تتزوج قبل أن تعتد أربعة أشهر و عشرا فقال: إن كان الذي تزوجها دخل بها فرّق بينهما، و لم تحل له أبدا، و أعتدت بما بقي عليها من عدة الأول و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أتمّت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطاب»(1)، و نحوه غيره.

الثاني: ما يدل على اتحاد العدة و تداخل العدتين و هي أيضا كثيرة منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال:

يفرّق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا» (2).

الثالث: ما يدل على إثبات التداخل و نفي التعدد كخبر زرارة و يونس ..

أما الأول: عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدت و تزوجت فجاء زوجها الأول ففارقها الآخر كم تعتد للثاني؟ قال عليه السّلام:

ص: 103


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 11.

.....

______________________________

ثلاثة قروء و إنما يستبرئ رحمها بثلاثة قروء و تحل للناس كلهم.

قال زرارة: و ذلك أن أناسا قالوا: تعتد عدتين من كل واحد عدة، فأبى أبو جعفر عليه السّلام و قال: تعتد ثلاثة قروء و تحل للرجال» (1).

و الثاني: ورد «في امرأة نعي إليها زوجها فتزوجت ثمَّ قدم الزوج الأول فطلّقها، و طلّقها الآخر. قال: فقال إبراهيم النخعي: عليها أن تعتد عدتين فحملها زرارة إلى أبي جعفر عليه السّلام فقال: عليها عدة واحدة» (2).

و لا بد في شرح المقام من التكلم في جهات:

الأولى: هل يجري في المقام بحث التداخل و عدمه أو لا بل هو أجنبي عنه؟ الحق هو الأخير، لأن المستفاد مما ورد في العدة- كما يأتي في كتاب الطلاق- أنها إنما تكون لأجل استبراء الرحم بثلاثة قروء و مع الاستبراء لا موضوع للتعدد حتى يبحث عن التداخل و عدمه.

نعم، أولويّة التعدد له وجه كاف لأولويّة مطلق الاحتياط.

الثانية: هل يجري في المقام موضوع التقية أولا؟ الظاهر الثاني لأنه بعد أن حمل زرارة قول التعدد منهم إلى أبي جعفر عليه السّلام و صرّح بالتداخل، و أبي عليه السّلام إلا من الاتحاد فحينئذ كيف يحمل اخبار التعدد على التقية فأبطل عليه السّلام صدور اخبار التعدد للتقية في هذه المسألة خصوصا بالنسبة إلى رواه التعدد الذين هم من فضلاء أصحابهم.

الثالثة: يستفاد من كون التداخل في كل طبقة من الشاذ حتى أن الصدوق الذي نسب إليه التداخل في محل ذهب إلى التعدد في محل آخر، و شهرة التعدد فتوى و عملا كذلك و أن الهجر عن أخبار التداخل كان لأجل خلل فيها ظفروا عليها و خفي علينا، فالأخبار و إن كانت متعارضة بحسب الظاهر لكنها قسم واحد في الواقع بعد التأمل و هو اخبار التعدد فقط.

و لو لا ذلك فالجمع العرفي يقتضي الأخذ بأخبار التداخل و حمل أخبار

ص: 104


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب العدد الحديث: 2.

بشهادة خبر زرارة و خبر يونس (57)، و على التعدد يقدم ما تقدم سببه (58) إلا إذا كان إحدى العدتين بوضع الحمل فتقدم و إن كان سببها متأخرا لعدم إمكان التأخير حينئذ (59)، و لو كان المتقدمة عدة وطء الشبهة و المتأخرة عدة الطلاق الرجعي فهل يجوز الرجوع قبل مجي ء زمان عدته؟ و هل ترث الزوج إذا مات قبله في زمان عدة وطء الشبهة؟ وجهان، بل قولان لا يخلو الأول منها من قوة (60)، و لو كانت متأخرة عدة الطلاق البائن فهل يجوز تزويج المطلق لها في زمان عدة الوطي قبل مجي ء زمان عدة الطلاق؟

______________________________

التعدد على الاستحباب كما هو الجمع الشائع لدى الأصحاب.

(57) أما التقية فقد ظهر مما مر أنه لا وجه لها و أما الخبران فقد تقدم فراجع.

(58) للأصل و الإجماع و ظاهر الأدلة بلا فرق بين أنحاء العدد من عدة الوفاة و عدة وطئ الشبهة.

و احتمال تقديم عدة الوفاة على عدة الوطي بالشبهة أو الطلاق عليها كما في المسالك لم يظهر له وجه كما لا يخفي على من راجعها.

و مع التقارن فالظاهر التخيير، لعدم ترجيح في البين.

(59) مضافا إلى ظهور الإجماع.

(60) لفرض عدم تمامية عدتها بل عدم الشروع فيها بعد بحكم الشرع فهي بمنزلة الزوجة حينئذ، فيشملها إطلاق النصوص الكثيرة الدالة على صحة الرجوع ما دامت في العدة كصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته واحدة؟ قال عليه السّلام: هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدة» (1)، و عنه أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام: «هي امرأته ما لم تنقص العدة» (2)، إلى غير ذلك

ص: 105


1- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1 و 6.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1 و 6.

وجهان، لا يبعد الجواز (61) بناء على أن الممنوع في عدة وطء الشبهة وطء الزوج لها لا سائر الاستمتاعات بها كما هو الأظهر، و لو قلنا بعدم جواز التزويج حينئذ للمطلق فيحتمل كونه موجبا للحرمة الأبدية أيضا لصدق التزويج في عدة الغير، لكنه بعيد (62) لانصراف أخبار التحريم المؤبد عن هذه الصورة، هذا و لو كانت العدتان لشخص واحد كما إذا طلّق زوجته بائنا ثمَّ وطأها شبهة في أثناء العدة فلا ينبغي الإشكال في التداخل (63)، و إن كان مقتضى إطلاق بعض العلماء (64) التعدد في هذه الصورة أيضا.

مسألة 13: لا إشكال في ثبوت مهر المثل في الوطء بالشبهة

(مسألة 13): لا إشكال في ثبوت مهر المثل (65) في الوطء بالشبهة المجردة عن التزويج إذا كانت الموطوءة مشتبهة و إن كان الواطئ

______________________________

من الاخبار مما هي كثير و لا ريب في شمول إطلاقها للفرض.

و وجه القول الآخر انصراف الأدلة إلى خصوص عدة الطلاق الرجعي و لا ريب في أنه بدوي.

(61) بل لا يجوز لما تقدم منه رحمه اللّه في أول الفصل من عدم جواز التزويج في عدة وطئ الشبهة فيكون أصل التزويج باطلا فلا تصل النوبة إلى أن سائر الاستمتاعات جائز أو لا.

(62) لا بعد فيه مع شمول الأدلة و كون الانصراف على فرضه بدويا.

(63) مقتضى الجمود على الإطلاق التعدد في هذه الصورة أيضا.

(64) نسبه في الجواهر إلى الأكثر و هو جمود حسن منهم على ظاهر الإطلاق رحمهم اللّه.

(65) للإجماع و النصوص التي يأتي بعضها في أحكام المهر، و لأنه عوض الانتفاع بالبضع فيما لم يسقط الشارع العوضية.

ص: 106

عالما (66)، و أما إذا كان بالتزويج ففي ثبوت المسمى أو مهر المثل قولان، أقواهما الثاني (67) و إذا كان التزويج مجردا عن الوطء فلا مهر أصلا (68).

______________________________

(66) الأقسام الأربعة:

الأول: كونهما مشتبهين.

الثاني: كونهما عالمين.

الثالث: كون المرأة مشبهة و الرجل عالما.

الرابع: عكس ذلك.

يثبت المهر في الأول و لا يثبت في الثاني لأنه «لا مهر لبغي» و العدة تدور على هذه الأقسام أيضا فتجب في الأول و لا تجب في الثاني، لأنه «لا حرمة لماء الزاني» و تجب في الثالث و الأخير، لاحترام الماء في الجملة و يأتي التفصيل في العدد، و ظاهر إطلاقهم عدم الفرق في ثبوت مهر المثل بالوطئ بالشبهة في موارد ثبوته بينما إذا كانت الموطوئة المشتبهة محرمة نسبا أو رضاعا أو لأجل المصاهرة أو أجنبية محضة.

(67) لفساد العقد فلا وجه للمسمى كما في جميع العقود المعاوضة التي يفسد العقد فيها حيث فيها عوض المثل و ما في بعض الأخبار من إطلاق أن عليه المهر بما استحل من فرجها يحمل على مهر المثل كخبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «فان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها» (1).

(68) للأصل و الإجماع و عدم الانتفاع منها بالدخول.

ثمَّ إن مقتضى الإطلاقات و أصالة المساواة أنه لا فرق الوطي الموجب لثبوت مهر المثل بين كونه في القبل أو الدبر كما أن مقتضى تخصيصهم مهر المثل بالوطئ عدم العوض في سائر الاستمتاعات و إن بلغت ما بلغت ما لم يبلغ الوطي في أحد المخرجين.

ص: 107


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.

مسألة 14: مبدأ العدة في وطء الشبهة المجردة عن التزويج حين الفراغ من الوطء

(مسألة 14): مبدأ العدة في وطء الشبهة المجردة عن التزويج حين الفراغ من الوطء (69)، و أما إذا كان مع التزويج فهل هو كذلك أو من حين تبيّن الحال؟ وجهان و الأحوط الثاني، بل لعله الظاهر من الأخبار (70).

مسألة 15: إذا كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بأن كان الاشتباه من طرف الواطئ فقط فلا مهر لها

(مسألة 15): إذا كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بأن كان الاشتباه من طرف الواطئ فقط فلا مهر لها إذا كانت حرة، إذ «لا مهر لبغي» و لو كانت أمة ففي كون الحكم كذلك أو يثبت المهر لأنه حق السيد، وجهان لا يخلو

______________________________

(69) هذا إذا كان الانجلاء و رفع الشبهة حين الفراغ من الوطي معلوم بلا إشكال، لأن السبب في العدة شرعا إما الفراغ من الوطي أو رفع الشبهة، و المفروض تحقق كل منهما فيترتب المسبب على السبب قهرا بلا فرق فيه بين الوطي الواحد و المتعدد مع بقاء الشبهة، كما هو مقتضى إطلاق بعض الأخبار، ففي صحيح الحلبي قال: «سألته عن رجلين نكحا امرأتين فأتى هذا بامرأة ذا و هذا بامرأة ذا؟ قال عليه السّلام: تعتد هذه من هذا، و هذه من هذا، ثمَّ ترجع كل واحدة إلى زوجها» (1).

و أما لو وطئت شبهة مرة- مثلا- و انقضت منه ثلاثة قروء و بعد تمام الثلاثة انكشف أن الوطي كان شبهة، فأي أثر للعدة حينئذ بعد استبراء الرحم من ماء الواطئ بثلاث قروء أو أشهر فتكون لغوا.

(70) لتنزل العقد الفاسد واقعا منزلة العقد الصحيح كذلك فكما أن في العقد الصحيح يكون مبدأ العدة بعد الطلاق في العقد الفاسد واقعا يكون بعد الانجلاء للجامع القريب بينهما، و هو كون الموطوئة تحت اختيار الرجل فيهما.

و أما الأخبار فمنها ما عن الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير و غيره: «في شاهدين شهدا عند امرأة بأن زوجها طلّقها فتزوجت ثمَّ جاء زوجها، قال عليه السّلام:

ص: 108


1- الوسائل باب: 9 من أبواب العيوب الحديث: 2.

الأول منهما من قوة (71).

مسألة 16: لا يتعدد المهر بتعدد الوطء

(مسألة 16): لا يتعدد المهر بتعدد الوطء مع استمرار الاشتباه، نعم لو كان مع تعدد الاشتباه تعدد (72).

مسألة 17: لا بأس بتزويج المرأة الزانية غير ذات البعل للزاني و غيره

(مسألة 17): لا بأس بتزويج المرأة الزانية غير ذات البعل للزاني و غيره (73)، و الأحوط الأولى أن يكون بعد استبراء رحمها بحيضة من مائه

______________________________

يضربان الحد و يضمنان الصداق للزوج ثمَّ تعتد و ترجع إلى زوجها الأول» (1)، بدعوى ظهوره في ترتب الاعتداد على التفريق و مثله غيره.

و فيه: أن الأول أشبه بالقياس و قوله عليه السّلام: «ثمَّ تعتد» أعم من أن تشرع المرأة في الاعتداد بعد كشف الشبهة، أو تتم بقية المدة من حين تمام الوطي.

(71) إن كان للمولى تسبيب في زنائها فالظاهر بل المعلوم من مذاق الشرع أنه لا حق له، لأن العمل محرّم و هو أوقع الأمة في الحرام فكيف يثبت له الحق، و إن لم يكن تسبيب منه في ذلك و كان عالما بأنها أقدمت على الزنا عالمة به فكذلك أيضا للشك في حصول حق له حينئذ، و إن كان جاهلا مطلقا و هي عالمة و زنت عن علم بحرمة الزناء فالمسألة مبنية على شمول بعض الإطلاقات لهذه الصورة و عدمه، كصحيح ابن يسار عن الصادق عليه السّلام: «فيمن أحل جاريته لأخيه، قلت: أرأيت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها، قال عليه السّلام: لا ينبغي له ذلك قلت: فإن فعل أ يكون زانيا؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يكون خائنا و يغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا و إن لم تكن فنصف عشر قيمتها» (2)، و مثله غيره و الشمول جمود على الإطلاق و لكنه بعيد عن مذاق الشرع و المتشرعة.

(72) لوحدة الموضوع عرفا في الأول بخلاف الثاني و له نظائر في كفارات الإحرام و سجود السهو و نحوها.

(73) على المشهور فيهما لعمومات الحلّية و إطلاقاتها و خصوص

ص: 109


1- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

.....

______________________________

قولهم عليهم السّلام: «الحرام لا يحرم الحلال» (1)، و نصوص خاصة منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «أيما رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوجها حلالا قال عليه السّلام: أوّله سفاح و آخره نكاح، و مثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما ثمَّ اشتراها بعد فكانت له حلالا» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «سألته عن رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوجها؟ فقال عليه السّلام: حلال أوّله سفاح و آخره نكاح أوّله حرام و آخره حلال» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما موثق عمار عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يحل له أن يتزوج امرأة كان يفجر بها؟ قال عليه السّلام: إن آنس منها رشدا فنعم و إلا فليراودها على الحرام فإن تابعته فهي عليه حرام و إن أبت فليتزوجها» (4)، فلا بد من حمله على الكراهة قبل التوبة فلا وجه للحرمة كما عن جمع هذا بالنسبة إلى الزاني.

و أما بالنسبة إلى غيره فيدل عليه مضافا إلى الإطلاقات نصوص كثيرة أيضا منها ما عن علي بن رئاب «قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل المسلم؟ قال عليه السّلام: نعم، و ما يمنعه؟! و لكن إذا فعل فليحصّن بابه مخافة الولد» (5).

و في خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سئل عن رجل أعجبته امرأة فسأل عنها فإذا الثناء عليها في شي ء من الفجور؟ فقال عليه السّلام: لا بأس بأن يتزوجها و يحصّنها» (6)، إلى غير ذلك من الاخبار.

و أما الآية الكريمة الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (7)، فليست في مقام بيان الحكم من هذه الجهة و إلا لكان مفادها جواز تزويج الزاني المسلم المشركة و جواز تزويج المشرك الزانية المسلمة و كل منهما غير جائز بالاتفاق، و لعل

ص: 110


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 2.
6- الوسائل باب: 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 2.
7- سورة النور: 3.

أو ماء غيره (74) إن لم تكن حاملا، و أما الحامل فلا حاجة فيها إلى

______________________________

المراد بها مجرد الوطي و بيان مقام الاقتضاء في الجملة من قبيل قوله تعالى:

الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ (1)، أو المشهورات بالزنا و المشهورين به كما في الحديث ففي صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل:

الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ قال عليه السّلام: هن نساء مشهورات بالزنا و رجال مشهورون بالزنا، قد شهروا بالزنا و عرفوا به. و الناس اليوم بذلك المنزل، فمن أقيم عليه حد الزنا. أو شهر منهم بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة» (2)، و غيره من الأخبار.

(74) لما عن الصادق عليه السّلام في الموثق: «الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها و إنما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها» (3).

و عن أبي جعفر الجواد عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا أ يحل له أن يتزوجها؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه ثمَّ يتزوج بها إن أراد، فإنما مثلها مثل نخلة أكل منها رجل حراما ثمَّ اشتراها فأكل منها حلالا» (4)، و لكن سياق الأخبار الدالة على جواز تزويج الزانية آب عن التقييد من الاستبراء، مع و هن الخبرين بالإعراض فما نسب إلى العلامة و الوسائل و الحدائق من الوجوب لا وجه له.

ص: 111


1- سورة النور: 26.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 44 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة العدد الحديث: 2.

الاستبراء بل يجوز تزويجها و وطؤها بلا فصل (75).

نعم، الأحوط ترك تزويج المشهورة بالزنا إلا بعد ظهور توبتها، بل الأحوط ذلك بالنسبة إلى الزاني بها، و أحوط من ذلك ترك تزويج الزانية مطلقا إلا بعد توبتها (76)، و يظهر ذلك بدعائها إلى الفجور فإن أبت ظهر توبتها (77).

مسألة 18: لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها

(مسألة 18): لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها و إن كانت مصرّة على ذلك، و لا يجب عليه أن يطلّقها (78).

______________________________

(75) لإجماع و ظاهر ما تقدم من الخبرين، إذ الحامل لا معنى للاستبراء بالنسبة إليها.

(76) لما تقدم من الأخبار و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا و لا يتزوج الرجل المعلن بالزنا إلا بعد أن تعرف منهما التوبة» (1).

(77) كما في موثق عمار: «و إن أبت فليتزوجها» (2).

(78) كل ذلك للأصل و إطلاق «الحرام لا يحرّم الحلال» (3)، و قول الصادق عليه السّلام في خبر ابن صهيب: «لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني إذا كانت تزني و إن لم يقم عليها الحد فليس عليه من إثمها شي ء» (4).

و ما يدل على الحرمة إذا زنت قبل الدخول بها مثل رواية الفضل: «سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فزنت؟ قال عليه السّلام:

ص: 112


1- الوسائل باب: 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 9.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

مسألة 19: إذا زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه أبدا

(مسألة 19): إذا زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه أبدا (79) فلا يجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو طلاقه لها. أو انقضاء مدتها إذا كانت متعة، و لا فرق على الظاهر بين كونها حال الزنا عالما بأنها ذات بعل أو لا، كما لا فرق بين كونها حرة أو أمة و زوجها حرا أو عبدا، كبيرا أو صغيرا، و لا بين كونها مدخولا بها من زوجها أو لا، و لا بين أن يكون ذلك بإجراء العقد عليها و عدمه بعد فرض العلم بعدم صحة العقد، و لا بين أن تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة (80).

نعم، لو كانت هي الزانية و كان الواطئ مشتبها فالأقوى عدم الحرمة الأبدية (81)، و لا يلحق بذات البعل الأمة المستفرشة و لا المحلّلة (82).

نعم، لو كانت الأمة مزوّجة فوطئها سيدها لم يبعد الحرمة الأبدية

______________________________

يفرّق بينهما و تحد الحد و لا صداق لها» (1)، و مثله غيره لم يعمل به أحد فلا بد من طرحه أو حمله على بعض المحامل.

(79) نسب ذلك إلى المشهور و ادعى جمع عليه الإجماع إلا من المحقق رحمه اللّه في الشرائع و ادعى الشهيد في المسالك أولويّة ذلك من العقد عليها عالما بذلك أو جاهلا مع الدخول و عهدة إثبات دعوى القطع بالأولوية عليه رحمه اللّه، و يشهد لأصل المدعى الرضوي: «من زنا بذات بعل محصنا أو غير محصن ثمَّ طلّقها زوجها أو مات عنها و أراد الذي زنا بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا» (2).

(80) كل ذلك لإطلاق أقوالهم في معقد إجماعهم.

(81) لأن مورد إجماعهم الزنا من الرجل و لا يتحقق ذلك منه مع الشبهة كما هو معلوم.

(82) للأصل بعد خروجهما عن مورد إجماعهم.

ص: 113


1- الوسائل باب: 6 من أبواب العيوب الحديث: 2.
2- مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.

عليه و إن كان لا يخلو عن إشكال (83)، و لو كان الواطئ مكرها على الزنا فالظاهر لحوق الحكم، و إن كان لا يخلو عن إشكال أيضا (84).

مسألة 20: إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه أبدا

(مسألة 20): إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه أبدا (85) دون البائنة و عدة الوفاة و عدة المتعة و الوطء بالشبهة و الفسخ (86)، و لو شك في كونها في العدة أو لا أو في العدة الرجعية أو البائنة فلا حرمة ما دام باقيا على الشك (87).

نعم، لو علم كونها في عدة رجعية و شك في انقضائها و عدمه فالظاهر الحرمة و خصوصا إذا أخبرت هي بعدم الانقضاء (88) و لا فرق بين أن يكون الزنا في القبل أو الدبر، و كذا في المسألة السابقة (89).

مسألة 21: من لاط بغلام فأوقب و لو بعض الحشفة

(مسألة 21): من لاط بغلام فأوقب و لو بعض الحشفة (90) حرمت (91)

______________________________

(83) من صدق الزنا بذات البعل و من إمكان دعوى أن المتيقن من الإجماع غير ذلك.

(84) يجري فيه ما مر في سابقة من غير فرق.

(85) لأن المطلّقة الرجعية زوجة فيجري عليها كل ما مر في المسائل السابقة حكما و موضوعا.

(86) كل ذلك للأصل بعد عدم الدليل على الحرمة الأبدية.

(87) لأصالة الحلية العقلية و النقلية.

(88) أما أصل الحرمة فللاستصحاب. و أما الخصوصية فلاعتبار قولها في ذلك كما مر.

(89) لأصالة المساواة بين الفرجين و عدم دليل على التخصيص في البين.

(90) للإطلاق و ظهور الاتفاق الشامل للبعض أيضا.

(91) إجماعا و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «في رجل

ص: 114

عليه أمه أبدا و إن علت، و بنته و إن نزلت (92)، و أخته، من غير فرق بين كونهما كبيرين أو صغيرين، أو مختلفين (93) و لا تحرم على الموطوء أم الواطئ و بنته و أخته على الأقوى (94) و لو كان الموطوء خنثى حرمت أمها و بنتها على الواطئ لأنه إما لواط أو زنا و هو محرم- إذا كان سابقا- كما سيأتي (95).

و الأحوط حرمة المذكورات على الواطئ و إن كان ذلك بعد التزويج (96) خصوصا إذا طلقها و أراد تزويجها

______________________________

يعبث بالغلام قال عليه السّلام: إذا أوقب حرمت عليه بنته و أخته» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في الموثق: «في رجل لعب بغلام هل تحل له أمه؟ قال عليه السّلام: إن كان ثقب فلا» (2)، و إطلاق الإيقاب و الثقب يشمل بعض الحشفة أيضا كإطلاق الكلمات.

(92) إطلاق العلو و النزول مقتضى إطلاق النص و الفتوى و قد مر التنصيص بالأخت في النص.

(93) للإطلاق الشامل للجميع و ذكر الرجل فيما مر من الأخبار إنما هو من باب الغالب و الطريقية إلى تحقق عنوان الإيقاب و اللواط لا الموضوعية الخاصة حتى يخرج الصغير عن موضوع الحكم.

(94) للأصل و دعوى الإجماع.

(95) في الفصل الآتي (مسألة 28).

(96) لما عن الصادق عليه السّلام في مرسل ابن أبي عمير: «في رجل يأتي أخا امرأته فقال: إذا أوقبه فقد حرمت عليه المرأة» (3)، و لكنه خلاف المشهور بل ادعى الاتفاق على عدم الحرمة و حمل الحديث على ما إذا كانت المرأة امرأته في الحال دون زمان العمل مع أنه خلاف قولهم عليهم السّلام: «الحرام

ص: 115


1- الوسائل باب: 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 7 و 2.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 7 و 2.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

جديدا (97) و الأم الرضاعية كالنسبية و كذلك الأخت و البنت (98)، و الظاهر عدم الفرق في الوطء بين أن يكون عن علم و عمد و اختيار أو مع الاشتباه كما إذا تخيّله امرأته أو كان مكرها أو كان المباشر للفعل هو المفعول (99)، و لو كان الموطوء ميتا ففي التحريم إشكال (100)، و لو شك في تحقق الإيقاب و عدمه بنى على العدم (101)، و لا تحرم من جهة هذا الفعل الشنيع غير الثلاثة المذكورة (102) فلا بأس بنكاح ولد الواطئ ابنة الموطوء أو أخته أو أمه، و إن كان الأولى الترك في ابنته (103).

______________________________

لا يحرم الحلال» (1).

(97) لشمول الإطلاقات لها حينئذ.

(98) لعموم دليل المنزلة ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود.

(99) كل ذلك لإطلاق الفتاوى و النصوص.

(100) من ظهور دليل الحرمة في الحي فيرجع إلى الأصل و من الجمود على الإطلاق فيحرم.

(101) للأصل كما في جميع الموارد التي يشك فيها في الدخول و عدمه.

(102) للأصل و الإجماع و قاعدة «لا يحرّم الحرام الحلال».

(103) لمرسل ابن سعد قال: «كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل: ما ترى في شابين كانا مصطحبين فولد لهذا غلام و للآخر جارية أ يتزوج ابن هذا ابنة هذا؟ فقال عليه السّلام: نعم سبحان اللّه لم لا يحل؟! فقال: انه كان صديقا له، قال: و إن كان فلا بأس، قال: فإنه كان يفعل به، قال: فاعرض بوجهه ثمَّ أجاب و هو متستر بذراعه فقال: إن كان الذي كان منه دون الإيقاب فلا بأس أن يتزوج، و إن كان قد أوقب فلا يحل له أن يتزوج» (2)، و لكن قصور سنده و عدم العامل به أسقطه عن الاعتبار

ص: 116


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

فصل

اشارة

فصل من المحرّمات الأبدية التزويج حال الإحرام لا يجوز للمحرم أن يتزوج (1) امرأة محرمة أو محلّة سواء كان بالمباشرة، أو بالتوكيل مع إجراء الوكيل العقد حال الإحرام سواء كان الوكيل محرما أو محلا و كانت الوكالة قبل الإحرام أو حاله (2)، و كذا لو كان بإجازة عقد الفضولي الواقع حال الإحرام أو قبله مع كونها حاله (3) بناء على النقل، بل على الكشف الحكمي (4) بل الأحوط مطلقا (5) و لا إشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة (6) و إن كان مع العلم

______________________________

(1) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في الموثق: «المحرم إذا تزوج و هو يعلم انه حرام عليه لم تحل له أبدا» (1).

(2) كل ذلك للإطلاق الشامل للجميع كإطلاق الفتاوي.

(3) لصدق العقد حال الإحرام عرفا فيشمله الإطلاق قهرا.

(4) لما مر من الصدق العرفي بعد التفاتهم إلى ترتب حكم العقد من حين الإجازة.

(5) لاحتمال حرمة مطلق إنشاء عقد النكاح حتى بالعنوان الإنشائي المحض حال الإحرام و إن كان ترتيب الأثر عليه حال الإحلال.

(6) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «المحرم لا

ص: 117


1- الوسائل باب: 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

بالحرمة حرمت الزوجة عليه أبدا (7)، سواء دخل بها أو لا (8)، و إن كان مع الجهل بها لم تحرم عليه على الأقوى (9) دخل بها أو لم يدخل (10)،

______________________________

يتزوج و لا يزوّج فإن فعل فنكاحه باطل» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه: «إن رجلا من الأنصار تزوّج و هو محرم فأبطل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نكاحه» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

(7) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في خبر زرارة: «المحرم إذا تزوج و هو يعلم أنه حرام عليه لم تحل له أبدا» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر الخزاعي: «إن المحرم إذا تزوج و هو محرم فرّق بينهما و لا يتعاودان أبدا». (4).

(8) لإطلاق الشامل لهما.

(9) جمعا بين ما مر من قول الصادق عليه السّلام في خبر زرارة و قول أبي جعفر في صحيح ابن قيس: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل ملك بضع امرأة و هو محرم قبل أن يحل فقضى أن يخلي سبيلها و لم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل.

فإذا أحل خطبها إن شاء و إن شاء أهلها زوّجوه، و إن شاءوا لم يزوّجوه» (5)، و قريب منه غيره.

و نسب إلى الصدوق و السلّار التحريم الأبدي تمسكا ببعض الإطلاقات (6)، و هو خلاف الجمع بين جميع الأخبار.

(10) لإطلاق ما مر من قول أبي جعفر عليه السّلام و غيره من الأخبار و من ذهب إلى الحرمة الأبدية مع الدخول لدعوى الإجماع و إلحاقا بها بذات العدة لا وجه له إذ الأول موهون بمخالفة الأكثر و الثاني قياس.

ص: 118


1- الوسائل باب: 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 7 و 2.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 9 و 4.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 2 و 3.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 2 و 3.
6- الوسائل باب: 15 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 2.

لكن العقد باطل على أي حال (11) بل لو كان المباشر للعقد محرما بطل و إن كان من له العقد محلا (12) و لو كان الزوج محلا و كانت الزوجة محرمة فلا إشكال في بطلان العقد (13) لكن هل يوجب الحرمة الأبدية؟

فيه قولان، الأحوط الحرمة، بل لا يخلو عن قوة (14) و لا فرق في البطلان و التحريم الأبدي بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو مندوب أو لعمرة

______________________________

(11) إجماعا و نصوصا منها ما مر من صحيح ابن قيس و غيره.

(12) إجماعا و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوّج و إن تزوّج أو زوّج محلا فتزويجه باطل» (1).

(13) للإجماع، و قاعدة الاشتراك، و ظهور سياق الأخبار المتقدمة في أن ذكر المحرم من باب المثال للتلبس بحالة الإحرامية فتشمل المرأة أيضا كجملة كثيرة من أحكام الإحرام على ما فصلناه في غير المقام.

(14) استدل على الحرمة الأبدية بالإجماع تارة، و بقاعدة الاحتياط أخرى، و بقاعدة الاشتراك ثالثة، و بإطلاق النصوص رابعة.

و أشكل على الأول: بأن عهدة إثبات الإجماع على مدعيه.

و على الثاني: بأن الاحتياط حسن و لكنه ليس بدليل.

و على الثالث: بالشك في شمول القاعدة للمقام.

و على الأخير باختصاص النصوص بالمحرم دون المحرمة.

و الكل مخدوش. أما الأول: فأي فرق بين الإجماع في المقام و سائر الإجماعات حيث اعتمدوا عليها.

و أما الثالث: فشأن الأصل و القاعدة أن يشمل صورة الشك فإذا لم يشملها فأي أثر للقاعدة أو الأصل.

و أما الأخير فاشتمال النصوص على المحرم لا إشكال فيه و لكن المنساق

ص: 119


1- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 1.

واجبة أو مندوبة (15)، و لا في النكاح بين الدوام و المتعة (16).

مسألة 1: لو تزوج في حال الإحرام مع العلم بالحكم لكن كان غافلا عن كونه محرما أو ناسيا له فلا إشكال في بطلانه

(مسألة 1): لو تزوج في حال الإحرام مع العلم بالحكم لكن كان غافلا عن كونه محرما أو ناسيا له فلا إشكال في بطلانه، لكن في كونه محرما أبدا إشكال (17) و الأحوط ذلك.

مسألة 2: لا يلحق وطء زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الإحرام بالتزويج في التحريم الأبدي

(مسألة 2): لا يلحق وطء زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الإحرام بالتزويج في التحريم الأبدي، فلا يوجبه و إن كان مع العلم بالحرمة و العمد (18).

مسألة 3: لو تزوج في حال الإحرام و لكن كان باطلا من غير جهة الإحرام

(مسألة 3): لو تزوج في حال الإحرام و لكن كان باطلا من غير جهة الإحرام كتزويج أخت الزوجة أو الخامسة هل يوجب التحريم أو لا؟

الظاهر ذلك، لصدق التزويج (19) فيشمله الأخبار.

______________________________

العرفي من الجميع إن ذلك من أحكام الإحرام و دأب الشرع أنه يذكر الرجل في جميع الأحكام تسترا على المرأة حتى في سياق الكلام.

(15) كل ذلك للإطلاق و ظهور الاتفاق، و لا فرق أيضا بين كون الإحرام لنفسه أو كان نائبا عن غيره.

(16) لشمول إطلاق النصوص و الفتاوى له أيضا فيكون من سنخ الوضعيات التي لا تختص بحال دون آخر.

(17) لأنه لا علم مع الغفلة و النسيان فكيف يصير حراما مؤبدا إلا أن يراد بالعلم العلم الاقتضائي لو لم يكن مانع في البين و هو أول الدعوى و منه يظهر وجه الاحتياط.

(18) كل ذلك للأصل و ظهور الإجماع و إطلاق: «إن الحرام لا يحرّم الحلال» (1).

(19) لو لا انسباق التزويج الصحيح من الأدلة و الشك فيه يكفي في عدم

ص: 120


1- تقدم في صفحة: 114.

نعم، لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان بحيث لا يصدق عليه التزويج لم يوجب (20).

مسألة 4: لو شك في أن تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله بنى على عدم كونه فيه

(مسألة 4): لو شك في أن تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله بنى على عدم كونه فيه (21)، بل و كذا لو شك في أنه كان في حال الإحرام أو بعده على إشكال (22)، و حينئذ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله أو حال الإحلال سابقا أو لا حقا قدّم قول من يدعي الصحة (23) من غير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما.

نعم، لو كان محرما و شك في أنه أحل من إحرامه أم لا، لا يجوز له التزويج، فإن تزوج مع ذلك بطل و حرمت عليه أبدا كما هو مقتضى استصحاب بقاء الإحرام (24).

______________________________

الحرمة للأصل و تقدم منه رحمه اللّه التوقف في نظيرها فراجع الفصل السابق.

(20) لقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع.

(21) لأصالتي الحلية و الصحة بل و أصالة عدم الإحرام في بعض الصور.

(22) تجري أصالة الصحة في هذه الصورة أيضا.

و منشأ الاشكال جريان استصحاب بقاء الإحرام إلى حين العقد.

و فيه. أولا: أنه لا كلية فيه.

و ثانيا: لا يثبت وقوع العقد في حال الإحرام.

(23) لأصالة الصحة في العقود كلها عند الشك في صحتها و فسادها بل في الأفعال مطلقا كذلك و هي من القواعد النظامية العقلائية المقررة شرعا و منه يظهر وجه التعميم الذي ذكره رحمه اللّه بعد ذلك.

(24) فتثبت الحرمة ظاهرا ما لم ينكشف الخلاف و لا تنفع أصالة الصحة في المقام لأنها لا تثبت الفراغ من الإحرام و إن العقد حصل بعد الفراغ، و مجراها إنما هو بعد الفراغ من العمل لا في أثنائه.

ص: 121

مسألة 5: إذا تزوّج حال الإحرام عالما بالحكم و الموضوع ثمَّ انكشف فساد إحرامه صح العقد

(مسألة 5): إذا تزوّج حال الإحرام عالما بالحكم و الموضوع ثمَّ انكشف فساد إحرامه صح العقد و لم يوجب الحرمة (25).

نعم، لو كان إحرامه صحيحا فأفسده ثمَّ تزوج ففيه وجهان من أنه قد فسد و من معاملته معاملة الصحيح في جميع أحكامه (26).

مسألة 6: يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية

(مسألة 6): يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية، و كذا تملّك الإماء (27).

مسألة 7: يجوز للمحرم أن يوكّل محلا في أن يزوّجه بعد إحلاله

(مسألة 7): يجوز للمحرم أن يوكّل محلا في أن يزوّجه بعد إحلاله (28) و كذا يجوز له أن يوكّل محرما في أن يزوّجه بعد إحلالهما.

مسألة 8: لو زوجه فضولي في حال إحرامه لم يجز له إجازته في حال إحرامه

(مسألة 8): لو زوجه فضولي في حال إحرامه لم يجز له إجازته في حال إحرامه (29) و هل له ذلك بعد إحلاله؟ الأحوط العدم و لو على القول

______________________________

(25) لعدم موضوع لها و الحكم متوقف على الموضوع توقف العرض على المعروض.

(26) تقدم في كتاب الحج أنه يجب المضي في الإحرام الذي أفسده كما يجب المضي في الإحرام الصحيح و ظاهرهم المضي في تمام الأحكام لا في بعضها فراجع.

(27) للأصل و الإجماع و انتفاء موضوع الحرمة فيهما، و عن الرضا عليه السّلام في الموثق: «في المحرم يشتري الجواري و يبيعها؟ قال عليه السّلام:

نعم» (1).

(28) لما مر في سابقة من الأصل و الإجماع و انتفاء موضوع الحرمة و كذا الكلام في الفرع اللاحق.

(29) لصدق عقد النكاح بالنسبة إلى المحرم حينئذ.

ص: 122


1- الوسائل باب: 16 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 1.

بالنقل (30) هذا إذا كان الفضولي محلا، و إلا فعقده باطل لا يقبل الإجازة (31) و لو كان المعقود له محلا.

______________________________

(30) لاحتمال شمول النهي لمجرد الإنشاء الاقتضائي في حال الإحرام أيضا.

(31) أما البطلان فلما مر من الأدلة. و أما عدم قبول الإجازة فلما مر في كتاب البيع من أنه يعتبر في عقد الفضولي أن يكون جامعا لجميع شرائط الصحة إلا رضا من له الرضا و ما كان باطلا وضعا كيف يصح أن يلحقه الرضا؟!

ص: 123

فصل في المحرّمات بالمصاهرة

اشارة

فصل في المحرّمات بالمصاهرة و هي علاقة بين أحد الطرفين (1) مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجية، أو الملك عينا أو انتفاعا بالتحليل، أو الوطء شبهة (2) أو زناء، أو النظر و اللمس في صورة مخصوصة (3).

مسألة 1: تحرم زوجة كل من الأب و الابن على الآخر فصاعدا

(مسألة 1): تحرم زوجة كل من الأب و الابن على الآخر (4) فصاعدا

______________________________

(1) هذا اصطلاح من الفقهاء في معنى المصاهرة إما بالتعميم الموضوعي أو الحكمي بخلاف اصطلاح العرف و اللغة بالعموم و الخصوص و لا مشاحة في الاصطلاح، و يمكن أن يكون مراد العرف و اللغة ذكر بعض أفرادها الخاصة لا حصر المعنى الحقيقي فيما ذكروه فلا نزاع في البين حينئذ.

(2) لأن كل وطئ محترم شرعا يترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الواطئ الصحيح الشرعي.

(3) كما يأتي تفصيلها في المسائل الآتية.

(4) كتابا و سنة قال تعالى وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ (1)، و قال تعالى وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ (2)، و المراد من الصلبي هو النسبي في مقابل التبنّي و أما السنة فهي متواترة كما يأتي،

ص: 124


1- سورة الفرقان: 54.
2- سورة النساء: 22.

في الأول و نازلا في الثاني، نسبا أو رضاعا، دواما أو متعة، بمجرد العقد و إن لم يكن دخل و لا فرق في الزوجين و الأب و الابن بين الحر و المملوك (5).

مسألة 2: لا تحرم مملوكة الأب على الابن و بالعكس مع عدم الدخول و عدم اللمس و النظر

(مسألة 2): لا تحرم مملوكة الأب على الابن و بالعكس مع عدم الدخول و عدم اللمس و النظر (6) و تحرم مع الدخول أو أحد الأمرين إذا كان بشهوة (7)، و كذا لا تحرم المحلّلة لأحدهما على الآخر إذا لم تكن

______________________________

و إجماعا من المسلمين بل ضرورة من دينهم.

(5) كل ذلك للإطلاق و الاتفاق و قول نبينا الأعظم: «حرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (1).

(6) للأصل و الإجماع و عموم أدلة الحليّة و إطلاقها بلا دليل على الخلاف.

(7) أما مع الدخول فلعموم ما مر من قوله تعالى وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ و قوله تعالى وَ حَلائِلُ أَبْنائِكُمُ بناء على شمولها للدخول بالملك أيضا كما هو الظاهر، هذا مضافا إلى إجماع المسلمين و قول أبي جعفر عليه السّلام: «إذا أتى الجارية و هي حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه» (2).

و أما اللمس و النظر بشهوة فلجملة من الأخبار منها الصحيح عن أبي الحسن عليه السّلام: «الرجل له الجارية فيقبّلها هل تحل لولده؟ قال بشهوة؟ قلت: نعم قال: ما ترك شيئا إذا قبّلها بشهوة.

ثمَّ قال ابتداء منه: إن جرّدها و نظر إليها بشهوة حرمت على أبيه و ابنه قلت: إذا نظر إلى جسدها، قال: إذا نظر إلى فرجها و جسدها بشهوة حرمت عليه»(3).

و في صحيح عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل تكون عنده

ص: 125


1- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5 و 1.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5 و 1.

مدخولة (8).

______________________________

الجارية فيكشف ثوبها و يجردها لا يزيد على ذلك قال عليه السّلام: لا تحل لابنه إذا رأى فرجها» (1).

و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «في الرجل تكون عنده جارية يجردها و ينظر إلى جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ و إن فعل أبوها هل تحل لابنه؟ قال عليه السّلام: إذا نظر إليها نظر شهوة و نظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه، و ان فعل ذلك الابن لم تحل للأب» (2).

و في صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «إذا جرّد الرجل الجارية و وضع يده عليها فلا تحل لابنه» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما ما عن العبد الصالح عليه السّلام: «الرجل يقبّل الجارية يباشرها من غير جماع داخل أو خارج أ تحل لابنه أو لأبيه؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (4).

و ما عن الصادق عليه السّلام في خبر الكاهلي: «رجل تكون له جارية فيضع أبوه يده عليها من شهوة أو ينظر منها إلى ما يحرم من شهوة فكره أن يمسّها ابنه» (5)، فلا وجه للتمسك بهما للمقام إذ الأول في مطلق التقبيل و المباشرة و المقام فيما إذا كانا بشهوة.

و الثاني فيما إذا وقع ذلك من غير المالك و الكلام فيما إذا وقع ذلك من المالك فلا وجه لاعتماد جمع عليهما في الفتوى بالجواز مع الكراهة.

ثمَّ إن المراد بالنظر الموجب للتحريم النظر إلى ما لا يحل لغير المالك كما هو المنساق من الأدلة.

(8) لعمومات الحلّية و أصالتي الإباحة و الحلّية فلا وجه لكون مجرد

ص: 126


1- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7 و 6.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7 و 6.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 77 من أبواب نكاح العبيد و الماء الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

مسألة 3: تحرم على الزوج أم الزوجة

(مسألة 3): تحرم على الزوج أم الزوجة و إن علت نسبا أو رضاعا مطلقا (9)، و كذا بنتها و إن نزلت بشرط الدخول بالأم (10)، سواء كانت في

______________________________

التحليل كالعقد و الدخول بعد عدم الدليل و بطلان القياس.

(9) لإطلاق قوله تعالى وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ (1)، الشاملة للنسبية و الرضاعية و المدخولة و غيرها مضافا إلى الإجماع و النصوص، فعن علي عليه السّلام في رواية إسحاق بن عمار: «و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل بهن، فحرموا و أبهموا ما حرم اللّه تعالى» (2)، و غيرها من الأخبار.

(10) لإطلاق قوله تعالى وَ رَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ (3)، مضافا إلى الإجماع و النصوص كما سيأتي و قوله تعالى دَخَلْتُمْ بِهِنَّ راجع إلى خصوص قوله تعالى مِنْ نِسائِكُمُ لا إلى تمام الجملتين من أول قوله تعالى:

وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ .. إلخ لأنه خلاف المحاورة و النص و الإجماع، و ما نسب إلى ابن أبي عقيل من اشتراط الدخول بالبنت في حرمة الأم أيضا لا وجه له لتفرده بذلك في مقابل الإجماع كما أن ما استدل به من النص (4)، لقوله شاذ لا بد و أن يطرح في مقابل النص و استقرار الفتوى و العمل على الخلاف.

و أما النصوص منها خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام: «إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالأم، فإذا لم يدخل بالأم فلا بأس أن يتزوج بالابنة فإذا تزوج بالابنة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الأم، و قال الربائب عليكم حرام كن في

ص: 127


1- سورة النساء: 23.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
3- سورة النساء: 23.
4- الوسائل باب: 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 6.

حجره أو لا (11)

______________________________

الحجر أو لم يكن» (1).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر أبي حمزة: «رجل تزوج امرأة ثمَّ طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال عليه السّلام: قضى في هذا أمير المؤمنين عليه السّلام لا بأس إن اللّه تعالى يقول وَ رَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ، و لو تزوج الأبنة ثمَّ طلقها قبل أن يدخل بها لم تحل له أمها.

قلت: أ ليس هما سواء؟ فقال عليه السّلام: لا ليس هذه مثل هذه إن اللّه تعالى يقول وَ أُمَّهاتُ نِسائِكُمْ و لم يستثن هذه كما اشترط في تلك هذه هنا مبهمة ليس فيها شرط و تلك فيها شرط» (2)، و في موثق أبي بصير قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة ثمَّ طلّقها قبل أن يدخل بها فقال: يحل له ابنتها و لا تحل له أمها» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(11) لاتفاق الفقهاء بل العلماء على أن هذا القيد في الآية الكريمة ليس احترازيا بل هو قيد غالبي و القيود الغالبية لا يقيّد بها المطلقات في جميع الموارد و تقدم قول علي عليه السّلام: «الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن»، و عنه عليه السّلام أيضا: «هن في الحجور و غير الحجور سواء» (4)، و ما يظهر منه الخلاف كخبر الاحتجاج عن الحجة «عجل اللّه تعالى فرجه الشريف»: «أنه كتب اليه هل يجوز للرجل أن يتزوج بنت امرأته؟ فقال: إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز و إن لم تكن ربيت في حجره و كانت أمها في غير حباله فقد روي أنه جائز» (5)، مطروح لقصور السند و مخالفة الإجماع.

ص: 128


1- الوسائل باب: 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4 و 3 و 7.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4 و 3 و 7.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4 و 3 و 7.

و إن كان تولدها بعد خروج الأم عن زوجيته (12)، و كذا تحرم أم المملوكة الموطوءة على الواطئ و إن علت مطلقا، و بنتها (13).

مسألة 4: لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر

(مسألة 4): لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر، و يكفي الحشفة أو مقدارها (14)، و لا يكفي الإنزال على فرجها من غير دخول و إن حبلت

______________________________

(12) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(13) لإطلاق الإجماع و النصوص منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «في رجل كانت له جارية فوطئها، ثمَّ اشترى أمها و بنتها قال عليه السّلام: لا تحل له الأم و البنت» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن رجل كانت له جارية و كان يأتيها فباعها فأعتقت فزوّجت فولدت أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟ قال: لا هي عليه حرام و هي ابنته و الحرة و المملوكة في هذا سواء» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف كخبر الربعي عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل كانت له مملوكة يطؤها فماتت ثمَّ أصاب بعد أمها، قال عليه السّلام: لا بأس ليست بمنزلة الحرة» (3).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر رزين قال: «قلت له: تكون عندي الأمة فأطأها ثمَّ تموت أو تخرج عن ملكي فأصيب ابنتها، أ يحل لي أن أطأها؟

قال عليه السّلام: نعم لا بأس به إنما حرم ذلك من الحرائر فأما الإماء فلا بأس به» (4)، مطروح لقصور السند و مخالفة الإجماع.

(14) أما الأول فلأصالة المساواة بينهما مطلقا ما لم يكن دليل على

ص: 129


1- الوسائل باب: 21 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 14.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 15 و 16.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 15 و 16.

به (15) و كذا لا فرق بين أن يكون في حال اليقظة أو النوم اختيارا أو جبرا منه أو منها (16).

مسألة 5: لا يجوز لكل من الأب و الابن وطء مملوكة الآخر

(مسألة 5): لا يجوز لكل من الأب و الابن وطء مملوكة الآخر من غير عقد و لا تحليل و إن لم تكن مدخولة له (17).

______________________________

الخلاف في البين و هو مفقود.

و أما الثاني فللإطلاق و الاتفاق الصادق على الحشفة أو مقدارها و لو لا ظهور الإجماع على عدم كفاية الأقل منها لقلنا بكفاية الأقل أيضا في مثل المقام كما مر في إيقاب الغلام.

(15) لأصالة الحليّة و عموماتها و لا ينافي ذلك كون الحمل له لأنه خلق من مائه.

(16) كل ذلك لظهور إطلاق النص و الفتوى الشامل للجميع، كما أن الظاهر عدم الفرق بين كونهما صغيرين أو كبيرين أو مختلفين، لشمول الإطلاقين للجميع.

و دعوى الانصراف عن الصغير بدوي لا يعتنى به.

(17) للأدلة الأربعة على عدم جواز التصرف في ملك الغير من دون إذنه و اجازته كما تقدم في كتاب الغصب.

و ما عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أنت و مالك لأبيك» (1)، محمول على جهة من الأدب لا على الملكية الحقيقية و تقدم في الحج و البيع ما يرتبط بذلك.

و أما ما عن أبي جعفر عليه السّلام في كتاب علي عليه السّلام: «إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا، و يأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء و له أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها» (2)، فلا بد من حمله أو طرحه لعدم وجود عامل بإطلاق ظاهره.

ص: 130


1- الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 6.

و إلا كان زانيا (18).

مسألة 6: يجوز للأب أن يقوّم مملوكة ابنه الصغير على نفسه و وطؤها

(مسألة 6): يجوز للأب أن يقوّم مملوكة ابنه الصغير على نفسه و وطؤها (19).

و الظاهر إلحاق الجد بالأب، و البنت بالابن (20) و إن كان الأحوط خلافه (21) و لا يعتبر إجراء صيغة البيع أو نحوه (22) و إن كان

______________________________

(18) لعدم مجوز شرعي لهذا الوطي، حينئذ و لا شبهة في البين و كل ما كان كذلك يكون زنا بالضرورة.

(19) إجماعا و نصوصا منها صحيح الحجاج عن الكاظم عليه السّلام: «الرجل يكون لابنه جارية إله أن يطأها؟ قال عليه السّلام: يقوّمها على نفسه و يشهد على نفسه بثمنها أحب إليّ» (1)، و عنه عليه السّلام في خبر ابن صدقة: «إذا اشتريت أنت لابنتك جارية أو لابنك و كان الابن صغيرا و لم يطأها حل لك أن تقتضها فتنكحها و إلا فلا إلا بإذنهما» (2).

و في صحيح الكناني عين الصادق عليه السّلام: «عن رجل يكون لبعض ولده جارية و ولده صغار، هل يصلح له أن يطأها؟ فقال عليه السّلام: يقوّمها قيمة عدل ثمَّ يأخذها.

و يكون لولده عليه ثمنها» (3)، و الظاهر أن المورد من باب المثال لا التقييد بخصوص ما ذكر فيه بقرينة سائر الأخبار.

(20) أما الأول فلعدم الفرق في الولاية بينهما.

و أما الثاني فلذكر كل من الابن و البنت في بعض الأخبار.

(21) للشك في تحقق الأولويّة القطعية بالنسبة إلى الجد.

(22) لظاهر إطلاق الفتوى و النصوص في المقام إلا أن يدل دليل معتبر على الخلاف و هو مفقود.

ص: 131


1- الوسائل باب: 40 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 5 و 4.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 5 و 4.

أحوط (23)، و كذا لا يعتبر كونه مصلحة للصبي (24) نعم، يعتبر عدم المفسدة (25)، و كذا لا يعتبر الملاءة في الأب و إن كان أحوط (26).

مسألة 7: إذا زنا الابن بمملوكة الأب حدّ

(مسألة 7): إذا زنا الابن بمملوكة الأب حدّ (27) و أما إذا زنى الأب بمملوكة الابن فالمشهور عدم الحد عليه (28). و فيه إشكال (29).

______________________________

(23) جمودا على قولهم رحمهم اللّه أن النقل و الانتقالات لا بد لها من مظهر خارجي و لعلّه من الاجتهاد في مقابل إطلاق النص.

(24) لظاهر إطلاق النصوص المتقدمة.

(25) للإجماع و سيرة المتشرعة خلفا عن سلف و بذلك تقيّد إطلاق أدلة المقام بلا كلام.

(26) أما وجه عدم الاعتبار، فلظهور إطلاق النصوص.

و أما الاحتياط فلإمكان الاستئناس له بما ورد في الإتجار بمال اليتيم (1)، و لكنه مشكل لعدم خروجه عن القياس فلا وجه للاستئناس إلا أن يستدل بسيرة المتشرعة الملتزمين بدينهم فإنهم ما لم يطمئنوا بالعوض لا يقدمون على العمل.

(27) لإطلاق أدلة الحدود بموجباتها مضافا إلى الإجماع.

(28) أرسل ذلك إرسال المسلمات و يأتي التفصيل في الحدود و الديات.

(29) جمودا على العموم و الإطلاق و إظهارا للعدل الإسلامي مهما أمكن في الأشخاص و الآفاق فيجري عليه الحد، و من أن مقام الأبوّة محترم عقلا و شرعا و عرفا كما تقدم عنه صلّى اللّه عليه و آله: «أنت و مالك لأبيك» (2)، و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:

«ادرأوا الحدود بالشبهات» (3)، فيشكل.

ص: 132


1- الوسائل باب: 16 من أبواب عقد البيع و شروطه.
2- تقدم في صفحة: 128.
3- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات الحدود: 4.

مسألة 8: إذا وطأ أحدهما مملوكة الآخر شبهة لم يحدّ

(مسألة 8): إذا وطأ أحدهما مملوكة الآخر شبهة لم يحدّ و لكن عليه مهر المثل (30) و لو حبلت فإن كان الوطي هو الابن عتق الولد قهرا مطلقا (31) و إن كان الأب لم ينعتق إلا إذا كان أنثى (32) نعم، يجب على الأب فكه إن كان ذكرا.

مسألة 9: لا يجوز نكاح بنت الأخ أو الأخت على العمة و الخالة إلا بإذنهما

(مسألة 9): لا يجوز نكاح بنت الأخ أو الأخت على العمة و الخالة إلا بإذنهما (33) من غير فرق بين الدوام و الانقطاع، و لا بين علم العمة و الخالة

______________________________

(30) أما عدم الحد فلأنه يدرأ بالشبهة. و أما مهر المثل فلما استحل من فرجها.

(31) أي ذكرا كان أو أنثى.

و وجه عتقه أنه لو بقي رقا لكان رقا لجده و الشخص لا يملك أولاده و إن نزل.

(32) أما عدم الانعتاق فللأصل و اما الانعتاق إذا كان أنثى فلأنها لو كانت رقا لأحد لكانت رقا لأخيها و الشخص لا يملك أخته، و المراد بالرقيّة الرِّقيّة الاقتضائية و يأتي في نكاح الإماء قاعدة «تبعية الولد لأشرف الأبوين من جهة الحريّة» كما يأتي هناك حكم بقية المسألة فراجع.

(33) إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «لا تتزوج ابنة الأخ و لا ابنة الأخت على العمة و لا على الخالة إلا بإذنهما، و تزوج العمة و الخالة على ابنة الأخ و ابنة الأخت بغير إذنهما» (1).

و في خبر أبي عبيدة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لا تنكح المرأة على عمتها و لا على خالتها إلا بإذن العمة و الخالة» (2).

و ما نسب إلى العماني و الإسكافي من الجواز لا وجه له على فرض صحة

ص: 133


1- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.

و جهلهما (34) و يجوز العكس (35) و إن كانت العمة و الخالة جاهلتين بالحال على الأقوى (36).

مسألة 10: الظاهر عدم الفرق بين الصغيرتين و الكبيرتين و المختلفتين

(مسألة 10): الظاهر عدم الفرق بين الصغيرتين و الكبيرتين و المختلفتين، و لا بين اطلاع العمة و الخالة على ذلك و عدم اطلاعهما أبدا،

______________________________

النسبة كما لا دليل له إلا العمومات و الإطلاقات و خبر ابن جعفر عن أخيه عليهما السّلام:

«سألته عن امرأة تزوج على عمتها أو خالتها؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (1)، و مثله غيره.

و لا بد من تقييدها بالنصوص الكثيرة المتقدمة بعضها، و كذا ما يظهر من المقنع فلا بد من تقييده على صورة الإذن جمعا بين الأدلة.

(34) لظهور الإطلاق و الاتفاق ممن قال بعدم الجواز إلا بالإذن.

(35) إجماعا و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «تزوج الخالة و العمة على بنت الأخ و ابنة الأخت بغير إذنهما» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا (3): «لا تنكح ابنة الأخت على خالتها، و تنكح الخالة على ابنة أخيها و لا تنكح ابنة الأخ على عمتها و تنكح العمة على ابنة أخيها» إلى غير ذلك من الأخبار.

(36) كما هو المشهور، و عن المسالك اعتبار علمهما بالحال و إلا لم يصح و لعله لتنظير المقام بنكاح الحرة على الأمة بناء على اتحاد المسألتين و لقول أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «لا تزوج الخالة و العمة على بنت الأخ و ابنة الأخت بغير إذنهما» (4).

و فيه: إن الأول أشبه بالقياس و يأتي في محله تفصيل القول فيه إن شاء اللّه تعالى و المضبوط في الثاني «تزوج الخالة ..» (5)، بحذف كلمة «لا» مع وهنه بالإعراض مع ذكر كلمة «لا».

ص: 134


1- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 5 و 12.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 5 و 12.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 5 و 12.
4- الاستبصار ج: 3 باب: 116 صفحة: 177 الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5.

و لا بين كون مدة الانقطاع قصيرة و لو ساعة أو طويلة (37) على إشكال في بعض هذه الصور لإمكان دعوى انصراف الأخبار (38).

مسألة 11: الظاهر أن حكم اقتران العقدين حكم سبق العمة و الخالة

(مسألة 11): الظاهر أن حكم اقتران العقدين حكم سبق العمة و الخالة (39).

مسألة 12: لا فرق بين المسلمتين و الكافرتين و المختلفتين

(مسألة 12): لا فرق بين المسلمتين و الكافرتين و المختلفتين (40).

مسألة 13: لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا

(مسألة 13): لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا (41).

مسألة 14: في كفاية الرضا الباطني منهما من دون إظهاره و عدمها

(مسألة 14): في كفاية الرضا الباطني منهما من دون إظهاره و عدمها و كون اللازم إظهاره بالإذن قولان أو فعلا وجهان (42).

______________________________

(37) كل ذلك للإطلاق الشامل للجميع.

(38) لو لم يكن بدويا يزول بأدنى التفات و الظاهر كونه كذلك.

(39) فلا بد من إذنهما لأن المنساق من الأدلة هو الجمع بينهما بغير إذن العمة و الخالة، و المفروض تحققه في صورة الاقتران أيضا، و يشهد له قول الصادق عليه السّلام في خبر الكناني: «لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة و خالتها» (1)، و مثله غيره.

(40) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(41) للإطلاق الشامل للجميع بعد صدق الموضوع، و نسب إلى القواعد الاقتصار على المتيقن في الحكم المخالف لعمومات الحل و هو ظاهر الخدشة بعد الصدق العرفي.

(42) من حيث أن الإذن المذكور في أخبار المقام طريق إلى الرضاء فيكتفي به كما في الوضوء بماء الغير و الصلاة في بيته و نحو ذلك.

و من حيث أن المقام من قبيل إجازة الفضولي و من سنخ الإذن في العقد

ص: 135


1- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

مسألة 15: إذا أذنت ثمَّ رجعت و لم يبلغه الخبر فتزوج لم يكفه الإذن السابق

(مسألة 15): إذا أذنت ثمَّ رجعت و لم يبلغه الخبر فتزوج لم يكفه الإذن السابق (43).

مسألة 16: إذا رجعت عن الإذن بعد العقد لم يؤثر في البطلان

(مسألة 16): إذا رجعت عن الإذن بعد العقد لم يؤثر في البطلان (44).

مسألة 17: الظاهر كفاية إذنهما و إن كان عن غرور

(مسألة 17): الظاهر كفاية إذنهما و إن كان عن غرور بأن وعدها أن يعطيها شيئا فرضيت ثمَّ لم يف بوعده سواء كان بانيا على الوفاء حين العقد أو لا (45).

نعم، لو قيدت الإذن بإعطاء شي ء فتزوج ثمَّ لم يعط كشف عن بطلان الإذن و العقد (46) و إن كان حين العقد بانيا على العمل به (47).

مسألة 18: الظاهر أن اعتبار إذنهما من باب الحكم الشرعي

(مسألة 18): الظاهر أن اعتبار إذنهما من باب الحكم الشرعي (48) لا أن يكون لحقّ منهما، فلا يسقط بالإسقاط.

______________________________

فلا يكتفي بمجرد إحراز الرضاء و الأحوط هو الثاني.

(43) لفرض زواله بالعدول فلا أثر لما حديث و زال قبل ترتب الأثر عليه.

(44) لعدم أثر لعدوله بعد وقوع العقد جامعا الشرائط.

(45) لفرض تحقق الإذن في الجميع فيشمله إطلاق الأدلة.

نعم، لو ظهر من القرائن عدم تحققه فلا إذن حينئذ حتى يترتب عليه الأثر.

(46) لأن المفروض الإذن قيّد بالإعطاء الخارجي و المقيّد ينتفي بانتفاء القيد فتكون ما صدر منها حينئذ صورة الإذن لا حقيقته و واقعه.

(47) لأن القيد للإذن هو الإعطاء الخارجي لا البناء عليه فما وقع لا أثر له و ما له الأثر لم يقع فلا وجه للإذن.

(48) هذا من مجرد الدعوى من دون أن يستدل عليه بشي ء.

نعم، عند الشك في أنه حق أو حكم لا يترتب عليه الآثار المختصة بكل منهما و لازمه حينئذ عدم السقوط بالإسقاط مع انه لو كان حقا يمكن أن يكون

ص: 136

لا أن يكون لحقّ منهما، فلا يسقط بالإسقاط.

مسألة 19: إذا اشترط في عقد العمة أو الخالة إذنهما في تزويج بنت الأخ أو الأخت ثمَّ لم تأذنا

(مسألة 19): إذا اشترط في عقد العمة أو الخالة إذنهما في تزويج بنت الأخ أو الأخت ثمَّ لم تأذنا عصيانا منهما في العمل بالشرط لم يصح العقد (49) على إحدى البنتين، و هل له إجبارهما في الإذن؟ وجهان (50).

نعم، إذا اشترط عليهما في ضمن عقدهما أن يكون له العقد على ابنة الأخ أو الأخت فالظاهر الصحة (51).

______________________________

من الحقوق غير القابلة للإسقاط.

(49) أما العصيان فلمخالفة الشرط الذي وجب الوفاء به.

و أما عدم صحة العقد فلعدم تحقق الإذن.

(50) لا ريب في تحقق سلطنة للشارط على المشروط عليه في الجملة فتصح له المطالبة و الإجبار عند الامتناع لأنه حينئذ من موارد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع تحقق الشرائط.

و القول بأنه لا يحصل في الشرط إلا حكم تكليفي على المشروط عليه من دون حصول حق للشارط خلاف المرتكزات كما تقدم مفصلا في المكاسب و غيرها في مواضع من هذا الكتاب، مع أنه لو كان من مجرد الحكم التكليفي فقط يكون الإجبار على الإتيان به مع التمكن من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أيضا.

(51) لفرض تحقق الإذن منهما بقبولهما للعقد المشتمل على هذا الشرط فيكون المقام من سنخ شرط النتيجة و إن لم يكن عينه أو من سنخ الوكالة المتقومة بمطلق الإذن و هي خفيفة المؤنة، فالنزاع في أن المقام من الوكالة أو من شرط النتيجة أو من شرط الفعل باعتبار أصل حدوث العقد المشروط بذلك.

ساقط، لفرض استفادة الإذن من جميع ذلك و هي كافية في جواز العقد عليهما نصا- كما مر- و فتوى و إطلاقهما يشمل مثل ذلك أيضا، مع أن في خبر علي بن

ص: 137

و إن أظهرتا الكراهة بعد هذا (52).

مسألة 20: إذا تزوجهما من غير إذن ثمَّ أجازتا صح على الأقوى

(مسألة 20): إذا تزوجهما من غير إذن ثمَّ أجازتا صح على الأقوى (53).

مسألة 21: إذا تزوج العمة و ابنة الأخ و شك في سبق عقد العمة أو سبق عقد الابنة حكم بالصحة

(مسألة 21): إذا تزوج العمة و ابنة الأخ و شك في سبق عقد العمة أو سبق عقد الابنة حكم بالصحة (54)، و كذا إذا شك السبق و الاقتران بناء على البطلان مع الاقتران.

مسألة 22: إذا ادعت العمة أو الخالة عدم الإذن و ادعى هو الإذن منهما قدّم قولهما

(مسألة 22): إذا ادعت العمة أو الخالة عدم الإذن و ادعى هو الإذن منهما قدّم قولهما (55)، و إذا كانت الدعوى بين العمة و ابنة الأخ مثلا في

______________________________

جعفر علّق الحكم على الرضا و لا ريب في تحققه في جميع ذلك.

(52) لأنه لا أثر لإظهار الكراهة بعد تحقق الإذن السابق بواسطة العقد المشروط فيه نتيجة الإذن.

(53) لما مر في بيع الفضولي من كتاب البيع ان الفضولي مطابق للقاعدة يجري في كل عقد إلا ما خرج بالدليل فراجع و لا دليل في المقام على الخروج.

و أما ما في ذيل خبر علي بن جعفر من الحكم بالبطلان قال عليه السّلام: «و لا تزوج بنت الأخ و الأخت على العمة و الخالة إلا برضا منهما، فمن فعل ذلك فنكاحه باطل» (1)، فلا يدل على ذلك بعد اتفاق المحققين على أن الرضاء اللاحق كالإذن السابق فلا وجه لما نسب إلى المحقق قدس سره من البطلان، و منه يظهر فساد سائر الأقوال في المسألة.

(54) لأصالة الصحة الجارية في العقود عند الشك في صحتها و فسادها و كذا فيما شك في السبق و الاقتران.

(55) لأصالة عدم الإذن بناء على عدم جريان أصالة الصحة فيما إذا

ص: 138


1- الوسائل باب: 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

الإذن و عدمه فكذلك قدّم قول العمة.

مسألة 23: إذا تزوج ابنة الأخ أو الأخت و شك في أنه هل كان عن إذن من العمة و الخالة أو لا؟

(مسألة 23): إذا تزوج ابنة الأخ أو الأخت و شك في أنه هل كان عن إذن من العمة و الخالة أو لا؟ حمل فعله على الصحة (56).

مسألة 24: إذا حصل بنتيّة الأخ أو الأخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل

(مسألة 24): إذا حصل بنتيّة الأخ أو الأخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل (57)، و كذا إذا جمع بينهما في حال الكفر ثمَّ أسلم على وجه.

مسألة 25: إذا طلق العمة أو الخالة طلاقا رجعيا لم يجز تزويج إحدى البنتين إلا بعد خروجهما عن العدة

(مسألة 25): إذا طلق العمة أو الخالة طلاقا رجعيا لم يجز تزويج إحدى البنتين إلا بعد خروجهما عن العدة و لو كان الطلاق بائنا جاز من حينه (58).

مسألة 26: إذا طلق إحداهما بطلاق الخلع جاز له العقد على البنت

(مسألة 26): إذا طلق إحداهما بطلاق الخلع جاز له العقد على البنت لأن طلاق الخلع، بائن، و إن رجعت في البذل لم يبطل العقد (59).

مسألة 27: هل يجري الحكم في المملوكتين و المختلفتين؟

(مسألة 27): هل يجري الحكم في المملوكتين و المختلفتين؟

______________________________

اعترف من تقوم به الصحة بعدمها و لكنه مشكل فيما إذا اعترف الظرف الآخر بوجودها و كذا الكلام في قوله رحمه اللّه: «و إذا كانت الدعوى بين العمة».

(56) لأصالة الصحة كما مر سابقا.

(57) لأن المنساق من الأدلة إنما هو صورة إحداث النكاح لا مثل المقام، و لو شك في شمولها له يكفي في عدم التمسك بها الرجوع إلى الأصل و العمومات في هذا الحكم المخالف لها و كذا الكلام في الجمع بينهما في حال الكفر.

(58) أما عدم الجواز في الطلاق الرجعي فلتسالمهم على أن المطلّقة الرجعية زوجة. و أما الجواز في الطلاق البائن فلحصول البينونة من حين الطلاق فتصير الزوجة أجنبية بالنسبة إلى الزوج حينئذ.

(59) لأنه يصير حينئذ من إدخال العمة أو الخالة على بنت الأخ أو الأخت و هو جائز.

ص: 139

وجهان، أقواهما العدم (60).

مسألة 28: الزنا الطارئ على التزويج لا يوجب الحرمة

(مسألة 28): الزنا الطارئ على التزويج لا يوجب الحرمة إذا كان بعد الوطء (61)، بل قبله أيضا على الأقوى (62)، فلو تزوج امرأة ثمَّ زنى بأمها أو بنتها لم تحرم عليه امرأته، و كذا لو زنى الأب بامرأة الابن لم تحرم على الابن، و كذا لو زنى الابن بامرأة الأب لا تحرم على أبيه، و كذا الحال في

______________________________

(60) جمودا في الحكم المخالف للأصل و الإطلاقات و العمومات على المنساق من الأدلة و الشك في الشمول و عدمه يكفي في عدم صحة التمسك بأدلة المقام لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك.

(61) إجماعا و نصوصا منها صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سئل عن الرجل يفجر بالمرأة، أ يتزوج بابنتها؟ قال عليه السّلام: لا، و لكن إن كانت عنده امرأة فجر بأمها أو أختها لم تحرم عليه امرأته، إن الحرام لا يفسد الحلال» (1).

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «انه قال في رجل زنا بأم امرأته أو ببنتها أو بأختها، فقال عليه السّلام: «لا يحرم ذلك عليه امرأته ثمَّ قال: ما حرّم حرام حلالا قط» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في الصحيح (3): «رجل تزوج جارية فدخل بها ثمَّ ابتلى بها ففجر بأمها أ تحرم عليه امرأته؟ فقال عليه السّلام: لا، إنه لا يحرّم الحلال الحرام» إلى غير ذلك من الأخبار.

(62) إجماعا كما عن جمع و نسب إلى جماعة منهم الشيخ في الاستبصار الحرمة إذا كان الزناء قبل الوطي لموثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل تكون عنده الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد، أو الرجل يزني بالمرأة هل يجوز لابنه أن يتزوجها؟ قال عليه السّلام: لا، إنما ذلك إذا تزوجها فوطئها

ص: 140


1- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 1 و 2.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.

اللواط الطارئ على التزويج (63)، فلو تزوج امرأة و لاط بأخيها أو أبيها أو ابنها لم تحرم عليه امرأته إلا ان الاحتياط فيه لا يترك (64).

و أما إذا كان الزنا سابقا على التزويج فإن كان بالعمة أو الخالة يوجب حرمة بنتيهما (65) و إن كان بغيرهما ففيه خلاف، و الأحوط التحريم، بل

______________________________

ثمَّ زنى بها ابنه لم يضره لأن الحرام لا يفسد الحلال و كذلك الجارية» (1)، و قوله عليه السّلام أيضا في خبر الكناني: «إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبدا، و إن كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك و لم يدخل بها فقد بطل تزويجه و إن هو تزوج ابنتها و دخل بها ثمَّ فجر بأمها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بأمها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها، و قوله: لا يفسد الحرام و الحلال إذا كان هكذا»(2).

و لكنهما موهونان بالإعراض و دعوى الإجماع على خلافهما مع أن عموم التعليل يشمل الصورتين فلا فارق بينهما في البين و طريق الاحتياط واضح.

(63) كل ذلك للقاعدة التي اسّها أئمة الدين عليهم السّلام: من «أن الحرام لا يحرّم الحلال».

(64) تقدم الكلام فيه في (مسألة 21) من الفصل السابق فراجع.

(65) إجماعا و نصا ففي صحيح محمد بن مسلم قال: «سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و أنا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثمَّ ارتدع يتزوج ابنتها؟

قال عليه السّلام: لا، قلت إنه لم يكن أفضى إليها إنما كان شي ء، دون شي ء فقال: لا يصدق و لا كرامة» (3)، و في موثق أبي أيوب عن الصادق عليه السّلام: «سأله محمد بن مسلم و أنا جالس عن رجل نال من خالته و هو شاب ثمَّ ارتدع أ يتزوج ابنتها؟

ص: 141


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

لعله لا يخلو عن قوة (66)، و كذا الكلام في الوطء بالشبهة فإن كان طارئا

______________________________

قال عليه السّلام: لا.

قال: إنه لم يكن أفضى إليها إنما كان شي ء دون ذلك، قال عليه السّلام: كذب» (1)، و يتم الحكم في العمة بالقول بعدم الفصل، و في مرسل السرائر: «من فجر بعمته أو خالته لم تحل له ابنتاهما» (2)، و يكفي هذا المقدار في حصول الظن الاجتهادي بالحكم و عليه المدار في الفقه كله فلا وجه لمناقشة السرائر و لا توقف المختلف مع أنهما يكتفون في موارد كثيرة بمثل هذه الظنون بل بأقل منها.

(66) نسبت الحرمة إلى المشهور بين الفقهاء لجملة من النصوص منها صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «الرجل يفجر بالمرأة أ يتزوج بابنتها؟

قال عليه السّلام: لا، و لكن إن كانت عنده امرأة ثمَّ فجر بأمها أو أختها لم تحرم عليه امرأته، إن الحرام لا يفسد الحلال» (3)، و عن الصادق عليه السّلام: «في رجل كان بينه و بين امرأة فجور، هل يتزوج ابنتها؟ فقال: إن كان من قبله أو شبهها فليتزوج ابنتها، و ليتزوجها هي إن شاء» (4).

و في صحيح العيص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل باشر امرأة و قبّل غير أنه لم يفض إليها، ثمَّ تزوج ابنتها، فقال: إن لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس، و إن كان أفضى إليها فلا يتزوج ابنتها» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار التي هي من المحكمات المشتملة على التفصيل و فيها الموثق و الصحيح و غيرهما.

و نسب إلى المشهور بين القدماء الجواز لجملة أخرى من الأخبار منها

ص: 142


1- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 3.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

.....

______________________________

صحيح سعد عن الصادق عليه السّلام: «رجل فجر بامرأة يتزوج ابنتها؟ قال عليه السّلام: نعم، يا سعد، إن الحرام لا يفسد الحلال» (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «سئل عن الرجل يأتي المرأة حراما أ يتزوجها؟ قال عليه السّلام: نعم، و أمها و بنتها» (2).

و في صحيح صفوان عنه عليه السّلام أيضا: «رجل يفجر بالمرأة و هي جارية قوم آخرين ثمَّ اشترى ابنتها أ تحل له ذلك؟ قال عليه السّلام: لا يحرم الحرام الحلال.

و رجل فجر بامرأة حراما أ يتزوج بابنتها؟ قال عليه السّلام: لا يحرّم الحلال» (3).

و في صحيح الكناسي قال: «إن رجلا من أصحابنا تزوج امرأة قد زعم أنه يلاعب أمها و يقبّلها من غير أن يكون أفضى إليها قال: فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال لي: كذب، مره فليفارقها، قال: فأخبرت الرجل فو اللّه ما دفع ذلك عن نفسه، و خلّى سبيلها» (4)، إذ المنساق من الأمر بالمفارقة هو الطلاق فلا موضوع له إلا مع صحة العقد فيحمل الأمر بالمفارقة على الكراهة إلى غير ذلك من الأخبار و هي أيضا كثيرة بين موثق و صحيح و غيرهما، و هذه الأخبار من المحكمات أيضا و هي مطابقة للأصل و عمومات الكتاب مثل قوله تعالى:

وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ (5).

و غيرها من عمومات الكتاب و السنة التي تقدم بعضها.

و الجمع العرفي في مثل هذه الأخبار من أول الفقه إلى آخره هو حمل ما دل على المنع على الكراهة لو لا ترجيح في البين، و قد يرجح القسم الأول على الثاني بقوة السند و كثرة العدد و العامل بل و بالدلالة أيضا لاحتمال القسم الثاني الفجور بغير الجماع أو الحمل على التقية.

و الكل مخدوش أما قوّة السند ففي القسمين موثق و صحيح و أما كثرة

ص: 143


1- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7 و 12 و 5.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7 و 12 و 5.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 7 و 12 و 5.
5- سورة النساء: 24.

لا يوجب الحرمة و إن كان سابقا على التزويج أوجبها (67).

______________________________

العدد فليس بمرجح على فرض تحققه بعد اشتمال كل منهما على الصحاح و الموثقات، و أما كثرة العامل فلا اعتبار به ما لم يبلغ الهجر و الإعراض عن الآخر.

و أما احتمال الحمل على غير الجماع خلاف ظاهر بعضها كما أن الحمل على ما بعد التزويج أيضا كذلك بلا شاهد و الحمل على التقية أبعد من الجميع، لعدم كون الجواز معروفا بين العامة في زمان الصادقين عليهما السّلام حتى يتحقق موضوع التقية و إن نسب القول به إلى بعضهم لكنه لا يوجبها ما لم يصير معروفا لديهم بحيث يتقي منهم.

ثمَّ إن الظاهر أنه بناء على التحريم يكون المورد كالوطء الصحيح الشرعي في نشر الحرمة في الوطي الصحيح الشرعي يكون في الزنا أيضا كذلك لإطلاق صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال: «سألته عن رجل زنى بامرأة هل تحل لابنه أن يتزوجها؟ قال عليه السّلام: لا» (1).

و في صحيح أبي بصير: «سألته عن الرجل يفجر بالمرأة أ تحل لابنه؟ أو يفجر بها الابن أ تحل لأبيه؟ قال: إن كان الأب أو الابن مسّها لم تحل» (2)، و مثلهما غيرها.

(67) أما عدم إيجاب الحرمة في الطاري على التزويج فللأصل و الإطلاق.

و أما الإيجاب للحرمة في السابق عليه فنسب إلى المشهور.

و استدل عليها .. تارة: بأن الوطي بالشبهة كالنكاح الصحيح إلا ما خرج بالدليل و لا دليل على الخروج في المقام.

و أخرى: بأنه أولى من الزنا الموجب لها.

و ثالثة: بالإجماع.

ص: 144


1- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 1.

مسألة 29: إذا زنى بمملوكة أبيه فإن كان قبل أن يطأها الأب حرمت على الأب

(مسألة 29): إذا زنى بمملوكة أبيه فإن كان قبل أن يطأها الأب حرمت على الأب (68)،

______________________________

و الكل مخدوش. أما الأول: فلأنه يترتب على الوطي بالشبهة حكم الوطي الصحيح في كل ما دل عليه الدليل بالخصوص و في غيره يرجع إلى الأصل و الإطلاق.

و أما الثاني: فعهدة إثبات دعوى الأولوية على مدّعيها.

و أما الأخير: فلا وجه لثبوته بعد مخالفة ابن إدريس و المحقق رحمهم اللّه و عن العلامة في القواعد أن فيه خلاف.

(68) استدل على الحرمة بصحيح الكاهلي قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام و أنا عنده عن رجل اشترى جارية و لم يمسّها فأمرت امرأته ابنه و هو ابن عشر سنين أن يقع عليها فوقع عليها فما ترى فيه؟ فقال: أثم الغلام، و أثمت أمه، و لا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» (1)،.

لو كنا نحن و نفس هذه الصحيحة تكون استفادة الحرمة منها قابلة للمناقشة لإمكان أن يكون المراد من قوله: «لا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» جهة أدبية لا الحرمة الواقعية، مع أن صحيح مرازم ظاهر بل نص في الحلّية قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد سئل عن امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لأبيه فوقع، فقال عليه السّلام: أثمت و اثم ابنها. و قد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له: أمسكها فإن الحلال لا يفسده الحرام» (2)، و كذا موثق زرارة قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو بجارية أبيه فإن ذلك لا يحرّمها على زوجها، و لا يحرّم الجارية على سيدها إنما يحرّم ذلك منه إذا أتى الجارية و هي له حلال، فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه» (3)، فالجزم بالحرمة بعد ملاحظة مجموع الأخبار مشكل جدا و أشكل من ذلك التمسك

ص: 145


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 4 و 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 4 و 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 4 و 1.

و إن كان بعد وطئه لها لم تحرم (69)، و كذا الكلام إذا زنى الأب بمملوكة ابنه (70).

مسألة 30: لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل أو الدبر

(مسألة 30): لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل أو الدبر (71).

مسألة 31: إذا شك في تحقق الزنا و عدمه بنى على العدم

(مسألة 31): إذا شك في تحقق الزنا و عدمه بنى على العدم و إذا شك في كونه سابقا أو لا بنى على كونه لا حقا (72).

مسألة 32: إذا علم أنه زنى بإحدى الامرأتين و لم يدر أيّتهما هي؟ وجب عليه الاحتياط

(مسألة 32): إذا علم أنه زنى بإحدى الامرأتين و لم يدر أيّتهما هي؟

وجب عليه الاحتياط إذا كان لكل منهما أم أو بنت، و أما إذا لم يكن لإحداهما أم و لا بنت فالظاهر جواز نكاح الأم أو البنت من الأخرى (73).

______________________________

ببعض العمومات لها.

(69) لقول أبي جعفر عليه السّلام فيما تقدم آنفا من موثق زرارة، و يدل عليه أيضا مفهوم ما مر من صحيح الكاهلي و قاعدة «إن الحرام لا يحرّم الحلال» كما تقدم في الروايات السابقة(1).

(70) لعدم القول بالفصل بين المسألتين بل القول بعدم الفصل بينهما.

(71) لأصالة المساواة بين الفرجين إلا ما خرج بالدليل على التخصيص و هو مفقود.

(72) أما الأول: فللأصل و الإطلاق و الاتفاق.

و أما الثاني: فلأصالة الصحة في العقد و التملك ما لم يعلم بالخلاف.

(73) أما الأول: فلتنجز العلم الإجمالي بعد كون الطرفين مورد الابتلاء.

و أما الثاني: فلأصالة الصحة و الحلّية بعد كون الطرف الآخر خارجا عن مورد الابتلاء.

ص: 146


1- راجع صفحة: 141.

مسألة 33: لا فرق في الزنا بين كونه اختياريا أو إجباريا أو اضطراريا

(مسألة 33): لا فرق في الزنا بين كونه اختياريا أو إجباريا أو اضطراريا و لا بين كونه في حال النوم (74) أو اليقظة، و لا بين كون الزاني

______________________________

(74) وطئ المرأة عند الناس- على اختلاف أديانهم- لا يخلو عن أقسام أربع:

الأول: الوطي الصحيح الشرعي عندهم كل على مذهبه و دينه.

الثاني: الزنا التي تستحق العقوبة لفاعلها.

الثالث: الزنا التي لا تستحق فيها العقوبة كالمكروه و المضطر.

الرابع: الوطي بالشبهة موضوعية كانت أو حكمية و هذه الأقسام حكمها معلومة كما يأتي بعضها.

تنبيه الوطي بالشبهة من حيث المفهوم معلوم و هو في مقابل الزنا الواقعي و النكاح الصحيح، و الشبهة لا تكون إلا في مقام الإثبات دون الثبوت و تكون ملحقة بالوطي الصحيح فيما يترتب عليه من الآثار في النكاح و العدد و الحدود و هذا مما لا إشكال فيه.

انما البحث في توسعة دائرة الشبهة لكل احتمال و لو أمكن رفعها أو تضييقها لخصوص بعض المراتب فلا بد من تأسيس الأصل أولا في حكمه ثمَّ بيان مجموع الأخبار الواصلة إلينا في الموضوع ثمَّ مراجعة كلمات الفقهاء.

أما الأول: فمقتضاه الحرمة و عدم ترتب آثار الصحيح مطلقا إلا فيما هو المعلوم المستفاد من مجموع الأدلة أو المتيقن من الإجماع لو تحقق.

و أما الثاني: فمنها قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «قضي في رجل ظن أهله أنه قد مات أو قتل، فنكحت امرأته و تزوجت سريّته، فولدت كل واحدة من زوجها، ثمَّ جاء الزوج الأول أو جاء مولى السريّة قال فقضى في ذلك أن

ص: 147

.....

______________________________

يأخذ الزوج الأول امرأته و يأخذ السيد سريته و ولدها أو يأخذ عرضا من الثمن ثمن الولد» (1)، و إطلاق الظن الوارد في يشمل المعتبر منه و غيره كما يأتي و منها قوله عليه السّلام أيضا في موثق زرارة: «إذا نعي الرجل إلى أهله أو أخبروها أنه طلّقها فاعتدت ثمَّ تزوجت فجاء زوجها الأول بعد، فإن الأول أحق بها من هذا الرجل دخل بها أو لم يدخل بها و لها من الآخر المهر بما استحل من فرجها و ليس للآخر أن يتزوجها أبدا» (2)، و قريب منه غيره (3)، فلا ريب في حصول العلم العادي من النعي و الإخبار بالموت خصوصا إذا كان عن جمع كما هو ظاهر قوله عليه السّلام: «أخبروها».

و منها: ما عن محمد بن قيس قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل حسب أهله أنه قد مات أو قتل فنكحت امرأته و تزوجت سريّته و ولدت كل واحد منهما من زوجها فجاء زوجها الأول و مولى السريّة فقال: يأخذ امرأته فهو أحق بها، و يأخذ سريّته و ولدها أو يأخذ رضا من ثمنه» (4)، و لو كنا نحن و نفس الحسبان من دون قرينة يشمل الاحتمال المرجوح أيضا لكن موت الزوج ثمَّ تزويج امرأته بزوج آخر يستلزم عادة وجود قرائن في البين تدل على صحة الموت بحيث يوجب الاطمئنان به.

و منها ما عنه عليه السّلام في صحيح ابن مسلم قال: «سألته عن رجلين شهدا على رجل غائب عند امرأته أنه طلقها فاعتدت المرأة و تزوجت ثمَّ إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلّقها فأكذب نفسه أحد الشاهدين فقال عليه السّلام: «لا سبيل للأخير عليها و يؤخذ الصداق من الذي شهد فيرد على الأخير و الأول أملك بها و تعتد من الأخير و لا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها» (5)، و الظاهر حصول الاطمئنان العادي من شهادة رجلين إلى غير ذلك من الروايات الظاهرة في

ص: 148


1- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 7.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 7.
4- الوسائل باب: 37 من أبواب العدد الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 37 من أبواب العدد الحديث: 2.

بالغا أو غير بالغ، و كذا المزني بها (75)، بل لو أدخلت الامرأة ذكر الرضيع

______________________________

حصول الاعتقاد و الاطمئنان العادي إما بقرائن خارجية أو الداخلية بعد رد بعضها إلى بعض و استفادة الحكم من مجموعها فلا وجه للتمسك بها لعدم اعتبار حصول الظن فضلا عن كونه معتبرا.

و أما الأخير فقد فسره جمع «بعدم العلم بالتحريم» فيشمل كل شبهة مطلقا فضلا عن الظن و الاطمئنان و غيرهما.

و عن آخرين: إطلاق أنها الوطي بظن الاستحقاق و لا ريب في شموله لمطلق الظن، و لو لم يكن معتبرا فيصير مطابقا للأول في الواقع و إن اختلفا في التعبير و تقييد الظن بالمعتبر بخلاف إطلاق الظن الوارد في مقام التحديد في الحكم المخالف للأصل، و حيث إن كلماتهم مختلفة و ليس من الإجماع الذي يعتمد عليه فلا وجه لبيانها و نقضها و ابرامها فيكون الأقسام أربعة:

الأول: الاطمئنان العادي بالحلّية.

الثاني: الظن بالحلّية من القرائن المعتبرة.

الثالث: الظن غير المعتبر مع الاعتقاد بأنه يكفي في الحلّية.

الرابع: مجرد الاحتمال مع عدم حصول الاعتقاد بأنه يكفي في الحلية، و مقتضى الأصل عدم جريان أحكام وطئ الشبهة على الأخير خصوصا مع إمكان الفحص مع عدم وجود إطلاق صحيح في البين بعد ملاحظة مجموع الأخبار و القرائن الداخلية و الخارجية، إلا أن يقال: إن اهتمام الشارع بحفظ الأنساب مهما أمكنه ذلك فيدخل القسم الرابع في الوطي بالشبهة أيضا و يشهد له جعل الوطي في الشريعة المقدسة على قسمين الحلال و الحرام، فما ليس بحرام فعلي داخل في الأول و يظهر ذلك من جمع منهم صاحب الجواهر رحمه اللّه، و سيأتي في كتاب الحدود بعض ما يتعلق بالمقام.

(75) كل ذلك لصدق الإطلاق و الاتفاق و العموم بعد صدق الموضوع لغة

ص: 149

في فرجها نشر الحرمة على إشكال (76) بل لو زنى بالميتة فكذلك على إشكال أيضا، و أشكل من ذلك لو أدخلت ذكر الميت المتصل (77) و أما لو أدخلت الذكر المقطوع فالظاهر عدم النشر (78).

مسألة 34: إذا كان الزنا لا حقا فطلقت الزوجة رجعيا ثمَّ رجع الزوج في أثناء العدة لم يعد سابقا

(مسألة 34): إذا كان الزنا لا حقا فطلقت الزوجة رجعيا ثمَّ رجع الزوج في أثناء العدة لم يعد سابقا حتى ينشر الحرمة، لأن الرجوع إعادة الزوجية الأولى (79).

و أما إذا نكحها بعد الخروج عن العدة أو طلقت بائنا فنكحها بعقد جديد ففي صحة النكاح و عدمها وجهان: من أن الزنا حين وقوعه لم يؤثر في الحرمة لكونه لا حقا فلا أثر له بعد هذا أيضا، و من أنه سابق بالنسبة إلى هذا العقد الجديد و الأحوط النشر (80).

مسألة 35: إذا زوجه رجل امرأة فضولا

(مسألة 35): إذا زوجه رجل امرأة فضولا فزنى بأمها أو بنتها ثمَّ أجاز العقد فإن قلنا بالكشف الحقيقي كان الزنا لا حقا، و إن قلنا بالكشف

______________________________

و عرفا و شرعا فيترتب عليه الأحكام من نشر الحرمة و غيره.

إلا أن يقال: باعتبار الاختيار في الزنا في ترتب الأحكام. و لكنه مشكل لما عرفت من ظهور الإطلاق و العموم في نشر الحرمة.

(76) منشأه احتمال انصراف الأدلة عن ذلك، و كذا في الإشكال اللاحق مع أن فيه احتمال الانصراف عن الميت أيضا.

(77) يظهر اشكاله مما مر في سابقهما فإنه مجمع العنوانين فيكون أشكل لا محالة.

(78) لعدم كونه من الزنا المعهود لا لغة و لا عرفا و لا شرعا و كذا العكس.

(79) التعبير بالإعادة مسامحة لأن المطلقة الرجعية زوجة في الجملة و إن لم يكن من كل جهة نعم يصح أن يكون الرجوع اعادة لها من كل جهة.

(80) جمودا على الإطلاق لو لا احتمال الانصراف عنه.

ص: 150

الحكمي أو النقل كان سابقا (81).

مسألة 36: إذا كان للأب مملوكة منظورة أو ملموسة له بشهوة حرمت على ابنه

(مسألة 36): إذا كان للأب مملوكة منظورة أو ملموسة له بشهوة حرمت على ابنه، و كذا العكس على الأقوى فيهما (82) بخلاف ما إذا كان النظر أو اللمس بغير شهوة كما إذا كان للاختيار أو للطبابة أو كان اتفاقيا، بل و إن أوجب شهوة أيضا (83).

نعم، لو لمسها لإثارة الشهوة كما إذا مس فرجها أو ثديها أو ضمها لتحريك الشهوة فالظاهر النشر (84).

مسألة 37: لا تحرم أم المملوكة الملموسة و المنظورة على اللامس و الناظر على الأقوى

(مسألة 37): لا تحرم أم المملوكة الملموسة و المنظورة على اللامس و الناظر على الأقوى (85).

______________________________

(81) مر ما يتعلق بهذه المسألة في العقد الفضولي فتكون الزوجية قبل الزنا بناء على الكشف دون النقل فراجع.

(82) لما مر من النصوص في المسألة الثانية من هذا الفصل فراجع.

(83) للأصل و العمومات و الإطلاقات الدالة على الحلّية بعد عدم ما يصلح للتخصيص و التقييد.

(84) لشمول إطلاق الأدلة لهذه الصورة.

(85) نسب ذلك إلى المشهور لأصالة الحلّية و عموماتها من غير ما يصلح للتخصيص.

و نسب إلى جمع الحرمة و استدل عليها. تارة: بالاحتياط.

و أخرى: بدعوى الإجماع من الشيخ.

و ثالثة: بقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا ينظر اللّه تعالى إلى رجل نظر إلى فرج امرأة و ابنتها» (1).

______________________________

(1)

ص: 151


1- سنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 170.

و إن كان الأحوط الاجتناب (86) كما أن الأحوط اجتناب الربية المملوكة أو المنظورة أمها و إن كان الأقوى عدمه (87)، بل قد يقال إن

______________________________

و رابعة: بأخبار أخرى منها صحيح محمد بن مسلم: «سئل أحدهما عليهما السّلام عن رجل تزوج امرأة فنظر إلى رأسها و إلى بعض جسدها، أ يتزوج ابنتها؟ قال: لا إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و الكل مردود أما الاحتياط فهو حسن و لكن لا وجه لوجوبه في مقابل عمومات الحلّية.

و أما الإجماع فكيف يعتمد عليه مع ذهاب المشهور الى الخلاف و أما النبوي فعلى فرض اعتبار سنده يحمل على التزويج كما أن ظاهر صحيح ابن مسلم ذلك أيضا.

(86) ظهر وجهه مما ذكر فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(87) أما الاحتياط فلا ريب في حسنه و أما أن الأقوى خلافه فللأصل و الإطلاقات و اشتراط تحريم الربيبة بالدخول بأُمها كما في ظاهر الكتاب قال تعالى فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ (2)، و إجماع الأصحاب، فيدلان على انحصار الدخول بالأم في سبيته لحرمة الربيبة، و لو كان مجرد المس سببا لها فهو مقدّم طبعا على الدخول لكان ذكر الدخول لغوا و لا بد من الإشارة إليه في ظاهر الكتاب مضافا إلى ما عن الصادق عليه السّلام في الصحيح:

«عن رجل باشر امرأته و قبّل غير أنه لم يفض إليها، ثمَّ تزوج ابنتها، قال عليه السّلام إن لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس و إن كان افضى فلا يتزوج ابنتها» (3).

ص: 152


1- الوسائل باب: 19 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- سورة النساء: 23.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.

اللمس و النظر يقومان مقام الوطء في كل مورد يكون الوطء ناشرا للحرمة (88)، فتحرم الأجنبية الملموسة أو المنظورة شبهة أو حراما على الأب و الابن و تحرم أمها و بنتها حرة كانت أو أمة، و هو و إن كان أحوط إلا أن الأقوى خلافه (89)، و على ما ذكر فتنحصر الحرمة في مملوكة كل من الأب و الابن على الآخر إذا كانت ملموسة أو منظورة بشهوة (90).

مسألة 38: في إيجاب النظر أو اللمس إلى الوجه و الكفين إذا كان بشهوة نظر

(مسألة 38): في إيجاب النظر أو اللمس إلى الوجه و الكفين إذا كان بشهوة نظر، و الأقوى العدم (91) و إن كان هو الأحوط.

مسألة 39: لا يجوز الجمع بين الأختين في النكاح

(مسألة 39): لا يجوز الجمع بين الأختين في النكاح (92) دواما أو

______________________________

و أما صحيح ابن مسلم: «سئل أحدهما عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فنظر إلى رأسها و إلى بعض جسدها أ يتزوج ابنتها؟ قال عليه السّلام: لا، إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها» (1)، فيمكن حمله على الكراهة جمعا.

(88) لكنه قول ضعيف لا دليل عليه من عقل أو نقل.

(89) لأصالة الحلّية و عموماتها و إطلاقاتها بعد عدم دليل على الخلاف.

(90) على ما تقدم تفصيله.

(91) لأصالة الحلّية بعدم عدم دليل على الخلاف في النظر لاختصاص الدليل بما إذا استلزم الكشف و التجريد، و أما اللمس فمقتضى إطلاق كون التقبيل موجبا للحرمة كما مر كونه موجبا لها و يمكن التعدي منه إلى غيره لو لا إمكان دعوى الانصراف عن اللمس عن اليد.

(92) لصريح الكتاب المبين في قوله تعالى وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ (2)، و إجماع المسلمين و نصوص متواترة بين الفريقين منها صحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في أختين نكح

ص: 153


1- الوسائل باب: 19 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
2- سورة النساء: 23.

متعة (93)، سواء أ كانتا نسبيتين أو رضاعيتين (94) أو مختلفتين (95) و كذا لا يجوز الجمع بينهما في الملك مع وطئهما (96).

______________________________

أحدهما رجل ثمَّ طلّقها و هي حبلى ثمَّ خطب أختها، فجمعهما قبل أن تضع أختها المطلّقة ولدها فأمره أن يفارق الأخيرة حتى تضع أختها المطلقة ولدها ثمَّ يخطبها و يصدقها صداقا مرتين» (1).

(93) للإطلاق و ظهور الاتفاق و صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «سألته عن رجل تكون عنده امرأة يحل له أن يتزوج أختها متعة؟ قال عليه السّلام: لا» (2).

و أما خبر الصيقل عن الصادق عليه السّلام: «لا بأس بالرجل أن يتمتع أختين» (3)، لا بد من حمله أو طرحه.

(94) للإطلاق و الاتفاق و عموم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (4).

(95) أي مختلفتين من أبيهما مع وحدة الأم، أو أمهما مع وحدة الأب، أو من جهة الرضاع و النسب، أو من جهة الدوام و الانقطاع أو من جهة أحدهما بالعقد و الأخرى بالملك.

(96) لإطلاق الكتاب وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ (5)، بناء على أن المراد الجمع في الوطي، و الاتفاق، و النصوص كموثق الحلبي عن الصادق عليه السّلام:

«قلت له الرجل يشتري الأختين فيطأ إحداهما، ثمَّ يطأ الأخرى بجهالة قال عليه السّلام:

إذا وطئ الأخرى بجهالة لم تحرم عليه الأولى و إن وطئ الأخيرة و هو يعلم

ص: 154


1- الوسائل باب: 24 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم من الرضاع.
5- سورة النساء: 23.

و أما الجمع بينهما في مجرد الملك من غير وطء فلا مانع منه (97)، و هل يجوز الجمع بينهما في الملك مع الاستمتاع بما دون الوطء بأن لم يطأهما أو وطأ إحداهما و استمتع بالأخرى بما دون الوطء؟ فيه نظر، مقتضى بعض النصوص الجواز و هو الأقوى لكن الأحوط العدم (98).

مسألة 40: لو تزوج بإحدى الأختين و تملّك الأخرى لا يجوز له وطء المملوكة

(مسألة 40): لو تزوج بإحدى الأختين و تملّك الأخرى لا يجوز له وطء المملوكة إلا بعد طلاق المزوجة و خروجها عن العدة إن كانت رجعية (99)، فلو وطأها قبل ذلك فعل حراما، لكن لا تحرم عليه الزوجة

______________________________

أنها عليه حرام حرمتا عليه جميعا» (1)، و غيره من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف كصحيح علي بن يقطين قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أختين مملوكتين و جمعهما؟ قال: تستقيم و لا أحبه لك»(2)، محمول أو مطروح.

(97) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و ظاهر النصوص.

(98) أما ظاهر بعض النصوص فهو ما عن الصادق عليه السّلام: «عن أختين مملوكتين ينكح إحداهما أ تحل له الأخرى؟ فقال عليه السّلام: ليس ينكح الأخرى إلا فيما دون الفرج و إن لم يفعل فهو خير له نظير تلك المرأة تحيض فتحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول اللّه عز و جل وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ، و قال وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلّا ما قَدْ سَلَفَ يعني في النكاح فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته و هي حائض فيما دون الفرج» (3).

و أما ان الأقوى الجواز فلتأييد الحديث بأصالة الحلّية و إن كان ضعيفا و أما ان الأحوط العدم فلإطلاق بعض النصوص (4)، و الفتاوى.

(99) أما عدم جواز الجمع بينهما فللجمود على إطلاق الآية الكريمة:

ص: 155


1- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6.
3- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 11 و 5.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 11 و 5.

بذلك، و لا يحدّ حدّ الزنا بوطء المملوكة بل يعزّر (100)، فيكون حرمة وطئها كحرمة وطء الحائض.

مسألة 41: لو وطأ إحدى الأختين بالملك ثمَّ تزوج الأخرى فالأظهر بطلان التزويج

(مسألة 41): لو وطأ إحدى الأختين بالملك ثمَّ تزوج الأخرى فالأظهر بطلان التزويج (101) و قد يقال بصحته و حرمة وطء الأولى إلا بعد طلاق الثانية (102).

______________________________

وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ (1)، الشامل لما إذا كان كلاهما بالعقد أو كلاهما بالملك أو إحداهما بالعقد و الأخرى بالملك.

و احتمال أن المراد من الجمع هو الجمع في العقد مخالف لظهور الإطلاق و ظهور الاتفاق على أن المراد من الجمع مطلقه كما مر.

إن قلت: الجمع في الملك جائز فليكن هنا أيضا كذلك.

قلت: نعم، لو لا مسلمية الحكم بعدم الجواز في المقام عند الأصحاب و كذا ظهور الإطلاق كما مر.

و أما عدم جواز وطأ المملوكة فلتحقق الجمع بذلك.

و أما بالنسبة إلى الرجعية فلأنها زوجة حكما كما سيأتي.

(100) أما أنه فعل الحرام فلارتكابه المنهي عنه.

أما عدم حرمة الزوجة بذلك فلقوله عليه السّلام: «الحرام لا يحرّم الحلال» (2)، مضافا إلى استصحاب الحلّية.

و أما انه لا يحد و إنما يعزّر فلما يأتي في (مسألة 45).

(101) بناء على أنه من الجمع بين الأختين كما تقدم نظيره في المسألة السابقة.

(102) كما عن الشيخ و العلامة و مال إليه في المسالك لأقوائية التزويج عن

ص: 156


1- سورة النساء: 23.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 5.

مسألة 42: لو تزوج بإحدى الأختين ثمَّ تزوج بالأخرى بطل عقد الثانية

(مسألة 42): لو تزوج بإحدى الأختين ثمَّ تزوج بالأخرى بطل عقد الثانية (103) سواء كان بعد وطء الأولى أو قبله (104)، و لا يحرم بذلك وطء الاولى و إن كان قد دخل بالثانية (105).

نعم، لو دخل بها مع الجهل بأنها أخت الأولى يكره له وطء الأولى قبل خروج الثانية عن العدة، بل قيل: يحرم للنص الصحيح (106) و هو الأحوط.

______________________________

الملك فيبقى الأقوى و ينحل الضعيف و هو كما ترى أشبه بالاستحسان من البرهان.

(103) إجماعا و نصا فعن أبي جعفر عليه السّلام: في صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة في العراق، ثمَّ خرج إلى الشام فتزوج امرأة أخرى، فإذا هي أخت امرأته التي بالعراق؟ قال عليه السّلام: يفرّق بينه و بين المرأة التي تزوجها بالشام و لا يقرب المرأة العراقية حتى تنقضي عدة الشامية، قلت: فإن تزوج امرأة ثمَّ تزوج أمها و هو لا يعلم أنها أمها؟ قال عليه السّلام: قد وضع اللّه تعالى عنه جهالته بذلك.

ثمَّ قال: إن علم أنها أمها فلا يقربها و لا يقرب الأبنة حتى تنقضي عدة الأم منه فإذا انقضت عدة الأم حل له نكاح الأبنة» (1)، و ما يظهر منه الخلاف كقول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح (2): «رجل نكح امرأة، ثمَّ أتى أرضا فنكح أختها و لا يعلم، قال عليه السّلام: يمسك أيتهما شاء، و يخلي سبيل الأخرى» محمول أو مطروح.

(104) لإطلاق النص و الفتوى مضافا إلى الأصل.

(105) لإطلاق أن «الحرام لا يحرّم الحلال» (3).

(106) لما مر من صحيح زرارة مع حمله على الكراهة بعد وهنه بإعراض

ص: 157


1- الوسائل باب: 26 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 2.
3- تقدم في صفحة: 184.

مسألة 43: لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق فإن علم تاريخ أحد العقدين حكم بصحته

(مسألة 43): لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق فإن علم تاريخ أحد العقدين حكم بصحته دون المجهول (107)، و إن جهل تاريخهما حرم عليه وطؤهما (108)، و كذا وطء إحداهما (109) إلا بعد طلاقهما أو طلاق الزوجة الواقعية منهما ثمَّ تزوج من شاء منهما بعقد جديد بعد خروج الأخرى عن العدة إن كان دخل بها أو بهما (110)، و هل يجبر على هذا الطلاق دفعا لضرر الصبر عليهما؟ لا يبعد ذلك (111) لقوله تعالى فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (112)، و ربما يقال بعدم وجوب الطلاق عليه و عدم إجباره و أنه يعيّن بالقرعة، و قد يقال إن الحاكم

______________________________

المعظم عن ظاهره.

(107) لأصالة عدم وقوع عقد المجهول إلى حين وقوع عقد معلوم التاريخ.

(108) لتعارض الأصول الموضوعية و الحكمية فيؤثر العلم الإجمالي أثره.

(109) لفرض أنه طرف للعلم الإجمالي المنجّز فيجب الاحتياط فيه أيضا.

(110) أما صحة طلاقهما فلا ريب فيها من باب قاعدة الاحتياط.

و أما صحة طلاق الزوجة الواقعية بينهما فلوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها فيصح لا محالة.

و أما صحة العقد لكل من شاء منهما فلعمومات الأدلة و إطلاقاتها المقتضية لها.

و أما الخروج عن العدة الرجعية بالنسبة إلى من دخل بها فلاحتمال كونها زوجته فلا يصح الجمع بينها و بين أختها بعد كون العدة رجعية.

(111) المدعى حق و إن أمكن الإشكال في هذا الدليل كما يأتي في كتاب الطلاق إن شاء تعالى.

(112) بناء على أن المراد بالتسريح بالإحسان هو الطلاق المعروف لا أن يكون المراد بالإمساك بالمعروف: الرجوع في العدة و بالتسريح بالإحسان:

ص: 158

يفسخ نكاحهما (113) ثمَّ مقتضى العلم الإجمالي بكون إحداهما زوجة وجوب الإنفاق عليهما ما لم يطلق، و مع الطلاق قبل الدخول نصف المهر لكل منهما، و إن كان بعد الدخول فتمامه (114)، لكن ذكر بعضهم أنه لا يجب عليه إلا نصف المهر لهما فلكل منهما الربع في صورة عدم الدخول و تمام أحد المهرين لهما في صورة الدخول و المسألة محل إشكال كنظائرها من العلم الإجمالي في الماليات (115).

______________________________

انقضائها فإنها تخرج عن الاستدلال بها حينئذ لاجبار الطلاق، و كذا ما سيق هذا المساق الذي يكون مفادها عدم التلاعب بطلاق الزوجة.

و أما إشكال أن الإجبار على الطلاق يوجب الإكراه و لا إكراه في الطلاق فلا وجه له، لأن الإكراه في الحكم الشرعي لا في نفس قصد الإنشاء كما هو واضح مع أن دليل رفع الإكراه لا يشمل اكراه الحاكم الزوج على الطلاق فيما يقتضيه الحكم الشرعي.

(113) دليل الأول- على فرض القائل به- حديث «كل أمر مشكل ففيه القرعة» (1).

و وجه الثاني التحفظ على تحقق قصد الإنشاء و يخدش الأول بأن العمل بعمومه حتى في مورد أمكن فيه الاحتياط بسهولة مشكل.

و الثاني بأن ولاية الحاكم على الطلاق مع وجود من أخذ بالساق و تمكّنه من الاحتياط أشكل.

(114) لقاعدة تنجز العلم الإجمالي لو لم يكن معارضا بقاعدة نفي الضرر.

(115) فينحصر الأمر بالتصالح و التراضي، و قد ناقش رحمه اللّه في وجوب الاحتياط في الماليات في حاشيته على المكاسب.

ص: 159


1- مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 1.

مسألة 44: لو اقترن عقد الأختين بأن تزوجهما بصيغة واحدة

(مسألة 44): لو اقترن عقد الأختين بأن تزوجهما بصيغة واحدة، أو عقد على إحداهما و وكيله على الأخرى في زمان واحد بطلا معا (116)، و ربما يقال بكونه مخيرا في اختيار أيهما شاء، لرواية محمولة على التخيير بعقد جديد (117)، و لو تزوجهما و شك في السبق و الاقتران حكم ببطلانهما أيضا (118).

مسألة 45: لو كان عنده أختان مملوكتان فوطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى

(مسألة 45): لو كان عنده أختان مملوكتان فوطئ إحداهما حرمت عليه الأخرى (119) حتى تموت الأُولى أو يخرجها عن ملكه ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها و لو بأن يهبها من ولده (120)، و الظاهر كفاية التمليك

______________________________

(116) لأن الجمع بينهما حرام و التخصيص ترجيح بلا مرجح فيبطلان معا لا محالة.

(117) فعن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة، قال عليه السّلام: يمسك أيتهما شاء و يخلى سبيل الأخرى، و قال: في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة، قال عليه السّلام: يخلى سبيل أيتهن شاء» (1)، و هو مرسل في نسخة الكافي الذي هو الأضبط من سائر الكتب الأربعة و ضعيف في بعض نسخ التهذيب، مع وهنه بالإعراض فلا بد من حمله على ما ذكره.

(118) لتعارض الأصول الموضوعية و الحكمية بالنسبة إلى كل واحد منهما و السقوط بالتعارض فيرجع إلى أصالة عدم ترتب الأثر.

هذا إذا كان الشك في السبق و الاقتران بالنسبة إلى كل واحد منهما و أما إن كان بالنسبة إلى أحدهما فقط فتجري أصالة الصحة بالنسبة إلى الآخر بلا معارض فيصح العقد حينئذ.

(119) إجماعا و نصوصا تقدم بعضها في (مسألة 39) فراجع.

(120) كل ذلك للأصل و العمومات و الإطلاقات بعد زوال موضوع الجمع

ص: 160


1- الوسائل باب: 25 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

الذي له فيه الخيار و إن كان الأحوط اعتبار لزومه (121) و لا يكفي- على الأقوى- ما يمنع من المقاربة مع بقاء الملكية كالتزويج للغير و الرهن و الكتابة و نذر عدم المقاربة و نحوها (122)، و لو وطأها من غير إخراج للأولى لم يكن زناء فلا يحد، و يلحق به الولد، نعم، يعزّر (123).

مسألة 46: إذا وطأ الثانية بعد وطء الاولى حرمتا عليه

(مسألة 46): إذا وطأ الثانية بعد وطء الاولى حرمتا عليه مع علمه بالموضوع و الحكم (124)، و حينئذ فإن أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقا (125)، و إن كان ذلك بقصد الرجوع إليها، و إن أخرج الثانية

______________________________

المحرّم بكل واحد مما ذكر، و في صحيح ابن سنان قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا كانت عند الرجل الأختان المملوكتان، فنكح إحداهما، ثمَّ بدا له في الثانية فنكحها، فليس ينبغي له أن ينكح الأخرى حتى تخرج الاولى من ملكه يهبها أو يبيعها فان وهبها لولده يجزيه» (1)، و نحوه غيره كما مر.

(121) أما كفاية التمليك الذي له فيه الخيار، فلظهور الإطلاق.

و أما الاحتياط فلاحتمال انصرافه إلى خصوص اللازم مع أنه حسن على كل حال.

(122) لأن المنساق من الأدلة في موارد الحلّية إنما هو الخروج عن الملك و هو غير حاصل في جميع ذلك.

(123) أما عدم الحد فلعدم تحقق الزنا بالأجنبية بل وقع الوطي في ملكه.

و أما إلحاق الولد فلفرض تحقق الوطي في الملك و هو فراش و الولد للفراش، و أما التعزير فلارتكابه الحرام و يأتي التفصيل في مستقبل الكلام.

(124) إجماعا بعد عدم معرفة القائل بالخلاف و عدم دليل معتبر عليه و نصا كما تأتي الإشارة إليه.

(125) لما تقدم في المسألة السابقة و إطلاق الدليل يقتضي الصحة و إن كان

ص: 161


1- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

عن ملكه يشترط في حلّية الاولى أن يكون إخراجه لها لا بقصد الرجوع إلى الاولى و إلا لم تحل (126) و أما في صورة الجهل بالحرمة موضوعا أو حكما فلا يبعد بقاء الاولى على حليتها و الثانية على حرمتها (127)، و إن كان الأحوط عدم حلّية الأولى إلا بإخراج الثانية و لو كان بقصد الرجوع إلى الاولى، و أحوط من ذلك كونها كصورة العلم (128).

مسألة 47: لو كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من الزنا فالأحوط لحوق الحكم

(مسألة 47): لو كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من الزنا فالأحوط لحوق الحكم من حرمة الجمع بينهما في النكاح و الوطء إذا كانتا مملوكتين (129).

______________________________

بقصد الرجوع إلى الثانية.

(126) لصحيح الكناني عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل عنده اختان مملوكتان، فوطئ إحداهما ثمَّ وطئ الأخرى؟ فقال عليه السّلام: «إذا وطئ الأخرى فقد حرمت عليه الاولى حتى تموت الأخرى قلت: أرأيت إن باعها؟ فقال عليه السّلام:

إن كان إنما يبيعها لحاجة، و لا يخطر على باله من الأخرى شي ء فلا أرى بذلك بأسا.

و إن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الاولى فلا» (1)، و مثله غيره من الروايات.

(127) لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: الرجل يشتري الأختين فيطأ إحداهما، ثمَّ يطأ الأخرى بجهالة، قال عليه السّلام: إذا وطئ الأخيرة بجهالة لم تحرم عليه الاولى و إن وطئ الأخيرة و هو يعلم أنها عليه حرام حرمتا عليه جميعا» (2).

(128) لحسن الاحتياط على كل حال، و كثرة الأقوال في المسألة.

و حيث لا موضوع لهذه الفروع أصلا فلا وجه لصرف الوقت فيها.

(129) لأن نفي النسبة شرعا في الزنا إنما هو بالنسبة إلى خصوص الإرث

ص: 162


1- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 9 و 5.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 9 و 5.

مسألة 48: إذا تزوج بإحدى الأختين ثمَّ طلّقها طلاقا رجعيا لا يجوز له نكاح الأخرى

(مسألة 48): إذا تزوج بإحدى الأختين ثمَّ طلّقها طلاقا رجعيا لا يجوز له نكاح الأخرى إلا بعد خروج الاولى عن العدة (130) و أما إذا كان بائنا بأن كان قبل الدخول، أو ثالثا، أو كان الفراق بالفسخ لأحد العيوب أو بالخلع، أو المبارأة جاز له نكاح الأخرى (131) و الظاهر عدم صحة رجوع الزوجة في البذل، بعد تزويج أختها كما سيأتي في باب الخلع إن شاء اللّه (132).

نعم، لو كان عنده إحدى الأختين بعقد الانقطاع و انقضت المدة لا يجوز له على الأحوط نكاح أختها في عدتها و إن كانت بائنة للنص الصحيح (133)، و الظاهر أنه كذلك إذا وهب مدتها و إن كان مورد النص

______________________________

و أما أحكام المصاهرة فغير منفية ظاهرا بل قطعا للعمومات و الإطلاقات.

(130) لأن المطلّقة الرجعية زوجة كما مر غير مرة مضافا إلى نصوص خاصة منها ما عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل اختلعت منه امرأته، أ يحل له أن يخطب أختها قبل أن تنقضي عدتها؟ قال: إذا برئت عصمتها منه و لم يكن له عليها رجعة فقد حل له أن يخطب أختها» (1)، و قريب منه غيره.

(131) لأصالة الحلية و العمومات و الإطلاقات و انقطاع العصمة بينهما مطلقا، مضافا إلى ما ورد من النص، فعن الصادق عليه السّلام في صحيح أبي بصير: «في رجل اختلعت منه امرأته أ يحل له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة؟ قال: نعم، قد برئت عصمتها منه و ليس له عليها رجعة»(2)، و قريب منه صحيح الحلبي إلى غير ذلك من الأخبار.

(132) لعدم إمكان رجوع الزوج و ظاهرهم الملازمة بين صحة الرجوعين.

(133) فعن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «الرجل يتزوج المرأة إلى أجل مسمى،

ص: 163


1- الوسائل باب: 28 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.
2- راجع الوسائل باب: 48 من أبواب العدد الحديث: 1 و 2.

انقضاء المدة (134).

مسألة 49: إذا زنى بإحدى الأختين جاز له نكاح الأخرى في مدة استبراء الاولى

(مسألة 49): إذا زنى بإحدى الأختين جاز له نكاح الأخرى في مدة استبراء الاولى (135).

و كذا إذا وطأها شبهة جاز له نكاح أختها في عدتها لأنها بائنة.

نعم، الأحوط اعتبار الخروج عن العدة خصوصا في صورة كون الشبهة من طرفه و الزنا من طرفها، من جهة الخبر الوارد في تدليس الأخت التي نامت في فراش أختها بعد لبسها لباسها (136).

______________________________

فيقضي الأجل بينهما، هل يحل له أن ينكح أختها من قبل أن يقضي عدتها؟

فكتب عليه السّلام: لا يحل له أن يتزوجها حتى تنقضي عدتها» (1).

(134) لأن ذكر انقضاء المدة في المكاتبة أسقط خصوصية انقضاء الأجل و لكن بعد إعراض الأصحاب عن الحديث و قول السرائر: «انها رواية شاذة مخالفة لأُصول المذهب لا يلتفت إليها و لا يجوز التعريج عليها» يسقط الاعتماد عليها و لعله لذلك لم يجزم رحمه اللّه بالفتوى.

(135) لعدم الحرمة لماء الزاني و عدم وجوب الاعتداد منه بل عدم وجوب الاستبراء منه أيضا كما يأتي كل ذلك في أحكام العدد إن شاء اللّه تعالى.

(136) و هو صحيح العجلي قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه أختها، و كانت أكبر منها فأدخلت منزل زوجها ليلا، فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها و لبستها ثمَّ قعدت في حجلة أختها و نحّت امرأته و أطفأت المصباح و استحيت الجارية أن تتكلم فدخل الزوج الحجلة فواقعها، و هو يظن أنها امرأته التي تزوجها فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته، فقالت أنا امرأتك فلانة التي تزوجت و أن أختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها و قعدت في

ص: 164


1- الوسائل باب: 27 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

مسألة 50: الأقوى جواز الجمع بين فاطميتين على كراهة

(مسألة 50): الأقوى جواز الجمع بين فاطميتين (137) على كراهة (138)، و ذهب جماعة من الإخبارية إلى الحرمة و البطلان بالنسبة إلى الثانية.

و منهم من قال بالحرمة دون البطلان (139) فالأحوط الترك، و لو جمع بينهما فالأحوط طلاق الثانية، أو طلاق الاولى و تجديد العقد على الثانية بعد خروج الاولى عن العدة (140)، و إن كان الأظهر على القول

______________________________

الحجلة و نحّتني فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر، فقال: أرى أن لا مهر للتي دلّست نفسها، و أرى أن عليها الحد لما فعلت حد الزاني غير محصن.

و لا يقرب الزوج امرأته التي تزوج حتى تنقضي عدة التي دلّست نفسها فإذا انقضت عدتها ضم إليه امرأته» (1)، و ظاهره النهي عن وطئ الزوجة بعد وطئ أختها للشبهة حتى تنقضي عدتها.

إلا أن يقال: بعدم الفرق بينه و بين نكاح أخت الموطوئة و عدم الفرق بين كون الموطوئة زانية أو مشتبهة مع أن ظاهر الأصحاب الإعراض عنه.

(137) للأصل و الاتفاق و العموم و الإطلاق غير الآبيين عن التخصيص و التقييد، و قال في الجواهر و نعم ما قال: «لم أجد أحدا من قدماء الأصحاب و لا متأخريهم من ذكر ذلك في المكروهات فضلا عن المحرمات المحصورة»، و في الحدائق: «هذه المسألة لم يحدث فيها الكلام إلا في هذه الأعصار الأخيرة و إلا فكلام المتقدمين من أصحابنا خال عن ذكرها و التعرض لها».

(138) المتيقن منها الكراهة التكليفية فقط.

(139) يظهر الأول من صاحب الحدائق و الثاني من الشيخ جعفر كمال الدين رحمه اللّه.

(140) لحصول التفرقة بذلك فيرتفع موضوع الجمع بينهما قهرا.

ص: 165


1- الوسائل باب: 9 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.

بالحرمة عدم البطلان لأنها تكليفية (141) فلا تدل على الفساد.

ثمَّ الظاهر عدم الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطميا أو لا (142)، كما أن الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطمية من طرف الأبوين أو الأب (143) فلا تجري في المنتسب إليها عليها السّلام من طرف الأم خصوصا إذا كان انتسابها إليها بإحدى الجدات العاليات (144).

و كيف كان فالأقوى عدم الحرمة (145) و إن كان النص الوارد في المنع صحيحا على ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن حماد «قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا يحل لأحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة عليها السّلام إن ذلك يبلغها فيشق عليها، قلت يبلغها قال عليه السّلام: إي و اللّه» و ذلك لإعراض المشهور عنه، مع أن تعليله ظاهر في الكراهة إذ لا نسلّم أن مطلق كون ذلك شاقا عليها إيذاء لها (146) حتى يدخل في قوله صلّى اللّه عليه و آله «من آذاها

______________________________

(141) لأنها المنساق من التعليل المذكور في الدليل.

(142) للإطلاق الشامل لكل منهما.

(143) لأن المدار على تحقق الانتساب إليها عليها السّلام و الانتساب لا يتحقق إلا بذلك.

(144) لعدم تحقق الانتساب بها و الظاهر أن المنساق من قوله عليه السّلام: «من ولد فاطمة» (1)، ذلك أيضا و إلا فلو عمم الحكم لمطلق الذرية و الأولاد لعم المنسوب بالأم أيضا و لو من الجدات العاليات و هو بعيد جدا.

(145) لكونها مخالفة للأصل و الإطلاق و العموم و الاتفاق عدم التعرض له بين القدماء.

(146) فيكون لجميع الأنكحة المكروهة ذاتا و زمانا و مكانا حيث أن

ص: 166


1- الوسائل باب: 40 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

فقد آذاني».

مسألة 51: الأحوط ترك تزويج الأمة دواما

(مسألة 51): الأحوط ترك تزويج الأمة دواما مع عدم الشرطين من عدم التمكن من المهر للحرة و خوف العنت- بمعنى المشقة أو الوقوع في الزنا (147)- بل الأحوط تركه متعة أيضا و إن كان القول بالجواز فيها غير

______________________________

ارتكاب جميع ذلك شاق على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأن كل عالم يشقه مخالفة الجاهل له فضلا عن النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، و مع ذلك لا يوجب البطلان و كذا جميع المعاملات المكروهة بل المحرمة تكليفيا كذلك، فلا ريب في أن المشقة أعم من الأذية فإن الإنسان يشق عليه ما يراه من جهل الجهلة و الأخلاق الفاسدة و قد لا يتأذى بها.

(147) نسب عدم الجواز إلا مع الشرطين إلى أكثر المتقدمين لقوله تعالى:

وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ- إلى قوله تعالى- ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ (1)، و نوقش في الاستدلال بالآية الشريفة بوجوه:

الأول: أنها في مقام بيان الإرشاد إلى الأفضل فلا يستفاد منها الحرمة مع عدم الشرطين.

و فيه: أن الظاهر منها الحكم التحريمي دون مجرد الإرشاد.

الثانية: أنه لا مفهوم للآية المباركة.

و فيه: ما ثبت في محله من ثبوت المفهوم مع تحقق شرائطه مطلقا إلا مع الدليل على الخلاف و هو مفقود.

الثالثة: أن الأصل و الإطلاق و العموم دليل على الخلاف.

و فيه: أن المفهوم المعتبر مقدم على ذلك كله و المفروض اعتباره إلى غير ذلك مما أطيل القول فيه مع أن هذه المسائل نادرة الابتلاء في هذه الأعصار،

ص: 167


1- سورة النساء: 25.

بعيد (148)،

______________________________

و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن الرجل يتزوج الأمة؟

قال عليه السّلام لا إلا أن يضطر إلى ذلك» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن مسلم:

«الرجل يتزوج المملوكة، قال عليه السّلام: إذا اضطر إليها فلا بأس» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في الموثق: «في الحر يتزوج الأمة، قال عليه السّلام: لا بأس إذا اضطر إليها» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار مما اشتمل على هذا العنوان.

و نوقش فيها بأن الضرورة أخص من الشرطين فلا بد من الحمل على الكراهة إذ لا تعتبر الضرورة إجماعا.

و فيه: أنه يمكن حملها على الشرطين.

و عن جمع الجواز و لو مع عدم الشرطين، و عن الشرائع أنه الأشهر و عن الغنية الإجماع عليه لاشتمال بعض الأخبار على لفظ «لا ينبغي» كقوله عليه السّلام في خبر يونس: «لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الأمة إلا أن لا يجد حرة»(4).

و في خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «لا ينبغي للحر أن يتزوج الأمة و هو يقدر على الحرة» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار فيستفاد من المجموع أن الحكم من الأخلاقيات لا الإلزاميات.

و نوقش فيه بأن لفظ «لا ينبغي» أعم من الحرمة فيرفع اليد عن ظاهره بقرينة ما سبق.

و لكن الجزم بالفتوى بملاحظة مجموع ما وصل إلينا مشكل خصوصا بعد تعليق جواز تزويج الأمة على الإذن من الحرة فإنه كالظاهر بأن الحكم أخلاقي فما عبره رحمه اللّه من الاحتياط الوجوبي متّجه.

(148) أما الاحتياط في الترك متعة أيضا فللجمود على الإطلاق.

ص: 168


1- الوسائل باب: 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 6 و 4.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 6 و 4.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1 و 6 و 4.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 3.
5- الوسائل باب: 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2 و 3.

و أما مع الشرطين فلا إشكال في الجواز (149) لقوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلى آخر الآية، و مع ذلك الصبر أفضل (150) في صورة عدم خوف الوقوع في الزنا، كما لا إشكال في جواز وطئها بالملك، بل و كذا بالتحليل (151)، و لا فرق بين القن و غيره (152).

نعم، الظاهر جوازه في المبعّضة لعدم صدق الأمة عليها و إن لم يصدق الحرة أيضا.

مسألة 52: لو تزوجها مع عدم الشرطين فالأحوط طلاقها

(مسألة 52): لو تزوجها مع عدم الشرطين فالأحوط طلاقها و لو حصلا بعد التزويج جدد نكاحها إن أراد على الأحوط (153).

لو تحقق الشرطان فتزوجها ثمَّ زالا

(مسألة 53): لو تحقق الشرطان فتزوجها ثمَّ زالا أو زال أحدهما لم

______________________________

و أما عدم البعد في الجواز فلانصراف الأدلة عن المتعة و إطلاق ما عن مولانا الرضا عليه السّلام في الصحيح: «الرجل يتمتع بأمة رجل بإذنه؟ قال عليه السّلام: نعم» (1).

و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «لا يتمتع بالأمة إلا بإذن أهلها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و نوقش في الاخبار بإمكان الحمل على صورة وجود الشرطين.

(149) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و ظاهر الكتاب و النص كما مر.

(150) لقوله تعالى وَ أَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ مضافا إلى الإجماع.

(151) لظاهر إطلاق الكتاب و السنة و الإجماع فيهما بناء على كون التحليل تمليكا كما هو الظاهر.

(152) لظهور الإطلاق الشامل لهما.

(153) أما الأول فلاحتمال صحة الزواج فيحتاط بالطلاق.

و أما الثاني فلاحتمال بطلانه فيحتاط بالتجديد.

ص: 169


1- الوسائل باب: 15 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 1.

يبطل و لا يجب الطلاق (154).

مسألة 54: لو لم يجد الطول أو خاف العنت و لكن أمكنه الوطء بالتحليل أو بملك اليمين يشكل جواز التزويج

(مسألة 54): لو لم يجد الطول أو خاف العنت و لكن أمكنه الوطء بالتحليل أو بملك اليمين يشكل جواز التزويج (155).

مسألة 55: إذا تمكن من تزويج حرة لا يقدر على مقاربتها

(مسألة 55): إذا تمكن من تزويج حرة لا يقدر على مقاربتها لمرض، أو رتق، أو قرن، أو صغر، أو نحو ذلك فكما لم يتمكن، و كذا لو كانت عنده واحدة من هذه، أو كانت زوجته الحرة غائبة (156).

مسألة 56: إذا لم تكفه في صورة تحقق الشرطين أمة واحدة يجوز الاثنتين

(مسألة 56): إذا لم تكفه في صورة تحقق الشرطين أمة واحدة يجوز الاثنتين، أما الأزيد فلا يجوز- كما سيأتي- (157).

مسألة 57: إذا كان قادرا على مهر الحرة لكنها تريد من مهر أمثالها بمقدار يعدّ ضررا عليه

(مسألة 57): إذا كان قادرا على مهر الحرة لكنها تريد من مهر أمثالها بمقدار يعدّ ضررا عليه فكصورة عدم القدرة لقاعدة نفي الضرر، نظير سائر المقامات كمسألة وجوب الحج إذا كان مستطيعا، و لكن يتوقف تحصيل الزاد و الراحلة على بيع بعض أملاكه بأقل من ثمن المثل أو على شراء الراحلة بأزيد من ثمن المثل فإن الظاهر سقوط الوجوب و إن كان قادرا على ذلك، و الأحوط في الجميع اعتبار كون الزيادة مما يضرّ بحاله لا مطلقا (158).

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 24، ص: 170

______________________________

(154) لأن المنساق من الأدلة أن الشرطين على فرض الاعتبار شرط للحدوث لا البقاء.

(155) لفقد الشرط الموجب لعدم الجواز بناء عليه و إنما أشكل رحمه اللّه لأجل الإشكال في أصل الحكم.

(156) لصدق عدم الطول على نكاح الحرة في جميع ذلك.

(157) أما الأول فللإطلاق و الاتفاق.

و أما الثاني فلما مر من أنه لا يجوز نكاح أزيد من أمتين.

(158) المناط كله صدق عدم الاستطاعة عند المتشرعة في الحج و صدق

ص: 170

.....

______________________________

عدم القدرة على نكاح الحرة في المقام و هو يختلف باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة.

و ما يقال: من أن الضرر المالي في المقام لا وجه له لأن موضوعه المعاوضات.

مخدوش: بعدم اختصاصه بها لا عرفا و لا لغة و لا شرعا و المدار على صدق أن الشخص يقع في ضرر في ماله إن أقدم على ذلك.

و لا بد من تقييد قوله «فإن الظاهر سقوط الوجوب» بالنسبة إلى الحج بما إذا كان الضرر مجحفا لا مطلق الضرر فإنه ينافي صريح قوله في الحج.

ثمَّ إن قاعدة الضرر تجري في جميع الموارد التي يكون فيها أثر شرعي سواء كان إلزاميا أو لا، لأنها من أهم القواعد الامتنانية فلا بد و أن تعم موردها لجميع ذلك نعم الغالب في مورد جريانها الإلزاميات، و مر التفصيل في الأصول و من شاء فليراجع كتابنا (تهذيب الأُصول).

ص: 171

فصل

اشارة

فصل الأقوى جواز نكاح الأمة على الحرة مع إذنها (1)، و الأحوط اعتبار الشرطين من عدم الطول و خوف العنت (2)، و أما مع عدم إذنها فلا يجوز و إن قلنا في المسألة المتقدمة بجواز عقد الأمة مع عدم الشرطين، بل هو باطل (3).

نعم، لو أجازت بعد العقد صح على الأقوى (4) بشرط تحقق

______________________________

(1) إجماعا و نصا ففي صحيح ابن بزيع عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألت أبا الحسن هل للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها و له امرأة حرة؟

قال عليه السّلام: نعم، إذا رضيت الحرة، قلت: فإن أذنت الحرة يتمتع منها؟ قال عليه السّلام:

نعم» (1)، و مورده و إن كانت المتعة و لكن لا قائل بالفصل.

(2) تقدم ما يتعلق بهما فلا وجه للتكرار.

(3) للنصوص منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «من تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل» (2)، المقيّد بعدم إذنها جمعا و إجماعا.

(4) لإطلاق قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح ابن بزيع: «إذا رضيت الحرة» الشامل للرضاء السابق و اللاحق.

و أما موثق سماعة على ما في التهذيب الظاهر في خيار الحرة حينئذ إن شاءت أقامت معها و إن شاءت ذهبت إلى أهلها، فعن الصادق عليه السّلام: «عن رجل

ص: 172


1- الوسائل باب: 16 من أبواب المتعة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب بالمصاهرة الحديث: 1.

الشرطين على الأحوط، و لا فرق في المنع بين كون العقدين دواميين أو انقطاعيين أو مختلفين، بل الأقوى عدم الفرق بين إمكان وطء الحرة و عدمه لمرض أو قرن أو رتق (5) إلا مع عدم الشرطين.

نعم، لا يبعد الجواز إذا لم تكن الحرة قابلة للإذن لصغر، أو جنون،

______________________________

تزوج أمة على حرة، فقال: إن شاءت الحرة أن تقيم مع الأمة أقامت، و إن شاءت ذهبت إلى أهلها، قلت: فإن لم ترض بذلك و ذهبت إلى أهلها، فله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام؟ قال عليه السّلام: لا سبيل له عليها إذا لم ترض حين تعلم، قلت:

فذهابها إلى أهلها طلاقها؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا خرجت من منزله أعتدت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء ثمَّ تتزوج إن شاءت» (1)، ففيه: أولا أنه مذكور في الكافي الذي هو أضبط: «في رجل تزوج امرأة حرة و له امرأة أمة و لم تعلم الحرة أن له امرأة، قال: إن شاءت الحرة ..» (2)، فيكون مورده صورة العكس و هو نكاح الحرة على الأمة التي يأتي بعد ذلك و يدل عليه خبر الأزرق أيضا كما يأتي.

و يشكل اختلاف الحديثين مع اتحاد الراوي و السند و المروي عنه و الحديث في غالب مضمونه فيرجع إلى المرجحات الخارجية و هي نسخة الكافي.

و ثانيا مع كون الإذن في العقد على الأمة باختيار الحرة حدوثا لا وجه لخيارها مع قدرتها على عدم الإذن فيبطل عقد الأمة لا محالة مع كون الخيار مخالفا للأصل و عموم لزوم عقد النكاح.

إن قلت: إن هذا الإشكال يجري في صورة العكس أيضا.

يقال: نعم، لو لا كون الحكم في العكس متفق عليه نصا كما عرفت و فتوى إلا ممن لا يضر خلافه.

(5) كل ذلك لظهور الإطلاق الشامل للجميع.

ص: 173


1- الوسائل باب: 47 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.

خصوصا إذا كان عقدها انقطاعيا، و لكن الأحوط مع ذلك المنع (6) و أما العكس و هو نكاح الحرة على الأمة فهو جائز و لازم إذا كانت الحرة عالمة بالحال (7)، و أما مع جهلها فالأقوى خيارها في بقائها مع الأمة و فسخها و رجوعها إلى أهلها (8)، و الأظهر عدم وجوب أعلامها بالحال، فعلى هذا لو أخفى عليها ذلك أبدا لم يفعل محرما (9).

مسألة 1: لو نكح الحرة و الأمة في عقد واحد مع علم الحرة صح

(مسألة 1): لو نكح الحرة و الأمة في عقد واحد مع علم الحرة صح، و مع جهلها صح بالنسبة إليها و بطل بالنسبة إلى الأمة إلا مع إجازتها، و كذا الحال لو تزوجهما بعقدين في زمان واحد على الأقوى (10).

______________________________

(6) أما عدم استبعاد الجواز فيمن ذكر فلاحتمال الانصراف عنه و أما المنع فللجمود على الإطلاق.

(7) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و النصوص الخاصة الدالة على صحة نكاح الحرة على الأمة كما مر بعضها.

(8) لما مر من موثق سماعة على نسخة الكافي و في صحيح الأزرق عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل كانت له امرأة وليدة فتزوج حرة و لم يعلمها بأن له امرأة وليدة، فقال عليه السّلام: إن شاءت الحرة أقامت و إن شاءت لم تقم، قلت: قد أخذت المهر فتذهب به؟ قال عليه السّلام: نعم، بما استحل من فرجها» (1).

(9) للأصل و إطلاق النص و الفتوى.

(10) أما الصحة و اللزوم فلأصالتي الصحة و اللزوم.

و أما الصحة بالنسبة إلى الحرة في الثاني فللأصل و الإطلاق و الاتفاق.

و أما التوقف على إجازة الحرة في الثالثة و البطلان بدونها، فلما مر من الأدلة الشاملة لصورة الاقتران أيضا، و في صحيح أبي عبيدة الحذاء: «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة و أمتين مملوكتين في عقد واحد، قال عليه السّلام:

ص: 174


1- الوسائل باب: 47 ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 2.

مسألة 2: لا إشكال في جواز نكاح المبعّضة على المبعّضة

(مسألة 2): لا إشكال في جواز نكاح المبعّضة على المبعّضة (11) و أما على الحرة ففيه إشكال، و إن كان لا يبعد جوازه لأن الممنوع نكاح الأمة على الحرة و لا يصدق الأمة على المبعّضة و إن كان لا يصدق أنها حرة أيضا (12).

مسألة 3: إذا تزوج الأمة على الحرة

(مسألة 3): إذا تزوج الأمة على الحرة فماتت الحرة أو طلّقها، أو وهب مدتها في المتعة، أو انقضت، لم يثمر في الصحة بل لا بد من العقد على الأمة جديدا إذا أراد (13).

مسألة 4: إذا كان تحته حرة فطلّقها طلاقا بائنا يجوز له نكاح الأمة في عدتها

(مسألة 4): إذا كان تحته حرة فطلّقها طلاقا بائنا يجوز له نكاح الأمة في عدتها و أما إذا كان الطلاق رجعيا ففيه إشكال، و إن كان لا يبعد الجواز لانصراف الأخبار عن هذه الصورة (14).

______________________________

أما الحرة فنكاحها جائز و إن كان سمى لها مهرا فهو لها، و أما المملوكتان فإن نكاحهما في عقد مع الحرة باطل يفرّق بينه و بينهما» (1)، و مما ذكرنا ظهر حكم بقية المسألة.

(11) لعمومات الحلّية و إطلاقاتها مضافا إلى الاتفاق بعد عدم قصور موضوع للمنع.

(12) وجه الجواز ما ذكره في المتن و أما وجه المنع الجمود على أن صرف وجود المملوكية مانع عن الجمع و لا ريب في تحقق ذلك في المبعّض.

(13) لأصالة عدم ترتب الأثر بعد الشك في جريان أصالة الصحة في نظائر المقام فما وقع من أصل العقد كان فاسدا.

(14) أما الأول فلحصول البينونة.

ص: 175


1- الوسائل باب: 48 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1.

مسألة 5: إذا زوجه فضولي حرة فتزوج أمة ثمَّ أجاز عقد الفضولي فعلى النقل لا يكون من نكاح الأمة على الحرة

(مسألة 5): إذا زوجه فضولي حرة فتزوج أمة ثمَّ أجاز عقد الفضولي فعلى النقل لا يكون من نكاح الأمة على الحرة فلا مانع منه و على الكشف مشكل (15).

مسألة 6: إذا عقد على حرة و عقد وكيله له على أمة و شك في السابق منهما لا يبعد صحتهما

(مسألة 6): إذا عقد على حرة و عقد وكيله له على أمة و شك في السابق منهما لا يبعد صحتهما (16) و إن لم تجز الحرة، و الأحوط طلاق الأمة مع عدم إجازة الحرة.

مسألة 7: لو شرط في عقد الحرة أن تأذن في نكاح الأمة عليها صح

(مسألة 7): لو شرط في عقد الحرة أن تأذن في نكاح الأمة عليها صح (17) و لكن إذا لم تأذن لم يصح، بخلاف ما إذا شرط عليها أن يكون له نكاح الأمة (18).

______________________________

و أما الثانية فلبقاء الزوجية الاعتبارية.

و أما الأخيرة فلا ريب في أن الانصراف بدوي فلا اعتبار به.

(15) أما عدم كونه من نكاح الأمة على الحرة على النقل فلعدم أثر أصلا للعقد قبل الإجازة فكأن العقد لم يقع إلا بها و أما الإشكال بناء على الكشف فوجهه أن الإجازة كأنها وقعت حين العقد فالأثر له.

و أما إن لاحظنا العرفيات فالأثر للإجازة من حينها فيشكل من هذه الجهة و قد ذكرنا التفصيل في إجازة الفضولي فراجع.

(16) العلم الإجمالي إما بفساد عقد الأمة و توقفه على الإجازة أو بثبوت الخيار للحرة في عقد نفسها منجز لا ينحل بالأصول فلا بد من الاحتياط المذكور.

(17) تقدم وجهه في المسألة التاسعة عشرة من فصل المحرمات بالمصاهرة.

(18) أما الأول: فلأنه من شرط الفعل و المفروض عدمه.

و أما الثاني: من شرط النتيجة فهو حاصل بنفس العقد.

ص: 176

فصل في نكاح العبيد و الإماء

اشارة

فصل في نكاح العبيد و الإماء

مسألة 1: أمر تزويج العبد و الأمة بيد السيد

(مسألة 1): أمر تزويج العبد و الأمة بيد السيد (1) فيجوز له تزويجهما و لو من غير رضاهما أو إجبارهما على ذلك (2)، و لا يجوز لهما العقد على نفسهما من غير إذنه (3) كما لا يجوز لغيرهما العقد عليهما كذلك حتى لو كان لهما أب حر (4)، بل يكون إيقاع العقد منهما أو من غيرهما (5) عليهما حراما (6) إذا كان ذلك بقصد ترتيب الأثر، و لو مع اجازة المولى.

______________________________

هذا الفصل أيضا جميع مسائله فرضية إذ لا واقع في هذه الأعصار.

(1) لأنه لا معنى للملكية إلا ذلك و يقتضيه بعض النصوص الآتية.

(2) لقاعدة السلطنة و اقتضاء المالكية و المملوكية ذلك.

(3) أرسل ذلك إرسال المسلمات الفقهية بلا خلاف فيه من أحد، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أيما عبد تزوج بغير إذن سيده (أهله) فهو عاهر» (1).

(4) لأن المملوكية المطلقة تنافي سلطة الغير عليه بوجه من الوجوه إلا بإذن المالك.

(5) الظاهر زيادة لفظ من «غيرهما» كما لا يخفى.

(6) لأنه حينئذ من العزم على الحرام و بقصد التوصل إليه و هو حرام عقلا.

ص: 177


1- كنز العمال ج: 21 باب نكاح الرقيق الحديث: 1084.

نعم، لو كان ذلك بتوقع الإجازة منه فالظاهر عدم حرمته لأنه ليس تصرفا في مال الغير عرفا (7) كبيع الفضولي مال غيره، و أما عقدهما على نفسهما من غير إذن المولى و من غيرهما بتوقع الإجازة فقد يقال بحرمته (8) لسلب قدرتهما و إن لم يكونا مسلوبي العبارة، لكنه مشكل لانصراف سلب القدرة عن مثل ذلك، و كذا لو باشر أحدهما العقد للغير بإذنه أو فضولة فإنه ليس بحرام على الأقوى و إن قيل بكونه حراما.

مسألة 2: لو تزوج العبد من غير إذن المولى وقف على إجازته

(مسألة 2): لو تزوج العبد من غير إذن المولى وقف على إجازته فإن أجاز صح، و كذا الأمة على الأقوى (9)

______________________________

(7) لانصراف التصرف في مال الغير عن مثله و المدار في ذلك كله صدق الانصراف و عدمه فمع صدقه لا يحرم و مع العدم يحرم و يمكن الاختلاف باختلاف الجهات و الخصوصيات.

(8) يستفاد ذلك من كلمات صاحب الجواهر.

(9) نسب ذلك إلى المشهور، لجملة من النصوص منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده؟ فقال عليه السّلام: ذلك إلى سيده إن شاء أجازه و إن شاء فرّق بينهما. قلت: أصلحك اللّه تعالى إن الحكم بن عيينة و إبراهيم النخعي و أصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد و لا تحل إجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنه لم يعص اللّه سبحانه انما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز» (1).

و المعصية من المملوك على قسمين:

الأول: ما كانت معصية للّه تبارك و تعالى أولا و بالذات كان مملوكا للغير أو لا كالكذب و الغيبة و نحوهما و لا ربط لرضاء السيد و عدم رضائه بذلك بل السيد

ص: 178


1- الوسائل باب: 24 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

و الإجازة كاشفة (10) و لا فرق في صحته بها بين أن يكون بتوقعها أو لا (11)، بل على الوجه المحرّم و لا يضره النهي لأنه متعلق بأمر خارج (12) متحد، و الظاهر اشتراط عدم الرد منه قبل الإجازة فلا تنفع الإجازة بعد

______________________________

و مملوكه فيها سواء في معصية اللّه تعالى.

الثانية: ما كانت معصية و مخالفة للسيد أولا و بالذات كأكل مال السيد أو إيجاد عقد لنفسه بغير إذنه فيكون رضاء اللّه في هذا القسم معلّقا على رضاء السيد، فإذا أجاز السيد ينتفي موضوع معصية اللّه تعالى قهرا بخلاف القسم الأول كما هو واضح.

ثمَّ إنه بعد كون الفضولي بعد الإجازة على طبق القاعدة لا فرق فيه بين المقام و سائر الموارد، و قد أثبتنا ذلك في كتاب البيع فراجع فيسقط القول بالبطلان مطلقا في العبد و الأمة، و القول بالصحة في العبد دون الأمة لا وجه له بعد كون الحكم مطابقا للقاعدة و ردّ جميع الأخبار بعضها إلى بعض.

(10) لإطلاق قوله عليه السّلام فيما مر: «إنه لم يعص اللّه سبحانه و إنما عصى سيده فإذا أجاز فهو له جائز»، و عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن رجل تزوج عبده امرأة بغير إذنه فدخل بها ثمَّ اطلع على ذلك مولاه؟ قال عليه السّلام: ذاك لمولاه إن شاء فرّق بينهما و إن شاء أجاز نكاحهما، فان فرّق بينهما فللمرأة ما أصدقها- إلى ان قال- و إن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول. فقلت لأبي جعفر عليه السّلام فإن أصل النكاح كان عاصيا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إنما أتى شيئا حلالا و ليس بعاص للّه انما عصى سيده و لم يعص اللّه» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار، و ظهورها في صحة العقد من أول حدوثه واضح مضافا إلى ما مر في عقد الفضولي.

(11) للإطلاق الشامل لهما.

(12) النهي التكليفي في المعاملات لا يوجب الفساد سواء تعلق بأمر

ص: 179


1- الوسائل باب: 24 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

الرد (13) و هل يشترط في تأثيرها عدم سبق النهي من المولي فيكون النهي السابق كالرد للعقد أو لا؟ وجهان أقواهما الثاني (14).

مسألة 3: لو باشر المولى تزويج عبده أو أجبره على التزويج فالمهر إن لم يعيّن في عين يكون في ذمة المولى

(مسألة 3): لو باشر المولى تزويج عبده أو أجبره على التزويج فالمهر إن لم يعيّن في عين يكون في ذمة المولى (15).

و يجوز أن يجعله في ذمة العبد يتبع به بعد العتق مع رضاه (16)، و هل له ذلك قهرا عليه؟ فيه إشكال، كما إذا استدان على أن يكون الدين في ذمة العبد من غير رضاه (17)، و أما لو أذن له في التزويج فإن عيّن كون

______________________________

خارج عنها أو لا بخلاف الوضعي فإنه يوجب الفساد، و المقام من سنخ الأول دون الثاني مع إطلاق قوله عليه السّلام فيما مر: «فإذا أجاز فهو له جائز» يدل على الصحة تكليفيا كان النهي أو وضعيا و يكون هذا البحث كالاجتهاد في مقابل النص.

(13) تعرضنا لذلك مفصلا في مبحث الفضولي فراجع.

(14) للعمومات و الإطلاقات و أصالة الصحة إلا أن يثبت من الخارج أن النهي السابق كان موجودا حين العقد على المنهي عنه الفعلي الالتفاتي و عهدة إثبات هذه الدعوى على مدعيها.

(15) لظهور حال المباشر في ذلك ما لم تكن قرينة على الخلاف و هي مفقودة بالفرض.

(16) إن قلنا بأن المولى مالك لذمة العبد كما أنه مالك لعينه و أنه إذا ثبت له ذمته في حال الرقية تبقى هذه الذمة له بعد العتق و الحرية أيضا فلا إشكال فيه، و الظاهر صحة اعتبار كل منهما عرفا و شرعا، و إن نوقش في أحدهما فيشكل الحكم حينئذ و الظاهر أنه لا وجه للمناقشة بعد التأمل فيصح ما في المتن.

(17) هذا الإشكال منشأه الإشكال الذي مر آنفا إلا أنه من حيث عدم رضاه يصير أشد منه.

أما أصل الإشكال فلأن سلطنة المولى على عبده و ذمته ثابتة ظاهرا، و أما

ص: 180

المهر في ذمته أو في ذمة العبد أو في عين معيّن تعيّن (18)، و إن أطلق ففي كونه في ذمته أو في ذمة العبد مع ضمانه له و تعهده أداءه عنه، أو كونه في كسب العبد، وجوه أقواها الأول (19) لأن الإذن في الشي ء إذن في لوازمه (20) و كون المهر عليه- بعد عدم قدرة العبد على شي ء و كونه كلا على مولاه- من لوازم الإذن في التزويج عرفا، و كذا الكلام في النفقة، و يدل عليه أيضا في المهر رواية علي بن أبي حمزة، و في النفقة موثقة عمار الساباطي (21) و لو تزوج العبد من غير إذن مولاه ثمَّ أجاز ففي كونه

______________________________

الأشدية فلا وجه لها لأن العبد مع وجود مولاه و سلطته على رضائه و عدمه على حد سواء، و لكن الظاهر حصول نوع تأمل للمتشرعة فيما إذا استدان المولى على ذمة العبد بدون رضاه خصوصا ذوي المروّة منهم و كذا في جعل المهر في ذمته بغير رضاه.

(18) لأنه لا معنى للمولوية و السلطة على العبد إلا ذلك.

(19) و هو المشهور أيضا.

(20) بل يدل تزويج المولى لعبده على أن المهر من المولى بالدلالة العرفية الالتزامية ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف و لا نحتاج إلى أن الإذن في الشي ء إذن في لوازمه.

(21) أما الأول فعن أبي الحسن عليه السّلام: «في رجل يزوج مملوكا له امرأة حرة على مائة درهم. ثمَّ إنه باعه قبل أن يدخل عليها فقال عليه السّلام: يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها إنما هو بمنزلة دين له استدانه بأمر سيده» (1)، فإن إطلاق صدره و ظاهر ذيله يشمل صورة كون التزويج من العبد بإذن المولى.

و أما الثاني فعن الصادق عليه السّلام: «رجل أذن لعبده في تزويج امرأة فتزوجها

ص: 181


1- الوسائل باب: 78 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

كالإذن السابق في كون المهر على المولى أو بتعهده أو لا وجهان، و يمكن الفرق بين ما لو جعل المهر في ذمته فلا دخل له بالمولى و إن أجاز العقد أو في مال معيّن من المولى أو في ذمته فيكون كما عيّن أو أطلق فيكون على المولى (22)، ثمَّ إن المولى إذا أذن فتارة يعيّن مقدار المهر، و تارة يعمّم، و تارة يطلق، فعلى الأولين لا إشكال.

و على الأخير ينصرف إلى المتعارف (23) و إذا تعدى وقف على إجازته، و قيل يكون الزائد في ذمته يتبع به بعد العتق (24) و كذا الحال بالنسبة إلى شخص الزوجة فإن إن لم يعيّن ينصرف إلى اللائق بحال العبد من حيث الشرف و الضعة، فإن تعدى وقف على إجازته.

______________________________

ثمَّ إن العبد أبق من مواليه فجائت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد، فقال عليه السّلام: ليس على مولاه نفقة و قد بانت عصمتها منه فإن إباق العبد طلاق امرأته» (1)، فإن ظاهر تعليل سقوط النفقة بالإباق و أنه كالطلاق إنها على السيد لو لم يكن إباق و طلاق في البين.

(22) يمكن القول بتعيين هذا.

و الظاهر اختلاف ذلك كله باختلاف القرائن و الخصوصيات و مع فقدها مطلقا و الشك من كل جهة يكون على العبد لفرض كون الانتفاع من المرأة له.

(23) بالنسبة إلى خصوصيات الزوج و سائر جهاته الملحوظة في قلّة المهر و كثرته.

(24) ربما نسب ذلك إلى المشهور و لا وجه لإطلاقه بل يختلف ذلك حسب اختلاف الموارد و الخصوصيات.

ص: 182


1- الوسائل باب: 73 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

مسألة 4: مهر الأمة المزوجة للمولى

(مسألة 4): مهر الأمة المزوجة للمولى (25) سوى كان هو المباشر أو هي بإذنه أو بإجازته (26)، و نفقتها على الزوج إلا إذا منعها مولاها عن التمكين لزوجها (27) أو اشترط كونها عليه (28) و للمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج (29)، و المشهور أن للمولى أن يستخدمها نهارا و يخلي بينها و بين الزوج ليلا (30) و لا بأس به، بل يستفاد من بعض

______________________________

(25) إجماعا و نصا ففي خبر ابي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل يزوج مملوكة له من رجل حر على أربعمائة درهم، فعجّل له مائتي درهم و أخر عنه مائتي درهم فدخل بها زوجها. ثمَّ إن سيدها باعها بعد من رجل، لمن تكن المائتان المؤخرة على الزوج؟ قال عليه السّلام: إن كان الزوج دخل بها و هي معه و لم يطلب السيد منه بقية المهر حتى باعها فلا شي ء له عليه و لا لغيره و إذا باعها السيد فقد بانت من الزوج الحر، إذا كان يعرف هذا الأمر» (1)، و اشتمال ذيله على ما لا يقول به أحد لا يضر بعد صحة التفكيك في الخبر بعد ظهوره في المدعى، مع أنه كمنافع الأمة المستأجرة فإن النكاح و إن لم يكن معاوضة حقيقية لكنه يشبهها من بعض الجهات.

(26) كل ذلك للإطلاق و ظهور الاتفاق الشامل للجميع.

(27) أما كون نفقتها على زوجها فلما يأتي في النفقات من الأدلة على ذلك و أما فيما إذا تحقق منها النشوز فلوجوب نفقة المملوك على مالكه كما ذكر في النفقات أيضا.

(28) بالنحو المشروع دون غيره.

(29) لأصالة بقاء عينها و جميع منافعها على ملك المولى، إلا ما خرج بالدليل، و لم يخرج بالدليل إلا ما ينافي حق الزوج، و بقي الباقي تحت القاعدة.

(30) نسب ذلك إلى المشهور و لكنهم لم يسندوه إلى دليل معتبر و الظاهر

ص: 183


1- الوسائل باب: 87 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

الأخبار (31).

و لو اشترطا غير ذلك فهما على شرطهما (32) و لو أراد زوجها أن يسافر بها هل له ذلك من دون إذن السيد؟ قد يقال ليس له بخلاف ما إذا أراد السيد أن يسافر بها فإنه يجوز له من دون إذن الزوج (33) و الأقوى العكس لأن السيد إذا أذن بالتزويج فقد التزم بلوازم الزوجية و «الرجال قوامون على النساء»، و أما العبد المأذون في التزويج فأمره بيد مولاه (34) فلو منعه من الاستمتاع يجب عليه طاعته إلا ما كان واجبا عليه من الوطء في كل أربعة أشهر و من حق القسم (35).

______________________________

أنه يختلف باختلاف الأشخاص و الخصوصيات بل الأعصار و الأزمان و منه يظهر أن إطلاق قوله «لا بأس به» مخدوش.

(31) نقل الراوندي في نوادره عن علي عليه السّلام قال: «إذا تزوج الحر أمة فإنها تخدم أهلها نهارا و تأتي زوجها ليلا و عليه النفقة إذا فعلوا ذلك» (1)، و لكن السند ضعيف و الجبران غير حاصل مع إمكان حمله على ما إذا اشترط على الزوج فالفتوى بلا دليل.

(32) لقاعدة «المؤمنون عند شروطهم» (2).

(33) نسب القول المذكور إلى العلامة رحمه اللّه و علل بأن السيد مالك للذات و المنفعة بخلاف الزوج فإنه يملك الانتفاع فقط فجانب السيد أولى و أقوى.

و تظهر الخدشة فيه مما ذكر في المتن.

(34) إذ لا سلطة عليه من أحد إلا من مولاه بخلاف الأمة المزوجة فعليها سلطة الزوج و المولى.

(35) إذ لا سلطة للمولى عليه حينئذ لأنه «لا طاعة لمخلوق في

ص: 184


1- مستدرك الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 4.

مسألة 5: إذا أذن المولى للأمة في التزويج و جعل المهر لها صح

(مسألة 5): إذا أذن المولى للأمة في التزويج و جعل المهر لها صح على الأقوى من ملكية العبد و الأمة (36)، و إن كان للمولى أن يتملك ما ملكاه (37) بل الأقوى كونه مالكا لهما و لمالهما ملكية طولية (38).

______________________________

معصية الخالق» (1).

(36) تقدم الدليل عليه فلا وجه للإعادة و التكرار (2).

(37) لعموم قاعدة السلطنة فإنها تشمل العبد و الأمة و مالهما، و عموم ما دل على أن المملوك لا يقدر على شي ء (3)، و ماله شي ء كما أن ملكه لماله شي ء أيضا فلا يملك إبقائه في ملكه و إن حصل له أصل الحدوث بالأسباب الاختيارية أو غيرها.

(38) للجمع بين الأدلة إطلاقا و عموما، و ما دل على أن العبد و ماله لمولاه (4)، و لا مانع فيه من عقل أو نقل إلا ما قد يقال.

تارة: بأن هذا القول لم يعد في عداد الأقوال المذكورة في المسألة على كثرتها.

و فيه: أنه كم من قول حدث بين متأخري المتأخرين و لم يكن له اسم و لا رسم من أول الفقه إلى آخره بين من سبقهم.

و أخرى: بأنه خلاف الأذواق العرفية.

و فيه: أنه كيف يكون خلافها مع أن كل ملك لكل مالك بالملك الصحيح الشرعي مع أنه ملك للّه تبارك و تعالى ملكية طولية، و قد كتبوا في ذلك كتبا و رسائل بالنسبة إلى ملكية اللّه تعالى للأشياء و ملكية الإمام عليه السّلام لها و كونها

ص: 185


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الحديث: 6.
2- راجع ج: 18 صفحة: 106.
3- سورة النحل: 75.
4- الوسائل باب: 78 من أبواب الوصايا الحديث: 1.

مسألة 6: لو كان العبد أو الأمة لمالكين أو أكثر توقف صحة النكاح على إذن الجميع أو إجازتهم

(مسألة 6): لو كان العبد أو الأمة لمالكين أو أكثر توقف صحة النكاح على إذن الجميع أو إجازتهم، و لو كانا مبعّضين توقف على إذنهما و إذن المالك و ليس له إجبارهما حينئذ (39).

مسألة 7: إذا اشترت العبد زوجته بطل النكاح

(مسألة 7): إذا اشترت العبد زوجته بطل النكاح (40) و تستحق المهر إن كان ذلك بعد الدخول (41) و أما إن كان قبله ففي سقوطه، أو سقوط

______________________________

أملاكا لملاكها.

مع أن للملكية مراتب كثيرة شدة و ضعفا و مرتبة و مع اختلاف المراتب لا تضاد و لا تناقض و لا محذور و تكون الطولية في المقام كالطولية في الترتب في الأحكام على ما حققه المحققون، و إن كان بينهما فرق كما ثبت في محله.

و بالجملة: الاعتباريات خفيفة المؤنة و التفصيل يطلب مما كتبه بعض الفقهاء. في أول كتاب الخمس كما مر.

مضافا إلى أن أعمالنا ملكنا مع أنها ملك للّه تعالى و التفصيل يطلب مما كتبوه في الجبر و التفويض و القضاء و القدر و قد تعرضنا في التفسير و من شاء فليراجع إليه.

(39) أما التوقف على الإذن أو الإجازة في الجميع فلفرض كون الجميع مالكا، و أما في المبعّض فلفرض أن البعض حر.

و أما أنه ليس للمالك إجبار المبعض فلمكان حرية البعض مانعة عن الإجبار.

(40) إجماعا و نصوصا منها خبر سعيد بن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشريه هل يبطل نكاحه؟

قال عليه السّلام: نعم لأنه عبد مملوك لا يقدر على شي ء»(1)، و قريب منه غيره.

(41) لاستقرار استحقاق تمامه بالدخول في البطلان الطارئ فلا يتخلف

ص: 186


1- الوسائل باب: 49 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

نصفه، أو ثبوت تمامه وجوه (42) مبنية على أنه بطلان أو انفساخ (43)، ثمَّ هل يجري عليها حكم الطلاق قبل الدخول (44) أو لا؟ و على السقوط كلا

______________________________

المسبب عن سببه مضافا إلى الإجماع.

(42) حيث لا دليل في المسألة فيتبادر هذه الوجوه في الأذهان كي تنطبق على ما عليه الدليل و البرهان.

(43) إن كان المراد بالبطلان البطلان من أول وقوع العقد فلا دليل، و إن كان المراد به الانفساخ فلا فرق بينهما و يكون من التكرار و يمكن أن يكون «أو» بمعنى الواو و العطف تفسيريا.

(44) يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى أن تمام المهر تملكه المرأة بمجرد تمامية العقد كما هو شأن كل عقد مملّك و بالطلاق قبل الدخول يرجع نصف المهر إلى المرأة، فإن ورد دليل بالخصوص على إلحاق الفسخ أو الانفساخ بالطلاق في هذه الجهة نقول به و إلا فمقتضى الأصل استحقاق الجميع، و قد صرّحوا بأنه إذا فسخ الزوج بأحد عيوب الزوجة فإن كان قبل الدخول فلا شي ء لها و إن كان بعده تستحق تمام المسمى، و كذا إذا فسخت الزوجة بأحد عيوب الزوج فإن كان بعد الدخول تستحق تمام المسمى، و إن كان قبله لا تستحق شيئا إلا في العتق فإنها تستحق النصف للنص (1)، فإن استفيد من هذه القاعدة الكلية التي ذكر في الفسخ قاعدة كلية جارية في جميع موارد الفسخ و الانفساخ يكون المقام منها و تكون تلك القاعدة مقدمة على الاستصحاب لا محالة، و مع عدم الاستفادة أو الشك فيها فالاستصحاب باق على حاله.

إن قيل: يمكن أن يستفاد مما ورد في الطلاق قبل الدخول و أنه منصف للمهر قاعدة كلية تجري في جميع الموارد إلا ما خرج بالدليل فتجري حينئذ في المقام.

ص: 187


1- الوسائل باب: 15 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.

إذا اشترته بالمهر الذي كان لها في ذمة السيد بطل الشراء للزوم خلو البيع عن العوض (45).

نعم، لا بأس به إذا كان الشراء بعد الدخول لاستقرار المهر حينئذ.

و عن العلامة في القواعد البطلان إذا اشترته بالمهر الذي في ذمة العبد و إن كان بعد الدخول لأن تملكها له يستلزم براءة ذمته من المهر فيخلو البيع عن العوض (46)، و هو مبني على عدم صحة ملكية المولى في ذمة العبد و يمكن منع عدم الصحة مع أنه لا يجتمع ملكيتها له و لما في ذمته بل ينتقل ما في ذمته إلى المولى بالبيع حين انتقال العبد إليها (47).

مسألة 8: الولد بين المملوكين رقّ

(مسألة 8): الولد بين المملوكين رقّ سواء كان عن تزويج مأذون فيه، أو مجاز، أو عن شبهة مع العقد أو مجردة، أو عن زنا منهما، أو من أحدهما بلا عقد، أو عن عقد معلوم الفساد عندهما، أو عند أحدهما (48)، و أما إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر (49) إذا كان عن عقد صحيح، أو شبهة مع

______________________________

يقال: استفادة القاعدة الكلية منها مع تصريحهم بالخلاف في جملة من الموارد مشكلة و طريق الاحتياط التراضي إن وجد موضوع لهذا الحكم.

و أما تنظير المقام بالخلع و سائر التفصيلات كما في بعض الشروح فهو تبعيد للمسافة.

(45) مع فرض صحة اختلاف الرتبة لا محذور في البين لا في المقام و لا فيما ذكره العلامة.

(46) ظهرت المناقشة فيه مما مر و مما ذكره في المتن.

(47) و لا محذور فيه من عقل أو شرع.

(48) كل ذلك لقاعدة تبعية النماء للملك، مضافا إلى الإجماع فلا تجري أصالة الحرية معهما حينئذ.

(49) للنصوص منها صحيح جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل

ص: 188

العقد، أو مجردة (50) حتى فيما لو دلّست الأمة نفسها بدعواها الحرية فتزوجها حرّ على الأقوى و إن كان يجب عليه حينئذ دفع قيمة الولد إلى مولاها (51)، و أما إذا كان عن عقد بلا إذن مع العلم من الحرّ بفساد العقد أو عن زنا من الحرّ منهما فالولد رق (52).

ثمَّ إذا كان المملوكان لمالك واحد فالولد له، و إن كان كل منهما

______________________________

تزوج بأمة فجائت بولد؟ قال عليه السّلام: يلحق الولد بأبيه، قلت: فعبد تزوج حرة؟

قال عليه السّلام: يلحق الولد بأمه» (1).

و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في العبد تكون تحته الحرة، قال عليه السّلام: ولده أحرار فإن أعتق المملوك لحق بأبيه» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار، و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر حسن بن زياد «قلت له أمة كان مولاها يقع عليها ثمَّ بدا له فزوجها ما منزلة ولدها؟ قال عليه السّلام: بمنزلتها إلا ان يشترط زوجها» (3)، و قريب منه روايات أخرى موهونة بالإعراض.

(50) أما الأول فلظاهر النصوص.

و أما الثاني فللإطلاق و الاتفاق.

(51) راجع المسألة الثانية عشرة فلا وجه للتكرار.

(52) لانتفاء التبعية الشرعية بواسطة الزنا فتبقى قاعدة تبعية النماء للملك بحالها و يدل عليه مرسل جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل أقرّ على نفسه بأنه غصب جارية رجل فولدت الجارية من الغاصب، قال عليه السّلام: ترد الجارية و الولد على المغصوب إذا أقرّ بذلك الغاصب»(4).

ص: 189


1- الوسائل باب: 30 من أبواب نكاح العبيد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب نكاح العبيد الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 61 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 61 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

لمالك فالولد بين المالكين بالسوية إلا إذا اشترطا التفاوت أو الاختصاص بأحدهما (53)، هذا إذا كان العقد بإذن المالكين أو مع عدم الإذن من واحد منهما (54).

و أما إذا كان بالإذن من أحدهما فالظاهر أنه كذلك (55)، و لكن المشهور (56) أن الولد حينئذ لمن لم يأذن و يمكن أن يكون مرادهم في صورة إطلاق الإذن بحيث يستفاد منه إسقاط حق نمائية الولد، حيث إن مقتضى الإطلاق جواز التزويج بالحر أو الحرة و إلا فلا وجه له، و كذا لو كان الوطء شبهة منهما سواء كان مع العقد أو شبهة مجردة فإن الولد مشترك (57)، و أما لو كان الولد عن زنا من العبد فالظاهر عدم الخلاف في أن الولد لمالك الأمة سواء كان من طرفها شبهة أو زناء.

______________________________

(53) أما الأول فلأنه نماء ملكه المختص به و أما الثاني فلفرض كون النماء لملك مالكين مشتركين.

و أما الأخيرين فلقاعدة «المؤمنون عند شروطهم» (1).

(54) للإجماع بعد عدم المزية لأحدهما للإلحاق به دون الآخر هذا مع جهلهما، و أما مع علمهما فيكون من الزنا حينئذ و ظاهرهم تبعية النماء للأم في مورد الزنا.

(55) لقاعدة تبعية النماء للملك.

(56) بل الإجماع عليه و عللوه بما في المتن من أن مرجعه إلى إسقاط حقه بإطلاق الإذن و ظاهرهم كون ذلك من الحق لا الحكم الذي لا يقبل الإسقاط.

(57) لقاعدة «تبعية النماء للملك».

ص: 190


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور الحديث: 4.

مسألة 9: إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر لا يصح اشتراط رقيّته على الأقوى

(مسألة 9): إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر لا يصح اشتراط رقيّته- على الأقوى- (58) في ضمن عقد التزويج فضلا عن عقد خارج لازم، و لا يضر بالعقد إذا كان في ضمن عقد خارج، و أما إن كان في ضمن عقد التزويج فمبني على فساد العقد بفساد الشرط و عدمه، و الأقوى عدمه (59) و يحتمل الفساد و إن لم نقل به في سائر العقود إذا كان مَن له الشرط جاهلا بفساده، لأن في سائر العقود يمكن جبر تخلف شرطه بالخيار بخلاف المقام حيث إنه لا يجري خيار الاشتراط في النكاح (60) نعم، مع العلم بالفساد لا فرق إذ لا خيار في سائر العقود أيضا (61).

مسألة 10: إذا تزوج حرّ أمة من غير إذن مولاها حرم عليه وطؤها

(مسألة 10): إذا تزوج حرّ أمة من غير إذن مولاها حرم عليه وطؤها و إن كان بتوقع الإجازة (62) و حينئذ فإن أجاز المولى كشف عن صحته

______________________________

(58) أما الأول فلما مر من النص و الإجماع.

و أما الثاني فمبني على أن هذا الشرط مخالف لمقتضى الكتاب و السنة أولا، فعلى الأول لا يجوز و على الثاني يجوز، و يمكن إجراء أصالة عدم المخالفة بالأصل الأزلي كما يجرونه في جملة من الموارد.

(59) لأنه من قبيل تعدد المطلوب و الالتزام في الالتزام فبطلان أحد الالتزامين لا يوجب بطلان الآخر لا أن يكون من قبيل وحدة المطلوب و الشرط الأصولي حتى يوجب البطلان.

(60) يأتي التفصيل في المسألة الأولى من المسائل المتفرقة إن شاء اللّه تعالى.

(61) بعد كون الخيار من الوضعيات لا فرق فيه بين العلم بالفساد و عدمه إلا إذا رجع علمه بالفساد إلى إسقاطه للخيار عرفا و إثباته يحتاج إلى دليل و هو مفقود.

(62) لأنها أجنبية ما لم تتحقق الإجازة، و توقع الإجازة لا أثر لها في حلّية

ص: 191

على الأقوى من كون الإجازة كاشفة، و عليه المهر، و الولد حر، و لا يحد حد الزنا و إن كان عالما بالتحريم، بل يعزّر (63) و إن كان عالما بلحوق الإجازة فالظاهر عدم الحرمة و عدم التعزير أيضا (64)، و إن لم يجز المولى كشف عن بطلان التزويج و يحدّ حينئذ حد الزنا إذا كان عالما بالحكم و لم يكن مشتبها من جهة أخرى (65)، و عليه المهر بالدخول و إن كانت الأمة أيضا عالمة على الأقوى (66) و في كونه المسمى، أو مهر المثل، أو العشر إن كانت بكرا و نصفه إن كانت ثيبا، وجوه، بل أقوال أقواها الأخير (67)

______________________________

الوطي و إنما المؤثر نفسها لا توقعها.

(63) أما كون الإجازة كاشفة فلما مر في بحث الفضولي، و أما أن عليه المهر فلفرض صحة أصل العقد، و كذا كون الولد حرا.

و أما عدم الحد فلعدم موضوع الزنا بعد صحة العقد و أما التعزير فلمخالفة الحكم الظاهري.

(64) بناء على الكشف الحقيقي لصحة العقد حينئذ من أول حدوثه واقعا و ظاهرا فلا موضوع لهما حينئذ.

(65) لتحقق موضوع الحد حينئذ فيكون المقتضي له موجودا و المانع مفقودا فيشمله الدليل لا محالة.

(66) إذا لم يكن المولى دخيلا في البغاء رأسا و يمكن أن يكون مراده رحمه اللّه في المقام من المهر العشر في البكر و نصف العشر في الثيّبة و هو المنصوص في الجملة، كما سيأتي لئلا يناقض كلامه في المقام مع ما مر منه رحمه اللّه في المسألة الخامسة عشر من فصل (لا يجوز التزويج في عدة الغير) فراجع، و ثبوت العشر و نصفه فيما إذا كان المولى دخيلا في البغاء أيضا مشكل.

(67) لصحيح الوليد بن صبيح عن الصادق عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة قد دلست نفسها له؟ قال عليه السّلام: إن كان الذي زوجها إياه من غير

ص: 192

و يكون الولد لمولى الأمة (68)، و أما إذا كان جاهلا بالحكم أو مشتبها من جهة أخرى فلا يحد و يكون الولد حرا (69).

______________________________

مواليها فالنكاح فاسد، قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال عليه السّلام: إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه و إن لم يجد شيئا فلا شي ء له، و إن كان زوّجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه، و لمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكرا، و إن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها و تعتد منه عدة الأمة، قلت: فإن جائت منه بولد؟ قال عليه السّلام: أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الموالي»(1)، و يمكن حمل المسمى و مهر المثل على ذلك أيضا بحسب الغالب.

و في صحيح ابن يسار: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك إن بعض أصحابنا قد روى عنك أنك قلت، إذا أحل الرجل لأخيه فرج جاريته فهي له حلال فقال عليه السّلام: نعم يا فضيل، قلت: فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة و هي بكر، أحل لأخيه ما دون فرجها إله أن يفضها؟ قال عليه السّلام: لا ليس له إلا ما أحل له منها، و لو أحل له قبلة منها لم يحل له ما سوى ذلك. قلت: أرأيت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها؟ قال عليه السّلام: لا ينبغي له ذلك، قلت:

فإن فعل أ يكون زانيا؟ قال عليه السّلام: لا و لكن يكون خائنا و يغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا و إن لم تكن فنصف عشر قيمتها» (2).

(68) لأنه نماء ملكه فيكون له.

(69) أما عدم الحد فللشبهة.

و أما حرية الولد فلما مر في المسألة الثامنة لكنه فيما إذا كانت الشبهة من جهة الجهل بالموضوع مع العذر و في غيره يشكل ذلك.

ص: 193


1- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 35 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

نعم، ذكر بعضهم أن عليه قيمته يوم سقط حيا (70) و لكن لا دليل (71) عليه في المقام (72)، و دعوى أنه تفويت لمنفعة الأمة، كما ترى إذ التفويت إنما جاء من قبل حكم الشارع بالحرية (73) و على فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولّد بل مقتضى القاعدة قيمة يوم الانعقاد لأنه انعقد حرا فيكون التفويت في ذلك الوقت (74).

مسألة 11: إذا لم يجز المولى العقد الواقع على أمته

(مسألة 11): إذا لم يجز المولى العقد الواقع على أمته و لم يردّه أيضا حتى مات فهل يصح إجازة وارثه له أم لا؟ وجهان، أقواهما العدم (75) لأنها على فرضها كاشفة و لا يمكن الكشف هنا لأن المفروض أنها كانت،

______________________________

(70) نسب ذلك إلى جمع منهم المحقق الأول و الثاني.

(71) عن المحقق الثاني أنه مما دلت عليه الرواية أي الموثقة الآتية.

و عن بعض مشايخنا أنه مطابق للقاعدة لأنه الاستيلاء المستلزم للحرية و استيفاء المنفعة أمة الغير فوجب الضمان لا محالة، و المدار في الضمان يوم السقوط حيا بحسب المتعارف و ليس المراد من استيفاء المنفعة تفويتها و إعدامها كما في سائر الموارد.

(72) قد عرفت أنه جعله بعض مشايخنا مطابقا للقاعدة، و عن جامع المقاصد الاستدلال عليه بموثقة سماعة الآتية.

(73) و لكن سببه القريب عرفا هو الزوج.

(74) ذكره جمع من الفقهاء و لكنه خلاف المتفاهمات العرفية.

(75) يمكن الإشكال عليه بأنه يلزم على القول بالصحة و الملكية بالكشف اجتماع مالكين على شي ء واحد ملك المشتري و ملك المورّث و كون المالك حين البيع غير المالك حين الإجازة، و هذا هو المراد بقوله رحمه اللّه: «نظير من باع شيئا ثمَّ ملك»، و الأول مردود بأن الاجتماع إذا كان ترتبيّا لا محذور فيه و قد صحّحنا الترتيب في مباحث الضد في الأصول فراجع.

ص: 194

للمورّث، و هو نظير من باع شيئا ثمَّ ملك (76).

مسألة 12: إذا دلّست أمة فادعت أنها حرة فتزوجها حر و دخل بها ثمَّ تبين الخلاف وجب عليه المفارقة

(مسألة 12): إذا دلّست أمة فادعت أنها حرة فتزوجها حر و دخل بها ثمَّ تبين الخلاف (77) وجب عليه المفارقة (78)، و عليه المهر لسيدها (79) و هو العشر و نصف العشر على الأقوى لا المسمى و لا مهر المثل (80) و إن

______________________________

و أما الثاني: فلا محذور فيه من عقل أو شرع بعد ثبوت حق الإجازة في الجملة لمن يجيز، فيكون طبيعي هذا الحق له أثر سواء كان مالكا حين العقد أولا.

و تقدم في بيع الفضولي بعض الكلام، فما جعله رحمه اللّه أقوى معللا بما ذكره.

فيه إشكال بل منع.

(76) لو فرضنا لم يمكن الكشف الحقيقي يصح الكشف الحكمي و لا ملزم لخصوص الأول، و ما هو اللازم إنما هو الجمع بين الأدلة بنحو مقبول بحسب المتعارف بأي وجه حصل ذلك، و تقدم في المكاسب ما يرتبط بالتنظير فراجع.

(77) أي تبين أنها أمة غير مأذونة من سيدها في النكاح مطلقا.

(78) لأن البقاء على الاستمتاع منها بعد تبين الخلاف استمتاع من الأجنبية و هو حرام بالأدلة الأربعة كما تقدم، مضافا إلى صحيح وليد ابن صبيح الآتي.

(79) لأنه انتفع بملك السيد، مضافا إلى الإجماع.

(80) لصحيح وليد بن صبيح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة قد دلّست نفسها له، قال عليه السّلام: إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد، قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال عليه السّلام: إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه و إن لم يجد شيئا فلا شي ء له، و إن كان زوّجها إياه ولي لها ارتجع على وليّها بما أخذت منه، و لمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت

ص: 195

كان أعطاها المهر استرد منها إن كان موجودا و إلا تبعت به بعد العتق (81)، و لو جاءت بولد ففي كونه حرا أو رقا لمولاها قولان، فعن المشهور أنه رق (82) و لكن يجب على الأب فكّه بدفع قيمته يوم سقط حيا (83)، و إن لم يكن عنده ما يفكّه به سعى في قيمته و إن أبى وجب على

______________________________

بكرا و إن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها، قال: و تعتد منه عدة الأمة، قلت: فإن جاءت منه بولد؟ قال عليه السّلام: أولادها منه أحرار إذا كان النكاح بغير إذن الموالي» (1).

(81) أما الرجوع إلى الموجود فلقاعدة السلطنة، مضافا إلى ما مر في الصحيح و ما فيه من أنه «لا شي ء له» مع التلف فمحمول على أنه لا شي ء له فعلا.

و أما التبعية بعد العتق فلعمومات الضمان التي لا يتحقق موردها إلا بعد العتق.

(82) و تقتضيه قاعدة تبعية النماء للملك أيضا مضافا إلى نصوص منها موثق زرارة، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أمة أبقت من مواليها فأتت قبيلة غير قبيلتها فادعت أنها حرة فوثب عليها رجل حينئذ فتزوجها، فظفر بها مولاها بعد ذلك. و قد ولدت أولادا، قال عليه السّلام: إن أقام البينة الزوج على أنه تزوجها على أنها حرة أعتق ولدها و ذهب القوم بأمتهم، و إن لم يقم البينة أوجع ظهره و استرق ولده» (2).

و منها خبر محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى علي عليه السّلام في امرأة أتت قوما فخبّرتهم أنها حرة، فتزوجها أحدهم و أصدقها صداق الحرة ثمَّ جاء سيدها، فقال عليه السّلام: ترد إليه و ولدها عبيد» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(83) لظهور إجماعهم في كل منهما و إطلاق بعض النصوص المتقدمة في

ص: 196


1- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 4 و 2.
3- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 4 و 2.

الإمام عليه السّلام دفعها من سهم الرقاب أو من مطلق بيت المال (84)، و الأقوى كونه حرا (85) كما في سائر موارد اشتباه الحر حيث إنه لا إشكال في كون الولد حرا فلا خصوصية لهذه الصورة، و الأخبار الدالة على رقيّته منزّلة على أن للمولى أخذه ليتسلّم القيمة جمعا بينها و بين ما دل على كونه حرا، و على هذا القول أيضا يجب عليه ما ذكر من دفع القيمة أو السعي أو دفع الإمام عليه السّلام لموثقة سماعة (86) هذا كله إذا كان الوطء حال اعتقاده كونها

______________________________

دفع القيمة منزّل على يوم سقوطه حيا بقرينة شهادة العرف في أمثال ذلك.

(84) يشهد له موثق سماعة الآتي: «فعلي الإمام أن يفتديه» و كذا ما هو المرتكز في أذهان المتشرعة أيضا.

(85) لأصالة الحرية- في كل مشتبه بينها و بين الرقيّة إذا كان أحد الأبوين حرا بعد عدم إمكان الحكم بالزنا- إلا ما خرج بالدليل و لا دليل في المقام إلا ما تقدم من خبر محمد بن قيس و لكنه يمكن حمله على أخذ الولد لأجل حسم النزاع الظاهري بينه و بين مولى الأمة بقرينة موثق سماعة الآتي.

و أما التفصيل في الحرية بين ما إذا كان الوطي مستندا إلى حجة شرعية كالبينة- تمسكا بالموثق- قال: «سألته عن مملوكة قوم أتت قبيلة غير قبيلتها و أخبرتهم أنها حرة فتزوّجها رجل منهم فولدت له؟ قال عليه السّلام: ولده مملوكون إلا أن يقيم البينة أنه شهد لها شاهدان أنها حرة، فلا يملك ولده و يكونون أحرارا» (1)، و مثله غيره و ما إذا لم يكن مستندا إليها و كان مستندا إلى إقرار المرأة، فيكون ولدها عبيد.

لا وجه له لفرض كون إقرارها معتبر كالبينة ما لم يثبت الخلاف، و ما ذكر في الموثق من باب ذكر أحد أفراد الحجية.

(86) كما تقدم بعد إلقاء ما يكون مضمونه خلاف الإجماع من أن العبرة

ص: 197


1- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.

حرة، و أما إذا وطأها بعد العلم بكونها أمة فالولد رق لأنه من زنا حينئذ (87)، بل و كذا لو علم سبق رقيّتها فادعت أن مولاها أعتقها و لم يحصل له العلم بذلك و لم يشهد به شاهدان فإن الوطء حينئذ أيضا لا يجوز لاستصحاب بقائها على الرقيّة (88).

نعم، لو لم يعلم سبق رقيّتها جاز له التعويل على قولها لأصالة الحرية (89) فلو تبيّن الخلاف لم يحكم برقيّة الولد (90) و كذا مع سبقها مع قيام البينة على دعواها (91).

______________________________

بقيمة الولد يوم تسلّمه إلى أبيه أو حمله على أنه يوم السقوط حيا فعن سماعة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مملوكة أتت قوما و زعمت أنها حرة فتزوجها رجل منهم و أولدها ولدا، ثمَّ إن مولاها أتاهم فأقام عندهم البينة أنها مملوكة و أقرّت الجارية بذلك؟ فقال عليه السّلام: تدفع إلى مولاها هي و ولدها. و على مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه. قلت: فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال عليه السّلام: يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه و يأخذ ولده، قلت: فإن أبي الأب أن يسعى في ثمن ابنه؟ قال عليه السّلام: فعلى الإمام أن يفتديه و لا يملك ولد حر» (1).

(87) لأنها غير مأذونة من الولي في النكاح فتسقط جهة التبعيّة و تثبت جهة النمائية للملك فقط فيكون رقا محضا، مضافا إلى الإجماع.

(88) إن لم يكن قرينة عرفية على الخلاف و إلا فيصير من الوطي بالشبهة.

(89) المستفادة من جملة من النصوص منها صحيح عبد اللّه بن سنان قال:

«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: الناس كلهم أحرار إلا مَن أقر على نفسه بالعبودية و هو مدرك من عبد أو أمة، و من شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا» (2).

(90) لوقوع الوطي في حال الحكم الظاهري بالحرية فيكون حرا.

(91) كما سبق في النصوص المتقدمة.

ص: 198


1- الوسائل باب: 67 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب العتق الحديث: 1.

مسألة 13: إذا تزوج عبد بحرة من دون إذن مولاه و لا إجازته كان النكاح باطلا

(مسألة 13): إذا تزوج عبد بحرة من دون إذن مولاه و لا إجازته كان النكاح باطلا (92) فلا تستحق مهرا و لا نفقة (93)، بل الظاهر أنها تحدّ حدّ الزنا (94) إذا كانت عالمة بالحال و أنه لا يجوز لها ذلك.

نعم، لو كان ذلك لها بتوقع الإجازة و اعتقدت جواز الإقدام حينئذ بحيث تكون شبهة في حقها لم تحد كما أنه كذلك إذا علمت بمجي ء الإجازة (95)، و أما إذا كان بتوقع الإجازة و علمت مع ذلك بعدم جواز ذلك فتحد مع عدم حصولها (96) بخلاف ما إذا حصلت فإنها تعزّر حينئذ لمكان تجرّيها (97)، و إذا جاءت بولد فالولد لمولى العبد مع كونه مشتبها (98) بل كونه زانيا أيضا لقاعدة النمائية بعد عدم لحوقه

______________________________

(92) لعدم سلطنة المملوك على نفسه في النكاح و غيره، و قول النبي صلّى اللّه عليه و آله:

«أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر» (1).

(93) لانتفاء موضوع الزواج رأسا، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر السكوني:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أيما امرأة حرة زوّجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها و لا صداق لها» (2).

(94) بناء على ثبوت شرائط الحد، و لكن الظاهر تحقق الشبهة الدارئة للحد كما يأتي في كتاب الحدود.

(95) لتحقق الشبهة حينئذ و لا وجه لأن تحد الموطوئة شبهة إجماعا و أنه «تدرء الحدود بالشبهات» (3).

(96) لتحقق الزنا لغة و عرفا و شرعا.

(97) على ما فصلناه في الأصول فراجع كتابنا (تهذيب الأصول).

(98) لتبعية النماء للملك مع ظهور الإجماع.

ص: 199


1- تقدم في صفحة: 175.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات الحدود الحديث: 4.

بالحرة (99)، و أما إذا كانت جاهلة بالحال فلا حد و الولد حر (100) و تستحق عليه المهر يتبع به بعد العتق (101).

مسألة 14: إذا زنى العبد بحرة من غير عقد فالولد حر

(مسألة 14): إذا زنى العبد بحرة من غير عقد فالولد حر (102)، و إن كانت الحرة أيضا زانية، ففرق بين الزنا المجرد عن عقد و الزنا المقرون به مع العلم بفساده حيث قلنا إن الولد لمولى العبد (103).

مسألة 15: إذا زنى حر بأمة فالولد لمولاها

(مسألة 15): إذا زنى حر بأمة فالولد لمولاها و إن كانت هي أيضا زانية، و كذا لو زنى عبد بأمة الغير فإن الولد لمولاها (104).

______________________________

(99) لما ادعى عليه من الاتفاق.

(100) أما عدم الحد فللشبهة.

و أما حرية الولد، فلقاعدة تبعية الولد لأشرف الأبوين.

(101) أما استحقاق المهر فلفرض تحقق الدخول كما في النصوص (1)، الآتية، و أما أنه يتبع به بعد العتق فلأصالة البراءة عن الوجوب على غيره.

(102) للإجماع و قاعدة التبعية لأشرف الأبوين في الحرية ما لم يكن دليل على الخلاف، و التعميم لما إذا كانت الحرة أيضا زانية لشمول قاعدة التبعية لأشرف الأبوين في الحرية لها حينئذ أيضا.

(103) لأنه نماء ملكه و لخبر ابن رزين عن الصادق عليه السّلام: «في رجل دبّر غلاما له فأبق الغلام فمضى إلى قوم فتزوج منهم و لم يعلمهم أنه عبد فولد له أولاد، و كسب مالا و مات مولاه الذي دبّره، فجاء ورثة الميت الذي دبّر العبد فطالبوا العبد فما ترى؟ فقال عليه السّلام: العبد و ولده لورثة الميت» (2).

(104) أما الأول فلقاعدة تبعية النماء ما لم يخرج بالدليل.

ص: 200


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

مسألة 16: يجوز للمولى تحليل أمته لعبده

(مسألة 16): يجوز للمولى تحليل أمته لعبده، و كذا يجوز له أن ينكحه إياها (105).

و الأقوى أنه حينئذ نكاح لا تحليل (106) كما أن الأقوى كفاية أن يقول له «أنكحتك فلانة» و لا يحتاج إلى القبول منها أو من العبد لإطلاق

______________________________

و أما الأخير فلظهور إجماعهم كما تقدم في آخر المسألة الثامنة.

(105) لقاعدة السلطنة، مضافا إلى النص، ففي صحيح محمد بن مسلم قال:

«سألت أبا جعفر عليه السّلام عن قول اللّه تعالى وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قال: هو أن يأمر الرجل عبده و تحته أمته فيقول: اعتزل امرأتك و لا تقربها، ثمَّ يحسبها عنه حتى تحيض، ثمَّ يمسّها، فإذا حاضت بعد مسّه إياها ردّها عليه بغير نكاح» (1).

و في صحيح فضيل قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام لمولاي في يدي مال فسألته أن يحل لي ما اشتري من الجواري، فقال: إن كان يحل لي أن أحل لك فهو لك حلال، فقال عليه السّلام: إن أحل لك جارية بعينها فهي لك حلال، و إن قال:

اشتر منهم ما شئت، فلا تطأ منهن شيئا إلا ما يأمرك إلا جارية يراها فيقول: هي لك حلال و إن كان لك مال فاشتر من مالك ما بدا لك» (2)، و قريب منه غيره و ما يظهر منه الخلاف مثل صحيح علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام: «أنه سئل عن المملوك أ يحل له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحل له مولاه؟ قال عليه السّلام: لا يحل له» (3)، محمول أو مطروح.

(106) للعرف و اللغة و الشرع على ما هو المشهور، و في صحيح محمد ابن مسلم عن أبي جعفر قال: «سألته عن الرجل كيف ينكح عبده أمته؟ قال يجزيه

ص: 201


1- الوسائل باب: 45 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

الأخبار (107)، و لأن الأمر بيده فإيجابه مغن عن القبول (108)، بل لا يبعد أن يكون الأمر كذلك في سائر المقامات مثل الولي و الوكيل عن الطرفين، و كذا إذا وكّل غيره في التزويج فيكفي قول الوكيل «أنكحتك أمة موكلي لعبده فلان» أو «أنكحت عبد موكلي أمته» (109) و أما لو أذن للعبد و الأمة

______________________________

أن يقول: قد أنكحتك فلانة، و يعطيها شيئا من قبله أو من مولاه و لو مدا من طعام أو درهما أو نحو ذلك» (1).

و عن ابن إدريس في السرائر أنه تحليل، لأن النكاح ما كانت فرقته بالطلاق و هنا تحصل بغيره.

و فيه: إن ذات النكاح أعم من أن تكون فرقته بالطلاق و بغيره أيضا بكل ما دل عليه الدليل كما هو معلوم.

(107) كما تقدم في صحيح ابن مسلم و في صحيح الحلبي قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل كيف ينكح عبده أمته؟ قال عليه السّلام: يقول قد أنكحتك فلانة و يعطيها ما شاء من قبله أو قبل مولاه و لو مدا من طعام أو درهما أو نحو ذلك» (2)، و قريب منه غيره.

(108) بل سلطنته عليهما تدل على انه مشتمل للقبول أيضا، و كذا في الولي و الوكيل.

و ما يقال: إنه خلاف مرتكزات المتشرعة.

مخدوش: لأن مرتكزاتهم وقعت على صحة الإيجاب و القبول، و أما مرتكزاتهم على عدم الكفاية فيما نحن فيه أو عدم كفايتهما فيما إذا كانا من شخص واحد فلم يعهد هذا المرتكز منهم حتى يؤخذ به.

(109) لأن الوكيل الشرعي كالأصيل مطلقا فيما وكّل فيه كما تقدم في كتاب

ص: 202


1- الوسائل باب: 43 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

في التزويج بينهما فالظاهر الحاجة إلى الإيجاب و القبول (110).

مسألة 17: إذا أراد المولى التفريق بينهما لا حاجة إلى الطلاق

(مسألة 17): إذا أراد المولى التفريق بينهما لا حاجة إلى الطلاق بل يكفي أمره إياهما بالمفارقة (111) و لا يبعد جواز الطلاق أيضا بأن يأمر عبده بطلاقها و إن كان لا يخلو من إشكال أيضا (112).

مسألة 18: إذا زوّج عبده أمته يستحب أن يعطيها شيئا

(مسألة 18): إذا زوّج عبده أمته يستحب أن يعطيها شيئا سواء ذكره في العقد أو لا، بل هو الأحوط (113) و تملك الأمة ذلك بناء على المختار

______________________________

الوكالة فيجري فيه ما يجري في الأصيل.

(110) و فيه أيضا يختلف باختلاف الخصوصيات فتارة يجعل الطرفان بمنزلة الواحد في ملكه فلا يحتاج إلى القبول.

و أخرى: يجعلها متعددا فيحتاج حينئذ.

(111) للإجماع و النصوص منها صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل ينكح أمته من رجل أ يفرّق بينهما إذا شاء؟ فقال عليه السّلام: إن كان مملوكه فليفرّق بينهما إذا شاء، إن اللّه تعالى يقول عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ فليس للعبد شي ء من الأمر. و إن كان زوجها حرا فإن طلاقها صفقتها»(1).

و في صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا أنكح الرجل عبده أمته فرّق بينهما إذا شاء» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(112) أما جواز أمر العبد بالطلاق فلإجماعهم عليه.

و أما الإشكال فلظهور الأدلة في مباشرة السيد لذلك إلا إذا وقع من العبد بعنوان الوكالة عن السيد فيعمه حينئذ إطلاق أدلة الوكالة.

(113) أما أصل الاستحباب فلجملة من النصوص المتقدمة: «و يعطيها

ص: 203


1- الوسائل باب: 64 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

من صحة ملكيّة المملوك إذا ملّكه مولاه أو غيره (114).

مسألة 19: إذا مات المولى و انتقلا إلى الورثة فلهم أيضا الأمر بالمفارقة

(مسألة 19): إذا مات المولى و انتقلا إلى الورثة فلهم أيضا الأمر بالمفارقة بدون الطلاق (115)، و الظاهر كفاية أمر أحدهم في ذلك (116).

مسألة 20: إذا زوّج الأمة غير مولاها

(مسألة 20): إذا زوّج الأمة غير مولاها من حر فأولدها جاهلا بكونها لغيره عليه العشر أو نصف العشر لمولاها (117)، و قيمة الولد و يرجع بها على ذلك الغير لأنه كان مغرورا من قبله، كما أنه إذا غرّته الأمة بتدليسها و دعواها الحرية تضمن القيمة و تتبع به بعد العتق، و كذا إذا صار مغرورا من قبل الشاهدين على حرّيتها (118).

______________________________

شيئا» (1)، الظاهر في الاستحباب بقرينة السياق و فهم جمع من الأصحاب.

و اما الاحتياط فلذهاب جمع إلى الوجوب.

(114) لما مر غير مرة من صحة تمليك المملوك فلا وجه للتكرار.

(115) لأنه لا معنى لانتقال الملك إليهم إلا ذلك.

(116) هذا من مجرد الدعوى بلا دليل إلا إذا قيل إن الموضوع غير قابل للتبعيض فيكفي أمر أحدهم في حصول البينونة.

(117) هذا هو مورد خبر الوليد بن صبيح الذي تقدم في المسألة الثانية عشرة (2).

(118) كل ذلك لقاعدة الغرور و تقدم مرارا ما يتعلق بها و إن أهم مدركها النبوي المشهور: «المغرور يرجع إلى من غرّه» (3)، و ما ورد في أخبار مختلفة في أبواب متفرقة من الفقه: من أن المغرور يرجع إلى من غرّه و إن لم يكن بعين ما ورد في النبوي منها خبر إسماعيل بن جابر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل

ص: 204


1- تقدم في صفحة: 200.
2- تقدم في صفحة: 193.
3- تقدم ما يتعلق بهذا الحديث في ج: 16 صفحة: 347.

مسألة 21: لو تزوج أمة بين شريكين بإذنهما ثمَّ اشترى حصة أحدهما أو بعضها أو بعضا من حصة كل منهما بطل نكاحه

(مسألة 21): لو تزوج أمة بين شريكين بإذنهما ثمَّ اشترى حصة أحدهما أو بعضها أو بعضا من حصة كل منهما بطل نكاحه و لا يجوز له بعد ذلك وطؤها (119)، و كذا لو كانت لواحد و اشترى بعضها، و هل يجوز له وطؤها إذا حللها الشريك؟ قولان أقواهما نعم (120)، للنص و كذا لا يجوز

______________________________

نظر إلى امرأة فأعجبته فسأل عنها فقيل: هي ابنة فلان، فأتى أباها فقال: زوجني ابنتك، فزوّجه غيرها فولدت منه، فعلم بها بعد أنها غير ابنته، و أنها أمة؟

قال عليه السّلام: ترد الوليدة على مواليها و الولد للرجل و على الذي زوّجه قيمة ثمن الوليد يعطيه موالي الوليدة كما غرّ الرجل و خدعه» (1).

و في خبر رفاعة بن موسى قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البرصاء قال قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة زوّجها وليّها و هي برصاء أن لها المهر بما استحل من فرجها و أن المهر على الذي زوّجها و أنه صار عليه المهر، لأنه دلّسها و لو أن رجلا تزوج امرأة و زوّجه إياها رجل لا يعرف دخيلة أمرها لم يكن عليه شي ء و كان المهر يأخذه منها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(119) لقاعدة عدم صحة التبعيض في أسباب النكاح ابتداء و استدامة مضافا إلى الإجماع و النص ففي موثق سماعة قال: «سألته عن رجلين بينهما أمة فزوّجاها من رجل، ثمَّ إن الرجل اشترى بعض السهمين؟ فقال عليه السّلام: حرمت عليه باشترائه إياها. و ذلك أن يبعها طلاقها إلا أن يشتريها من جميعهم» (3).

(120) لأن التحليل نوع من التمليك فيتحد السبب حينئذ مضافا إلى صحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن جارية بين رجلين دبّراها جميعا، ثمَّ أحل أحدهما فرجها لشريكه؟ قال عليه السّلام: هو له حلال و أيّهما مات قبل صاحبه

ص: 205


1- الوسائل باب: 7 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

وطء من بعضه حر إذا اشترى نصيب الرقيّة لا بالعقد و لا بالتحليل منه (121).

نعم، لو هايأها فالأقوى جواز التمتع بها في الزمان الذي لها عملا بالنص الصحيح، و إن كان الأحوط خلافه (122).

______________________________

فقد صار نصفها حرا من قبل الذي مات و نصفها مدبرا، قلت: أرأيت إن أراد الباقي منهما أن يمسّها إله ذلك؟ قال عليه السّلام: لا، إلا أن يثبت عتقها، و يتزوّجها برضا منها متى ما أراد، قلت له: أ ليس قد صار نصفها حرا قد ملكت نصف رقبتها و النصف الآخر للباقي منهما؟ قال عليه السّلام: بلى. قلت: فإن هي جعلت مولاها في حل من فرجها و أحلت له ذلك؟ قال عليه السّلام: لا يجوز ذلك. قلت: لم لا يجوز لها ذلك كما أجزت للذي كان له نصفها حين أحل فرجها لشريكه منها؟ قال عليه السّلام:

إن الحرة لا تهب فرجها، و لا تعيره، و لا تحلّله. و لكن لها من نفسها يوم و للذي دبّرها يوم، فإن أحب أن يتزوجها متعة بشي ء في اليوم الذي تملّك فيه نفسها فيتمتع منها بشي ء قلّ أو كثر» (1).

(121) لتحقق التبعيض في سبب حلّية الوطي حينئذ و هو لا يجوز.

(122) أما النص الصحيح فهو ما تقدم آنفا من صحيح ابن قيس.

و أما إن الأحوط خلافه فلمخالفة جمع من الأصحاب له و إن نسب ما في المتن إلى المشهور.

ص: 206


1- الوسائل باب: 41 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

فصل في الطوارئ

اشارة

فصل في الطوارئ و هي العتق، و البيع، و الطلاق، أما العتق فإذا أعتقت الأمة المزوّجة كان لها فسخ نكاحها إذا كانت تحت عبد (1)، بل مطلقا و إن كانت تحت حر على الأقوى (2)،

______________________________

(1) إجماعا و نصوصا منه ما عن الصادق عليه السّلام: في صحيح الحلبي قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن أمة كانت تحت عبد فأعتقت الأمة؟ قال عليه السّلام: أمرها بيدها إن شاءت تركت نفسها مع زوجها، و إن شاءت نزعت نفسها منه، قال:

و ذكر أن بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة فأعتقتها فخيّرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» (1).

و في موثق عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «أنه كان لبريرة زوج عبد فلمّا أعتقت قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اختار» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(2) كما هو المشهور لجملة من الأخبار منها قول الرضا عليه السّلام في خبر محمد بن آدم: «إذا أعتقت الأمة و لها زوج خيّرت إن كانت تحت عبد أو حر» (3).

و عن الصادق عليه السّلام في مرسل عبد اللّه بن بكير: «في رجل حر نكح أمة

ص: 207


1- الوسائل باب: 52 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 9.
3- الوسائل باب: 52 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 12.

و الظاهر عدم الفرق بين النكاح الدائم و المنقطع (3).

نعم، الحكم مخصوص بما إذا أعتق كلها فلا خيار لها مع عتق بعضها على الأقوى (4).

نعم، إذا أعتق البعض الآخر أيضا و لو بعد مدة كان لها الخيار (5).

مسألة 1: إذا كان عتقها بعد الدخول ثبت تمام المهر

(مسألة 1): إذا كان عتقها بعد الدخول ثبت تمام المهر (6)، و هل هو لمولاها أو لها؟ تابع للجعل (7) في العقد فإن جعل لها فلها و إلا فله، و لمولاها في الصورة الأولى تملّكه كما في سائر الموارد إذ له تملك مال مملوكه بناء على القول بالملكية، لكن هذا إذا كان قبل انعتاقها و أما بعد انعتاقها فليس له ذلك (8).

و إن كان قبل الدخول ففي سقوطه أو سقوط نصفه، أو عدم سقوطه أصلا، وجوه (9) أقواها الأخير و إن كان مقتضى الفسخ الأول، و ذلك لعدم

______________________________

مملوكة ثمَّ أعتقت قبل أن يطلّقها؟ قال عليه السّلام: هي أملك ببضعها»(1).

و عنه عليه السّلام أيضا: «أيما امرأة أعتقت فأمرها بيدها إن شاءت أقامت معه و إن شاءت فارقته» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و عن جمع عدم الخيار للأصل، و ضعف الأخبار.

و لكن الأصل محكوم و الضعف منجبر.

(3) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(4) للأصل بعد ظهور النصوص المتقدمة في عتق تمامها.

(5) لأنه المنساق من إطلاق الأخبار المتقدمة.

(6) لإطلاق ما دل على ثبوته بالدخول و عموم ذلك.

(7) لا وجه لهذا الترديد منه رحمه اللّه أصلا بعد الإجماع على أن مهر الأمة المزوّجة لمولاها.

(8) لخروجها حينئذ عن موضوع البحث رأسا بالعتق و فك الرقبة.

(9) دليل الأول- و هو سقوطه مطلقا- كون ذلك فسخا فيزول موضوع

ص: 208


1- الوسائل باب: 52 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 11.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 8.

معلومية كون المقام من باب الفسخ، لاحتمال كونه من باب بطلان النكاح مع اختيارها المفارقة، و القياس على الطلاق في ثبوت النصف لا وجه له (10).

مسألة 2: إذا كان العتق قبل الدخول و الفسخ بعده

(مسألة 2): إذا كان العتق قبل الدخول و الفسخ بعده فإن كان المهر جعل لها فلها (11) و إن جعل للمولى أو أطلق ففي كونه لها (12) أو له قولان، أقواهما الثاني لأنه ثابت بالعقد و إن كان يستقر بالدخول و المفروض أنها كانت أمة حين العقد (13).

مسألة 3: لو كان نكاحها بالتفويض

(مسألة 3): لو كان نكاحها بالتفويض فإن كان بتفويض المهر (14)

______________________________

النكاح بغير طلاق و لا دخول فلا موضوع للمهر رأسا، و هذا هو المنساق عرفا من مجموع الأدلة.

و دليل سقوط نصفه قياسه بالطلاق قبل الدخول و بطلانه واضح.

و دليل ثبوت تمامه أصالة ثبوته بالعقد بعد عدم دليل على السقوط تماما أو نصفا مع اختيار المفارقة، و هو أيضا باطل، لفرض وجود الفسخ فيزول العقد و أثره الذي هو المهر فلا موضوع حتى يستصحب فالمتيقن هو الأول.

(10) لبطلان القياس عندنا مطلقا.

(11) لقاعدة لزوم الوفاء بالشرط.

(12) بدعوى وجود المقتضي لملكيتها للمهر حينئذ و فقد المانع و فيه: إن المانع كانت هي الرقيّة حين إنشاء العقد فلا وجه لكون المهر لها.

و أما وجه الثاني فيظهر مما ذكره في المتن.

(13) فالمهر ثابت حين كونها أمة و كل مهر ثبت كذلك فهو للمولى فيكون هذا المهر للمولى.

(14) بأن يذكر أصل المهر في العقد و يفوّض تعيينه إلى ما بعد العقد كما يأتي تفصيله في أحكام المهر إن شاء اللّه تعالى.

ص: 209

فالظاهر أن حاله حال ما إذا عيّن في العقد (15)، و إن كان بتفويض البضع (16) فإن كان الانعتاق بعد الدخول و بعد التعيين فحاله حال ما إذا عين حين العقد (17)، و إن كان قبل الدخول فالظاهر أن المهر لها، لأنه يثبت حينئذ بالدخول و المفروض حريّتها حينه.

مسألة 4: إذا كان العتق في العدة الرجعية فالظاهر أن الخيار باق

(مسألة 4): إذا كان العتق في العدة الرجعية فالظاهر أن الخيار باق (18)، فإن اختارت الفسخ لم يبق للزوج الرجوع حينئذ (19) و إن اختارت البقاء بقي له حق الرجوع (20)، ثمَّ إذا اختارت الفسخ لا تتعدد العدة بل يكفيها عدة واحدة (21)، و لكن عليها تتميمها عدة الحرة (22) و إن كانت العدة بائنة فلا خيار لها على الأقوى (23).

______________________________

(15) لأنه كالمذكور في العقد فيجري فيه ما تقدم.

(16) يأتي أن التفويض على قسمين:

الأول: ما إذا ذكر المهر إجمالا في العقد و يفوّض تعيينه تفصيلا إلى ما بعد العقد.

الثاني: تفويض البضع و هو أن لا يذكر المهر أصلا في العقد لا إجمالا و لا تفصيلا.

(17) لما مر من أن التعيين اللاحق كالمذكور في العقد.

(18) لكون المطلّقة الرجعية كالزوجة في جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل و لا دليل عليه في المقام.

(19) لتحقق البينونة بالفسخ فلا موضوع لرجوع الزوج حينئذ.

(20) لوجود الموضوع فيشمله الدليل لا محالة.

(21) لظاهر إطلاق الأدلة.

(22) لتبدل الموضوع فيتبدل الحكم قهرا و ظاهرهم ثبوت سببية الطلاق فقط و عدم سببيته للفسخ معه.

(23) لحصول البينونة المطلقة و الخيار إنما هو للزوجة أو من بحكمها.

ص: 210

مسألة 5: لا يحتاج فسخها إلى إذن الحاكم

(مسألة 5): لا يحتاج فسخها إلى إذن الحاكم (24).

مسألة 6: الخيار على الفور

(مسألة 6): الخيار على الفور على الأحوط (25) فورا عرفيا.

نعم، لو كانت جاهلة بالعتق أو بالخيار أو بالفورية جاز لها الفسخ بعد العلم و لا يضره التأخير حينئذ (26).

مسألة 7: إن كانت صبيّة أو مجنونة فالأقوى أن وليّها يتولى خيارها

(مسألة 7): إن كانت صبيّة أو مجنونة فالأقوى أن وليّها يتولى خيارها (27).

مسألة 8: لا يجب على الزوج أعلامها بالعتق أو بالخيار

(مسألة 8): لا يجب على الزوج أعلامها بالعتق أو بالخيار إذا لم تعلم بل يجوز له إخفاء الأمر عليها (28).

مسألة 9: ظاهر المشهور عدم الفرق في ثبوت الخيار لها بين أن يكون هو المباشر لتزويجها

(مسألة 9): ظاهر المشهور عدم الفرق في ثبوت الخيار لها بين أن يكون هو المباشر لتزويجها أو آذنها فاختارت هي زوجا برضاها، و لكن يمكن دعوى انصراف الأخبار (29) إلى صورة مباشرة المولى بلا اختيار منها.

مسألة 10: لو شرط مولاها في العتق عدم فسخها

(مسألة 10): لو شرط مولاها في العتق عدم فسخها فالظاهر

______________________________

(24) للأصل و ظهور الاتفاق و الإطلاق.

(25) لأصالة اللزوم بعد الشك في جريان عموم الخيار في المقام لظهور اتفاقهم على الفورية.

(26) أما كون الفورية عرفية فلأنها المنساق من الأدلة كما مر.

و أما صحة التأخير لعذر فلزوال الفورية لأجل الإعذار كذلك.

(27) بناء على ثبوت ولايته لذلك و يمكن الاختلاف باختلاف الموارد فيستأذن الولي من الحاكم أيضا و مع عدمه فيعيّن الحاكم.

(28) لأصالة بقاء الزوجية و أصالة عدم وجوب الإعلام.

(29) الانصراف على فرضه بدوي مخدوش و المشهور هو المنصور.

ص: 211

صحته (30).

مسألة 11: لو أعتق العبد لا خيار له و لا لزوجته

(مسألة 11): لو أعتق العبد لا خيار له و لا لزوجته (31).

مسألة 12: لو كان عند العبد حرة و أمتان فأعتقت إحدى الأمتين فهل لها الخيار أو لا؟

(مسألة 12): لو كان عند العبد حرة و أمتان فأعتقت إحدى الأمتين فهل لها الخيار أو لا؟ وجهان (32)، و على الأول إن اختارت البقاء فهل يثبت للزوج التخيير أو يبطل نكاحها؟ وجهان (33) و كذا إذا كان عنده

______________________________

(30) لإطلاق دليل الشرط (1)، و ظهور الاتفاق، مضافا إلى نصوص خاصة في صحة بعض الشروط في العتق (2).

(31) أما الأول فلظهور الإجماع إلا ممن لا يعتد بمخالفته لوضوح بطلان دليله.

و أما الثانية فللإجماع و النص، فعن الصادق عليه السّلام: في خبر علي بن حنظلة:

«في رجل زوّج أم ولد له من عبد فأعتق العبد بعد ما دخل بها. هل يكون لها الخيار؟ قال عليه السّلام: قد تزوجته عبدا و رضيت به فهو حين صار حرا أحق أن ترضى به» (3)، و مثله غيره.

(32) مبنيان على أن المقام من تزوج العبد لحرتين و أمة حينئذ فيبطل نكاح من أعتقت فلا تصل النوبة إلى الخيار، أو أنه منصرف عن المقام فيثبت لها الخيار، لعموم دليله.

(33) منشؤهما أنه مع بطلان نكاحها لا تخيير للزوج و مع العدم صح التخيير له.

و يمكن القول بالبطلان لعدم الدليل على تخيير الزوج إلا شمول دعوى الإجماع و ما ورد من النص في المجوسي (4)، و عنده سبع نسوة و شموله

ص: 212


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المهور.
2- الوسائل باب: 10 و 12 من أبواب العتق.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1.

ثلاث أو أربع إماء (34)، فأعتقت إحداها، و لو أعتق في هذا الفرض جميعهن دفعة ففي كون الزوج مخيرا و بعد اختياره يكون التخيير للباقيات، أو التخيير من الأول للزوجات فإن اخترن البقاء فله التخيير، أو يبطل نكاح الجميع، وجوه (35).

______________________________

للمقام مشكل.

(34) خدشة هذا الفرع ظاهرة لأنه إذا كان عند العبد ثلاث إماء فأعتق أحديها لم يكن مانع عن الجمع لجواز أن يجمع العبد بين حرة و أمتين فيثبت الخيار للمعتقة حينئذ.

(35) و هي و إن كانت حدسيات في فرض غير واقع بل بعضها لا يخلو عن قياس و لكن يمكن أن يقال بالتخيير لهن جميعا، لشمول أدلة التخيير لهذا الفرض أيضا، و لا إشكال في البين إلا دعوى الانصراف و عهدة إثباته على مدعيه.

ص: 213

فصل في العقد و أحكامه

اشارة

فصل في العقد و أحكامه

مسألة 1: يشترط في النكاح الصيغة

(مسألة 1): يشترط في النكاح الصيغة بمعنى الإيجاب و القبول اللفظيين، فلا يكتفي التراضي الباطني (1)، و لا الإيجاب و القبول الفعليين (2) و أن يكون الإيجاب بلفظ النكاح أو التزويج على الأحوط، فلا يكفي بلفظ المتعة في النكاح الدائم (3) و إن كان لا يبعد كفايته مع الإتيان

______________________________

(1) أما الأول فللإجماع و ظواهر الأدلة كما تقدم مرارا في البيع و الإجارة و غيرهما فلا وجه للإعادة مكررا.

و أما الثاني فلضرورة المذهب بل الدين.

(2) بإجماع المسلمين و سيرتهم العملية و الفتوائية خلفا عن سلف.

(3) نسب ذلك إلى الأكثر، و استدل عليه ..

تارة: بأصالة عدم ترتب الأثر.

و أخرى: بأنه مجاز و العقود اللازمة لا تقع بالمجازات.

و يرد الأولى بأنها محكومة بالعمومات و الإطلاقات بعد الصدق عرفا و شرعا كما يشهد له ما ورد من انقلاب المنقطع دائما مع نسيان ذكر الأجل (1).

و الثانية بأن المناط في ألفاظ العقود الظهور العرفي و لو كان بالقرينة.

ص: 214


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المتعة.

بما يدل على إرادة الدوام (4)، و يشترط العربية مع التمكن منها (5). و لو بالتوكيل على الأحوط (6).

نعم، مع عدم التمكن منها و لو بالتوكيل على الأحوط يكفي غيرها من الألسنة إذا أتى بترجمة اللفظين من النكاح و التزويج (7)، و الأحوط اعتبار الماضوية (8)

______________________________

(4) ظهر وجه الصحة مما تقدم.

(5) نسب اعتبار العربية إلى المشهور و ادعى الإجماع عليه.

و استدل بالأصل و الاحتياط في الفروج.

أما دعوى الشهرة و الإجماع فيخدش فيه بأن مدركهما ما ذكروه من الأصل و الاحتياط و هما محكومان بالعمومات و الإطلاقات، و دعوى انصرافهما إلى العربي لا وجه له أولا بأن لكل قوم نكاح من أول البعثة إلى زماننا هذا و العربي له أيضا اصطلاحات مختلفة.

و ثانيا: بأنه انصراف إلى الغالب و قد ثبت في محله عدم الاعتبار بالانصراف الغالبي.

(6) يظهر من العلامة في التذكرة الاتفاق على عدم وجوب التوكيل مع عدم القدرة على العربية و لو بالتعلم و لعل المنشأ إطلاقات الأدلة و عموماتها و أن المتيقن من تقييدها ما إذا لم يقدر على العربية مباشرة.

(7) لأن النكاح و التزويج هو المعنى الذي لا بد من إنشائه باللفظ العربي مع القدرة و بغيره مع العدم.

(8) استدل على اعتبار الماضوية.

تارة: بأن الماضي صريح في الإنشاء بخلاف غيره.

و أخرى: بأنه المتيقن.

ص: 215

و إن كان الأقوى عدمه (9) فيكفي المستقبل، و الجملة الخبرية، كأن يقول «أزوّجك» أو «أنا مزوّجك فلانة».

كما أن الأحوط تقديم الإيجاب على القبول، و إن كان الأقوى جواز العكس أيضا (10) و كذا الأحوط أن يكون الإيجاب من جانب الزوجة و القبول من جانب الزوج، و إن كان الأقوى جواز العكس (11).

______________________________

و ثالثة: بأن الترخيص المطلق يوجب التساهل فيؤدي إلى الفساد.

و الكل مخدوش: أما الأولى: فلا دليل على اعتبار الصراحة بل يكفي الظهور العرفي المحاوري.

و أما الثانية: فلا وجه للأخذ بالقدر المتيقن مع الإطلاقات و العمومات كتابا (1)، و سنة (2)، و أما الأخير فمع اشتراط اللفظ الظاهر في المعنى كيف يؤدي إلى التساهل فيه.

(9) ظهر وجهه مما تقدم.

(10) نسب تقديم الإيجاب على القبول في مطلق العقود إلى الأكثر و لا دليل لهم يصح الاعتماد عليه في مقابل الإطلاقات و العمومات الدالة على كفاية تحقق الارتباط العقدي الحاصل بتقديم كل منهما، و قد ذكرنا بعض الكلام عند ذكر ألفاظ البيع فراجع إذ الدليل واحد و إن كان المورد متعددا.

(11) لتقوم الزوجية بالاثنيّية سواء قالت المرأة للرجل: «زوجتك نفسي» أولا، أو قال الرجل للمرأة «زوجتك نفسي»، و قد استعمل بكل منهما في القرآن فقال تعالى وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ (3)، و قال تعالى:

ص: 216


1- سورة النور: 32.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب المتعة و باب: 13 من مقدمات النكاح.
3- سورة النساء: 22.

و أن يكون القبول بلفظ «قبلت» (12) و لا يبعد كفاية «رضيت» (13) و لا يشترط ذكر المتعلقات (14)، فيجوز الاقتصار على لفظ «قبلت» من دون أن يقول «قبلت النكاح لنفسي» أو «لموكلي بالمهر المعلوم».

و الأقوى كفاية الإتيان بلفظ الأمر (15) كأن يقول: «زوّجني فلانة»

______________________________

حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (1).

و قد يقال: إن الرجل متبوع و المرأة تابعة و إن شرف المتبوعية يقتضي أن يكون الإيجاب مقدما على القبول، و فيه: أنه من مجرد الاستحسان و لا يصلح للاستدلال.

(12) للانصراف، و لأنه القدر المتيقن.

و فيه: أن الانصراف على فرضه غالبي لا أثر له كما ذكرنا في الأصول، و الاقتصار على المتيقن لا وجه له في مقابل العمومات و الإطلاقات الدالة على كفاية المراضاة التي لا بد و أن تبرز باللفظ.

(13) ظهر وجهه مما تقدم آنفا.

(14) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(15) كما عن جمع من القدماء لما رواه الفريقان عن سهل الساعدي عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «أن امرأة أتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه وهبت نفسي لك، و قامت قياما طويلا، فقام رجل و قال يا رسول اللّه: زوّجنيها إن لم يكن لك فيها حاجة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هل عندك من شي ء تصدقها إياه؟

فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، أجلس التمس و لو خاتما من حديد، فلم يجد شيئا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هل معك من القرآن شي ء؟ قال: نعم سورة كذا و سورة كذا- السور سماها- فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: زوّجتك بما معك من القرآن» (2).

ص: 217


1- سورة البقرة: 230.
2- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4 باختلاف يسير.

فقال «زوّجتكها» و إن كان الأحوط خلافه (16).

مسألة 2: الأخرس يكفيه الإيجاب و القبول بالإشارة

(مسألة 2): الأخرس يكفيه الإيجاب و القبول بالإشارة مع قصد الإنشاء و إن تمكن من التوكيل على الأقوى (17).

مسألة 3: لا يكفي في الإيجاب و القبول الكتابة

(مسألة 3): لا يكفي في الإيجاب و القبول الكتابة (18).

مسألة 4: لا يجب التطابق بين الإيجاب و القبول

(مسألة 4): لا يجب التطابق بين الإيجاب و القبول في ألفاظ

______________________________

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: «جاءت امرأة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله فقالت: زوجني، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لهذه؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول اللّه زوجنيها، فقال: ما تعطيها؟ فقال: ما لي شي ء، قال صلّى اللّه عليه و آله: لا، فأعادت، فأعاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الكلام فلم يقم أحد غير الرجل ثمَّ أعادت، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المرة الثالثة: أ تحسن من القرآن شيئا؟ قال: نعم، قال صلّى اللّه عليه و آله: قد زوّجتكها على ما تحسن من القرآن فعلّمها إياه» (1)، و مقتضاها كفاية الإتيان بلفظ الأمر و لم يرد فيهما إعادة القبول كما هو الظاهر، و عن جمع عدم كفاية ذلك لأنه قضية في واقعة.

(16) جمودا على ما هو المتعارف بين المتشرعة.

(17) لظهور الاتفاق و ما ورد في الصلاة (2)، من أن قراءته و تلبيته و تشهده إشارته و تحريك لسانه، فيدل على المقام بالفحوى، و ظاهرهم الاتفاق على الإجزاء و عدم اشتراط عدم القدرة على التوكيل، و يأتي في الطلاق ما يدل على ذلك.

و المراد بالإشارة ما هو المتعارف بين الخرس من الإشارة و تحريك اللسان.

(18) مقتضى اعتبار المبرز الخارجي في العقود كفايتها و اللفظ إنما يكون

ص: 218


1- الوسائل باب: 2 من أبواب المهور الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 59 من أبواب القراءة في الصلاة.

المتعلقات، فلو قال «أنكحتك فلانة» فقال «قبلت التزويج» أو بالعكس كفى، و كذا لو قال: «على المهر المعلوم» فقال الآخر: «على الصداق المعلوم» و هكذا في سائر المتعلقات (19).

مسألة 5: يكفي- على الأقوى- في الإيجاب لفظ «نعم»

(مسألة 5): يكفي- على الأقوى- في الإيجاب لفظ «نعم» بعد الاستفهام كما إذا قال «زوجتني فلانة بكذا؟» فقال «نعم» فقال الأول «قبلت» لكن الأحوط عدم الاكتفاء (20).

مسألة 6: إذا لحن في الصيغة فإن كان مغيّرا للمعنى لم يكف

(مسألة 6): إذا لحن في الصيغة فإن كان مغيّرا للمعنى لم يكف (21)

______________________________

من إحدى طرق الإبراز و قد تكون الكتابة أوثق من اللفظ.

و لكن ظاهرهم الاتفاق على عدم الكفاية و لعل عدم التصريح بكفايتها في النصوص و كلمات القدماء قلّة وجود الكتابة عند متعارف الناس في العصور السابقة.

(19) كل ذلك للإطلاقات و العمومات، و أصالة عدم الاشتراط و ظهور الاتفاق، نعم في خصوص الإيجاب و القبول بأن تقول: «أنكحتك نفسي» و يقول: «قبلت التزويج» خلاف المأنوس فالاحتياط الذي ذكر في الفروع السابقة يجري فيه أيضا.

(20) من صدق إبراز المراضاة باللفظ فيشمله الإطلاق و العموم مضافا إلى خبر أبان بن تغلب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: كيف أقول لها إذا خلوت بها؟

قال: تقول أتزوجك متعة على كتاب اللّه و سنة نبيه. لا وارثة و لا موروثة، كذا و كذا يوما- الى أن قال عليه السّلام- فإذا قالت: نعم، فقد رضيت و هي امرأتك» (1)، و من أنه خلاف المأنوس قديما و حديثا و إمكان أن يكون مورد المتعة مختصا بها.

(21) اللحن في الصيغة على قسمين:

ص: 219


1- الوسائل باب: 18 من أبواب المتعة الحديث: 1.

و إن لم يكن مغيّرا فلا بأس به إذا كان في المتعلقات (22)، و إن كان في نفس اللفظين كأن يقول «جوّزتك» بدل «زوّجتك» فالأحوط عدم الاكتفاء به (23) و كذا اللحن في الاعراب.

مسألة 7: يشترط قصد الإنشاء في إجراء الصيغة

(مسألة 7): يشترط قصد الإنشاء في إجراء الصيغة (24).

مسألة 8: لا يشترط في المجرى للصيغة أن يكون عارفا بمعنى الصيغة تفصيلا

(مسألة 8): لا يشترط في المجرى للصيغة أن يكون عارفا بمعنى الصيغة تفصيلا (25) بأن يكون مميزا للفعل و الفاعل و المفعول، بل يكفي

______________________________

الأول: انه إذا صار اصطلاحا خاصا لطائفة خاصة يلهجون به من آبائهم و أجدادهم كما هو الشائع في كثير من اللغات العربية.

الثاني: ما إذا كان خلاف اللهجة الفعلية للعاقد و لحنا بالنسبة إليها أيضا.

و لا ريب في كون الثاني مستنكرا عرفا و شرعا فلا تشمله الأدلة.

و أما الأول فلا دليل على البطلان للعمومات و الإطلاقات و إن «لكل قوم نكاح» (1)، سواء كان مغيرا للمعنى أو لا بعد أن كان مظهرا للمعنى المعهود في اصطلاحهم المتعارف لديهم فيصير عدم الكفاية في غير هذه الصورة لا محالة و كذا الكلام في اللحن في الاعراب بالأولى.

(22) لخروجها عن اللفظين فلا ربط لها بهما.

(23) ظهر حكمه مما سبق و أنه مع كون لهجة متعارفة يصح و مع خلافه لا يصح فيشكل تعبيره رحمه اللّه بالاحتياط و كذا اللحن في الاعراب كما مر.

(24) و هو خفيف المؤنة جدا بأن يقصد إيجاد المعنى المخصوص باللفظ كما في سائر المعاني المتعارفة الإنشائية من الأقوال و الأفعال، بل يكفي في المقام قصد استعمال اللفظ في المعنى المخصوص و هذا هو قصد الإنشاء.

(25) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و السيرة في الجملة.

ص: 220


1- الوسائل باب: 83 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.

علمه إجمالا بأن معنى هذه الصيغة إنشاء النكاح و التزويج، لكن الأحوط العلم التفصيلي (26).

مسألة 9: يشترط الموالاة بين الإيجاب و القبول

(مسألة 9): يشترط الموالاة بين الإيجاب و القبول، و تكفي العرفية منها، فلا يضر الفصل في الجملة بحيث يصدق معه أن هذا قبول لذلك الإيجاب، كما لا يضر الفصل بمتعلقات العقد من القيود و الشروط و غيرها و إن كثرت (27).

مسألة 10: ذكر بعضهم أنه يشترط اتحاد مجلس الإيجاب و القبول

(مسألة 10): ذكر بعضهم (28) أنه يشترط اتحاد مجلس الإيجاب و القبول فلو كان القابل غائبا عن المجلس فقال الموجب «زوّجت فلانا فلانة» و بعد بلوغ الخبر إليه قال «قبلت» لم يصح.

و فيه: أنه لا دليل على اعتباره من حيث هو، و عدم الصحة في الفرض المذكور إنما هو من جهة الفصل الطويل أو عدم صدق المعاقدة و المعاهدة لعدم التخاطب، و إلا فلو فرض صدق المعاقدة و عدم الفصل مع تعدد المجلس صح، كما إذا خاطبه و هو في مكان آخر لكنه يسمع صوته و يقول قبلت بلا فصل مضر فإنه يصدق عليه المعاقدة (29).

مسألة 11: و يشترط فيه التنجيز

(مسألة 11): و يشترط فيه التنجيز كما في سائر العقود (30) فلو علّقه على شرط أو مجي ء زمان بطل.

______________________________

(26) تحفظا على عدم التهجم على الأعراض مهما أمكن كما تقدم مكررا.

(27) لأن ذلك كله هو المنساق من ظواهر الأدلة اللفظية و عليه السيرة العملية.

(28) القائل هو العلامة و ما أشكله عليه حق.

(29) فتشمله الإطلاقات و العمومات و على هذا يصح العقد بالآلات الحديثة كالتليفون بأن يكون الموجب في محل و القابل في محل آخر.

(30) دليله منحصر بالإجماع، و سائر ما ذكروه في اعتبار التنجيز مخدوش

ص: 221

نعم، لو علّقه على أمر محقق معلوم- كأن يقول: «إن كان هذا يوم الجمعة زوّجتك فلانة» مع علمه بأنه يوم الجمعة- صح، و أما مع عدم علمه فمشكل (31).

مسألة 12: إذا أوقعا العقد على وجه يخالف الاحتياط اللازم مراعاته فإن أراد البقاء فاللازم الإعادة

(مسألة 12): إذا أوقعا العقد على وجه يخالف الاحتياط اللازم مراعاته فإن أراد البقاء فاللازم الإعادة على الوجه الصحيح، و إن أراد الفراق فالأحوط الطلاق (32)، و إن كان يمكن التمسك بأصالة عدم التأثير في الزوجية (33)، و إن كان على وجه يخالف الاحتياط الاستحبابي فمع إرادة البقاء الأحوط الاستحبابي إعادته على الوجه المعلوم صحته و مع إرادة الفراق فاللازم الطلاق (34).

______________________________

و قد ذكرناه في اعتبار التنجيز في البيع كما تعرضنا للخدشة عليه فراجع هناك (1)، فلا وجه للتكرار بالإعادة هنا.

(31) للشك في تحقق التنجيز في الإنشاء حينئذ و يكون التمسك بالعمومات تمسك بالدليل في الشبهة الموضوعية، مضافا إلى دعوى بعض الإجماع على البطلان حينئذ.

(32) أما لزوم الإعادة على الوجه الصحيح فلفرض كون الاحتياط لزوميا و تردد الأمر بين المتباينين من ترتيب أحكام الزوجية مثل الإنفاق و غيره و لزوم عدم ترتيبها مثل حرمة الاستمتاع فلا بد من الاحتياط و لا يحصل إلا بذلك و منه يظهر احتياج الفراق الى الطلاق.

(33) ظهر مما ذكرنا عدم صحة التمسك بأصالة عدم التأثير، لأنه مع فرض كون الاحتياط وجوبيا كيف يجري الأصل النافي فيه؟!

(34) لتحقق الزوجية بحسب الظاهر.

ص: 222


1- تقدم في ج: 16 صفحة: 246.

مسألة 13: يشترط في العاقد المجرى للصيغة الكمال

(مسألة 13): يشترط في العاقد المجرى للصيغة الكمال بالبلوغ و العقل (35) سواء كان عاقدا لنفسه أو لغيره وكالة أو ولاية أو فضولا (36) فلا اعتبار بعقد الصبي، و لا المجنون و لو كان أدواريا حال جنونه و إن أجاز وليه أو أجاز هو بعد بلوغه أو إفاقته على المشهور، بل لا خلاف فيه، لكنه في الصبي الوكيل عن الغير محل تأمل لعدم الدليل على سلب عبارته إذا كان عارفا بالعربية و علم قصده حقيقة، و حديث رفع القلم منصرف عن مثل هذا، و كذا إذا كان لنفسه بإذن الولي أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ (37)

______________________________

(35) هما من الشرائط العامة المعتبرة في كل عقد إجماعا كما تقدم في أول كتاب البيع و غيره و لا اختصاص له بالمقام فراجع هناك فإنه لا وجه للتكرار بالإعادة هنا.

(36) لإطلاق دليل اعتبارهما الشامل لكل عقد صدر من كل عاقد مطلقا.

(37) استدل المشهور على بطلان عقد الصبي.

تارة: بحديث رفع القلم حتى يحتلم (1).

و فيه: أن المنساق منه هو الإلزام الذي يكون في رفعه منة على الصبي لا مطلق الوضعيات، و مع الشك في الصدق ليس لنا التمسك بإطلاقه.

و أخرى: بما يظهر من الأخبار منطوقا أو مفهوما من عدم جواز أمر الصبي و الصبية حتى يبلغ مثل خبر حمزة بن حمران عن ابي جعفر عليه السّلام قال: «الجارية إذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم، و دفع إليها مالها، و جاز أمرها في الشراء و البيع قال: و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتيم حتى يبلغ خمس عشر سنة، أو يحتلم، أو يشعر، أو ينبت قبل ذلك» (2)، و مثله غيره.

ص: 223


1- الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادة الحديث: 2.

و كذا لا اعتبار بعقد السكران فلا يصح و لو مع الإجازة بعد الإفاقة (38)، و أما عقد السكرى إذا أجازت بعد الإفاقة ففيه قولان فالمشهور أنه كذلك (39)، و ذهب جماعة إلى الصحة مستندين إلى صحيحة ابن بزيع (40)، و لا بأس بالعمل بها، و إن كان الأحوط خلافه لإمكان حملها

______________________________

و فيه: أن المنساق منها الاستقلال و عدم الرجعة إلى الولي و الصدور عن أمره و رأيه فلا تشمل غير هذه الصورة و الشك فيه يكفي في عدم الشمول لأن الشبهة مصداقية.

و ثالثة: بدعوى الإجماع.

و فيه: أن المتيقن منه صورة الاستقلال لا غيرها، مع أن ظاهر قول الصادق عليه السّلام في رواية السكوني: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن كسب الإماء فإنها إن لم تجد زنت إلا أمة قد عرفت بصنعة يد و نهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده، فإنه إن لم يجد سرق» (1)، أن منشأ الحرمة شي ء آخر لا نفس الكسب من حيث هو، مع أن مقتضى السيرة كما عن جمع ترتب الأثر عليه مع الإجازة أو الإذن السابق، و تقدم في كتاب البيع بعض الكلام فراجع هناك فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(38) لعدم الاعتبار بقصده و فعله عند العقلاء خصوصا بعض مراتبه الذي يقولون أنه لا يتحقق منه أصل القصد فضلا عن اعتباره.

(39) لعدم الفرق بينهما بعد كون الحكم موافقا للقاعدة و هو سقوط اعتبار قصده و فعله لدى العقلاء.

(40) عن أبي الحسن عليه السّلام في الموثق قال: «سألته عن امرأة ابتلت بشرب النبيذ، فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ثمَّ أفاقت فأنكرت ذلك، ثمَّ ظنّت أنه يلزمها ففزعت منه، فأقامت الرجل على ذلك التزويج، إحلال هو لها أم

ص: 224


1- الوسائل باب: 33 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

على ما إذا لم يكن سكرها بحيث لا التفات لها إلى ما تقول (41) مع أن المشهور لم يعملوا بها و حملوها على محامل (42) فلا يترك الاحتياط.

مسألة 14: لا بأس بعقد السفيه

(مسألة 14): لا بأس بعقد السفيه إذا كان وكيلا عن الغير في إجراء الصيغة أو أصيلا مع إجازة الولي، و كذا لا بأس بعقد المكره على إجراء

______________________________

التزويج فاسد لمكان السكر، و لا سبيل للزوج عليها؟ فقال عليه السّلام: إذا أقامت بعد ما أفاقت فهو رضا منها قلت: و يجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال عليه السّلام: نعم» (1)، و هذا الحديث معتبر سندا و دلالة فيصح العمل به.

و لكن السكر على أقسام.

الأول: السكر الخفيف الذي يلتفت في الجملة إلى ما يقول.

الثاني: السكر الشديد الذي لا يلتفت أصلا إلى ما يقول و يفعل.

الثالث: السكر المتوسط بينهما، و مقتضى الإطلاقات و العمومات الصحة في الأول و الأخير.

و أما الثاني فالجزم بصحة أقواله و أفعاله و استفادة ذلك من هذا الحديث مشكل بل ممنوع.

و يمكن الجمع بذلك بين الكلمات فمن يقول بالصحة أي في الأول و الأخير و من يقول بالبطلان أي في القسم الثاني، إذ لا يظن فقيه ملتفت إلى خصوصيات الفقه أن يقول بالصحة فيه.

(41) و هو المطابق لأصالة عدم بلوغ سكرها إلى هذا الحد، فإن للسكر مراتب كما تقدم، كما أن للإفاقة كذلك.

(42) منها أن يكون الحديث من باب تقديم القبول على الإيجاب فوقع إيجاب المرأة بعد الإفاقة بدليل إقامتها معه.

و منها تحقق الإيجاب و القبول مستقلا بعد الإفاقة.

ص: 225


1- الوسائل باب: 14 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.

الصيغة للغير أو لنفسه إذا أجاز بعد ذلك (43).

مسألة 15: لا يشترط الذكورة في العاقد

(مسألة 15): لا يشترط الذكورة في العاقد فيجوز للمرأة الوكالة عن الغير في إجراء الصيغة، كما يجوز إجراؤها لنفسها (44).

مسألة 16: يشترط بقاء المتعاقدين على الأهلية

(مسألة 16): يشترط بقاء المتعاقدين على الأهلية إلى تمام العقد فلو أوجب ثمَّ جنّ أو أغمي عليه قبل مجي ء القبول لم يصح (45)، و كذا لو أوجب ثمَّ نام بل لو غفل عن العقد بالمرة، و كذا الحال في سائر العقود،

______________________________

(43) كل منهما للاتفاق و الإطلاق، و أصالة الصحة بعد وجود المقتضي و فقد المانع، و عدم جريان حديث الرفع (1)، لفرض وقوع الإجازة بعد ذلك، مع أنه لا امتنان في رفع أثر ذلك حتى يشمله الحديث.

(44) كل منهما للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(45) لما يأتي من دعوى الإجماع، و أن هذا هو المنساق من المخاطبات بين الاثنين في المحاورات العرفية فلا بد من تنزيل إطلاق الأدلة عليها، فلو تكلم أحد مع آخر ثمَّ نام المستمع في أثناء الكلام أو غفل من الاستماع لا يترتب الأثر على هذا التكلم، و قد تقدم بعض الكلام في أحكام البيع.

و توهم: أن مقتضى الإطلاقات الصحة مطلقا لا وجه له لما ذكرنا من أنها منزّلة على ما هو المتعارف في المحاورات و مع الشك في ذلك فلا يصح التمسك بها.

ثمَّ إن عدم الأهلية يتصور على أقسام:

الأول: عدم أهلية للقابل عند إيجاب الموجب.

الثاني: عكس الأول.

الثالث: عدم أهلية الموجب في أثناء المعاقدة.

ص: 226


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.

و الوجه عدم صدق المعاقدة و المعاهدة، مضافا إلى دعوى الإجماع و انصراف الأدلة (46).

مسألة 17: يشترط تعيين الزوج و الزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم

(مسألة 17): يشترط تعيين الزوج و الزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو الوصف الموجب له أو الإشارة (47).

فلو قال: «زوّجتك إحدى بناتي» بطل (48)، و كذا لو قال: «زوّجت بنتي أحد ابنيك» أو «أحد هذين» و كذا لو عيّن كل منهما غير ما عيّنه الآخر، بل و كذا لو عيّنا معينا من غير معاهدة بينهما بل من باب الاتفاق صار ما قصده أحدهما عين ما قصده الآخر (49)، و أما لو كان ذلك مع المعاهدة

______________________________

الرابع: عدم أهلية القابل في أثناء المعاقدة، و مقتضى الجمود على المحاورات، و أصالة عدم ترتب الأثر بقاء الأهلية في جميع ذلك و ليس في البين إلا الإطلاق، و قد مر أن الشك في صدقه في أمثال المقام يكفي في عدم صحة التمسك بها.

(46) عن ذلك كله فالمسألة- كما عرفت- من العرفيات المحاورية في الخطابات الدائرة بينهم فمع صدق المخاطبة يصح و مع الشك فمقتضى عدم حصول السبب عدم الصحة إلا إذا صدق تحققه عرفا، فتجري أصالة الصحة حينئذ و لا وجه للتفصيل بأكثر من ذلك، و قد تقدم في عقد البيع ما ينفع المقام.

(47) إجماعا من المسلمين بل من العقلاء في الزواج الدائم بل غيره أيضا، مع أن الزوجية إضافة خاصة بين شخصين خارجيين كما هو معلوم فلا يصح تحققها بين المبهم.

(48) للإبهام مضافا إلى الإجماع.

(49) يبطل العقد هنا و في سابقة من حيث عدم التطابق بين الإيجاب و القبول أيضا.

ص: 227

لكن لم يكن هناك دال على ذلك من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية مفهمة فلا يبعد الصحة (50)، و إن كان الأحوط خلافه، و لا يلزم تمييز ذلك المعيّن عندهما حال العقد (51) بل يكفي التميز الواقعي مع إمكان العلم به بعد ذلك كما إذا قال: «زوّجتك بنتي الكبرى»، و لم يكن حال العقد عالما بتاريخ تولد البنتين لكن بالرجوع إلى الدفتر يحصل له العلم.

نعم، إذا كان مميّزا واقعا و لكن لم يمكن العلم به ظاهرا كما إذا نسي تاريخ ولادتهما و لم يمكنه العلم به فالأقوى البطلان لانصراف الأدلة عن مثله فالقول بالصحة و التشخيص بالقرعة ضعيف (52).

مسألة 18: لو اختلف الاسم و الوصف أو أحدهما مع الإشارة أخذ بما هو المقصود

(مسألة 18): لو اختلف الاسم و الوصف أو أحدهما مع الإشارة أخذ بما هو المقصود و ألغي ما وقع غلطا (53)، مثلا لو قال: «زوّجتك الكبرى

______________________________

(50) إن تصور موضوع لذلك فإن تحقق المعاهدة من دون تحقق دال عليها أصلا مما لا يجتمعان.

(51) للإطلاقات من غير ما يصلح للتقييد.

(52) مقتضى الإطلاقات الصحة فيه أيضا كما يظهر عن جمع منهم صاحب الجواهر و لكن لا يترك الاحتياط بتجديد العقد إن أراد البقاء معها و الطلاق إن أراد فراقها.

(53) لأن القصد و الإرادة هو المنشأ لصدور اللفظ و تحققه خارجا في الاستعمالات الجدية المبتنية عليها المحاورات و العقود و الإيقاعات مطلقا، و مع الغلط كيف يتحقق الاستعمال الجدي به؟! فيكون ملغاة قهرا.

و أما ما يقال: من أن هذه القيود إن كانت من باب وحدة المطلوب فالعقد باطل و إن كانت من باب تعدد المطلوب فهو صحيح.

فخدشته ظاهرة لأن مقتضى المحاورات المتعارفة عدم تأتّي احتمال تعدد المطلوب و وحدته في مثل الإرادة و المراد و هما واحد واقعا و إن

ص: 228

من بناتي فاطمة» و تبين أن اسمها خديجة صح العقد على خديجة التي هي الكبرى، و لو قال: «زوجتك فاطمة و هي الكبرى» فتبيّن أنها صغرى صح على فاطمة لأنها المقصودة و وصفها بأنها كبرى وقع غلطا فيلغى، و كذا لو قال: «زوجتك هذه و هذه فاطمة» أو «و هي الكبرى» فتبيّن أن اسمها خديجة أو أنها صغرى، فإن المقصود تزويج المشار إليها و تسميتها بفاطمة أو وصفها بأنها الكبرى وقع غلط فيلغى (54).

مسألة 19: إذا تنازع الزوج و الزوجة في التعيين و عدمه حتى يكون العقد صحيحا أو باطلا فالقول قول مدعي الصحة

(مسألة 19): إذا تنازع الزوج و الزوجة في التعيين و عدمه حتى يكون العقد صحيحا أو باطلا فالقول قول مدعي الصحة كما في سائر الشروط إذا اختلفا فيها، و كما في سائر العقود (55) و إن اتفقا الزوج و ولي الزوجة على أنهما عينا معينا و تنازعا فيه أنها فاطمة أو خديجة فمع عدم البينة فالمرجع التحالف (56) كما في سائر العقود.

______________________________

تعدد اعتبارا.

(54) لأن الإشارة و الوصف حاكيان عن المقصود و المراد، و مع بيان المقصود و المراد لا وجه لمتابعة الحكاية الباطلة.

(55) لأن كل عقد تردد بين الصحيح و الفاسد في نفسه أو لأجل النزاع فيه تجري فيه أصالة الصحة.

و انما الكلام في أنها هل تجري مطلقا حتى في الشك في المقوّمات أو تختص بخصوص الشك في الشرائط الخارجية مقتضى ورودها مورد الامتنان التسهيلي هو الأول هذا إذا كان النزاع في الصحة و الفساد، و أما إن كان من المدعي و المنكر فمع عدم البينة للأول يحلف الثاني كما هو المعمول في جميع الموارد، و حينئذ فلا مجال لجريان أصالة الصحة بل لا بد و أن ينطبق على موازين القضاء كما يأتي في كتابه إن شاء اللّه تعالى.

(56) لتحقق موضوعه فيه و هو كون كل واحد من الطرفين مدعيا و منكرا

ص: 229

نعم، هنا صورة واحدة اختلفوا فيها و هي ما إذا كان لرجل عدة بنات فزوّج واحدة و لم يسمّها عند العقد و لا عيّنها بغير الاسم (57) لكنه قصدها معيّنة و اختلفا فيها، فالمشهور على الرجوع إلى التحالف (58) الذي هو مقتضى قاعدة الدعاوي، و ذهب جماعة إلى التفصيل بين ما لو كان الزوج رآهن جميعا فالقول قول الأب و ما لو لم يراهن فالنكاح باطل، و مستندهم صحيحة أبي عبيدة الحذاء (59) و هي و إن كانت صحيحة إلا أن إعراض

______________________________

و كل مورد تحقق فيه ذلك يكون من التداعي و يجري عليه حكم التحالف الذي يأتي في كتاب القضاء، و المرجع في تعيين كون الدعوى من المدعي و المنكر أو التداعي في تقريره عند محضر الحاكم الشرعي و استفادة الحاكم ذلك من كيفية الدعوى كما يأتي في كتاب القضاء.

(57) أي لم يعيّنها بغير الاسم أيضا.

(58) المشهور هو العمل بنفس الرواية لا التحالف.

نعم، عن بعض المتأخرين أنه إن رآهن فقد أو كل التعيين إلى أبيهن و قبل نكاح كل من يراها أبوها، فيرجع النزاع إلى تعيين من نواها فيكون القول قوله لأنه وكيل و هو أعرف بنيّته.

(59) قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل كن له ثلاث بنات أبكار، فزوج إحداهن رجلا، و لم يسم التي زوج للزوج و لا الشهود و قد كان الزوج فرض لها صداقا، فلما بلغ أدخلها على الزوج أنها الكبرى من الثلاثة فقال الزوج لأبيها:

إنما تزوجت منك الصغيرة من بناتك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: إن كان الزوج رآهن كلهن و لم يسم له واحدة فالقول في ذلك قول الأب، و على الأب فيما بينه و بين اللّه تعالى أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوّجها إياه عند عقدة النكاح و إن كان الزوج لم يراهن كلهن، و لم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح فالنكاح باطل» (1).

ص: 230


1- الوسائل باب: 15 من أبواب عقد النكاح.

المشهور عنها (60)- مضافا إلى مخالفتها للقواعد (61) مع إمكان حملها على بعض المحامل (62)- يمنع عن العمل بها، فقول المشهور لا يخلو عن قوة و مع ذلك الأحوط مراعاة الاحتياط، و كيف كان لا يتعدّى عن موردها (63).

مسألة 20: لا يصح نكاح الحمل و إنكاحه

(مسألة 20): لا يصح نكاح الحمل و إنكاحه (64) و إن علم ذكوريته

______________________________

(60) لم يثبت الإعراض بل من تعرض للرواية عمل بها.

(61) مع استظهار ما ذكره المتأخرون عنها ليس فيها مخالفة للقواعد و هو المنساق منها عرفا أيضا.

(62) هو ما ذكره المتأخرون كما مر في المتن و ليس بمحمل بل هو المنساق منها ظاهرا.

(63) بناء على ما استظهره المتأخرون عنها لا بأس بالتعدي عن موردها، و لكن يتصور في المسألة وجهان الأول: ما إذا اتفقا على البنت المعيّنة ثمَّ اختلفا في الموضوع فادعى الأب أنها سعيدة و ادعى الزوج أنها خديجة.

الثاني: ما إذا اتفقا على العدم و اختلفا في المنوي و المشهور تعرضوا للمسألة في الوجه الأول دون الثاني و لا بد فيه من اعمال القواعد حينئذ.

(64) استدل على عدم الصحة.

تارة: بالإجماع.

و أخرى: بعدم ولاية الولي على ذلك.

و ثالثة: بعدم المعلومية.

و رابعة: بعدم صحة البيع و الشراء.

و خامسة: بالانصراف.

و الكل مخدوش، أما الإجماع فكيف يعتمد عليه مع أنهم يعللون الحكم

ص: 231

أو أنوثيته، و ذلك لانصراف الأدلة، كما لا يصح البيع أو الشراء منه و لو بتولي الولي و إن قلنا بصحة الوصية له عهدية بل أو تمليكية أيضا (65).

مسألة 21: لا يشترط في النكاح علم كل من الزوج و الزوجة بأوصاف الآخر

(مسألة 21): لا يشترط في النكاح علم كل من الزوج و الزوجة بأوصاف الآخر مما يختلف به الرغبات و تكون موجبة لزيادة المهر أو قلّته، فلا يضر بعد تعيين شخصها الجهل بأوصافها (66)، فلا تجري قاعدة الغرر هنا (67).

______________________________

بسائر ما ذكرناه.

و أما عدم الولاية فيأتي عموم أدلتها و إطلاقها.

و أما عدم المعلومية فهو نزاع صغروي مع أنه لا وجه له في هذه الأعصار لكشف ما في الرحم بالآلات الحديثة.

و أما الرابعة: فهو أشبه بالقياس.

و أما الأخير: فجوابه معلوم لأنه بدوي.

نعم، يمكن اختلاف ذلك حسب مراتب الحمل.

(65) كما مر في كتاب الوصية مفصلا.

(66) للأصل و الإطلاق و الاتفاق و السيرة بل ادعى في الجواهر الضرورة.

(67) لأنها تختص بالمعاوضات و النكاح لا يكون من المعاوضة الحقيقية- و فيه شائبة العبادة- و إن أطلق لفظ الشراء عليه في بعض الروايات (1)، فلا تجري القاعدة فيه هذا بحسب ذات النكاح من حيث هو.

و أما بحسب سائر الجهات المختلفة بحسب الأزمنة فيكون الاعتبار بذكر الصفات على ما يأتي التفصيل في باب الشروط.

ص: 232


1- الوسائل باب: 36 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 11.

فصل في مسائل متفرقة

اشارة

فصل في مسائل متفرقة

الأولى: لا يجوز في النكاح دواما أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد

الأولى: لا يجوز في النكاح دواما أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد (1)،

______________________________

(1) أرسل ذلك إرسال المسلمات الفقهية بل العرفية- و عن جمع دعوى الإجماع عليه- و الفتوائية و العملية فالحكم من المسلمات.

و قد يستدل عليه. تارة: بأن لزوم النكاح حكمي لا أن يكون حقيا فيكون الشرط (الخيار) مخالفا للكتاب.

و أخرى: بمثل قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إنما يرد النكاح من البرص، و الجذام، و الجنون، و العقل» (1).

و ثالثة: بأنه لا يجري فيه التقابل فلا يجري فيه الخيار.

و رابعة: بوجوه استحسانية أخرى.

و الكل باطل. أما الأولى: فلأنه من مجرد الدعوى فتراهم يستدلون على دعوى اللزوم الحكمي بأنه لا يجري فيه الخيار و على عدم جريان الخيار بأن اللزوم حكمي.

و أما الثانية: فلأن الحصر فيه إضافي بالنسبة إلى خصوص العيوب

ص: 233


1- الوسائل باب: 1 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 6 و ملحقة.

فلو شرطه بطل (2)، و في بطلان العقد به قولان: المشهور على أنه باطل (3)، و عن ابن إدريس أنه لا يبطل ببطلان الشرط المذكور، و لا يخلو قوله عن قوة إذ لا فرق بينه و بين سائر الشروط الفاسدة فيه مع أن المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد (4)، و دعوى كون هذا الشرط منافيا لمقتضى العقد بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لا يقولون بكونها مفسدة، كما

______________________________

الموجبة للفسخ دون غيرها.

و أما الثالثة: فلا ملازمة بينهما من عقل أو نقل.

و أما الرابعة: فخدشتها ظاهرة لكل من راجع المطولات. ثمَّ إن إطلاق معقد الإجماع يشمل الدوام و المتعة.

(2) لكونه مخالفا للمشروع.

(3) لا دليل لهم على ذلك إلا استظهارهم من الأدلة من أن الشرط و المشروط من قبيل وحدة المطلوب كما يأتي، و لكن خدشته ظاهرة كما تقدم مرارا و لذا ذهب المتأخرون إلى أن بطلان الشرط لا يوجب بطلان العقد.

و لكن يمكن أن يقال إن مثل هذا الشرط في مثل النكاح من منافيات ذات عقد النكاح فلا يقع قصد الإنشاء حينئذ.

(4) و هو المطابق للوجدان أيضا لانحلال الشرط و المشروط في العرفيات المحاورية المبتنية عليها الشرعيات إلى أمرين ارتبط بينهما من جهة الشرطية، فتعلق الإنشاء بكل منهما مربوطا لا متقوما كل منهما بالآخر فلا معنى لبطلان المشروط ببطلان الشرط في الأول، و الشروط المذكورة في العقود من هذا القبيل بخلاف الثاني فيتعين فيه البطلان لفرض التقوّم.

نعم، لو دل دليل خاص على بطلان المشروط بشرطه مطلقا لا بد من اتباعه و لكن مر آنفا من أن شرط الخيار في عقد النكاح مناف لقصد إنشائه فتأمل.

ص: 234

ترى (5)، و أما اشتراط الخيار في المهر فلا مانع منه (6) و لكن لا بد من تعيين مدته (7)، و إذا فسخ قبل انقضاء المدة يكون كالعقد بلا ذكر المهر فيرجع إلى مهر المثل (8) هذا في العقد الدائم الذي لا يلزم فيه ذكر المهر، و أما في المتعة حيث إنها لا تصح بلا مهر فاشتراط الخيار في المهر فيها مشكل (9).

______________________________

(5) المنافاة لمقتضي العقد تارة: تكون بالذات عرفا.

و أخرى: تكون منافيا لإطلاقه.

و ثالثة: يشك في أنها من أي القسمين:

و الأولى: كأن تقول الزوجة: «أنكحتك نفسي بشرط أن لا تحصل الزوجية بيني و بينك»، و لا ريب في أن المقام ليس من هذا القسم.

الثانية: كأن تقول: «زوجتك بشرط أن تصلي صلاة الصبح مثلا» و لا ريب في صحته.

و الثالثة: كثيرة اختلفوا في صغرياته اختلافا كبيرا في كثير من الأبواب و المرجع فيه أصالة عدم المخالفة على ما فصلنا القول فيه في أحكام الشروط في البيع من شاء فليراجع إليه.

(6) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(7) للسيرة المستمرة بين الناس قديما و حديثا و لولاها، فمقتضى الإطلاق، و احتمال المهر من الجهالة ما لا يحتمله غيره عدم الاعتبار.

(8) يأتي التفصيل في أحكام المهر و كذا حكم ما بعده إن شاء اللّه تعالى.

(9) من أنه بفسخ المهر ينفسخ النكاح لتقوّم المتعة بالمهر حدوثا و بقاء فيرجع إلى اشتراط الخيار في النكاح ما كان أولا و بالذات لا مثل المقام.

ص: 235

الثانية: إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدّقته، أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدّقها، حكم لهما بذلك في ظاهر الشرع

الثانية: إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدّقته، أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدّقها، حكم لهما بذلك في ظاهر الشرع (10) و يرتب جميع آثار الزوجية بينهما (11).

لأن الحق لا يعدوهما، و لقاعدة الإقرار (12) و إذا مات أحدهما ورثه الآخر، و لا فرق في ذلك بين كونهما بلديين معروفين أو غريبين (13) و أما إذا ادعى أحدهما الزوجية و أنكر الآخر فيجري عليهما قواعد الدعوى، فإن كان للمدعي بينة، و إلا فيحلف المنكر أو يرد اليمين فيحلف المدعي و يحكم له بالزوجية (14)، و على المنكر ترتيب آثاره في الظاهر (15)

______________________________

(10) لوجود المقتضي لصحة النكاح و هو الاعتراف بالزوجية و فقد المانع مضافا إلى الإجماع.

(11) لتحقق الموضوع فيترتب الحكم لا محالة.

(12) و توهم أنها مختصة بما إذا كان الإقرار على المقر لا أن يكون له.

مخدوش: لأن الزوجية من كلا الطرفين يستلزم ما يكون على المقر من النفقة على الزوج و الإطاعة على الزوجة و سائر الحقوق الشرعية المقرّرة بين الزوجين.

و منه يظهر أنه لا وجه لإجراء قاعدة «من ملك شيئا ملك الإقرار به» لأنه بعد جريان قاعدة الإقرار بالمطابقة لا وجه لإجراء لوازمها.

(13) للإطلاق و الإجماع بل و سيرة المتشرعة في ظاهر الشريعة المقدسة خلافا لبعض العامة من التفصيل من قبول الإقرار في البلديين دون الغريبين لأمور استحسانية و ضعف البناء و المبنى ظاهر.

(14) كما هو مقتضى موازين القضاء في جميع الموارد كما فصلناه في كتاب القضاء فيكون المقام من إحدى مصاديقها.

(15) لثبوت الزوجية بحسب الموازين الشرعية فلا أثر لإنكاره.

ص: 236

لكن يجب على كل منهما العمل على الواقع بينه و بين اللّه (16)، و إذا حلف المنكر حكم بعدم الزوجة بينهما (17)، لكن المدعي مأخوذ بإقراره المستفاد من دعواه (18) فليس له إن كان هو الرجل تزويج الخامسة و لا أم المنكرة و لا بنتها مع الدخول بها و لا بنت أخيها أو أختها إلا برضاها، و يجب عليه إيصال المهر إليها.

نعم، لا يجب عليه نفقتها لنشوزها بالإنكار (19) و إن كانت هي

______________________________

(16) إجماعا و نصا فعن الصادق عليه السّلام في صحيح هشام بن الحكم قال:

«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان و بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له قطعة من النار» (1)، فيدل قوله صلّى اللّه عليه و آله على أن فصل الخصومة بالموازين الشرعية لا موضوعية له بوجه و إنما هو طريق إلى الواقع و الخصمان مأخوذان بالواقع فيما بينهما و بين اللّه تعالى.

(17) لفرض حجية الحلف ظاهرا و به تفصل الخصومة و ينقطع النزاع- كما ذكرنا في كتاب القضاء- بينهما بحسب الظاهر و لكن في الواقع هو مأخوذ فيما بينه و بين ربه كما مر.

(18) لأن فصل الخصومة بينهما لا يستلزم سقوط كلامه عن الدلالة مطابقة كانت أو التزامية.

(19) أما وجوب إيصال المهر فلاعترافه باستحقاقها له.

و أما سقوط النفقة بالنشوز فمبني على أن هذا القسم من عدم التمكين المستند إلى الحكم الظاهري الشرعي يوجب النشوز أو لا؟ و يأتي في محله البحث عنه.

ص: 237


1- الوسائل باب: 16 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 1.

المدعية لا يجوز لها التزويج بغيره (20) إلا إذا طلّقها و لو بأن يقول «هي طالق إن كانت زوجتي» (21)، و لا يجوز لها السفر من دون إذنه و كذا كل ما يتوقف على إذنه، و لو رجع المنكر إلى الإقرار هل يسمع منه و يحكم بالزوجية بينهما؟ فيه قولان، و الأقوى السماع إذا أظهر عذرا لإنكاره و لم يكن متهما و إن كان ذلك بعد الحلف (22)، و كذا المدعي إذا رجع عن دعواه و كذّب نفسه (23).

نعم، يشكل السماع منه إذا كان ذلك بعد إقامة البينة منه على دعواه إذا كذبت البينة أيضا نفسها (24).

______________________________

(20) لاعترافها بأن لها زوج فعلي شرعي.

(21) لكونه من التعليق على مقتضى الإنشاء و لا بأس به كما يأتي في كتاب الطلاق إن شاء اللّه تعالى، و مع الامتناع عن الطلاق يتصدى الأمر الحاكم الشرعي فيرى فيه رأيه.

(22) لأن المنساق مما ورد في ما يتعلق بالقضاوة عن المدعي و المنكر و الحلف و البينة هو المستقر منها لا الثابت الزائل إلا إذا كان الزوال عن عذر صحيح شرعي مقبول بحسب الشرع. و المتعارف، فيزول موضوع الحلف و اليمين حينئذ رأسا فلا يبقى موضوع لأن يقال إن الحلف فاسخ تعبدي.

و يكون الإقرار حينئذ بعد الإنكار كالإقرار غير الجامع للشرائط، لكشف الإنكار الصحيح المعتبر إن الإقرار لم يكن إقرارا واقعيا صحيحا، و قد تعرضنا لذلك في كتابي الإقرار و القضاء.

(23) الكلام فيه عين ما سبق.

(24) مع تكذيب المدعي نفسه بوجه صحيح شرعي كما هو المفروض ينعدم موضوع الشهادة و البينة، فلا موضوع لها حينئذ حتى تكذّب نفسها إلا إذا قيل بالموضوعية في قول المدعي و شهادة البينة و هي ممنوعة كما يأتي في كتاب القضاء.

ص: 238

الثالثة: إذا تزوج امرأة تدعي خلوّها عن الزوج فادعى زوجيتها رجل آخر لم تسمع دعواه إلا بالبينة

الثالثة: إذا تزوج امرأة تدعي خلوّها عن الزوج فادعى زوجيتها رجل آخر لم تسمع دعواه إلا بالبينة (25).

نعم، له مع عدمها على كل منهما اليمين (26).

فإن وجّه الدعوى على الامرأة فأنكرت و حلفت سقط دعواه عليها (27)، و إن نكلت أو ردّت اليمين عليه فحلف لا يكون حلفه حجة على الزوج (28)،

______________________________

(25) لقاعدة «البينة على المدعي و اليمين على من أنكر» التي تعرضوا لها في كتاب القضاء مضافا إلى خبر يونس قال: «سألته عن رجل تزوج امرأة في بلد من البلدان، فسألها: لك زوج؟ فقالت: لا فتزوجها. ثمَّ إن رجلا أتاه فقال: هي امرأتي، فأنكرت المرأة ذلك، ما يلزم الزوج؟ فقال عليه السّلام: هي امرأته إلا أن يقيم البينة» (1)، و خبر المهتدي قال: «سألت الرضا عليه السّلام قلت: جعلت فداك إن أخي مات و تزوجت امرأته فجاء عمي، فادعى أنه كان تزوجها سرا، فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الإنكار و قالت: ما بيني و بينه شي ء قط؟ فقال عليه السّلام يلزمك إقرارها و يلزمه إنكارها» (2)، و سيأتي في كتاب القضاء ما ينفع المقام.

(26) لقاعدة «اليمين على من أنكر بعد عدم البينة للمدعي» هذا إذا كان إنكار الزوج على الجزم و البت الذي هو معتبر في صحة الحلف و اليمين، فيصح توجه اليمين حينئذ عليه، و أما إذا كان للاعتماد على قولها و اخبارها فلا وجه لليمين بالنسبة إليه.

(27) لتمامية ميزان القضاء و فصل الخصومة من أنه مع عدم البينة للمدعي يحلف المنكر و تفصل الخصومة ظاهرا، و سيأتي في كتاب القضاء ما ينفع المقام فراجع.

(28) لفرض أنه ينكر زوجية المدعي على الجزم و البتّ مستقلا لا مستندا

ص: 239


1- الوسائل باب: 23 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3 و 1.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3 و 1.

و تبقى على زوجية الزوج مع عدمها (29)، سواء كان عالما بكذب المدعي أو لا (30)، و إن أخبر ثقة واحد بصدق المدعي، و إن كان الأحوط حينئذ طلاقها (31) فيبقى النزاع بينه و بين الزوج فإن حلف سقط دعواه بالنسبة إليه أيضا (32)، و إن نكل أو ردّ اليمين عليه فحلف حكم له بالزوجية (33) إذا كان ذلك بعد أن حلف في الدعوى على الزوجية بعد الرد عليه، و إن

______________________________

إلى إنكار الزوجة لها فلا ربط لإنكاره بإنكارها حتى يكون فصل الخصومة بالنسبة إلى إنكارها ملازما للفصل بالنسبة إلى إنكاره أيضا، و كيف يحكم الحاكم عليه بسببه.

نعم، لو كان إنكاره مستندا إليها بأن قال: «إنما تزوجتها بأخبارها» يكون حلفه حجة عليه أيضا.

(29) أي: عدم البينة للمدعي و ذلك لثبوت زوجيته في ظاهر الشريعة و عدم تحقق فصل الخصومة بينه و بين المدعي بالموازين القضائية.

(30) لصحة زواجه في ظاهر الشرع بعد اخبار المرأة بأنها خليّة.

(31) لموثق سماعة قال: «سألته عن رجل تزوج أمة (جارية خ ل) أو تمتع بها، فحدثه رجل ثقة أو غير ثقة فقال: إن هذه امرأتي و ليست لي بيّنة؟ فقال عليه السّلام:

«إن كان ثقة فلا يقربها، و إن كان غير ثقة فلا يقبل منه» (1)، المحمول على مطلق الرجحان لعدم عامل به.

(32) لأنه إن كان إنكاره مستندا إليها سقط بحلفها و إن كان على البت سقط بحلفه فلا يبقى موضوع للخصومة.

(33) لثبوت دعواه حينئذ بحسب الموازين المقررة في فصل الخصومات من كتاب القضاء.

ص: 240


1- الوسائل باب: 23 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

كان قبل تمامية الدعوى مع الزوجة فيبقى النزاع بينه و بينها كما إذا وجّه الدعوى أولا عليه، و الحاصل: أن هذه دعوى على كل من الزوج و الزوجة (34) فمع عدم البينة إن حلفا سقط دعواه عليهما (35) و إن نكلا، أو ردّ اليمين عليه فحلف ثبت مدعاه (36) و إن حلف أحدهما دون الآخر فلكل حكمه (37)، فإذا حلف الزوج في الدعوى عليه فسقط بالنسبة إليه و الزوجة لم تحلف بل ردت اليمين على المدعي أو نكلت و ردّ الحاكم عليه فحلف و إن كان لا يتسلط عليها، لمكان حق الزوج (38) إلا أنه لو طلّقها أو مات عنها ردت إليه (39) سواء قلنا إن اليمين المردودة بمنزلة الإقرار أو بمنزلة البينة أو قسم ثالث (40).

______________________________

(34) فلا بد و أن يتم بحسب موازين القضاء بالنسبة إلى كل واحد منهما.

(35) على ما مر من التفصيل من أنه مع وجود البينة فلا ريب في ثبوت الزوجية لحجية البينة، و أما مع عدمها و حلفهما فلا ريب في سقوط دعوى الزوجية لانحصار الحق فيهما، و المفروض أنهما حلفا على عدم حق له فيسقط لا محالة.

(36) لما أثبتنا في كتاب القضاء من ترتيب الأثر على اليمين المردودة فيثبت الحق لا محالة.

(37) و لا بد لكل منهما العمل بتكليفه فيما بينه و بين اللّه تعالى.

(38) الذي هو فعلي و أن الإقرار لا يسمع لكونه من الإقرار بالنسبة إلى الغير و هو غير مسموع إلا بالحجة الشرعية، و أما حق الرجل المدعي اقتضائي فلا بد من مراعاته حتى يتبين الحال.

(39) لصيرورة حقه الاقتضائي حينئذ فعليا.

(40) قد ذكروا ذلك في كتاب القضاء و فرعوا على ذلك فروعا قابلة للمناقشة و على أي حال تكون اليمين المردودة قاطعة للخصومة.

ص: 241

نعم، في استحقاقها النفقة و المهر المسمى على الزوج إشكال (41) خصوصا إن قلنا إنه بمنزلة الإقرار أو البينة (42)، هذا كله إذا كانت منكرة لدعوى المدعي، و أما إذا صدّقته و أقرت بزوجيته فلا يسمع بالنسبة إلى حق الزوج (43)، و لكنها مأخوذة بإقرارها فلا تستحق النفقة على الزوج (44)، و لا المهر المسمى بل و لا مهر المثل إذا دخل بها لأنها بغيّة بمقتضى إقرارها إلا أن تظهر عذرا في ذلك (45)، و ترد على المدعي بعد موت الزوج أو طلاقه (46) إلى غير ذلك.

الرابعة: إذا ادعى رجل زوجية امرأة

الرابعة: إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنكرت فهل يجوز لها أن تتزوج من غيره قبل تمامية الدعوى مع الأول و كذا يجوز لذلك الغير تزويجها أو لا إلا بعد فراغها من المدعي؟ وجهان: من أنها قبل ثبوت دعوى المدعي خليّة و مسلّطة على نفسها (47) و من تعلق حق

______________________________

(41) من حيث أن النفقة و المهر من شؤون الزوجية الثابتة و المفروض أنهما ثبتت باليمين المردودة على الزوج.

و من حيث إقرارها بالزوجية للمدعي فلا تجب النفقة و المهر على الزوج.

(42) لا فرق بين جميع الأقوال بناء على اعتبار اليمين المردودة شرعا و إن كان بالنسبة إلى بعضها أظهر.

(43) لأنه إقرار في حق الغير و هو غير مسموع إلا بدليل خاص و هو مفقود في المقام.

(44) لما تقدم، و أنها من شؤون الزوجية الثابتة و هي تنافي إقرارها كما ذكر في المتن.

(45) لكونه حينئذ من الوطي بالشبهة فتترتب عليه آثاره.

(46) بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي- كما ذكرنا في كتاب القضاء مفصلا- و بما تقتضيه موازين القضاء.

(47) فيجوز له التزويج بحسب الظاهر لا الواقع فإنه غير معلوم إلا بعد

ص: 242

المدعي بها (48) و كونها في معرض ثبوت زوجيتها للمدعي، مع أن ذلك تفويت حق المدعي إذا ردت الحلف عليه و حلف فإنه ليس حجة على غيرها و هو الزوج، و يحتمل التفصيل بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز للضرر عليها (49) بمنعها حينئذ و بين غير هذه الصورة، و الأظهر الوجه الأول (50) و حينئذ فإن أقام المدعي بينة و حكم له بها كشف عن فساد

______________________________

ظهور بطلان الدعوى، و لكنه مع ذلك أشبه بالمصادرة من الاستدلال.

(48) و هو نحو حق كما يأتي في كتاب القضاء فإن المدعي مراجعة الحاكم الشرعي و إحضار المنكر و إحلافه مع عدم البينة له، و له إسقاط الدعوى رأسا.

و إن حق المدعي بها في المقام نحو حق اقتضائي يكون بناء المتشرعة على ملاحظتها في حقوق الناس خصوصا في مسألة الزواج هذا بحسب طبع الدعوى من حيث هو، و أما بحسب الجهات الخارجية فلها فروع و أحكام لا بد من الرجوع إلى الحاكم و هو أبصر بموازين القضاء مع ملاحظة الخصوصيات.

(49) لو لم نقل بأن للحاكم إلزام الطرف بتعجيل الدعوى من باب الحسبة.

(50) يمكن اختلاف ذلك باختلاف سائر الخصوصيات و الجهات التي يطلع عليها الحاكم فيختلف الحكم من تلك الجهات.

و لم يظهر وجه الأظهرية في الوجه الأول مطلقا مع ما ناقشنا في دليله من أنه أشبه بالمصادرة.

نعم، يمكن أن يستدل على الصحة بإطلاق ما ورد من إيكال الأمر إليها في هذا الموضوع ففي خبر الميسر قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها: أ لك زوج؟ فتقول: لا فأتزوجها؟ قال: نعم هي المصدّقة على نفسها» (1)، فيستفاد منه ثبوت السلطة المطلقة لها ما لم يكن

ص: 243


1- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

العقد عليها، و إن لم يكن له بينة و حلفت (51) بقيت على زوجيتها، و إن ردت اليمين على المدعي و حلف ففيه وجهان من كشف كونها زوجة للمدعي فيبطل العقد عليها و من أن اليمين المردودة لا يكون مسقطا لحق الغير (52) و هو الزوج، و هذا هو الأوجه (53) فيثمر فيما إذا طلّقها الزوج أو مات عنها فإنها حينئذ ترد على المدعي، و المسألة سيّالة تجري في

______________________________

مانع فعلي في البين و حينئذ فلا أثر للحق الاقتضائي مطلقا، و مع ذلك كله فالأمر مخالف لمرتكزات أذهان المتشرعة فإنهم لا يقدمون على مثل هذه المرأة إن احتملوا وجود المدعي لزوجيتها فضلا إذا علموا بوجود المدعي.

(51) لانحصار قطع الخصومة أما بإقامة البينة من المدعي و المفروض عدمها فينحصر على حلف المرأة، فإذا حلفت لنفي زوجية الأول يبقى على زوجية الثاني لا محالة هذا على ما أختاره الماتن.

(52) للزوم الاقتصار على خصوص مفادها المطابقي فقط، لكنه فيما إذا كان حق الغير مستقلا و لو في الجملة و أما إذا كان تبعا محضا كمن يرد اليمين فالظاهر سقوطه عرفا.

(53) هذا و أمثاله مبني على أن اليمين المردودة- بل مطلق اليمين- من الأمارات المعتبرة حتى تكون حجة في لوازمها و ملزوماتها على ما نسب إلى جمع، بل المشهور، و فرّقوا به بين الأمارات و الأصول و قالوا بأن الثاني ليس معتبرا في لوازمها و ملزوماتها بخلاف الأولى، فبناء على هذا ينتفي زوجية الثاني.

و أما بناء على ما ذكرناه في علم الأصول من أنه لا كلية لذلك فرب أمارة لا تكون حجة في لوازمها و رب أصل يكون حجة لاستفادة ذلك من القرائن الخارجية أو الداخلية، فسقوط زوجية الثاني في المقام لا بد و أن يستند إلى القرائن المحفوفة بالدعوى، و مع عدمها أصالة عدم تحقق زوجية الثاني جارية.

ص: 244

دعوى الأملاك و غيرها أيضا (54) و اللّه العالم.

الخامسة: إذا ادعى رجل زوجية امرأة فأنكرت

الخامسة: إذا ادعى رجل زوجية امرأة فأنكرت و ادعت زوجيته امرأة أخرى (55) لا يصح شرعا زوجيتها لذلك الرجل مع الامرأة الأولى- كما إذا كانت أخت الأولى أو أمها أو بنتها- فهناك دعويان.

إحداهما من الرجل على الامرأة.

و الثانية: من الامرأة الأخرى على ذلك الرجل (56)، و حينئذ فإما أن لا يكون هناك بينة لواحد من المدعيين، أو يكون لأحدهما دون الآخر، أو لكليهما (57)، فعلى الأول يتوجه اليمين على المنكر في كلتا الدعويين (58) فإن حلفا سقطت الدعويان (59)،

______________________________

(54) و المناط في الجميع الوحدة العرفية في مجرى الأصل و الامارة مع ما يلزمها فيثبت مع إحرازها و يسقط مع العدم.

(55) المراد به كما يأتي زوجية امرأة أخرى مما لا يمكن الجمع شرعا بينهما مع دعوى الزوجية لهذه الامرأة، و أما إذا ادعت زوجية امرأة أمكن الجمع بينهما لا يسمع منها لعدم ثمرة لهذه الدعوى بالنسبة إليها فيكون الدعوى واحدة حينئذ، و هي بين الزوج و هذه المرأة و تجري عليها قاعدة أحكام المدعي و المنكر.

(56) أي: ينحل الدعوى عند الحاكم الشرعي إلى دعويين فلا بد في فصله للخصومة من انطباق موازين القضاء على كل منهما.

(57) فلا بد من الحكم في جميعها بحسب القواعد المعتبرة المبينة في كتاب القضاء.

(58) لقاعدة «ان البينة على المدعي و اليمين على من أنكر» و مع انتفاء الأولى كما هو المفروض يتعين الثاني قهرا.

(59) لأن الحلف يسقط الدعوى ظاهرا فلا الامرأة الأخرى زوجة للمدعي و لا من يدعيها المدعي.

ص: 245

و كذا إن نكلا و حلف كل من المدعيين اليمين المردودة (60)، و إن حلف أحدهما و نكل الآخر و حلف مدعيه اليمين المردودة سقطت دعوى الأول و ثبت مدعى الثاني (61).

و على الثاني- و هو ما إذا كان لأحدهما بينة- يثبت مدعى من له البينة (62)، و هل تسقط دعوى الآخر أو يجري عليه قواعد الدعوى من حلف المنكر أو رده؟ قد يدعى القطع بالثاني (63) لأن كل دعوى لا بد فيها من البينة أو الحلف، و لكن لا يبعد تقوية الوجه الأول لأن البينة حجة شرعية و إذا ثبت بها زوجية إحدى الامرأتين لا يمكن معه زوجية الأخرى (64) لأن المفروض عدم إمكان الجمع بين الامرأتين فلازم ثبوت زوجية إحداهما بالأمارة الشرعية عدم زوجية الأخرى.

______________________________

(60) لجريان حكم الحلف على اليمين المردودة في ظاهر الشرع فيجري عليها حكم صورة السابقة، و لكن السقوط في الأول للعمل بكل واحد منهما و في الثاني لسقوطهما من جهة التكاذب بينهما.

(61) أما سقوط الأول، فلحلف المنكر و أما ثبوت الثاني فلليمين المردودة التي هي بمنزلة أصل الحلف في إثبات الحق إن كانت عليه.

(62) لعموم قاعدة «البينة على المدعي» الشامل للمقام بلا كلام.

(63) المسألة مبنية على أن البينة كما تكون حجة شرعية في لوازم مدلولها بحسب العمل هل تكون كذلك بحسب حكم الحاكم و فصل الخصومة في القضاء أيضا أو لا؟ مقتضى الأصل هو الثاني إلا أن يدل دليل على الأول و هو مفقود إلا في مورد العمل فقط فدعوى القطع بالثاني لا إشكال فيه.

(64) إن ثبتت الملازمة بين مقام العمل و مقام فصل الخصومة و القضاء في مفاد البينة و أنه إذا كان لازم الإمارة في مقام العمل معتبرا يكون في مقام الحكم و القضاوة أيضا كذلك.

ص: 246

و على الثالث فإما أن يكون البيّنتان مطلقتين أو مؤرختين متقارنتين أو تاريخ إحداهما أسبق من الأخرى، فعلى الأوّلين تتساقطان (65) و يكون كما لو لم يكن بينة أصلا (66)، و على الثالث ترجّح الأسبق (67) إذا كانت تشهد بالزوجية من ذلك التاريخ إلى زمان الثانية، و إن لم تشهد ببقائها إلى زمان الثانية فكذلك إذا كانت الامرأتان الأم و البنت مع تقدم تاريخ البنت، بخلاف الأختين و الأم و البنت مع تقدم تاريخ الأم، لإمكان صحة العقدين بأن طلّق الأولى و عقد على الثانية في الأختين و طلّق الأم مع عدم الدخول بها، و حينئذ ففي ترجيح الثانية أو التساقط وجهان (68)، و هذا و لكن وردت رواية تدل على تقديم بينة الرجل (69)

______________________________

(65) للتعارض إن لم يكن مرجّح في البين لأحدهما على الآخر كما هو المفروض.

(66) كما في جميع موارد تعارض البينات و تساقطها، و الأقسام في المقام كثيرة ربما تنتهي إلى عشرة كما هو ظاهر.

و إن لوحظ مستند البيّنتين من العلم و الاعتماد على الأصل فتصير أكثر كما لا يخفى.

(67) إذا ثبت وجه رجحان الأسبقية من دعواه العلم بالحدوث و البقاء فلا يبقى موضوع للأحق حينئذ و في غيره من الصور ففي تقديم الأسبق إشكال بل منع.

(68) و المرجع في التعيين القرائن المعتبرة لدى الحاكم الشرعي و مع عدمها فالأصول الموضوعية و مع عدمها فالأصل الحكمي.

(69) فعن علي بن الحسين عليهما السّلام في رواية الزهري: «في رجل ادعى على امرأة أنه تزوجها بولي و شهود و أنكرت المرأة ذلك فأقامت أخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنه تزوجها بولي و شهود و لم يوقّتا وقتا، فكتب: إن البينة

ص: 247

إلا مع سبق بينة الامرأة المدعية أو الدخول بها في الأختين، و قد عمل بها المشهور في خصوص الأختين، و منهم من تعدى إلى الأم و البنت أيضا، و لكن العمل بها حتى في موردها مشكل لمخالفتها للقواعد (70) و إمكان حملها على بعض المحامل التي لا تخالف القواعد (71).

السادسة: إذا تزوج العبد بمملوكة ثمَّ اشتراها بإذن المولى

السادسة: إذا تزوج العبد بمملوكة ثمَّ اشتراها بإذن المولى، فإن اشتراها للمولى بقي نكاحها على حاله (72).

______________________________

بينة الرجل، و لا تقبل بينة المرأة لأن الزوج قد استحق بضع هذه المرأة، و تريد أختها فساد النكاح، فلا تصدّق و لا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها أو بدخول بها» (1).

و روي عن الصادق عليه السّلام أيضا(2)، أما العمل بها في موردها فلا وجه للإشكال فيه، لدعوى الإجماع عن جمع على العمل بها في موردها، و أما عدم صحة التعدي عن المورد فله وجه، و أما المخالفة للقواعد أو المطابقة لها فقد أطيل الكلام فيهما و من شاء العثور عليه فليراجع المطوّلات.

(70) منها الأخذ ببينة المنكر و منها تقديم بينته و منها تقديم إحدى البينتين على الأخرى من غير مرجّح.

(71) لأن كون البينة على المدعي و الحلف على المنكر إنما هو من باب الغالب، و أما إذا أمكن للمنكر إقامة البينة فيشمله عمومات اعتبارها، و أما ترجيح إحدى البينتين على الأخرى فلأنها كانت مرجحة لديه عليه السّلام بما لم يذكر في الحديث.

(72) للأصل و الإجماع و هو مقتضى القاعدة أيضا.

ص: 248


1- الوسائل باب: 22 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب كيفية القضاء الحديث: 13 ج: 18.

و لا إشكال في جواز وطئها (73)، و إن اشتراها لنفسه بطل نكاحها (74) و حلّت له بالملك على الأقوى من ملكية العبد (75)، و هل يفتقر وطؤها حينئذ إلى الإذن من المولى أو لا؟ وجهان أقواهما ذلك (76) لأن الإذن السابق إنما كان بعنوان الزوجية و قد زالت بالملك فيحتاج إلى الإذن الجديد، و لو اشتراها لا بقصد كونها لنفسه أو للمولى، فإن اشتراها بعين مال المولى كانت له و تبقى الزوجية (77)، و إن اشتراها بعين ماله كانت له و بطلت الزوجية (78)،

______________________________

(73) للأصل ما لم يكن دليل معتبر على الخلاف، فيشمله حينئذ عمومات المنع عن التصرف في مال الغير.

(74) للإجماع، و ما اشتهر بينهم من عدم جواز تعدد سببية الحلّية في الوطي، و قد يستفاد ذلك أيضا من النصوص الدالة على بطلان نكاح الأمة من العبد إذا ملكت زوجها (1).

(75) للعمومات الدالة على أن العبد يملك ما يشتريه كما مر غير مرة.

(76) لأنه محجور عن التصرف في ملكه فلا بد فيه من الاستيذان من المولى مضافا إلى ما ذكره في المتن.

إلا أن يقال: بتحقق الإذن من المولى، لأن الشراء لنفسه إذن في الوطي بالملازمة العرفية إلا مع القرينة على الخلاف و المفروض انتفائها.

(77) بناء على ما هو المعروف من أن تخصص الثمن يوجب تخصص المثمن به أيضا و أما بقاء الزوجية فلما مر من الأصل و الإجماع.

(78) أما كونه له فلما مر آنفا، و أما بطلان الزوجية فلعدم اجتماع سببين في حلّية الوطي على ما هو المعروف بينهما.

ص: 249


1- راجع الوسائل باب: 49 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

و كذا إن اشترها في الذمة لانصرافه إلى ذمة نفسه (79) و في الحاجة إلى الإذن الجديد و عدمها الوجهان (80).

السابعة: يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خليّة من الزوج من غير فحص مع عدم حصول العلم بقولها

السابعة: يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خليّة من الزوج من غير فحص (81) مع عدم حصول العلم بقولها (82)، بل و كذا إذا لم تدع ذلك و لكن دعت الرجل الى تزويجها أو أجابت إذا دعيت إليه (83)،

______________________________

(79) مع عدم القرينة على الخلاف.

(80) و تقدم البيان فيهما فلا حاجة للتكرار.

(81) للأصل و الإجماع و النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في خبر ميسر:

«ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها: أ لك زوج؟ فتقول: لا فأتزوجها؟ قال عليه السّلام: نعم، هي المصدّقة على نفسها» (1).

و في خبر أبان بن تغلب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني أكون في بعض الطرقات، فأرى المرأة الحسناء، و لا آمن أن تكون ذات بعل أو من العواهر، قال عليه السّلام: ليس هذا عليك إنما عليك أن تصدّقها في نفسها» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا؟! في خبر عمر بن حنظلة: «إني تزوجت امرأة فسألت عنها، فقيل فيها فقال:

و أنت لِمَ سألت أيضا؟! ليس عليكم التفتيش» (3)، و يظهر منه عدم رجحان السؤال.

(82) لإطلاق النص و الإجماع.

(83) لإطلاق قوله عليه السّلام: «هي المصدّقة على نفسها» و كذا قوله عليه السّلام: «و أنت لم سألت» و في خبر محمد بن راشد عن الصادق عليه السّلام: «اني تزوجت امرأة متعة فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و لم فتشت» (4).

ص: 250


1- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
2- الوافي ج: 12 صفحة: 57 باب 57 من أبواب وجوه النكاح.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة الحديث: 3.

بل الظاهر ذلك و إن علم كونها ذات بعل سابقا و ادعت طلاقها أو موته (84).

نعم، لو كانت متّهمة في دعواها فالأحوط الفحص عن حالها (85)، و من هنا ظهر جواز تزويج زوجة من غاب غيبة منقطعة و لم يعلم موته و حياته إذا ادعت حصول العلم لها بموته من الأمارات و القرائن، أو بإخبار المخبرين، و إن لم يحصل العلم بقولها (86)،

______________________________

و في خبر الأشعري: «قلت للرضا عليه السّلام الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجا، فقال عليه السّلام: و ما عليه، أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟!» (1)

(84) لظهور الإطلاق و الاتفاق و ما مر «أنها المصدّقة على نفسها» و غيره.

(85) لصحيح أبي مريم عن أبي جعفر عليه السّلام: «أنه سئل عن المتعة فقال: إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم إنهن كن يومئذ يؤمنّ و اليوم لا يؤمنّ فاسألوا عنهن» (2)، و فيه: أولا أنه يمكن أن يكون المراد بقوله «يؤمنّ و اليوم لا يؤمنّ» أي: يؤمنّ بشرعية المتعة و لا يؤمنّ بها اليوم فاسئلوا عنهن ذلك حتى لا يوجب الوقوع في خلاف التقية.

و ثانيا: أنه معارض بالإجماع الدال على عدم وجوب السؤال مطلقا.

نعم، يستحب ذلك في مورد التهمة، و بخبر الأشعري قال: «قلت للرضا عليه السّلام: الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجا؟ فقال عليه السّلام: و ما عليه أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟!» (3)، و منه يظهر الوجه في التعبير بالاحتياط.

(86) لإطلاق قوله عليه السّلام: «هي المصدّقة على نفسها» (4)، الشامل لهذه

ص: 251


1- الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 5.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 5.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب المتعة الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

و يجوز للوكيل أن يجري العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم، و لكن الأحوط الترك خصوصا إذا كانت متّهمة (87).

الثامنة: إذا ادعت امرأة أنها خليّة فتزوجها رجل ثمَّ ادعت بعد ذلك كونها ذات بعل لم تسمع دعواها

الثامنة: إذا ادعت امرأة أنها خليّة فتزوجها رجل ثمَّ ادعت بعد ذلك كونها ذات بعل لم تسمع دعواها (88).

نعم، لو أقامت البينة على ذلك فرّق بينها و بينه (89) و إن لم يكن هناك زوج معيّن بل شهدت بأنها ذات بعل على وجه الإجماع (90).

التاسعة: إذا وكّلا وكيلا في إجراء الصيغة في زمان معيّن لا يجوز لهما المقاربة بعد مضي ذلك الزمان

التاسعة: إذا وكّلا وكيلا في إجراء الصيغة في زمان معيّن لا يجوز لهما المقاربة بعد مضي ذلك الزمان (91) إلا إذا حصل لهما العلم بإيقاعه، و لا يكفي الظن بذلك (92) و إن حصل من إخبار مخبر بذلك و إن كان ثقة، نعم لو أخبر الوكيل بالإجراء كفي إذا كان ثقة، بل مطلقا لأن قول الوكيل حجة فيما و كل فيه (93).

______________________________

الصورة أيضا.

(87) مر وجه الاحتياط آنفا.

(88) للأصل و انصراف قولهم عليهم السّلام «هي المصدّقة على نفسها» عن ذلك بل ظهوره في غيره.

(89) لعموم حجية البينة و سقوط الدعوى السابقة بها.

(90) لعموم حجيتها في المقام على كل حال.

(91) لأصالة عدم وقوع العقد إلا إذا ثبت وقوعه بالعلم أو الحجة الشرعية.

(92) لأصالة عدم الاعتبار مطلقا حتى لو حصل الظن من قول الثقة في الموضوع، إلا مع حصول الاطمئنان العادي الذي هو عبارة عن العلم في اصطلاح الفقهاء.

(93) لأنه مستول على المورد و بمنزلة ذي اليد فتشمله قاعدة «قبول قول كل من استولى على شي ء فقوله معتبر فيما استولى عليه» خصوصا إن كان ثقة و فرّعوا عليها فروعا كثيرة تعرضنا لها في الأبواب المناسبة لها.

ص: 252

فصل في أولياء العقد

اشارة

فصل في أولياء العقد و هم الأب، و الجد من طرف الأب بمعنى: أب الأب فصاعدا (1)،

______________________________

(1) إجماعا بل ضرورة من الفقه إن لم تكن من المذهب و نصوصا منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن الصلت: «في الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها، لها أمر إذا بلغت؟ قال عليه السّلام: لا. ليس لها مع أبيها أمر. قال: و سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء لها مع أبيها أمر؟ قال عليه السّلام: ليس لها مع أبيها أمر ما لم تكبر» (1).

و منها: صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصبية يزوّجها أبوها، ثمَّ يموت و هي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال عليه السّلام: يجوز عليها تزويج أبيها» (2)، و المراد من الجواز في قوله عليه السّلام الجواز الوضعي أي يمضى عليه.

بقرينة الإجماع و سائر الروايات كما هو واضح.

و منها: صحيح الفضال قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يزوّج ابنه و هو صغير؟ قال عليه السّلام: لا بأس، قلت: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا».(3).

و منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه» (4)، و المراد من الجواز كما تقدم في صحيح ابن بزيع.

ص: 253


1- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب المهور الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح.

فلا يندرج فيه أب أم الأب (2) و الوصي لأحدهما مع فقد الآخر (3) و السيد بالنسبة إلى مملوكة (4) و الحاكم (5)،

______________________________

و منها: صحيح هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام: «إذا زوج الأب و الجد كان التزويج للأول فإن كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولى» (1)، و غيرها من الأخبار.

(2) يظهر منهم التسالم بل الإجماع عليه.

و نسب إلى ابن الجنيد ثبوت الولاية للأم و آبائها، لما ورد مستندا إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في شأن نعيم بن النحام أن يستأمر أم ابنته في أمرها و قال صلّى اللّه عليه و آله:

«و ائتمروهن في بناتهن» (2)، المحمول على نحو من المجاملة لا إثبات الولاية لها في النكاح كالأب، كما أن قول الصادق عليه السّلام في الموثق: «إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر» (3)، محمول على الولاية من الأب و المجاملة من طرف الأم كما مر.

(3) لأنه مع وجود الآخر لا موضوع لولاية الوصي حينئذ كما هو معلوم و يأتي البحث في المسألة الثانية عشرة إن شاء اللّه تعالى.

(4) لقاعدة السلطنة و الإجماع، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة:

«عن مملوك تزوج بغير إذن سيده فقال عليه السّلام: ذلك إلى سيده إن شاء أجازه و إن شاء فرّق بينهما. قلت: أصلحك اللّه تعالى، إن الحكم بن عيينة و إبراهيم النخعي و أصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد و لا تحل إجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السّلام: أنه لم يعص اللّه سبحانه انما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز» (4).

(5) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «الذي بيده عقد النكاح هو

ص: 254


1- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 115.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 24 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

.....

______________________________

وليّ أمرها» (1)، المنطبق عليه مع فقد الباقي و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «السلطان وليّ من لا وليّ له» (2)، و مع كون المورد من موارد الحسبة تشمله ولاية الحسبة أيضا.

و لا بأس بالتعرض لها في المقام.

قد اشتهر بين الفقهاء ولاية الحسبة و الأمور الحسبية و التصدي للأمور الحسبية و البحث فيها من جهات:

الأولى: في معنى لفظ الحسبة و هو بمعنى الأجر، أي ما يرجى من إتيانه الأجر و الثواب عند اللّه تعالى و منه الحديث: «من أذّن إيمانا و احتسابا غفر له» (3)، أي طلبا للثواب من اللّه تبارك و تعالى و كذا «من صام يوما من شعبان ايمانا و احتسابا» (4)، فالأمور الحسبية هي: ما يصح أن يطلب في إتيانها الأجر و الثواب من اللّه تبارك و تعالى، سواء كانت من الأمور النوعية كالقضاوة و الحكومة بين الناس مثلا أو من الأمور الشخصية كتجهيز جنازة مسلم لا وليّ له أو تطهير مسجد أو مصحف أو المقدسات الدينية أو المذهبية، و منه يعلم أن موضوعها لا بد و أن يكون ما فيه رضاء الشارع و الإذن فيه فما هو المرجوح سواء كان مكروها أو محرما لا يقع بنفسه من موارد الحسبة.

فموردها يكون موارد الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و القيام بما فيه مرضاة اللّه تعالى إيجابا أو ندبا.

الثانية: ما يكون مرضيا للّه تعالى و مأذون من قبله إما أن يكون مشروطا بقيام شخص خاص به متصفا بصفة خاصة، و يعبّر عنه بالقضاوه و عمن يقوم به بالقاضي و الحاكم الشرعي و هو منشئ الحكم و الفتوى و يحرم نقض حكمه و غير ذلك من الآثار مما ذكرنا في كتاب القضاء، أو لا يعتبر فيه ذلك بل المناط

ص: 255


1- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 125.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الإذن و الإقامة الحديث: 17.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 11.

.....

______________________________

كله القيام بالعمل على طبق الموازين الشرعية جامعا للشرائط و فاقدا للموانع اجتهادا صحيحا أو تقليدا كذلك، فلا موضوع للحكم أصلا حتى يجب إنفاذه و يحرم نقضه.

نعم، في موارد انطباق الحسبة مع الحكم و كل قضاؤه شرعية حسبية دون العكس فيكون بينهما العموم المطلق.

الثالثة: مورد الحسبة يمكن أن يكون واجبا كفائيا كتجهيزات الميت مثلا و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة جميع الواجبات النظامية، أو عينا كنفس ما تقدم من الأمثلة مع الانحصار، أو مندوبا كإقامة جميع قضاء الحوائج مع عدم الاقتران بالنهي، أو مباحا كجملة من المباحات النظامية مع عدم منع شرعي في البين.

و لا يصح أن يكون مكروها فضلا عن كونه محرما، لأن موضوعها متقوّم بما يحتسب فيه الأجر للّه تبارك و تعالى.

الرابعة: يكفي في الدليل على الحسبة عموم مثل قوله تعالى فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ (1)، و قوله تعالى وَ سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (2)، فضلا عن السنة المقدسة المتواترة مثل قوله عليه السّلام: «عونك الضعيف من أفضل الصدقة» (3)، و قوله عليه السّلام: «اللّه في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه» (4)، و كل ذلك اذن في التصدّي و لا يحتاج مع ذلك إلى الإذن من الحاكم الشرعي.

نعم، إذنه طريق للإثبات و لتشخيص الموضوع.

و تظهر الثمرة في أنه لو أتى بالعمل جامعا للشرائط يصح بناء على عدم شرطية الإذن إلا في مقام الإثبات فقط.

ص: 256


1- سورة البقرة: 148.
2- سورة آل عمران: 133.
3- الوسائل باب: 59 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب فعل المعروف الحديث: 2.

و لا ولاية للأم و لا الجد من قبلها و لو من قبل أم الأب و لا الأخ (6)،

______________________________

الخامسة: ما عن جمع بل نسب إلى المشهور من التعبير بولاية الحسبة لعدول المؤمنين.

و فيه مسامحة إذ لا ولاية في البين، و لا تعتبر العدالة بنحو الموضوعية إنما المناط كله القيام بالعمل و إتيانه مطابقا للموازين الشرعية سواء كان العامل عادلا أو لا، و سواء كانت له الولاية أو لا بعد عموم الإذن الشرعي للعمل و إن أريد بالولاية مجرد الإذن الشرعي فلا مشاحة في الاصطلاح.

السادسة: ذكروا أن الحسبة مؤخرة عن ولاية الحاكم الشرعي رتبة فلا تصل النوبة إلى الحسبة مع وجود الحاكم الشرعي.

و كلية هذا الكلام يحتاج إلى تأمل تام، لأنهم لم يستندوا فيها إلى ما يشفي العليل و يروي الغليل، فلو وجد ميت لا وليّ له و يمكن الاستئذان في تجهيزاته من الحاكم فتصدى لها عامي بدون إذنه مع كونها مطابقة للقوانين الشرعية من كل جهة، فدفنه، هل يجب النبش و اجراء التجهيزات عليه ثانيا بإذن الحاكم الشرعي؟! و لو أحتكر الملاك عن الناس الطعام و وقع الناس في المضيقة و قام شخص من العوام مع إمكان الإذن من الحاكم الشرعي. و لكنه لم يستأذن منه و باع الطعام بسعر الوقت مع مراعاة جميع الجهات الشرعية، هل يبطل البيع؟! و للمسألة نظائر كثيرة مع أنها مورد الابتلاء في جميعها و للمقام فروع أخرى تعرضنا لها في مواردها.

(6) كل ذلك لأصالة عدم ولاية أحد على غيره إلا إذا ثبت الولاية بدليل معتبر و هو مفقود و ما يظهر منه الخلاف- مثل صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن الذي بيده عقد النكاح، قال: هو الأب و الأخ، و الرجل يوصى إليه» (1)، و مثله غيره- محمول أو مطروح لعدم عمل الأصحاب به.

ص: 257


1- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4.

و العم و الخال و أولادهم (7).

مسألة 1: تثبت ولاية الأب و الجد على الصغيرين و المجنون

(مسألة 1): تثبت ولاية الأب و الجد على الصغيرين و المجنون المتصل جنونه بالبلوغ (8) بل و المنفصل على الأقوى (9)،

______________________________

(7) أما العم و أولاده فلما تقدم مضافا إلى رواية محمد بن الأشعري قال:

«كتب بعض بني عمي إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام: ما تقول في صبيّة زوّجها عمها فلما كبرت أبت التزويج؟ قال فكتب عليه السّلام إليّ: لا تكره على ذلك و الأمر أمرها» (1)، و كذا صحيح محمد بن مسلم.

و أما الخال و أولاده للأصل المتقدم و عموم الحصر الوارد في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الصبي يتزوج الصبيّة يتوارثان؟ فقال:

إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم» (2)، الشامل لهما و لغيرهما.

(8) للإجماع فيهما مضافا إلى الاستصحاب في الثاني.

(9) إن كان مستنده الإجماع فغير متحقق، و إن كان الاستصحاب فقد تغيّر الموضوع و تبدّل، و إن كان بعض الاستحسانات، فإن فقه الجعفري أجل من ابتناء أحكامه عليها، و إن كان دليلا آخر مثل خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع و تشتري و تعتق و تشهد و تعطي من مالها ما شاءت فإن أمرها جائز، تزوّج إن شاءت بغير إذن وليها.

و إن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلا بأمر وليها» (3)، فلم يثبت اعتبار سنده و دلالته، فتصل النوبة إلى عموم «السلطان وليّ من لا وليّ له» (4)،

ص: 258


1- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب عقد النكاح الحديث: 6.
4- كنز العمال ج: 8 صفحة: 246.

و لا ولاية لهما على البالغ الرشيد (10) و لا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبة (11)، و اختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة على أقوال (12) و هي استقلال الولي (13)،

______________________________

و قوله عليه السّلام: «مجاري الأمور بيد العلماء الأمناء باللّه على حلاله و حرامه» (1).

و في موثق آخر «العلماء أمناء» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار التي تعرضنا لها في محله.

و احتمال التخصيص بخصوص الأمور الحسبية في الأول و خصوص بيان الأحكام في الثاني أو الثالث مردود، كما لا يخفى على الفقيه الخبير بمذاق أئمة الدين مع فرض انطباق الحسبة لا محالة على الزواج لمثل المقام هذا، و لكن الأحوط مراعاة الاستيذان من الولي أيضا.

(10) لقاعدة السلطنة مضافا إلى الإجماع و ما يأتي من الأخبار.

(11) للإجماع مضافا إلى النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «المرأة الثيّب تخطب إلى نفسها؟ قال عليه السّلام: هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كان كفوا بعد أن كانت قد نكحت رجلا قبله» (3)، و في صحيح عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثيّب تخطب إلى نفسها؟ قال: نعم هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كانت قد تزوجت زوجا قبله» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(12) منشأها اختلاف الأخبار كما يأتي.

(13) حكي عن جمع منهم الشيخ و الصدوق و الكاشاني و غيرهم رحمهم اللّه لجملة من الأخبار التي قد انتهيت إلى ثلاثة و عشرين خبر جميعها تدل على

ص: 259


1- تحف العقول صفحة: 238 ط: طهران.
2- الوافي المجلد الأول صفحة: 40 باب فضل العلماء: 2.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4 و 12.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4 و 12.

و استقلالها (14)،

______________________________

استمرار ولاية الأب على البالغة الرشيدة، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «سألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء، إلها مع أبيها أمر؟ فقال عليه السّلام: ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيّب» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر، و قال عليه السّلام: يستأمرها كل أحد ما عدا الأب»(2)، و في خبر علي بن جعفر عن أخيه الكاظم عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير إذنها؟ قال عليه السّلام: نعم ليس يكون للولد مع الوالد أمر، إلا أن تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك، فتلك لا يجوز نكاحها إلا أن تستأمر» (3)، إلى غير ذلك من الاخبار.

(14) نسب ذلك إلى المشهور بين القدماء و المتأخرين و اختاره في الشرائع لصحيح الفضلاء (4)، عن أبي جعفر عليه السّلام: «المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة و لا المولّى عليها تزويجها بغير ولي جائز»، و هو من محكمات الأخبار سندا و متنا، و لكن صريحه نفي السفه عنها بجميع مراتب السفه، و نفي الولاية عليها مطلقا بحيث تصح للإنجاز مثل أمر الزواج بجهاته المعتبرة فيه عرفا و شرعا، و في مثلها لا ولاية عليها منهما لأن الولاية إنما هي لمراعاة الجهات اللازمة في الزواج و المفروض تحققها بنظرها أيضا، و في صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «تستأمر البكر و غيرها و لا تنكح إلا بأمرها» (5)، و تقدم

ص: 260


1- الوسائل باب: 3 من أبواب عقد النكاح الحديث: 11.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب عقد النكاح الحديث: 8.
4- و هم: زرارة، و بريد بن معاوية العجلي، و محمد بن مسلم، و فضيل بن يسار، فراجع الوسائل باب: 3 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب عقد النكاح الحديث: 10.

و التفصيل بين الدوام و الانقطاع باستقلالها في الأول دون الثاني (15) و العكس (16)، و التشريك بمعنى اعتبار إذنهما معا (17)،

______________________________

خبر زرارة أيضا(1)، إلى غير ذلك من الروايات.

(15) نقلوا ذلك و لكن لم يعرف قائله، فإن كان منشأه الانصراف فلا اعتبار به، و إن كان قول مولانا الرضا عليه السّلام في صحيح البزنطي: «البكر لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها» (2)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح أبي مريم: «العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها» (3)، فهما معارضان بغيرهما مثل ما ورد عن الحلبي قال: «سألته عن التمتع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها؟ قال: لا بأس ما لم يقتض ما هناك لتعفّ بذلك» (4)، و في خبر محمد بن سنان عن أبي سعيد قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن التمتع من الأكابر اللواتي بين الأبوين فقال: لا بأس» (5)، و مثلهما غيرهما، فيمكن حمل ما دل على عدم الجواز كما مر على الكراهة و يأتي في النكاح المنقطع بعض الكلام.

(16) نسب إلى الشيخ في كتابي الأخبار، لما دل على استقلال الولي بعد التقييد بالدوام و خروج المتعة عن ذلك.

و فيه: أنه ظاهر الخدشة، لكثرة الاختلاف بين الأخبار و كذا أخبار المتعة كما يأتي.

(17) لأنه مقتضى الجمع بين الأخبار، و نسب ذلك إلى المفيد، ففي صحيح ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام: «لا تتزوج ذوات الآباء من الأبكار إلا بإذن آبائهن» (6)، و مثله غيره من الروايات كما مر بعضها، و في موثق صفوان قال:

ص: 261


1- تقدم في صفحة: 256.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 12.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 5 و 12.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 9 و 6.
5- الوسائل باب: 11 من أبواب المتعة الحديث: 9 و 6.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 6.

.....

______________________________

«استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر عليهما السّلام في تزويج ابنته لابن أخيه، فقال عليه السّلام: فعل و يكون ذلك برضاها فإن لها في نفسها نصيبا، و استشار خالد ابن داود موسى بن جعفر عليهما السّلام في تزويج ابنته على بن جعفر، فقال عليه السّلام: افعل و يكون ذلك برضاها فإن لها في نفسها حظا» (1)، و تقدم صحيح منصور بن حازم أيضا.

و عن صاحب المستند ثبوت الإذن لكل منهما مستقلا كولاية الأب و الجد، للجمع بين الأخبار أيضا كما تقدم.

و لكن الحق أن يقال: أن مجموع ما وصل إلينا من الأخبار على أقسام خمسة:

الأول: ما تقدم من الروايات الدالة على استقلال الولي مثل صحيح محمد ابن مسلم و الحلبي و غيرهما.

الثاني: ما دل على استقلالها في الإذن كصحيح الفضلاء و رواية زرارة كما مر.

الثالث: ما دل على اعتبار إذن الولي و رضاه مثل صحيح ابن أبي يعفور و غيره.

الرابع: ما دل على اعتبار إذنها و رضاها مثل موثق صفوان و غيره.

الخامس: ما ورد من أن الولي له فسخ النكاح مثل قوله «لا ينقض النكاح إلا الأب» (2)، و تقدم أن هناك روايات وردت في المنقطع.

و المتأمل في مجموع هذه الأخبار يقطع أن هذا النحو من الاستقلالية للولي ليس من الحكم الإلزامي و انما هو حكم أدبي أخلاقي.

و ليس لأحد أن ينظر إلى قسم من الأخبار دون القسم الآخر منها و يفتي بمضمون ما نظر إليه فقط، و إلا لاختل نظام الأحكام مع هذه الأخبار المتعارضة

ص: 262


1- الوسائل باب: 4 من أبواب عقد النكاح الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.

.....

______________________________

التي لأجله تختلف الأقوال أيضا، بل اللازم أن يجعل جميع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض كخبر واحد ثمَّ ينظر إليها هل الإذن لوحظ بنحو التعبد المحض مطلقا، و هو مما لا يرتضيه الفطرة السليمة الحاكمة بأنه لا تعبد و لا موضوعية في الإذن من حيث هو طريق محض لإحراز أهلية الطرف (الزوج) شرعا و عرفا.

نعم، في البين- كما عرفت- جهة مجامليّة اخلاقية و هي مراعاة الصغير لحق الكبير فإنه أمر عرفي عادي خصوصا في الأمور المهمة، و حينئذ فإذا اختار الأب زوجا لبنته جامعا للشرائط الشرعية و العرفية المتعارفة فالبنت ترتضيه لا محالة و ليس لها حق عرفا في ردّه، و إذا اختار زوجة لابنه فكذلك و إذا اختارت البنت زوجا كذلك بنفسها لنفسها بلا استيذان من الأب لها ذلك، و ليس حق منعها عرفا بل يستنكر ذلك عند المتعارف، فالمدار كله على جهة أهلية الزوج شرعا و عرفا و إلقاء جهة الغرائز الجنسية و المعاشقة التي لا تدوم بدوام الزواج الذي يرتبط بالحياة مدى العمر و لا بد فيه من ملاحظة تمام الجهات و الخصوصيات.

فقد شرط الشارع صحة عقد البنت العاقلة الرشيدة بإذن الأب حتى لو كان الأب فاسقا لا يرتدع عن شي ء و لا ينتهى عن كل نهي و يأذن لكل فاجر و كانت البنت مؤمنة ملازمة و مواظبة على تكاليفها الشرعية؟!! و كذا العكس إذا لا بد من ملاحظة الجهات و الخصوصيات، و يأتي في تتمة هذه المسألة ما يظهر منه الحال.

و على هذا فان توافقا على تحقق الأهلية عرفا و شرعا فهو، و إن ثبتت الأهلية كذلك عند البنت دون الأب و كان منشأ الاختلاف أمورا صحيحة شرعية أو عرفية معتبرة لا بد من الإذن حينئذ من الولي، بل يشكل صحة أصل العقد في بعض الفروض حتى مع الإذن و إن كان لمجرد أمور اقتراحية و لأهمية يصح العقد بلا إذن من الأب، فكم من بكر رشيدة أرادت التزويج بشخص معين لم يأذن أبوها فيه ثمَّ ندم الأب، و كم من أب أراد تزويج ابنته الباكرة الرشيدة بشخص

ص: 263

و المسألة مشكلة (18) فلا يترك مراعاة الاحتياط بالاستئذان منهما، و لو تزوجت من دون إذن الأب أو زوّجها الأب من دون إذنها وجب إما إجازة الآخر أو الفراق بالطلاق (19).

نعم، إذا عضلها الولي- أي منعها من التزويج بالكفو- مع ميلها سقط اعتبار إذنه (20) و أما إذا منعها من التزويج بغير الكفو شرعا فلا يكون عضلا، بل و كذا لو منعها من التزويج بغير الكفو عرفا ممن في تزويجه غضاضة و عار عليهم و إن كان كفوا شرعيا (21)،

______________________________

فلم ترض البنت بذلك فندمت بعد ذلك.

فالمحصّل أن إذن الأب معتبر في الجملة و في موارد خاصة لا في كل مورد و هذا هو مراد قوله عليه السّلام: «لا ينقض النكاح إلا الأب» (1).

(18) لعل تطبيقها على ما ذكرناه يرفع الإشكال في الجملة.

نعم، من نظر إلى قسم من الروايات فقط دون جميعها ثمَّ رد بعضها إلى بعض و ملاحظة الجهات الخارجية فهي مشكلة لديه.

(19) الأقوى كما هو المشهور استقلالها بالولاية، لما تقدم فلا يجب هذا الاحتياط.

نعم، الأحوط شديدا لها مراعاة إذنه.

(20) ظهر مما ذكرناه عدم الولاية له حينئذ أصلا حتى يسقط مضافا إلى الإجماع على السقوط حينئذ على فرض الثبوت و تقضيه قاعدة «نفي الحرج» أيضا.

(21) لعدم موضوع النكاح الصحيح حينئذ حتى يتحقق العضل، فيكون كما إذا منعها عن الزنا و التزويج بمن يكون في تزويجه عار و غضاضة عليهم،

ص: 264


1- الوسائل باب: 4 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.

و كذا لو منعها من التزويج بكفو معين مع وجود كفو آخر (22)، و كذا يسقط اعتبار إذنه إذا كان غائبا لا يمكن الاستئذان منه مع حاجتها إلى التزويج (23).

مسألة 2: إذا ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة و نحوها فحكمها حكم البكر

(مسألة 2): إذا ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة و نحوها فحكمها حكم البكر (24)، و أما إذا ذهبت بالزنا أو الشبهة ففيه إشكال، و لا يبعد الإلحاق (25) بدعوى أن المتبادر من البكر من لم تتزوج، و عليه فإذا تزوجت و مات عنها أو طلقها قبل أن يدخل بها لا يلحقها حكم البكر، و مراعاة الاحتياط أولى.

______________________________

لما يستفاد من إطلاق أدلة اعتبار الكفوية مضافا إلى أدلة نفي الحرج و الضرر في بعض فروضه.

(22) لعدم تحقق العضل في ذلك موضوعا.

(23) لظهور الإجماع على سقوط إذنه حينئذ، مضافا إلى دليل نفي الحرج،

(24) لأنها ذكرت في مقابل الثيّب في الأدلة و لا يطلق الثيّب على من ذهبت بكارتها بالوثبة و نحوها عرفا، مع أن في بعض ما مر من النصوص اعتبار النكاح في تحقق الثيبوبة (1).

(25) محتملات الثيب أربعة:

الأول: زوال البكارة مطلقا بأي وجه كان.

الثاني: زوالها بالوطئ مطلقا.

الثالث: زوالها بخصوص الوطي عن نكاح صحيح.

الرابع: من فارقها الزوج بطلاق أو موت.

و في مجمع البحرين: «الثيّب يقال للإنسان إذا تزوج» و إطلاقه يشمل

ص: 265


1- الوسائل باب: 9 من أبواب عقد النكاح الحديث: 8 و تقدم في ص: 309.

مسألة 3: لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب و لا موته

(مسألة 3): لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب و لا موته (26)، و القول بتوقف ولايته على بقاء الأب- كما أختاره جماعة- ضعيف (27) و أضعف منه القول بتوقفها على موته كما اختاره بعض العامة.

______________________________

الأخيرين فيكون البكر من لم تتزوج سواء دخل بها أم لا.

و لكن في إطلاقه إشكال، لأن المتعارف من الثيب في المرأة من تزوجت و دخل بها.

(26) للإطلاق الشامل للصورتين.

(27) أما الجماعة فكلهم من القدماء، كالشيخ و الصدوق و نحوهما.

و أما وجه الضعف فلأن دليلهم قول الصادق عليه السّلام في موثق الفضل: «إن الجد إذا زوج ابنة ابنه و كان أبوها حيا و كان الجد مرضيا جاز» (1)، فإن مفهومه يدل على أنه إذا لم يكن أبوه حيا لم يجز.

و هو مردود، لأن مساقه عرفا هو الجواز في هذه الصورة فيجوز في صورة فقده بالأولى، و يدل على ولاية الجد أيضا موثق عبيد بن زرارة: «فلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الجارية يريد أبوها أن يزوّجها من رجل، و يريد جدها أن يزوّجها من رجل آخر، فقال عليه السّلام: الجد أولى بذلك» (2)، و قريب منه روايات أخرى.

و أما صحيح عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الذي بيده عقدة النكاح هو وليّ أمرها» (3)، فهو مجمل لا يستفاد منه أي شي ء، و كذا صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن الذي بيده عقدة النكاح؟ قال:

ص: 266


1- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

مسألة 4: لا خيار للصغيرة إذا زوجها الأب أو الجد بعد بلوغها و رشدها

(مسألة 4): لا خيار للصغيرة إذا زوجها الأب أو الجد بعد بلوغها و رشدها بل هو لازم عليها، و كذا الصغير على الأقوى (28).

______________________________

هو الأب و الأخ و الرجل يوصى إليه» (1)، فإن ذكر الأخ فيه محمول على صورة فقد الأب و الجد بقرينة سائر الروايات.

(28) أما في الصغيرة فللإجماع و النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد اللّه بن الصلت قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها إلها أمر إذا بلغت؟ قال عليه السّلام: لا ليس لها مع أبيها أمر» (2)، و في صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصبية يزوّجها أبوها، ثمَّ يموت و هي صغيرة، فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها، يجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال عليه السّلام: يجوز عليها تزويج أبيها» (3).

و ما يظهر منه الخلاف مثل صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الصبي يتزوج الصبية؟ قال عليه السّلام: إن كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز، و لكن لهما الخيار إذا أدركا»(4)، و خبر يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام: «متى يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ قال عليه السّلام: إذا جازت تسع سنين، فإن زوجها قبل بلوغ التسع سنين كان الخيار لها إذا بلغت تسع سنين» (5)، مخالف للإجماع و معارض بالنصوص مع أنه لا عامل به.

و أما في الصغير فهو المشهور المنصوص ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الغلام له عشر سنين فيزوّجه أبوه في صغره، أ يجوز طلاقه و هو ابن عشر سنين؟ فقال عليه السّلام: أما التزويج

ص: 267


1- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
4- الوسائل باب: من أبواب عقد النكاح الحديث: 7 و 8.
5- الوسائل باب: من أبواب عقد النكاح الحديث: 7 و 8.

و القول بخياره في الفسخ و الإمضاء ضعيف (29) و كذا لا خيار للمجنون بعد إفاقته (30).

مسألة 5: يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة

(مسألة 5): يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة (31)

______________________________

فصحيح و أما طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتى يدرك» (1)، و المراد من الصحة الواردة في الرواية اللزوم كما يقتضيه الأصل أيضا، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟

فقال عليه السّلام: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم» (2).

(29) أما القول فنسب إلى جمع منهم الشيخ و ابن إدريس.

و أما لا يقدر الضعف فلأن مستندهم.

تارة: أن عليه المهر و النفقة و هو يمكن أن لا يقدر عليهما و فيه أن الدليل أخص من المدعى مع أن مقام ولاية الولي يقتضي عدم ذلك.

و أخرى: ظاهر بعض النصوص منها قول الصادق عليه السّلام: في خبر يزيد الكناسي: «إن الغلام إذا زوجه أبوه و لم يدرك كان بالخيار إذا أدرك و بلغ خمس عشرة سنة، أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته» (3)، و تقدم صحيح ابن مسلم السابق.

و لكن أسقطها عن الاعتبار هجر الأصحاب عنهما في هذا الحكم المخالف للأصل.

(30) للإجماع و أصالة اللزوم.

(31) لظهور الإجماع و أنه المنساق عرفا من الأدلة عند المتشرعة و أصالة

ص: 268


1- الوسائل باب: 11 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب عقد النكاح الحديث: 9.

و إلا يكون العقد فضوليا كالأجنبي (32).

و يحتمل عدم الصحة بالإجازة أيضا (33) بل الأحوط مراعاة المصلحة (34) بل يشكل الصحة إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الآخر بحسب الشرف أو من أجل كثرة المهر أو قلته بالنسبة إلى الصغير فاختار الأب غير الأصلح لتشهي نفسه (35).

مسألة 6: لو زوّجها الولي بدون مهر المثل

(مسألة 6): لو زوّجها الولي بدون مهر المثل، أو زوج الصغير بأزيد

______________________________

عدم الولاية في صورة المفسدة بعد الشك في جريان أدلة ولايته في تلك الصورة فيرجع حينئذ إلى الأصل.

(32) لقاعدة: «ان كل عقد بقع على ما يتعلق بالغير و هو فاقد لشرط من الشرائط المنوطة برضاه فهو فضولي يتوقف على الإجازة» الجارية في الفقه من أوله إلى آخره على ما فصل في أحكام الفضولي فراجع.

(33) هذا الاحتمال مبني على ما ذكروه في الفضولي من أنه لا بد في صحته بالإجازة وجود مجيز فعلي حال إنشاء العقد و إلا لم يصح.

و هو باطل لكونه خلاف الإطلاق فراجع ما كتبناه في بيع الفضولي (1).

(34) لكونها أهم بالنسبة إلى المولّى عليه، و لاعتبارها بالنسبة إلى الولي الإجباري فيكون المقام كذلك أيضا.

و لكن الأول مخالف لإطلاق أدلة ولايتهما و الثاني لا يخلو عن القياس لو فرض قبوله في المقيس عليه إلا أن يدعى الانصراف العرفي إلى صورة المصلحة العرفية و هو أيضا ممنوع.

(35) لاحتمال سقوط ولايته في العمل بمشتهيات نفسه في مورد ولايته.

و يمكن التمثيل بغير ما ذكره و لا مناقشة في المثال كما هو المعروف.

ص: 269


1- راجع المجلد السادس عشر صفحة: 328.

منه فإن كان هناك مصلحة تقتضي ذلك صح العقد و المهر و لزم (36)، و إلا ففي صحة العقد و بطلان المهر و الرجوع إلى مهر المثل، أو بطلان العقد أيضا قولان (37) أقواهما الثاني (38)، و المراد من البطلان عدم النفوذ بمعنى توقفه على إجازتهما بعد البلوغ، و يحتمل البطلان و لو مع الإجازة بناء على اعتبار وجود المجيز في الحال (39).

مسألة 7: لا يصح نكاح السفيه المبذر إلا بإذن الولي

(مسألة 7): لا يصح نكاح السفيه المبذر إلا بإذن الولي (40) و عليه أن يعين المهر و المرأة، و لو تزوج بدون إذنه وقف على إجازته فإن رأى المصلحة و أجاز صح و لا يحتاج إلى إعادة الصيغة (41)،

______________________________

(36) للعمومات و الإطلاقات و أصالتي الصحة و اللزوم.

(37) مبنيان على أن نفس هذا النكاح من حيث هو خلاف المصلحة فأصله باطل، أو أنه ينحل إلى أمرين ذات النكاح من حيث هو و خصوصية المهر، و كون المهر خلاف المصلحة لا يلازم كون أصل النكاح كذلك، فالمهر باطل و النكاح صحيح و العرف يساعد الأول و الدقة العقلية تساعد الثاني خصوصا في بعض الموارد.

و عن الشيخ رحمه اللّه لزوم العقد و المهر، لإطلاق أدلة الولاية، و يمكن حمله على خصوصية في بعض الموارد.

(38) لما تقدم غير مرة من عدم دخول المهر في قوام عقد النكاح الدائم.

(39) تقدم في المسألة السابقة أنه لا يعتبر ذلك.

(40) لفرض أنه محجور عن التصرف المالي، مضافا إلى الإجماع و لو كان بالنسبة إلى تعيين المرأة أيضا سفيها فكذلك أيضا و إلا يصح له تعيين المرأة و يبقى حجره على المال بحاله.

(41) لفرض وقوعها جامعة للشرائط بعد فرض أنه ليس مسلوب العبارة.

ص: 270

لأنه ليس كالمجنون و الصبي (42) مسلوب العبارة و لذا يصح وكالته عن الغير في إجراء الصيغة و مباشرته لنفسه بعد إذن الولي.

مسألة 8: إذا كان الشخص بالغا رشيدا في الماليات لكن لا رشد له بالنسبة إلى أمر التزويج

(مسألة 8): إذا كان الشخص بالغا رشيدا في الماليات لكن لا رشد له بالنسبة إلى أمر التزويج و خصوصياته من تعيين الزوجة و كيفية الامهار و نحو ذلك، فالظاهر كونه كالسفيه في الماليات في الحاجة إلى إذن الولي و إن لم أر من تعرّض له (43).

مسألة 9: كل من الأب و الجد مستقل في الولاية

(مسألة 9): كل من الأب و الجد مستقل في الولاية (44) فلا يلزم الاشتراك و لا الاستئذان من الآخر، فأيهما سبق من مراعاة ما يجب مراعاته لم يبق محل للآخر (45)،

______________________________

(42) مسلوبية العبارة في الصبي المميّز أول الدعوى و عين المدعى.

(43) يمكن أن يكون تعرضهم للحجر عليه في الماليات شاملا للمقام بالفحوى، و يشهد له قول الصادق عليه السّلام في رواية أبي الحسين: «إذا بلغ و نبت عليه الشعر جاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا» (1).

(44) لإطلاق الأدلة الظاهرة في الاستقلال.

(45) نصا و إجماعا بل و عقلا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح هشام ابن سالم: «إذا زوج الأب و الجد كان التزويج للأول. فإن كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولى» (2)، و في موثق عبيد ابن زرارة: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل و يريد جدها أن يزوّجها من رجل آخر، فقال:

الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا إن لم يكن الأب زوّجها قبله. و يجوز عليها تزويج الأب و الجد» (3)، و أما العقل فلعدم بقاء الموضوع لصحة نكاح الآخر.

ص: 271


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الحجر الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 2.

و لو زوّج كل منهما من شخص فإن علم السابق منهما فهو المقدم و لغي الآخر، و إن علم التقارن قدّم عقد الجد (46) و كذا إذا جهل التاريخان (47)، و أما إن علم تاريخ أحدهما دون الآخر فإن كان المعلوم تاريخ عقد الجد قدّم أيضا (48)، و إن كان المعلوم تاريخ عقد الأب احتمل تقدمه (49)، لكن الأظهر تقديم عقد الجد لأن المستفاد من خبر عبيد بن زرارة أولوية الجد ما لم يكن الأب زوّجها قبله فشرط تقديم عقد الأب كونه سابقا، و ما

______________________________

(46) إجماعا و نصوصا منها ما تقدم آنفا في قول الصادق عليه السّلام، و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه و لا لابنه أيضا أن يزوّجها، فقلت: فإن هوى أبوها رجلا و جدّها رجلا؟ فقال عليه السّلام: الجد أولى بنكاحها» (1)، و قريب منه غيره.

(47) لما يأتي منه رحمه اللّه بعد أسطر من أن من شرط تقديم عقد الأب كونه سابقا و ما لم يعلم ذلك يكون عقد الجد أولى فيكون ذلك بمنزلة أن نقول أصالة تقديم عقد الجد مطلقا عند الشك إلا ما خرج بالدليل، و ليس هذا من الأصل الجاري في الموضوع حتى يشكل عليه إما بالمعارضة و التساقط و عدم الجريان في أطراف العلم الإجمالي.

بل هو كأصل كلي و قاعدة كلية- جارية في موارد الشك في تقديم عقد الجد أو الأب- مستفاد من الحديث كما مر.

و فيه: أنه حسن ثبوتا و لكن الحديث قاصر عنه إثباتا و الأحوط إجراء حكم المرأة المعلومة إجمالا كونها زوجة لأحد رجلين.

(48) لأصالة عدم سبق عقد الأب فيصح عقد الجد لا محالة.

و لو قيل: بجريان الأصل في عقد الجد أيضا بالنسبة إلى لحاظ عقد الأب فيجري و يتعارض الأصلان و يسقطان بالمعارضة، و يجري عليها حكم العلم الإجمالي بكون المرأة زوجة لأحد الرجلين.

(49) لأصالة عدم تقديم عقد الأب عليه و هو المتيقن إن لم يجر الأصل

ص: 272


1- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.

لم يعلم ذلك يكون عقد الجد أولى (50) فتحصّل: أن اللازم تقديم عقد الجد في جميع الصور إلا في صورة معلومية سبق عقد الأب، و لو تشاح الأب و الجد فاختار كل منهما واحدا قدّم اختيار الجد (51)، و لو بادر الأب فعقد فهل يكون باطلا أو يصح؟ وجهان بل قولان: من كونه سابقا فيجب تقديمه (52).

______________________________

في معلوم التاريخ فيتساقطان حينئذ و يرجع إلى العلم الإجمالي بكونها ذات زوج في الجملة.

(50) البحث في المقام. تارة: بحسب الأصول الموضوعية.

و أخرى: بحسب المستفاد من الأخبار.

أما الأولى: لا فرق بين المقام و سائر الموارد من الحادثين المجهولي التاريخ أو تاريخ أحدهما مجهول فقط، فيجري الأصلان، و يسقطان بالمعارضة في الأول و ينجز العلم الإجمالي و يجري الأصل في مجهول التاريخ و ينحل العلم الإجمالي في الثاني.

و أما الثانية: فالمصنف يقول إن المستفاد منها تأسيس قاعدة كلية في المقام غير مرتبطة بالأصول الموضوعية أبدا، و هي أنه في كل حادثين من عقد الأب و الجد يقدم عقد الجد إلا أن يعلم بتقديم عقد الأب كما يستفاد منها قاعدة: أن كل امرأة يجوز نكاحها حتى يعلم عدم الجواز، فيقدم عقد الجد في جميع موارد الشك مطلقا ما لم يعلم سبق عقد الأب بوجه معتبر.

(51) إجماعا و نصوصا منها ما تقدم من موثق عبيد بن زرارة (1).

(52) و قد ادعى في كشف اللثام الإجماع على صحته و تقديمه فلا يبقى موضوع لصحة عقد الجد حينئذ، و يمكن استفادة ذلك من الرواية أيضا، لأنه عليه السّلام أثبت الولاية في مقام إرادة إنشاء العقد لا بعد فعليّة وقوعه خارجا

ص: 273


1- تقدم في صفحة: 269.

و من أن لازم أولوية اختيار الجد عدم صحة خلافه (53)، و الأحوط مراعاة الاحتياط، و لو تشاح الجد الأسفل و الأعلى هل يجري عليهما حكم الأب و الجد أو لا؟ وجهان، أوجههما الثاني لأنهما ليسا أبا و جدا بل كلاهما جد فلا يشملهما ما دل على تقديم الجد على الأب (54).

______________________________

و من قوله عليه السّلام: «ما لم يكن مضارا» لأن إبطال عقد و تجديد العقد عليها ثانيا نحو ضرر و تلاعب بالنكاح خصوصا إن كانت المرأة من المحترمات.

(53) إن ثبت أن الأولوية في المقام من قبيل الأولوية في الآية المباركة وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ (1)، و لكن إن لم يثبت ذلك فكيف يصح الاستدلال بها.

(54) خصوصا في الحكم المخالف للأصل.

و ما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «في رجل جاء بابنه يستعدي به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أنت و مالك لأبيك» (2)، محمول على نحو من الأخلاقيات لا أن يكون حكما إلزاميا مطلقا.

و أما ما عن ابن جعفر عن أخيه الكاظم عليهما السّلام: «في رجل أتاه رجلان يخطبان ابنته فهوي أن يزوّج أحدهما و هوى أبوه الآخر أيهما أحق أن ينكح؟ قال: الذي هوى الجد أحق بالجارية لأنها و أباها للجد» (3).

و خبر عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال عليه السّلام: «إني لذات يوم عند زياد بن عبد اللّه إذ جاء رجل يستعدي على أبيه، فقال: أصلح اللّه الأمير ان أبي زوج ابنتي بغير إذني، فقال زياد لجلسائه الذين عنده: ما تقولون فيما يقول هذا الرجل؟ فقالوا: نكاح باطل، قال: ثمَّ أقبل عليّ، فقال: ما تقول يا أبا عبد اللّه،

ص: 274


1- سورة الأحزاب: 6.
2- الوسائل باب: 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 8.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 8.

مسألة 10: لا يجوز للولي تزويج المولى عليه بمن به عيب

(مسألة 10): لا يجوز للولي تزويج المولى عليه بمن به عيب سواء كان من العيوب المجوّزة للفسخ أو لا، لأنه خلاف المصلحة (55).

نعم، لو كان هناك مصلحة لازمة المراعاة جاز (56) و حينئذ لا خيار له و لا للمولى عليه إن لم يكن من العيوب المجوّزة للفسخ (57)، و إن كان منها ففي ثبوت الخيار للمولّى عليه بعد بلوغه أو إفاقته و عدمه، لأن المفروض إقدام الولي مع علمه به، وجهان أوجههما الأول، لإطلاق أدلة تلك العيوب (58) و قصوره بمنزلة جهله، و علم الولي و لحاظه المصلحة لا

______________________________

فلما سألني أقبلت على الذين أجابوه، فقلت لهم: أ ليس فيما تروون أنتم عن رسول اللّه أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أنت و مالك لأبيك؟ قالوا: بلى، فقلت لهم: فكيف يكون هذا و هو ماله لأبيه و لا يجوز نكاحه؟ قال فأخذ بقولهم و ترك قولي» (1)، فلا وجه للاستدلال بهما، لأنه على فرض التمامية دالان على مجرد النفوذ في الجملة و إن عقد الجد نافذ لا على التقديم عند التعارض فلا يشمل مثل المقام أصلا.

(55) و خلاف سيرة المتشرعة بل العقلاء في الجملة.

(56) لفرض وجود المصلحة اللازمة المراعاة و الولي إنما جعل وليا لمراعاة مصالح المولّى عليه، فالمقتضي موجود و المانع مفقود فتشمله الأدلة لا محالة.

(57) لأصالة اللزوم بعد فرض أن العيب لا يكون من العيوب المجوّزة للفسخ و تمامية العقد من جميع جهاته.

(58) الشامل للمقام و غيره بعد فرض كون الطرف قاصرا، فيكون قصوره بمنزلة الجهل كما ذكره رحمه اللّه.

ص: 275


1- الوسائل باب: 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 5.

يوجب سقوط الخيار للمولى عليه (59)، و غاية ما تفيد المصلحة إنما هو صحة العقد فتبقى أدلة الخيار بحالها (60)، بل ربما يحتمل ثبوت الخيار للولي أيضا (61) من باب استيفاء ما للمولى عليه من الحق، و هل له إسقاطه أم لا؟ مشكل (62) إلا أن يكون هناك مصلحة ملزمة لذلك (63)، و أما إذا كان الولي جاهلا بالعيب و لم يعلم به إلا بعد العقد فإن كان من العيوب المجوزة للفسخ فلا إشكال في ثبوت الخيار له و للمولى عليه إن لم يفسخ و للمولى عليه فقط إذا لم يعلم به الولي إلى أن بلغ أو أفاق (64)، و إن كان من العيوب الأخر فلا خيار الولي (65)، و في ثبوته للملوى عليه و عدمه وجهان، أوجههما ذلك لأنه يكشف عن عدم المصلحة في ذلك التزويج بل يمكن أن يقال إن العقد فضولي حينئذ لا أنه صحيح و له الخيار (66).

______________________________

(59) لأن المولى عليه قاصر و مر أن قصوره بمنزلة جهله فيشمله دليل الخيار للزوجين أولا و بالذات.

(60) لأن الخيار إنما يعرض للعقد الصحيح دون ما كان باطلا إذ لا موضوع للخيار حينئذ.

(61) يظهر ذلك من صاحب الجواهر رحمه اللّه بدعوى وحدة العقد المضاف بالنسبة إلى كل منهما فبالنسبة إلى المولّى عليه بالتسبيب، و بالنسبة إلى نفس الولي بالمباشرة.

(62) للشك في ثبوت ولايته لمثل ذلك.

(63) فيشمله إطلاق أدلة الخيار بعد تحقق المقتضي و فقد المانع.

(64) لظهور أدلة الخيار في ذلك كله، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(65) لأصالة اللزوم و لكن من حيث كونه وليا للمولّى عليه، فلو قلنا بثبوت الخيار للمولّى عليه يكون للولي اعماله.

(66) في كونه فضوليا إشكال، لأن العقد الفضولي ما كان جامعا للشرائط

ص: 276

مسألة 11: مملوك المملوك كالمملوك في كون أمر تزويجه بيد المولى

(مسألة 11): مملوك المملوك كالمملوك في كون أمر تزويجه بيد المولى (67).

مسألة 12: للوصي أن يزوّج المجنون المحتاج الى الزواج بل الصغير أيضا

(مسألة 12): للوصي أن يزوّج المجنون المحتاج الى الزواج بل الصغير أيضا، لكن بشرط نص الموصي عليه (68) سواء عيّن الزوجة أو

______________________________

إلا إذن من له الإذن، و في المقام إن عقد الولي إذا كان خلاف المصلحة باطل من أصله إلا إذا قلنا بأنه لا يعتبر فيه المصلحة و إنما يكفي عدم المفسدة.

و لكن الظاهر أن العقد على المعيوب يعد من المفسدة عرفا.

(67) لما في الصحيح: «إن العبد و ماله لأهله لا يجوز له تحرير، و لا كثير عطاء، و لا وصية، إلا أن يشاء سيده» (1).

(68) مقتضى الأصل عدم الولاية للوصي على النكاح إلا أن يدل دليل معتبر عليه كما نسب إلى المشهور عدم الولاية له عليه مطلقا نص الموصي بذلك أو لا.

و ما استدل به على ثبوت ولايته عليه أمور:

الأول: العمومات و الإطلاقات الدالة على حسن الوصية و الرغبة فيها و هي كثيرة كتابا مثل قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (2)، و سنة كما يأتي.

و فيه: أنها في مقام أصل التشريع و الترغيب إليها و لا يصح التمسك بها لإثبات ما شك في صحة أصل الوصية كما في جميع الموارد المشكوكة، مع أن المنساق منها الوصية بالمال و ما يتعلق بنفس الشخص من التجهيزات فلا يشمل المقام كما هو واضح.

ص: 277


1- الوسائل باب: 78 من أبواب الوصايا الحديث: 1.
2- سورة البقرة: 180.

.....

______________________________

إن قيل: بعد إنشاء الوصية و صدقها عرفا يدخل فيها جميع ما يمكن أن يكون موردا لها كالنكاح و غيره، فمقتضى أصالة الإطلاق و العموم هو التعميم إلا ما خرج بدليل معتبر.

يقال: مع الصدق العرفي بالنسبة إلى المورد المشكوك و وجود دليل من الخارج أن هذا القسم من الوصية صحيح لا بأس بالشمول دون ما لم يكن كذلك.

الثاني: قوله تعالى فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ (1)، فيما إذا نص الموصي على كونه وصيا و قيّما على النكاح.

و فيه: أنه لا بد من كون مورد الوصية و القيمومة صحيحا شرعا و الشك في الصحة يكفي في عدمها فلا وجه للتمسك بها.

الثالث: قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «الذي بيده عقدة النكاح: هو الأب، و الأخ، و الرجل يوصى إليه، و الذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها و يشتري، فأي هؤلاء عفا فعفوه جائز في المهر إذا عفا عنه» (2).

و فيه: أن اشتماله على الأخ و إسقاطه للجد أسقطه عن الاعتبار مع كونه في مقام الحصر في تفسير الآية الشريفة أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ (3)، و يمكن حمله على الوكيل بقرينة ذيله، و يشهد لسقوطه عن الاعتبار صحيح ابن بزيع: «سأله رجل عن رجل مات و ترك أخوين و ابنة، و البنت صغيرة فعمد أحد الأخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثمَّ مات أب الابن المزوّج، فلما أن مات قال الآخر: أخي لم يزوّج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية: أي الزوجين أحب إليك الأول أو الآخر؟ قالت: الآخر، ثمَّ إن الأخ الثاني مات و للأخ الأول ابن أكبر من ابن المزوّج، فقال للجارية: اختاري أيهما أحب إليك الزوج الأول أو

ص: 278


1- سورة البقرة: 181.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 5.
3- سورة البقرة: 237.

الزوج أو أطلق (69)، و لا فرق بين أن يكون وصيا من قبل الأب أو من قبل الجد لكن بشرط عدم وجود الآخر (70)، و إلّا فالأمر إليه (71).

مسألة 13: للحاكم الشرعي تزويج من لا وليّ له

(مسألة 13): للحاكم الشرعي تزويج من لا وليّ له (72) من الأب

______________________________

الزوج الآخر، فقال عليه السّلام: الرواية فيها أنها للزوج الأخير و ذلك انها قد كانت أدركت حين زوّجها و ليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها» (1).

الرابع: قوله تعالى وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ (2)، و التزويج مع المصلحة إصلاح فهو خير مأذون فيه.

و فيه: أن خيرية الصلح و الإصلاح مسلّمة بشرط أن يكون المصلح مأذونا في متعلقهما شرعا و هذا هو أول الدعوى، فلا يصح الاستدلال بمثل هذه الأدلة للمقام، لأنها من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك هذا كله في الصغير.

و أما في المجنون فلا بد و أن يقيد بما إذا اتصل جنونه بصغره على فرض ثبوت الولاية للوصي على الصغير.

(69) لظهور إطلاق الولاية على فرض ثبوتها.

(70) لأن لكل منهما ولاية على تعيين الموصي.

(71) لعدم وصول النوبة إلى الفرع مع وجود الأصل.

(72) أما مع الحاجة الملزمة فلا ريب في كونه من أمور الحسبة و الحاكم الشرعي منصوب لإقامتها كما مر و هو المتيقن من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «السلطان وليّ من لا وليّ له» (3)، الذي جعل من القواعد الكلية كسائر أقواله صلّى اللّه عليه و آله المباركة التي هي من جوامع الكلم، و هو المتيقن من تسالم الأصحاب و إجماعهم.

و أما مع عدمها فمقتضى الأصل عدم الولاية على ذلك بعد عدم دليل

ص: 279


1- الوسائل باب: 8 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.
2- سورة البقرة: 220.
3- تقدم في صفحة: 353.

و الجد و الوصي بشرط الحاجة إليه أو قضاء المصلحة اللازمة المراعاة (73).

مسألة 14: يستحب للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدها

(مسألة 14): يستحب للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدها، و إن لم يكونا فتوكل أخاها، و إن تعدد اختارت الأكبر (74).

مسألة 15: ورد في الأخبار أن إذن البكر سكوتها عند العرض عليها

(مسألة 15): ورد في الأخبار أن إذن البكر سكوتها عند العرض عليها، و أفتى به العلماء (75) لكنها محمولة على ما إذا ظهر رضاها و كان سكوتها لحيائها عن النطق بذلك (76).

______________________________

معتبر على ولايته عليه.

(73) شرعا فتكون الحاجة أعم من ذلك و لكن لا بد من تقييد الحاجة بالحاجات اللازمة في عرف المتشرعة لا مطلق الحاجة.

(74) لوجود الأخبار في ذلك كله كما مر في الأخبار الدالة على ولاية الأب و الجد، و كذا ما تقدم من الأخبار الدالة على أن الأخ بيده عقدة النكاح المحمولة على الاستحباب جمعا، مع أن ذلك من محاسن الآداب شرعا و عرفا.

(75) أما الخبر فهو قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «سكوتها إقرارها» (1)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح داود بن سرحان «في رجل يريد أن يزوج أخته قال عليه السّلام يؤامرها، فإن سكتت فهو إقرارها و إن أبت لم يزوجها» (2)، و في صحيح البزنطي قال: «أبو الحسن الرضا عليه السّلام في المرأة البكر: إذنها صماتها و الثيّب أمرها إليها» (3).

و أما الفتوى فهو المشهور بل المجمع عليه بينهم إلا من نادر لا يعمل بخبر الواحد.

(76) لأنه المنساق من النص عرفا و في غيره يرجع إلى أصالة عدم ترتب

ص: 280


1- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3 و 2 و 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3 و 2 و 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب عقد النكاح الحديث: 1.

مسألة 16: يشترط في ولاية الأولياء المذكورين البلوغ، و العقل، و الحرية، و الإسلام

(مسألة 16): يشترط في ولاية الأولياء المذكورين البلوغ، و العقل، و الحرية، و الإسلام إذا كان المولّى عليه مسلما (77)، فلا ولاية للصغير و الصغيرة على مملوكهما من عبد أو أمة بل الولاية حينئذ لوليهما (78)، و كذا مع فساد عقلهما بجنون أو إغماء أو نحوه (79)، و كذا لا ولاية للأب و الجد مع جنونهما و نحوه و إن جنّ أحدهما دون الآخر فالولاية للآخر (80)، و كذا لا ولاية للمملوك (81) و لو مبعّضا على ولده حرا كان أو عبدا (82)، بل الولاية في الأول للحاكم و في الثاني لمولاه (83)، و كذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم (84) فتكون للجد إذا كان مسلما

______________________________

الأثر بعد عدم صحة التمسك بإطلاق النص قطعا حتى فيما لم يكن هناك قرائن دالة على الرضا فضلا عما إذا كانت قرائن دالة على الكراهة.

(77) للإجماع بل الضرورة الفقهية في اعتبار جميع هذه الشروط في الجملة.

(78) لفرض قصورهما عن الولاية إجماعا كما مر.

(79) الإغماء أو نحوه إما أن يكون يسيرا جدا بحيث لا يضر بتصرفاته عند المتشرعة أو يكون بخلاف ذلك و في الثاني تصح دعوى المانعية، و أما الأول فيشكل ذلك بل قد يكون ممنوعا.

(80) لانحصار الولاية فيه حينئذ.

(81) لإطلاق الأدلة مثل قوله تعالى لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ (1).

(82) لشمول الإطلاقات للمبعّض أيضا.

(83) أما الأول فلأنها من الحسبة كما مر.

و أما الثاني فلقاعدة السلطنة.

(84) لأنها نحو سبيل:

ص: 281


1- سورة النحل: 75.

و للحاكم إذا كان كافرا أيضا، و الأقوى ثبوت ولايته على ولده الكافر (85) و لا يصح تزويج الولي في حال إحرامه أو إحرام المولّى عليه سواء كان بمباشرته أو بالتوكيل.

نعم، لا بأس بالتوكيل حال الإحرام ليوقع العقد بعد الإحلال (86).

مسألة 17: يجب على الوكيل في التزويج أن لا يتعدى عما عيّنه الموكّل

(مسألة 17): يجب على الوكيل في التزويج أن لا يتعدى عما عيّنه الموكّل من حيث الشخص و المهر و سائر الخصوصيات (87) و إلا كان فضوليا موقوفا على الإجازة (88) و مع الإطلاق و عدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكّل من سائر الجهات (89) و مع التعدي يصير فضوليا، و لو وكّلت المرأة رجلا في تزويجها لا يجوز له أن يزوجها من

______________________________

وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (1).

(85) لعموم الأدلة و إطلاقها الشامل للكفار أيضا، و يشهد له إطلاق قوله تعالى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (2)، أيضا.

(86) للنص و الإجماع فعن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان قال: «ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوّج و إن تزوّج أو زوّج محلا فتزويجه باطل» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار كما تقدم في كتاب الحج فلا وجه للتكرار بالإعادة.

(87) لتقوم الوكالة بالإذن و لا إذن في مورد التعدي.

(88) لأن الفضولي كل عقد لم يؤذن فيه و هذا مما لم يؤذن فيه فيكون فضوليا متوقفا على الإجازة.

(89) للإجماع، و السيرة، و ظهور الوكالة في ذلك، و أما أنه مع التخلف يكون فضوليا يتوقف على الإجازة، فلما مر في سابقة.

ص: 282


1- سورة النساء: 141.
2- سورة الأنفال: 73.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام الحديث: 1.

نفسه للانصراف عنه (90).

نعم، لو كان التوكيل على وجه يشمل نفسه أيضا بالعموم أو الإطلاق جاز (91) و مع التصريح فأولى بالجواز، و لكن ربما يقال بعدم الجواز مع الإطلاق (92) و الجواز مع العموم، بل قد يقال بعدمه حتى مع التصريح بتزويجها من نفسه لرواية عمار (93) المحمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل.

مسألة 18: الأقوى صحة النكاح الواقع فضولا مع الإجازة

(مسألة 18): الأقوى صحة النكاح الواقع فضولا مع الإجازة (94)، سواء كان فضوليا من أحد الطرفين أو كليهما، كان المعقود له صغيرا أو

______________________________

(90) و عن المسالك عدم الخلاف في عدم الجواز.

(91) إن لم يكن في البين ما يوجب الانصراف.

(92) هذا النزاع صغروي، فمن يقول بعدم الجواز يقول بالانصراف عن نفسه، و من يقول بالجواز يقول بعدم الانصراف.

(93) قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن امرأة تكون في أهل بيت، فتكره أن يعلم بها أهل بيتها، أ يحل لها أن توكّل رجلا يريد أن يتزوجها، تقول له: قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال عليه السّلام: لا، قلت: جعلت فداك و إن كانت أيّما؟

قال: و إن كانت أيّما، قلت: فإن وكلت غيره بتزويجها منه؟ قال عليه السّلام: نعم» (1).

(94) إجماعا و نصوصا في النكاح منها: ما عن أبي جعفر عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم: «إنه سأله عن رجل زوّجته أمه و هو غائب قال عليه السّلام: النكاح جائز إن شاء المتزوج قبل و إن شاء ترك» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة:

«سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده فقال عليه السّلام ذاك إلى سيده إن شاء أجازه

ص: 283


1- الوسائل باب: 10 من أبواب عقد النكاح الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب عقد النكاح الحديث: 3.

كبيرا، حرا أو عبدا (95)، و المراد بالفضولي العقد الصادر من غير الولي و الوكيل سواء كان قريبا- كالأخ و العم و الخال و غيرهم- أو أجنبيا، و كذا الصادر من العبد أو الأمة لنفسه بغير إذن الولي، و منه العقد الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من اللّه أو من الموكل كما إذا أوقع الولي العقد على خلاف المصلحة، أو تعدى الوكيل عما عيّنه الموكل (96)

______________________________

و إن شاء فرّق بينهما» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن وهب في رجل قال: «إني كنت مملوكا لقوم، و إني تزوّجت امرأة حرة بغير إذن مواليّ ثمَّ أعتقوني بعد ذلك، فأجدد نكاحي إياها حين أعتقت؟ فقال له: أ كانوا علموا أنك تزوّجت امرأة و أنت مملوك لهم؟ فقال: نعم و سكتوا عني و لم يغيّروا عليّ، فقال عليه السّلام: سكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم اثبت على نكاحك الأول» (2)، مع أن الفضولي مطلقا مطابق للقاعدة، لأن مرجع النزاع فيه على طوله إلى أنه هل يعتبر مقارنة الرضاء مع إنشاء العقد أو يكفي لحوقه به أيضا؟ مقتضى العمومات و الإطلاقات هو الثاني، و يصح انتساب صدوره عن رضاه أي صدورا إضافيا اعتباريا لأن الاعتباريات خفيفة المؤنة تصح إضافة صدورها بالنسبة إلى الرضاء المقارن كما تصح بالنسبة إلى المتأخر، و بذلك يظهر فساد قول من ذهب إلى البطلان في المقام، و تقدم في كتاب البيع بعض الكلام مما ينفع المقام.

(95) كل ذلك لإطلاق أدلة النكاح و عموماتها، و إطلاق ما ورد في خصوص الفضولي في النكاح كما مر مضافا إلى الإجماع على عدم الفرق.

(96) لأن كل ذلك غير مأذون فيه حين إنشاء العقد إما بحسب الذات أو بحسب بعض الجهات، فالجامع في الفضولي ما صدر عن غير من له الإذن

ص: 284


1- الوسائل باب: 24 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.

و لا يعتبر في الإجازة الفورية (97) سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد أو مع العلم به و إرادة التروّي أو عدمها أيضا.

نعم، لا تصح الإجازة بعد الرد كما لا يجوز الرد بعد الإجازة (98) فمعها يلزم العقد.

مسألة 19: لا يشترط في الإجازة لفظ خاص

(مسألة 19): لا يشترط في الإجازة لفظ خاص بل تقع بكل ما دل على إنشاء الرضاء بذلك العقد، بل تقع بالفعل الدال عليه (99).

مسألة 20: يشترط في المجيز علمه بأن له أن لا يلتزم بذلك العقد

(مسألة 20): يشترط في المجيز علمه بأن له أن لا يلتزم بذلك العقد، فلو اعتقد لزوم العقد عليه فرضي به لم يكف في الإجازة (100).

______________________________

مشروطا و شرطا أو بحسب الأخير فقط.

(97) لإطلاق الأدلة، و تسالم الأجلة الشامل لجميع ما ذكر في المتن و صحيح ابن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في وليدة باعها ابن سيدها و أبوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاما، فجاء سيدها الأول فخاصم سيدها الآخر، فقال: وليدتي باعها ابني بغير اذني؟ فقال عليه السّلام:

الحكم ان يأخذ وليدته و ابنها فناشده الذي اشتراها، فقال له: خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ البيع لك، فلما رآه أبوه قال له: أرسل ابني، قال: لا و اللّه لا أرسل ابنك حتى ترسل ابني، فلما رأى ذلك سيد الوليدة أجاز بيع ابنه» (1).

(98) أما الأول فلما تقدم في كتاب البيع في الفضولي (2).

و أما الثاني فلأصالة اللزوم مضافا إلى الإجماع.

(99) لأن المناط فيه إظهار الرضا بالعقد إظهارا عرفيا فكل ما صدق عند العرف إظهار للرضا بالعقد يكفي قولا كان أو فعلا.

(100) لأن معنى الإجازة هو إظهار طيب النفس بالعقد و معنى طيب النفس و الرضاء بالعقد هو إن شاء فعل و إن شاء ترك، فالموضوع متقوم باختياره،

ص: 285


1- الوسائل باب: 88 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 1.
2- راجع ج: 16 صفحة: 317.

نعم، لو اعتقد لزوم الإجازة عليه بعد العلم بعدم لزوم العقد فأجاز فإن كان على وجه التقييد لم يكف (101) و إن كان على وجه الداعي يكون كافيا (102).

مسألة 21: الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه

(مسألة 21): الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه (103)،

______________________________

و مشيته، فلو اعتقد لزوم العقد فرضي به على هذا التقدير تزول تلك المشية و السلطنة المتساوية الطرفين بالنسبة إلى الوجود و العدم.

هذا إذا لوحظ لزوم العقد في رتبة الإجازة بحيث تسقط الإجازة عن أعمال القدرة المطلقة.

و أما إن كان في الرتبة السابقة عليها و بنحو الداعي البعيد، فلا يبعد كفايتها، لصدق إظهار الرضا عقلا و عرفا.

(101) لأن معنى الإجازة الإنفاذ بعد السلطة عليه و على الرد و مع اعتقاد أنه ليس له الرد لا تتحقق هذه السلطة بالنسبة إليه.

(102) لتحقق السلطة على الإنفاذ و الرد بالنسبة إليه حينئذ، فيتحقق الإنفاذ باختياره و إرادته.

(103) لمساعدة الأذهان العرفية على ذلك فإنهم يرون العقد و الإجازة شيئا واحدا في التأثير و يرتبون الأثر من حين العقد، و لا يضر تخلل الزمان بين أجزاء السبب في الأمور الاعتبارية الدائرة لديهم القائمة بالاعتبار كيف ما اعتبر ما لم ينه الشارع.

و انما حصل الإشكال من الخلط بين الأمور الاعتبارية المبنية على الأذهان العرفية و بين العقليات المبنية على الدقيات العقلية، و الشرع و العرف بمعزل عنها فحصل منه بحث طويل بين الأعلام و أطيل النقض و الإبرام تعرضنا لبعضه في كتاب البيع عند إجازة البيع الفضولي.

فالمناط كله على نهي الشارع و في غيره تشمله الإطلاقات و العمومات لا

ص: 286

فيجب ترتيب الآثار من حينه (104).

مسألة 22: الرضا الباطني التقديري لا يكفي في الخروج عن الفضولية

(مسألة 22): الرضا الباطني التقديري لا يكفي في الخروج عن الفضولية (105)، فلو لم يكن ملتفتا حال العقد إلا أنه كان بحيث لو كان حاضرا و ملتفتا كان راضيا لا يلزم العقد عليه بدون الإجازة، بل لو كان حاضرا حال العقد و راضيا به إلا أنه لم يصدر منه قول و لا فعل يدل على رضاه فالظاهر أنه من الفضولي (106) فله أن لا يجيز.

مسألة 23: إذا كان كارها حال العقد

(مسألة 23): إذا كان كارها حال العقد إلا أنه لم يصدر منه رد له

______________________________

التطبيق على الدقائق العقلية، لاختلاف الموضوع بينها و بين الاعتباريات الشرعية، فكم من شي ء يمتنع بحسبها مع أنه جائز في الشرعيات، و كم من شي ء بالعكس و لتطويل الكلام محل آخر.

(104) تعرضنا كذلك في البحث الفضولي من كتاب البيع (1)، فلا وجه للإعادة مكررا.

(105) للأصل، و ظهور إجماعهم على أنه يعتبر في الإنشائيات مطلقا إظهار الرضا و إبرازه خارجا لا مجرد إحراز وجوده الباطني الواقعي كما في التصرف في مال الغير مع إحراز رضاه و لو لم يكن مبرز خارجي في البين، و منه يظهر الوجه في بقية المسألة.

(106) بل الظاهر انه على قسمين:

الأول: ما إذا كان حضوره و سكوته تقريرا للعقد و إذنا فعليا فيه و هو صحيح بلا حاجة إلى الإجازة.

الثاني: ما إذا لم يكن كذلك فهو من الفضولي حينئذ و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

ص: 287


1- تقدم في ج: 16 صفحة: 319.

فالظاهر صحته بالإجازة (107).

نعم، لو استؤذن فنهى و لم يأذن و مع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحته بالإجازة، لأنه بمنزلة الرد بعده (108) و يحتمل صحته بدعوى الفرق بينه و بين الرد بعد العقد فليس بأدون من عقد المكره الذي نقول بصحته إذا لحقه الرضا، و إن كان لا يخلو ذلك أيضا من إشكال (109).

مسألة 24: لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية

(مسألة 24): لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية و لا الالتفات إلى ذلك (110) فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا و أوقع العقد فتبين خلافه يكون من الفضولي و يصح بالإجازة (111).

مسألة 25: لو قال في مقام إجراء الصيغة «زوجت موكلتي فلانة» مثلا مع أنه لم يكن وكيلا عنها فهل يصح و يقبل الإجازة أم لا؟ الظاهر الصحة

(مسألة 25): لو قال في مقام إجراء الصيغة «زوجت موكلتي فلانة» مثلا مع أنه لم يكن وكيلا عنها فهل يصح و يقبل الإجازة أم لا؟ الظاهر الصحة (112).

نعم، لو لم يذكر لفظ «فلانة» و نحوه كأن يقول «زوجت موكلتي» و كان من قصده امرأة معينة مع عدم كونه وكيلا عنها يشكل صحته بالإجازة (113).

______________________________

(107) للعمومات و الإطلاقات مضافا إلى ظهور الإجماع مع عدم بروز نهي عنه حتى يدخل في المسألة السابقة.

(108) بل هو عينه مع إظهار النهي و لعل وجه الإشكال ما تقدم في صحة الإجازة بعد الرد و تقدم ما يتعلق به في بحث الفضولي.

(109) لكن ظاهرهم الاتفاق على الصحة مع الإجازة في عقد المكره فعليه لا إشكال فيه.

(110) للأصل و الإطلاق و الاتفاق ممن يقول بصحة الفضولي.

(111) لتمامية العقد بالإجازة فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(112) فلأنه من الفضولي عرفا كما تقدم.

(113) لا إشكال في أصل صحة الإنشاء من جهة الجهل.

ص: 288

مسألة 26: لو أوقع الفضولي العقد على مهر معين هل يجوز إجازة العقد دون المهر

(مسألة 26): لو أوقع الفضولي العقد على مهر معين هل يجوز إجازة العقد دون المهر، أو بتعيين المهر على وجه آخر من حيث الجنس أو من حيث القلة و الكثرة؟ فيه إشكال، بل الأظهر عدم الصحة في الصورة الثانية و هي ما إذا عيّن المهر على وجه آخر، كما أنه لا تصح الإجازة مع شرط لم يذكر في العقد أو مع إلغاء ما ذكر فيه من الشرط (114).

مسألة 27: إذا أوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين كونه وكيلا فالظاهر صحته

(مسألة 27): إذا أوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين كونه وكيلا فالظاهر صحته و لزومه إذا كان ناسيا لكونه وكيلا (115)،

______________________________

نعم، لو كانت في البين قرائن معتبرة على التعيين يصح بالإجازة أيضا.

(114) جميع هذه الفروع داخل تحت دليل واحد و هو أن الإجازة بمنزلة القبول، و تعتبر المطابقة بين الإيجاب و القبول، فتعتبر المطابقة بين الإجازة و المجاز.

ثمَّ ان مورد المطابقة إما خصوص المقوّمات العقديّة، أو الشروط التي هي بمنزلتها عرفا، أو ما هو خارجة عنها عرفا.

و لا وجه للصحة في الأولين عند متعارف الناس و عليه تنزل الأدلة الشرعية، و في الأخير لا وجه لها أيضا إن لو حظ المشروط و الشرط في العقد بنحو الواحدة و البساطة الاعتبارية و وحدة المطلوب، و يصح إن لوحظ بنحو تعدد المطلوب و الانحلال.

و منه تظهر الخدشة في إطلاق ما ذكره الماتن، و إن شككنا في أنه بنحو وحدة المطلوب أو تعدده، فمقتضى المغروس في الأذهان هو مراعاة المطابقة ما لم تكن قرينة على الخلاف.

(115) لوجود المقتضي للصحة و اللزوم- لأن العقد وقع عن أهله و في محله- و فقد المانع عنهما فلا بد من الصحة و اللزوم.

ص: 289

بل و كذا إذا صدر التوكيل ممن له العقد و لكن لم يبلغه الخبر- على إشكال فيه- (116) و أما لو أوقعه بعنوان الفضولية فتبين كونه وليا ففي لزومه بلا إجازة منه أو من المولّى عليه إشكال (117).

مسألة 28: إذا كان عالما بأنه وكيل أو ولي

(مسألة 28): إذا كان عالما بأنه وكيل أو ولي و مع ذلك أوقع العقد بعنوان الفضولية فهل يصح و يلزم أو يتوقف على الإجازة أو لا يصح؟

وجوه أقوامها عدم الصحة (118) لأنه يرجع إلى اشتراط كون العقد الصادر من وليه جائزا، فهو كما لو أوقع البالغ العاقل بقصد أن يكون الأمر بيده في الإبقاء و العدم، و بعبارة أخرى أوقع العقد متزلزلا (119).

______________________________

(116) أما الصحة فلما تقدم من وجود المقتضي و فقد المانع.

و أما الإشكال فلا وجه له إلا إذا كان الالتفات و التوجّه إلى الوكالة معتبرا في الإذن فيها و مقتضى الإطلاقات عدمه.

(117) منشأه احتمال التفات من له السلطة على شي ء الالتفات إلى سلطته حين التصرف فيه و الإطلاق يدفعه.

نعم، لو كان بحيث لو التفت إلى ذلك لماكس و تحرى فيه أكثر مما إذا لم يلتفت كان للإشكال وجه و كذا في سابقة.

(118) بل الأقوى الصحة و اللزوم إن حصل منه قصد الإنشاء حقيقة لأن ما ذكره رحمه اللّه من الرجوع إلى الجواز إما قصدي أو انطباقي قهري.

أما الأول فلم يحصل مع كونه وكيلا أو وليا فيصير قصد الفضولية مع كونه معنونا بعنوان الوكالة أو الولاية لغوا قهرا، و إن كان انطباقيا قهريا فلا دليل عليه من عقل أو نقل، مع أنه لم لا ينطبق عليه عنوان الوكالة أو الولاية و تنطبق عليه عنوان الفضولية.

(119) على فرض صحة هذه الدعوى قصده الإنشاء المطلق الصحيح مقدم عليه، لشمول عمومات الصحة و اللزوم فلا يبقى موضوع له بعد ذلك، فاللزوم

ص: 290

مسألة 29: إذا زوّج الصغيرين وليّهما فقد مر أنّ العقد لازم عليهما

(مسألة 29): إذا زوّج الصغيرين وليّهما فقد مر أنّ العقد لازم عليهما (120) و لا يجوز لهما بعد البلوغ رده أو فسخه (121)، و على هذا فإذا مات أحدهما قبل البلوغ أو بعده ورثه الآخر (122)، و أما إذا زوّجهما الفضوليان فيتوقف على إجازتهما بعد البلوغ أو إجازة وليهما قبله (123) فإن بلغا و أجازا ثبتت الزوجية و يترتب عليها أحكامها من حين العقد لما مر من كون الإجازة كاشفة (124)، و إن ردّا أو ردّ أحدهما أو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة كشف عن عدم الصحة من حين الصدور (125)، و إن بلغ أحدهما و أجاز ثمَّ مات قبل بلوغ الآخر يعزل ميراث الآخر على تقدير الزوجية فإن بلغ و أجاز يحلف على أنه لم يكن إجازته للطمع في الإرث فإن حلف يدفع إليه (126)، و إن لم يجز أو أجاز و لم يحلف لم يدفع بل يرد إلى

______________________________

صدر من أهله و وقع في محله، مع ان هذا عين الدعوى أو ردها بعبارة أخرى.

(120) لأصالة اللزوم في كل عقد صدر عن أهله و في محله كما تقدم في كتاب البيع مضافا إلى ظهور الإجماع كما مر في المسألة السادسة.

(121) لأن ذلك من آثار اللزوم.

(122) لأنه لا معنى للصحة إلا ترتيب الأثر و الإرث أثر شرعي بالضرورة.

(123) لأنه لا أثر للعقد الفضولي إلا بالإجازة بالإجماع، و تقييد إجازتهما ببعد البلوغ لأنه لا أثر لإجازتهما قبله، و أما تقييد إجازة الولي بما قبل البلوغ لأنه لا اثر لها بعد البلوغ، كل منهما بالإجماع و الضرورة الفقهية.

(124) لتحقق المقتضي حينئذ، و فقد المانع فتؤثر العلة التامة أثرها.

(125) لعدم موضوع لصحة العقد و ترتيب الأثر حينئذ.

(126) للإجماع، و صحيح الحذاء قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن غلام و جارية زوجهما وليان لهما و هما غير مدركين؟ فقال عليه السّلام: النكاح جائز، أيهما أدرك كان له الخيار، فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر، إلا أن يكونا

ص: 291

الورثة، و كذا لو مات بعد الإجازة و قبل الحلف (127).

هذا إذا كان متّهما بأن إجازته للرغبة في الإرث، و أما إذا لم يكن متّهما بذلك كما إذا أجاز قبل أن يعلم موته أو كان المهر اللازم عليه أزيد مما يرث أو نحو ذلك فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف (128).

مسألة 30: يترتب على تقدير الإجازة و الحلف جميع الآثار المترتبة على الزوجية

(مسألة 30): يترتب على تقدير الإجازة و الحلف جميع الآثار المترتبة على الزوجية من المهر و حرمة الأم و البنت (129) و حرمتها- إن كانت هي الباقية- على الأب و الابن و نحو ذلك، بل الظاهر ترتب هذه الآثار بمجرد الإجازة من غير حاجة إلى الحلف (130) فلو أجاز و لم يحلف مع كونه متّهما لا يرث و لكن يترتب سائر الأحكام.

______________________________

قد أدركا و رضيا، قلت: فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية و رضي النكاح، ثمَّ مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟ قال عليه السّلام: يعزل ميراثها منه حتى تدرك و تحلف باللّه ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا رضاها بالتزويج ثمَّ يدفع إليها الميراث و نصف المهر، قلت: فإن ماتت الجارية و لم تكن أدركت، أ يرثها الزوج المدرك؟ قال عليه السّلام: لا، لأن لها الخيار إذا أدركت، قلت: فإن كان أبوها هو الذي زوّجها قبل أن يدرك؟ قال عليه السّلام: يجوز عليها تزويج الأب، و يجوز على الغلام و المهر على الأب» (1).

(127) كل ذلك لما في الصحيحة من اشتراط الإرث بذلك كله.

(128) لأن المنساق من الصحيح عرفا صورة التهمة و مع عدمها لا موضوع للحلف.

(129) لا موضوع لها في المقام.

(130) لظهور الصحيحة في أن الإرث و المهر سؤال آخر من الراوي لا ربط

ص: 292


1- الوسائل باب: 11 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: 1.

مسألة 31: الأقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين

(مسألة 31): الأقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين (131) بل الظاهر التعدي إلى سائر الصور كما إذا كان أحد الطرفين الولي و الطرف الآخر الفضولي، أو كان أحد الطرفين المجنون و الطرف الآخر الصغير، أو كانا بالغين كاملين، أو أحدهما بالغا و الآخر صغيرا، أو مجنونا أو نحو ذلك، ففي جميع الصور إذا مات من لزم العقد بالنسبة إليه لعدم الحاجة إلى الإجازة أو لإجازته بعد بلوغه أو رشده و بقي الآخر فإنه يعزل حصة الباقي من الميراث (132) إلى أن يرد أو يجيز، بل الظاهر عدم الحاجة إلى الحلف في ثبوت الميراث (133) في غير الصغيرين من سائر الصور لاختصاص

______________________________

له بأصل مسألة العقد الفضولي الواقع في البين الموجب لترتب الأثر مطلقا مع الإجازة، فقاعدة صحة عقد الفضولي بالإجازة مطلقا محكمة بعد الشك في أصل التقييد خرج منها خصوص مورد الإرث و المهر فقط و بقي الباقي تحت القاعدة.

نعم، لو استفيد من النص أن الإجازة التي بها تتحقق الزواج و تترتب عليها آثاره هي ما صدرت عن عدم الطمع في الميراث، و يكون الحلف جزء السبب لتحققها يكون وجوب الحلف حينئذ موافقا للأصل لا يرجع إلى الشك في تحقق تمام السبب، و مقتضى الأصل عدمه إلا بالحلف و لا ريب في كون الحلف مطابقا للاحتياط بالنسبة إلى الإرث و المهر و إن كان مخالفا له بالنسبة إلى سائر الآثار.

(131) لكون الحكم إذا كان مطابقا للقاعدة في القاصر من حيث البلوغ يجري في القاصر من حيث العقل أيضا.

(132) لصحة عقد النكاح الواقع بينهما و تمامية السبب من طرف المجيز بالتزامه و اعترافه فيجب عليه ترتب الآثار الشرعية بحسب اعترافه و من الآثار الشرعية عزل الميراث.

(133) ظهر مما مر آنفا الاحتياط إلى الحلف.

ص: 293

الموجب له من الأخبار بالصغيرين، و لكن الأحوط الإحلاف في الجميع بالنسبة إلى الإرث بل بالنسبة إلى سائر الأحكام أيضا (134).

مسألة 32: إذا كان العقد لازما على أحد الطرفين

(مسألة 32): إذا كان العقد لازما على أحد الطرفين من حيث كونه أصيلا أو مجيزا و الطرف الآخر فضوليا و لم يتحقق إجازة و لا رد، فهل يثبت على الطرف اللازم تحريم المصاهرات فلو كان زوجا يحرم عليه نكاح أم المرأة و بنتها و أختها و الخامسة، و إذا كانت زوجة يحرم عليها التزويج بغيره؟ و بعبارة أخرى هل يجري عليه آثار الزوجية و إن لم تجر على الطرف الآخر أو لا؟ قولان أقواهما الثاني (135) إلا مع فرض العلم

______________________________

(134) لاحتمال كون الحلف بعد الكمال من شؤون ما وقع على القاصر مطلقا، و ذكر الصبي في الصحيح المتقدم كان من باب المثال لا الموضوعية.

(135) كيف يكون الثاني هو الأقوى؟! مع أنه التزم على نفسه بالزواج و ترتيب آثاره و اعترف به.

و ما يقال: ان الالتزام صدر بعنوان العقد لا الإيقاع المحض حتى يتحقق الالتزام من الطرف الواحد، و المفروض عدم تحقق العقد بعد بتمام جهاته فلم تتحقق طبيعة الالتزام رأسا.

مخدوش بأن النكاح بل كل عقد ينحل في الواقع إلى شيئين:

الأول: التزام كل واحد من الطرفين بما لا بد من الالتزام به و من هذه الجهة يشبه الإيقاع.

الثاني: ربط هذا الالتزام بالتزام الآخر و هذا هو العقد و حينئذ فإن تحقق التزام الآخر يتم الالتزامان و تترتب الآثار من الطرفين و إن لم يتحقق أصلا يبطل الالتزام الأول، لبطلان المغيى عند عدم تحقق الغاية الداعية إليه، و إن لم يعلم أنه يتحقق أو لا، فالالتزام الأول باق بحاله صورة حتى يتبين الحال، و يأتي في

ص: 294

بحصول الإجازة بعد ذلك الكاشفة عن تحققها من حين العقد، نعم الأحوط الأول (136) لكونه في معرض ذلك بمجي ء الإجازة.

نعم، إذا تزوج الأم أو البنت مثلا ثمَّ حصلت الإجازة كشفت عن بطلان ذلك (137).

مسألة 33: إذا رد المعقود أو المعقودة فضولا العقد و لم يجزه لا يترتب عليه شي ء من أحكام المصاهرة

(مسألة 33): إذا رد المعقود أو المعقودة فضولا العقد و لم يجزه لا يترتب عليه شي ء من أحكام المصاهرة سواء أجاز الطرف الآخر أو كان أصيلا أم لا، لعدم حصول الزوجية بهذا العقد الغير المجاز و تبين كونه كأن لم يكن (138)، و ربما يستشكل في خصوص نكاح أم المعقود عليها، و هو في غير محله (139) بعد أن لم يتحقق نكاح و مجرد العقد لا يوجب شيئا، مع أنه لا فرق بينه و بين نكاح البنت، و كون الحرمة في الأول غير مشروطة

______________________________

المسألة اللاحقة شرح المقال كما مر بعض الكلام في بيع الفضولي فراجع (1).

(136) ظهر مما مر أنه الأقوى.

(137) لفرض أنه التزم على نفسه بالزوجية التزاما صحيحا شرعيا فيكشف ذلك عن بطلان مخالفته.

(138) فيستشكف منه أن الالتزام الأول الذي قلنا به في المسألة السابقة كأن لم يكن أيضا، لبطلان غاية أصل التزامه فيبطل المغيى لا محالة في الاعتباريات القائمة بالاعتبار.

(139) نسب الإشكال إلى العلامة في قواعده و هو مبني.

أولا: على أن يكون عدم الإجازة بمنزلة الفسخ.

و ثانيا: على أن يكون الفسخ من حينه لا من أصل العقد حين حدوثه فتتحقق حينئذ أمومية الزوجة.

ص: 295


1- راجع ج: 16 صفحة: 324.

بالدخول بخلاف الثاني لا ينفع في الفرق (140).

مسألة 34: إذا زوجت امرأة فضولا من رجل و لم تعلم بالعقد فتزوجت من آخر ثمَّ علمت بذلك العقد ليس لها أن تجيز

(مسألة 34): إذا زوجت امرأة فضولا من رجل و لم تعلم بالعقد فتزوجت من آخر ثمَّ علمت بذلك العقد ليس لها أن تجيز لفوات محل الإجازة (141)، و كذا إذا زوّج رجل فضولا بامرأة و قبل أن يطلع على ذلك تزوج أمها أو بنتها أو أختها ثمَّ علم، و دعوى: أن الإجازة حيث أنها كاشفة إذا حصلت تكشف عن بطلان العقد الثاني، كما ترى (142).

مسألة 35: إذا زوّجها أحد الوكيلين من رجل و زوّجها الوكيل الآخر من آخر

(مسألة 35): إذا زوّجها أحد الوكيلين من رجل و زوّجها الوكيل الآخر من آخر فإن علم السابق من العقدين فهو الصحيح (143).

و إن علم الاقتران بطلا معا (144) و إن شك في السبق و الاقتران فكذلك (145)

______________________________

و هذا الإشكال باطل من أصله لأن الفسخ إنما يتصور مع فرض وقوع عقد في البين و مع عدم الإجازة لا عقد أصلا حتى يتحقق الفسخ حتى بناء على ما قلنا، لكشف ذلك عن أن الالتزام الأولى الحاصل منه كان لغوا.

(140) نعم يمكن الفرق بينهما من جهة أخرى لا ربط لها في المقام.

(141) مع أنه يعتبر في صحتها إمكانها شرعا و في نظائر المقام لا يمكن الإجازة شرعا فلا تصح.

(142) لأنه لم يقم دليل على الكشفية المطلقة حتى بهذا المقدار في هذه المسألة التي اختلفت فيها الأقوال و الأنظار.

(143) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها فتشمله الإطلاقات و العمومات و اللاحق باطل، لوقوعه على المرأة المزوجة.

(144) لعدم إمكان الجمع بينهما بالضرورة و بطلان الترجيح بلا مرجح كما هو واضح.

(145) مع الجهل بتاريخهما و أما مع العلم بتاريخ أحدهما يحكم بصحته

ص: 296

لعدم العلم بتحقق عقد صحيح و الأصل عدم تأثير واحد منهما.

و ان علم السبق و اللحوق، و لم يعلم السابق من اللاحق، فإن علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الآخر (146).

و إن جهل التاريخان ففي المسألة وجوه:

أحدها: التوقيف حتى يحصل العلم (147).

الثاني: خيار الفسخ للزوجة (148).

الثالث: أن الحاكم يفسخ (149).

الرابع: القرعة (150).

و الأوفق بالقواعد هو الوجه الأخير (151).

______________________________

دون الآخر كما إذا علم السبق و اللحوق، لأصالة كونها خلية إلى حين العلم بالزواج.

(146) لأصالة عدم التزويج إلى حين العلم و إن جرى الأصل في مجهول التاريخ يتعارضان و يجري عليها حكم المرأة المرددة بين الزوجين!

(147) لأصالة عدم ترتب الأثر على كل واحد منهما حتى يحصل العلم، حكي ذلك عن جمع منهم الشيخ في المبسوط.

(148) لقاعدة الضرر بالنسبة إليها و في إيجابه للخيار إشكال معروف، و هو أن الالتزام بلوازم الزوجية ضرر لا نفس الزوجية.

و فيه: ان العرف لا يفرق بينهما كما تقدم في أمثال المقام.

(149) بدعوى ثبوت ولايته على ذلك.

نسب إلى العلامة و يصح ذلك لو انطبق عليه عنوان الحسبة.

(150) نسب ذلك إلى العلامة أيضا.

(151) بناء على جريانها في نظائر المقام و هو مشكل، لإمكان الاحتياط بما مر منه رحمه اللّه في المسألة الثالثة و الأربعين في (فصل المحرمات الأبدية) فراجع.

ص: 297

و كذا الكلام إذا زوجه أحد الوكيلين برابعة و الآخر بأخرى، أو زوجه أحدهما بامرأة و الآخر ببنتها، أو أمها، أو أختها (152) و كذا الحال إذا زوجت نفسها من رجل و زوّجها وكيلها من آخر، أو تزوج بامرأة و زوجه وكيله بأخرى لا يمكن الجمع بينهما (153).

و لو ادعى أحد الرجلين المعقود لهما السبق و قال الآخر: لا أدري من السابق، و صدقت المرأة المدعي للسبق، حكم بالزوجية بينهما، لتصادقهما عليها (154).

______________________________

(152) لا بد في جميع ذلك من الاحتياط بالطلاق على نحو ما مر في (مسألة 43).

(153) لاتحاد مناط القطع في الجميع و لا بد من الاحتياط المتقدم.

(154) و الحق لا يعدوهما، فينتفي دعوى الآخر قهرا.

انتهى- و الحمد للّه- المجلد الرابع و العشرون و به تمَّ كتاب النكاح من العروة الوثقى و يبدأ المجلد الخامس و العشرون بفصل في المحرمات بالنسب و الرضاع إلى آخر كتاب النكاح إن شاء اللّه تعالى.

16- 12- 1405 ه محمد الموسوي السبزواري

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 298

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.